"اذا وجد المضمون انصاع الشكل" ليوتولستوي المشهد السياسي في مصر الان يبعث علي القلق والحيرة، الكل يعلن حبه لهذا الوطن، وانه مستعد للموت دفاعا عن ذرات ترابه الغالية، مع ان اغلب الممارسات لاتظهر هذا بوضوح. اغلاق مجمع التحرير لبضعة ايام، التهديد باغلاق مترو الانفاق، التهديد بوقف الملاحة في قناة السويس، مسيرة تذهب الي المجلس العسكري في يوم مجده «23 يوليو» في محاولة سافرة للإستفزاز ..... والفاعل للاسف مجهول!!!! تحدث المشكلة «المخطط لها جيدا» وعندما لاتحقق هدفها الخفي او المعلن... الكل يسارع من معتصمي التحرير لنفي مشاركته وايضا معارضته لما حدث. فمن الذي يحكم هذه الجمهورية الثورية؟ هل هم الثوار... هل هم المتمولون... هل هم اصحاب المصالح السياسية الخاصة... هل هم المتدربون في الخارج. ... ... يذكرني التحرير الان بحوض لينين لبناء السفن بمدينة جدانسك البولندية 1980 والمناضل البولندي ليش فاونسا الذي قاد حركة العمال ضد الشيوعية الي ان نجح في 1989 وتحولت «تضامن » الي حزب سياسي. فاونسا ورفاقه نجحوا في اسقاط النظام الشيوعي ثم تحولوا الي حزب سياسي ولكن لم يسقطوا الدولة. واجريت أول انتخابات حرة فى بولندا عام 1990 انتهت بفوز ليش فاونسا وأصبح أول رئيس منتخب للبلاد. وبعد ذلك مرت بولندا بمرحلة اقتصادية غاية في الصعوبة ومع مطلع 1993 بدأ الاقتصاد البولندى يتعافي ، وكانت الاغلبية سعيدة بالحرية ولكنها كانت تعانى من صعوبات اقتصادية، فكان هناك من يتحسر على أيام الشيوعية ويلعن الغرب وكان هناك من يبشر بالمستقبل ويتغزل فى أوروبا ويلعن الاتحاد السوفيتى والشيوعية، لكن اجلي ما فى الصورة كان مناخ الحرية الذى كانت تعيشه بولندا. فى عام 1995 اجريت ثاني انتخابات رئاسية في بولندا وتقدم العديد من المرشحين، وكان من بينهم الرئيس فاونسا نفسه، وبلغ عدد المرشحين اثنى عشر مرشحا في مواجهة فاونسا وأعطيت فرصة متكافئة للجميع فى الاعلام الرسمي. وكان أقوى هؤلاء المرشحين ألكسندر كفشنافسكى الصحفى الشيوعى الذي استطاع أن يدخل جولة الإعادة مع الرئيس فاونسا، وقبل جولة الاعادة أجريت مناظرة بين المرشحين ظهر فيها مدى تفوق المرشح الشيوعى على الزعيم التاريخى وانقسم البولنديون... الكثير منهم قلوبهم مع فاونسا ولكن عقولهم مع كفشنافسكى. فاونسا كان اذكي من ثوارنا،انخرط في العمل السياسي مباشرة وكون حزبا شرعيا مارس من خلالة بناء بولندا الجديدة. لم ينظر كثيرا للماضي، بل شغل نفسة بالمستقبل، لم يُقطّع اوصال القيادة بل انتظم هو ورفقاء «تضامن» في حزبهم الجديد الذي صعد بهم الي سدة الحكم ومكنهم من الاشراف علي اعادة بناء بولندا الحرة. ... ... وعلي الجانب الآخر من جدية فاونسا تذكرت سخرية عادل امام في «الارهاب والكباب» حيث يتوجه أحمد إلى مجمع التحرير لنقل ابنه من مدرستة إلى مدرسة أخرى، وهناك يصطدم بالعقبات الإدارية. ويجد نفسه متورطًا فجأة في حمل سلاح، وإشهاره في وسط المواطنين. يتخذ بعض الرهائن وينضم إليه بعض الموجودين وسرعان ما تأتي قوات الشرطة لتحاصر المكان، وتتم المفاوضات بوجود وزير الداخلية الذي يتابع الموقف، ويفاجأ بأن مطالبهم شخصية، وتلخصت في اكلة كباب. ... ... الجالسون في التحرير يريدون ان يحكموا بالوكالة، يأمرون فيطاعوا، يشيرون فنطلق جميعا سهامنا علي الهدف حتي نصرعه ونقدمه قربانا للميدان ... ... بالله عليكم من يشكل عقول ووجدان المعتصمين في التحرير الان ليسوا كلهم انقياء ولكن الاغلبية كذلك، بينهم مندسين، بعد مسيرة العباسية وصلوا الي مرحلة اللعب بالنار، التي اظهرت ان احدا لن يستطع العزف علي وتر الجيش شئ والمجلس العسكري شئ آخر. ... ... البسطاء بدأوا في التذمر والغضب، والمعتصمون بدأوا في خسارة ارضيتهم الثورية بجميع ائتلافاتهم، ولعبوا جميعا في مصلحة التيار الاسلامي اياكم وغضبة من يبحث عن لقمة عيشة. المزيد من مقالات عطيه ابو زيد