الناقد محمود قاسم هو أحد القلائل المهتمين بالعلاقة بين النصوص الادبية والافلام السينمائية المأخوذة عن هذه النصوص سواء في السينما المصرية أو العالمية. وقد بدا هذا الاهتمام واضحا في العديد من مؤلفاته.. وكان آخرها كتاب (نجيب محفوظ بين الفيلم والرواية) الصادر عن سلسلة (آفاق السينما) عن هيئة قصور الثقافة. الكتاب هو الأول من نوعه بالنسبة للسينما المأخوذة من روايات نجيب محفوظ، حيث قام الناقد بقراءة كل النصوص الأدبية التي كتبها نجيب محفوظ وتحولت إلي أفلام.. كما شاهد الافلام المأخوذة عن هذه النصوص وعقد مقارنة نقدية بين النص الادبي والنص السينمائي باعتبار أن المخرجين من جميع الاجيال قد كانوا في أحسن أحوالهم وهم يتعاونون مع هذه النصوص الادبية من روايات وقصص قصيرة.. ومن أبرز هؤلاء المخرجين صلاح ابو سيف وكمال الشيخ وحسين كمال وعاطف الطيب وعلي بدرخان وحسام الدين مصطفي. يقول الكاتب ان نجيب محفوظ وضع عالمه في اطار محدود بشكل واضح.. واعتمد علي توسيع دائرة الشر في مقابل المكان الضيق، وان روايات محفوظ حملت أسماء أماكن سواء في القاهرة أو الاسكندرية وقد حبس المؤلف أبطاله دوما في الاماكن الضيقة وخرج ببعضهم في أضيق الحدود إلي المنطقة المحيطة بها سواء كانت مناطق شعبية أو راقية.. وقد بدا ذلك واضحا في (زقاق المدق) و (بداية ونهاية) و (خان الخليلي) . كما ان المؤلف قد وقف حازما ضد كل من يحاول التمرد علي المكان الذي ولد فيه وسعي إلي الهروب إلي عالم آخر،. فكان مصير هؤلاء الهاربين هو الموت أو السقوط الكارثي مثلما حدث لحميدة في فيلم (زقاق المدق) أو لعباس الحلو في الرواية نفسها.. وحدث الشيء نفسه للابطال والبطلات في (ميرامار) وقد ظل أبطال نجيب محفوظ يسكنون الاماكن الضيفة لايبرحونها طوال أعمارهم مثلما حدث في (بين القصرين) و (قصر الشوق) و (السكرية) و(خان الخليلي) و (فضيحة في القاهرة) و(القاهرة 30). وقد رأينا أغلب أبطال روايات وأفلام محفوظ من القاهريين.. حيث لم ينزحوا من الصعيد أو من الدلتا مثلما هو في الواقع.. ويبدو ذلك واضحا في الافلام المأخوذة عن رواية (الحرافيش) وأيضا نصوص أدبية وسينمائية منها (أهل القمة) و(ثرثرة فوق النيل) و(حب تحت المطر) و(السمان والخريف). وفي الفيلم والرواية عن نجيب محفوظ.. لعبت المقهي دوما دور البيت البديل الذي يرتاده أهل هذه الاماكن وذلك في أفلام عديدة منها (زقاق المدق) (الحب فوق هضبة الهرم) و (خان الخليلي) و (بداية ونهاية) و (ميرامار) وغيرها.