النائب محمد الأجرود: كلمة السيسي تؤكد على اتخاذ كل الإجراءات لضمان نزاهة الانتخابات    بعد تكليفات الرئيس .. إجراءات غير مسبوقة لضمان نزاهة الانتخابات    الوطنية للانتخابات: قد نُلغِي الانتخابات كليًا أو في دوائر محددة إذا ثبتت المخالفات    نائب محافظ الدقهلية يتفقد مدينة جمصة والمنطقة الصناعية    محافظ البنك المركزي يترأس اجتماع المجموعة التشاورية الإقليمية للشرق الأوسط    لجان المقاومة الشعبية تعلن استشهاد أحد زعمائها في غزة    من ركلة جزاء.. الرأس الأخضر يتقدم بهدف أمام منتخب مصر «شاهد»    السيطرة على حريق بشقة سكنية في بنها    قرار جديد بشأن المتهمين في قضية خلية الهيكل الإداري    الأرصاد: غدا طقس مائل للحرارة نهارا مائل للبرودة ليلا والعظمى بالقاهرة 26    مصرع 3 عناصر إجرامية في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بكفر الزيات    معلم يعتدي على طالب في مدرسة بالإسكندرية    توقيع مذكرة تعاون بين مهرجاني «القاهرة» و«بغداد» السينمائيين    "هنو" و"حبشي" يتفقدان قصر ثقافة بورسعيد للوقوف على الأعمال المطلوبة لتطويره    رحلة القطعة الأثرية من الاكتشاف إلى العرض بالأعلى للثقافة    قصر العيني تنظم ورشة عمل حول التدريب النظري والعملي على أساسيات طب الحالات الحرجة    ولي العهد السعودي يتوجه إلى واشنطن لبحث التعاون في مجال الدفاع والطاقة النووية السلمية    التنسيقة تؤكد أهمية تمكين مندوبي المرشحين من الحصول عل الوثائق الرسمية بحصر الأصوات    وزيرة التضامن ومحافظ الفيوم يتفقدان مشروع خدمة المرأة العاملة بالحادقة    "من أجل قلوب أطفالنا"، الكشف الطبي على 288 حالة في مبادرة جامعة بنها    رئيسة وزراء بنجلاديش السابقة تعقب على حكم الإعدام.. ماذا قالت؟    الأطباء أوصوه بالحصول على فترة راحة.. تحسن ملحوظ في الحالة الصحية للموسيقار عمر خيرت    رئيس الوزراء يلتقي أعضاء اللجنة الاستشارية للشئون السياسية    لا تُجيد القراءة والكتابة.. الحاجة فاطمة تحفظ القرآن كاملًا في عمر ال80 بقنا: "دخلت محو الأمية علشان أعرف أحفظه"    رئيس الوزراء يلتقي أعضاء اللجنة الاستشارية للشئون السياسية    صادرات مصر من السلع نصف المصنعة بلغت 868.7 مليون دولار خلال يوليو 2025    مولاي الحسن يحتضن مباراة الأهلي والجيش الملكي    شيخ الأزهر يستقبل وزير التعليم العالي التشادي ويناقشان تعزيز التعاون الدعوي والعلمي    شاهد مناورة ودية.. "بث مباشر" مباراة مصر والجزائر اليوم الاثنين 17 نوفمبر 2025    تشكيل منتخب مصر المشارك في كأس العرب لودية الجزائر    هبوط المؤشر الرئيسى للبورصة بنسبة 0.35% بختام تعاملات جلسة الإثنين    القاهرة الإخبارية: اللجنة المصرية بغزة أقامت بمفردها 15 مخيما لمساعدة أهالي القطاع    انسحاب مئات العناصر من قوات الحرس الوطني من شيكاغو وبورتلاند    الجيش الملكي يعلن تغيير ملعب مباراته أمام الأهلي.. اعرف السبب!    مجمع البحوث الإسلامية يطلق مسابقة ثقافية لوعاظ الأزهر حول قضايا الأسرة    المتهم بقتل صديقه مهندس الإسكندرية في التحقيقات : صليت العصر وروحت أقتله    مياه كفر الشيخ: دورة تدريبية لرفع كفاءة العنصر البشري وتعزيز الثقافة العمالية    وكيل تعليم بني سويف تتابع انتظام الدراسة بمدارس المحافظة    وزير الخارجية يؤكد لنظيره السوداني رفض مصر الكامل لأي محاولات تستهدف تقسيم البلاد أو الإضرار باستقرارها    أبو الغيط: الحوار العربي- الصيني ضرورة استراتيجية في مواجهة تحولات العالم المتسارعة    موعد قرعة الملحقين الأوروبي والعالمي المؤهلين ل كأس العالم 2026    مصلحة الجمارك: منظومة ACI تخفض زمن الإفراج الجمركي جوا وتقلل تكاليف الاستيراد والتصدير    محافظ كفر الشيخ: الكشف على 1626 شخصا خلال قافلة طبية مجانية فى دسوق    موعد شهر رمضان 2026 فلكيًا .. تفاصيل    جاتزو بعد السقوط أمام النرويج: انهيار إيطاليا مقلق    إعادة الحركة المرورية بعد تصادم بين سيارتين على طريق "مصر–إسكندرية الزراعي"    كوريا الجنوبية تقترح محادثات مع نظيرتها الشمالية لترسيم الحدود    صحة بني سويف: افتتاح عيادة جديدة للأوعية الدموية بمستشفى الواسطى المركزي    توم كروز يتسلم جائزة الأوسكار الفخرية بخطاب مؤثر (فيديو)    دار الإفتاء: فوائد البنوك "حلال" ولا علاقة بها بالربا    وزارة العمل : تحرير 437 محضر حد أدنى للأجور.. و37 مخالفة لتراخيص الأجانب    وزير الصحة يشهد الاجتماع الأول للجنة العليا للمسئولية الطبية وسلامة المريض.. ما نتائجه؟    لكل من يحرص على المواظبة على أداء صلاة الفجر.. إليك بعض النصائح    أحمد سعد: الأطباء أوصوا ببقائي 5 أيام في المستشفى.. أنا دكتور نفسي وسأخرج خلال يومين    رئيس شعبة الذهب: البنك المركزي اشترى 1.8مليون طن في 2025    الفجر 4:52 مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 17نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    السيطرة على حريق نشب في سيارة ملاكي و4 موتوسيكلات بأرض فضاء بالزاوية الحمراء    لاعب الزمالك السابق: خوان بيزيرا صفقة سوبر وشيكو بانزا «غير سوي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تفشل الثورة المصرية؟

علينا أن نعترف جميعا نحن المصريين‏-‏ بأن بلدنا الآن يمر بحالة من الارتباك الشديد‏,‏ بعد ستة أشهر من الثورة العظيمة ثورة 25‏ يناير‏!‏ ومع أنني شخصيا أدرك يقينا أنها حالة منطقية مفهومة‏,‏ عرفتها كل الثورات الكبري في التاريخ‏,‏ التي شهدت تغييرا سياسيا حادا, مثلما حدث في بلادنا, إلا أنني أدرك أيضا أن تجاوز تلك الحالة المربكة لن يتم تلقائيا, وإنما يمكن أن يتم فقط من خلال وعي وجهد جماعي جاد ومنظم يتجاوز كل الخلافات, ويضع المصلحة العليا للوطن فوق أي عتبار.
ولنبدأ بوضع بعض ملامح الوضع الراهن في مصر:
مصر الآن, لأول مرة في تاريخها الطويل العريض وكما أشرت إلي ذلك أكثر من مرة بلا فرعون! بلا ملك, ولا وال, ولا خديو, ولا رئيس! أي أن مصر الآن بلا سلطة مستبدة محلية أو أجنبية. ومقدراتها في يد الشعب المصري نفسه. إنها فترة تشبه ربما وإلي حد ما الفترة بين 1952 و1954!
وقد حدث هذا بعد ثورة غير مسبوقة في تاريخها الطويل, منذ أن وحد الملك مينا شمال مصر وجنوبها, وحتي الآن! وهي ثورة شعبية بالمعني الكامل للكلمة: حيث خرج ملايين المصريين إلي ميادين وشوارع القاهرة والإسكندرية والمحلة والسويس.. وغيرها من مدن مصر في شمالها وجنوبها في وقت واحد, في يوم واحد, واستمروا في تظاهرهم واحتجاجهم, حتي سقط الديكتاتور حسني مبارك. بعد حكم دام ثلاثين عاما, عانت مصر في معظمها ركودا طويلا جعلها تتخلف عن العديد من الدول التي كانت وراءها بكثير!
غير أن هذه الثورة العظيمة حملت, منذ اليوم الأول, أهم مظاهر قوتها وتفردها, وأيضا أهم مظاهر ضعفها, وهي أنها كانت بلا قيادة مركزية واضحة ومجسدة! حقا, لقد خطط شباب مصر البواسل, ومن خلال عمل منسق ومنظم, لمظاهرات ومسيرات واعتصامات25 يناير 2011 وما بعده, حتي تخلي مبارك عن السلطة في 11 فبراير 2011 ولكن عند هذه اللحظة, حدثت مجموعة من التداعيات والأخطاء قادت إلي المشهد الراهن الذي نحياه:
فهذه الثورة لم تنجح فقط بفضل إصرار الشعب المصري علي مواصلة ثورته, من خلال المظاهرات الحاشدة المتوالية, وإنما أيضا بفضل الدعم الذي قدمه الجيش لها, ليس بمجرد وقوفه علي الحياد منذ أن قامت مظاهرات 25 يناير, وإنما أيضا بانحيازه للشعب, ثم ضغطه علي مبارك, قبل أن يعلن نائب الرئيس السابق عمر سليمان- بيانه المقتضب الشهير, مساء الجمعة11 فبراير باسم حسني مبارك.. تخليه عن منصب رئيس الجمهورية, وتكليفه المجلس الأعلي للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد.
ومع أنه كان ينبغي علي الفور, علي القوي السياسية كافة التي جاهدت لسنوات طويلة قبل الثورة, والتي صعدت جهودها ضد النظام السابق من خلال عديد من الأطر والحركات السياسية, والتي انتظم أغلبها في الجمعية الوطنية للتغيير (التي التأمت في الأساس حول دعوة د. البرادعي للتغيير التي أطلقها منذ أواخر عام 2009), أن تشكل إطارا تنظيميا واضحا ومحددا, يجسد إرادة وقيادة الثورة, ويتولي مسئولية التعامل والتفاوض مع القوات المسلحة, إلا أن هذا لم يحدث!
ولذلك, كان منطقيا ألا يجد قادة المجلس الأعلي للقوات المسلحة إلا قيادات الشباب الذين أشعلوا فتيل الثورة للحوار معهم! ومن المؤكد أنهم (أي رجال المجلس الأعلي) كانوا في غاية التفتح والتفهم لكل مطالب الشباب, بل إنهم في الواقع- استجابوا علي الفور للكثير من مطالبهم, بما في ذلك تسمية رئيس الوزراء المطلوب لمصر, وغيره من المسائل الحيوية!
ثم كان منطقيا ثانيا ألا يجد قادة المجلس الأعلي وسط هذا الفراغ الشعبي إلا أن يكلفوا لجنة بوضع التعديلات الدستورية, لم يظهر فيها من القوي السياسية إلا ذوو الاتجاه الإسلامي (المستشار البشري نفسه, والسيد صبحي صالح عضو الإخوان!), وإن حظيت هذه التعديلات بالشرعية وفقا لاستفتاء 19 مارس.
المهم أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة يحكم مصر الآن, وفقا لتكليف الرئيس مبارك! ووجوده منطقي وعملي في ظل فراغ السلطة المستمر في مصر! ولكن المجلس الأعلي للقوات المسلحة يعلن أيضا ويكرر في كل لحظة, بكل وضوح, أنه راغب في استكمال عملية إعادة بناء النظام السياسي (الدستور, والبرلمان, ورئيس الجمهورية) بأقصي سرعة, حتي يمكن له أن يعود إلي ثكناته, ويمارس عمله الأصلي في الدفاع عن تراب الوطن! وأنا أصدقه تماما في نيته تلك!
بعبارة أخري, فإن السلطة في مصر قد تسربت بالتداعي, وبحكم الفراغ السياسي الذي أحدثته الثورة, إلي يد القوات المسلحة, وسوف تستمر القوات المسلحة في القيام بدورها هذا إلي أن توجد مقومات النظام السياسي الجديد.
هنا, فإن الفترة الانتقالية من الوضع الراهن إلي الوضع المنشود سوف تكون محملة بالكثير من المشاكل, والتي كان أبرزها أخيرا تلك الصدامات بين قوات الجيش وجماعات المعارضة الشابة (خاصة حركة 6 أبريل) في ميدان العباسية بالقاهرة!
إن جوهر التناقض في الواقع بين رؤية القوات المسلحة ورؤية القوي الثورية كلها (وليس مجرد الشباب) هو أن الشعب يريد إسقاط النظام وفق الهتاف الأشهر في التحرير, في حين أن القوات المسلحة تسعي بالضرورة إلي إصلاح النظام!
القوي الشعبية الثورية نظرت وتنظر- إلي خلع مبارك باعتباره مجرد مقدمة لإسقاط النظام الذي يتضمن بالضرورة ليس فقط الرئيس ورجاله, وإنما جميع مؤسسات الحكم وسلطات الدولة! أما القوات المسلحة, فقد نظرت إلي خلع مبارك باعتباره إجراء كان لابد منه للحفاظ علي النظام! ولذلك لم يكن غريبا مثلا- أن حركة المحافظين الأخيرة إنما تمت وفق معايير النظام القديم, وليس معايير نظام جديد مختلف يأمله الشعب وثواره! وأن التشكيلات الوزارية التي تمت إنما سارت وفق المنهج القديم نفسه, والذي ساده منطق الوزراء التكنوقراط عقب ثورة شعبية حقيقية جارفة! والأمر نفسه ينطبق علي كثير من السياسات الداخلية والخارجية, والتي لم تعكس أبدا روح وتوجهات الثورة المصرية, ثورة 25 يناير!
ما العمل إذن؟ كيف يمكن التوفيق بين الإرادة في تغيير النظام واهتمام الجيش بالضرورة بالحفاظ علي الأمن والاستقرار؟ وكيف يمكن تلافي تكرار ما حدث في العباسية من مصادمات بين الشباب وقوات الجيش, وما تلاها من اتهامات (أعتقد أنها متسرعة وخاطئة) من جانب بعض قيادات الجيش لحركتين كانتا ولا تزالان, بصرف النظر عن بعض الأخطاء أو التجاوزات من أنبل وأهم كيانات ورموز الثورة المصرية أي: حركة كفاية وحركة 6 أبريل! أعتقد أنه لا مفر بأي حال من أن تتلاقي وأن تجتمع جميع القوي السياسية الحية, التي بشرت بالثورة المصرية, والتي أسهمت فيها, والتي انتشر قادتها ورموزها منذ صباح 25 يناير وحتي مساء 11 فبراير بلا كلل ولا ملل بين الجماهير: يخطبون فيهم, ويشدون من أزرهم, سواء في ميدان التحرير بالقاهرة أو ميادين التحرير الأخري في الإسكندرية, والمحلة, والسويس, وجميع محافظات مصر. أقول إنه علي ممثلي وقادة تلك القوي, الذين شاركوا بالفعل والذين اعتقلوا والذين حوربوا من النظام القديم, والذين تواري الكثيرون منهم اليوم, بعد أن ظهر للثورة الآن عشرات بل ربما مئات القيادات واللجان والائتلافات التي تتحدث باسم الثورة, وتعلن مطالبها وأهدافها- بل أطلب من هؤلاء الصناع الحقيقيين للثورة, ومفجريها, ووقودها أن يلتقوا الآن, لتشكيل كيان يستمد شرعيته فقط من الممارسة الفعلية والعملية والواضحة لكل فرد من أفراده في الثورة. ومن المؤكد هنا أن بعض المحاولات الشعبية سعت إلي تحقيق هذا الهدف, لاشك في أن من أهمها المجلس الوطني الذي تشكل بمبادرة من المهندس ممدوح حمزة, ومعه مجموعة من أفضل الشخصيات والرموز المصرية التي أسهمت في الثورة, خاصة أنه سعي لتمثيل كل القوي الاجتماعية والسياسية, ومن كل أنحاء مصر, والتي تجمعت تحت شعار واضح الشعب يحمي ثورته.
لذلك, وسواء من خلال هذا المجلس أو بالتعاون معه أو حتي بدونه, لا بد أن تسارع كل القوي المعنية لإيجاد هذا الكيان التنظيمي المحدود, والمركز, أيا كانت تسميته للتواصل المستمر والمنظم من ناحية مع جميع القوي والحركات السياسية الناشطة الحالية في مصر, وللاتصال المستمر والمنظم- من ناحية أخري مع المجلس الأعلي للقوات المسلحة, بشأن جميع تطورات المرحلة الانتقالية الحالية, ولمعالجة المشكلات التي تظهر بين الحين والآخر, مثلما تم في مظاهرات العباسية الأخيرة!
تلك جهود أضحت اليوم واجبة أكثر من أي وقت آخر لتجنيب مصر وثورتها مصائر واحتمالات لا نرغب فيها أبدا, بما فيها فشل الثورة المصرية, وسط أجواء نعلم جميعا أنها مليئة بالمتربصين والمتآمرين المراهنين علي فشل الثورة, وفشل الشعب المصري.
المزيد من مقالات د:أسامة الغزالى حرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.