محافظ دمياط يترأس اجتماع لجنة اختيار القيادات    تأجيل الجمعية العمومية لشعبة المحررين الاقتصاديين ل26 أغسطس    ارتفاع الصادرات المصرية بنسبة 22% في النصف الأول من 2025    ترامب: لقاء بوتين وزيلينسكي في مرحلة التخطيط ورأيت من الأفضل عدم حضوري    بوساطة أمريكية، مباحثات سورية إسرائيلية في باريس    3 قرارات غريبة، بيراميدز يفتح النار على التحكيم بعد التعادل مع المصري    اتحاد الكرة مهنئا محمد صلاح: إنجاز لم يتحقق من قبل    والدة شيماء جمال بعد إعدام القاضي أيمن حجاج وشريكه: كدا أقدر آخد عزاها وهدبح عجل    شديد الحرارة، الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم الأربعاء    ب 3 رصاصات غادرة، نهاية مأساوية ل "ملكة نيويورك" عن عمر يناهز 33 عاما (صور)    أكلة لذيذة واقتصادية، طريقة عمل كفتة الأرز    تنفيذ حكم الإعدام فى قتلة الإعلامية شيماء جمال.. والأسرة تعلن موعد العزاء    بعد الإسماعيلي.. بيراميدز منتقدا التحكيم: 4 حالات طرد فى 3 مباريات فقط بالدورى    بالزغاريد والدموع.. والدة شيماء جمال تعلن موعد العزاء.. وتؤكد: ربنا رجعلها حقها    الداخلية: شائعة الإخوان بفيديو مفبرك محاولة يائسة لضرب الاستقرار    وسام أبو علي: أبحث عن الإنجازات الفردية والجماعية مع كولومبوس كرو    الإسماعيلي: لن نصمت على أخطاء الحكام تجاهنا    ملخص وأهداف مباراة الريال ضد أوساسونا فى الدوري الإسباني    مصطفي الشهدي يدير مباراة الزمالك ومودرن سبورت    موعد مباراة منتخب مصر أمام الكاميرون في ربع نهائي الأفروباسكت    المقاولون العرب يهنئ محمد صلاح    نقابة الصحفيين تعلن المرشحون للفوز بجائزة محمد عيسى الشرقاوي «للتغطية الخارجية»    «كنت بفرح بالهدايا زي الأطفال».. أنوسة كوتة تستعيد ذكريات زوجها الراحل محمد رحيم في عيد ميلاده    1 سبتمر.. اختبار حاصلى الثانوية العامة السعودية للالتحاق بالجامعات الحكومية    عملية «الحصاد».. حكاية «تكنيك نازي» تستخدمه إسرائيل لقتل الفلسطينيين في غزة    تخريج دفعة جديدة من دبلومة العلوم اللاهوتية والكنسية بإكليريكية الإسكندرية بيد قداسة البابا    حملة مسائية بحي عتاقة لإزالة الإشغالات وفتح السيولة المرورية بشوارع السويس.. صور    «مصنوعة خصيصًا لها».. هدية فاخرة ل«الدكتورة يومي» من زوجها الملياردير تثير تفاعلًا (فيديو)    أسعار الفراخ البيضاء والبلدي وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025    تنفيذ حكم الإعدام في قاتل المذيعة شيماء جمال وشريكه    عاجل.. تنفيذ حكم الإعدام بحق قاتل الإعلامية شيماء جمال وشريكه بعد تأييد النقض    رئيس وكالة «جايكا» اليابانية مع انعقاد قمة «التيكاد»: إفريقيا ذات تنوع وفرص غير عادية    على غرار الضفة.. جيش إسرائيل يسرق 200 رأس غنم من بلدة سورية    مع اقتراب تنفيذ اعترافه بفلسطين.. نتنياهو يجدد هجومه على ماكرون    «بعملك غنوة مخصوص».. مصطفى قمر في أحدث ظهور مع عمرو دياب    شاهد.. رد فعل فتاة في أمريكا تتذوق طعم «العيش البلدي المصري» لأول مرة    بعيدًا عن الشائعات.. محمود سعد يطمئن جمهور أنغام على حالتها الصحية    هشام يكن: أنا أول من ضم محمد صلاح لمنتخب مصر لأنه لاعب كبير    «تصرف غريب ورفيق جديد».. كيف ظهر يورتشيتش من مدرجات بيراميدز والمصري؟    السيطرة على حريق بأسطح منازل بمدينة الأقصر وإصابة 6 مواطنين باختناقات طفيفة    رسميا الآن بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025    حدث بالفن| سرقة فنانة ورقص منى زكي وأحمد حلمي وتعليق دينا الشربيني على توقف فيلمها مع كريم محمود عبدالعزيز    صيانة وتشجير قبل انطلاق العام الدراسي الجديد.. الشرقية ترفع شعار الانضباط والجمال    رجال الإطفاء بين الشجاعة والمخاطر: دراسة تكشف ارتفاع إصابتهم بأنواع محددة من السرطان    الرقابة على الصادرات: 24.5 مليار دولار قيمة صادرات مصر في النصف الأول من 2025    «الإسكان» توضح أسباب سحب الأرض المخصصة لنادي الزمالك    تحتوي على مواد مسرطنة، خبيرة تغذية تكشف أضرار النودلز (فيديو)    رئيس الرقابة على الصادرات: معمل اختبار الطفايات المصري الثالث عالميا بقدرات فريدة    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    أمين الفتوى ل الستات مايعرفوش يكدبوا: لا توجد صداقة بين الرجل والمرأة.. فيديو    4374 فُرصة عمل جديدة في 12 محافظة بحد أدنى 7 آلاف جنيه    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    وكيل تعليم بالأقصر يتفقد التدريب العملي لطلاب الثانوية الفندقية على أساسيات المطبخ الإيطالي    بالصور- وزير العدل يفتتح مبنى محكمة الأسرة بكفر الدوار    بالصور- افتتاح مقر التأمين الصحي بواحة بلاط في الوادي الجديد    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الوهاب سليم :‏
رفضت الخصخصة فاستغنوا عن خدماتي
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 07 - 2011

إذا أردنا الإساءة لإنسان فلا يجب أن تكون هذه الإساءة بالغة أو مؤثرة للغاية لكي نضمن عدم انتقامه‏.‏هذه النصيحة الشيطانية التي أوصي بها ميكافيللي السياسيين يبدو اننا طبقناها بامتياز في مجالات استصلاح الأراضي وتحويل تخصيصها من أراض زراعية إلي منتجعات سياحية. وفي كل الأحوال أعطي من لا يملك لمن لا يستحق, فهل يعقل أن يكون مجموع ما حصل عليه بعض الأفراد الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين ملايين الأفدنة التي تقدر بمساحة خمس دول عربية مجتمعة, وكأننا عدنا مائتي عام الي الوراء, حيث كانت الأبعاديات والشفالك توزع علي الأصدقاء والمعارف والحاشية في عهد محمد علي, واستشري الأمر حتي أصبحت كلمة الفساد قرينة بفساد الأراضي في المقام الأول. إضافة لزيادة معدلات الزحف العمراني علي الأراضي الزراعية, فلا توجد مسطرة واحدة أو قواعد للتخصيص والأسعار يتم تطبيقها علي الجميع, فهي تخضع لأهواء الوزارات.
إن أراضي مصر ثروات جماعية, وصحاريها كنوز يجب عدم تبديدها, ومن الأهمية بمكان الاتفاق علي رؤية مشتركة لهذه المعضلة المزمنة: تجربة المهندس عبد الوهاب سليم رائد استصلاح الأراضي تعكس تجرده وإيمانه بأن الأرض هي أغلي سلعة استراتيجية نمتلكها, فأراضينا عامرة بالثروات لكننا نعاني نقصا حادا في كثير من الموارد وحالنا أقرب لقول الشاعر محمود حسن اسماعيل ظمآن والكأس في يديه.. أزمات الأراضي تحتاج لحلول خلاقة تغل يد الفساد, وتؤكد أننا تجاوزنا عبارة المفكر المبدع جمال حمدان. مشكلة الشخصية المصرية أنها اعتادت علي الاعتدال وتفضيل الحلول الوسطي علي الجذرية والتطور علي الطفرة والإصلاح علي الثورة, لقد أصبح تغيير اللوائح ضرورة حتمية للبقاء. (سهير حلمي)
المهندس عبد الوهاب سليم اسم يعرفه كل شبر علي أرض المحروسة.. فهو احد الرواد الذين حولوا الصحراء الجرداء إلي جنة خضراء فأستصلح أكثر من مليونين و400 الف فدان من شرقها إلي غربها وهو من الذين انشاوا القري النموذجية في النوبارية والبستان وبنجر السكر وغيرها من المناطق, وصاحب فكرة تحويل طريق مصر الإسكندرية الصحراوي إلي طريق زراعي, والمشرف علي مشروع الجبل الأخضر في بني غازي بليبيا الذي كان يعتبر سلة القمح لايطاليا, وحقق لمصر انتصارا كبيرا عندما كان رئيسا للوفد المصري في مؤتمر الغذاء العالمي في روما عام1985 فاستطاع بخبرته أن يحصل لمصر علي22 مليون دولار منحة لا ترد لتنفيذ مشروعات التنمية في مصر حيث كان من المقرر أن تذهب هذة المبالغ للدول التي تعاني من الجفاف في ذلك الوقت, عمل في مكتب جمال عبد الناصر لشئون التخطيط والاقتصاد وكان المسئول عن خطة الصناعة في مصر وكان عبد الناصر يدخل غرفة البيانات المسئول عنها سليم للتعرف علي موقف تنفيذ المشروعات بنفسه, أما السادات فكان يعرفه حق المعرفة منذ كان نائبا لرئيس الجمهورية.
فعبدالوهاب سليم الرئيس السابق للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية, واحد رواد استصلاح وتعمير الاراضي والمهموم بأمرها والمتيم بأرضها, والحاصل علي وسام الاستحقاق من الطبقة الأولي في عهد السادات عن مشروع توسيع قناة السويس, ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي في عهد مبارك, ونوط الامتياز من الطبقة الأولي في إدارة هيئة التعمير, هو أحد العقليات ذات الكفاءة والخبرة المتميزة التي يجب الاستفادة منها في الفترة المقبلة حيث لديه خريطة للأراضي المصرية الصالحة للزراعة والعديد من المقترحات المهمة لبناء وتنمية مصر.. التقينا معه في هذا حديث للتعرف عليها.
ما هي بداية عملك في مشروعات استصلاح الأراضي ؟
عندما قام جمال عبد الناصر بتاميم قناة السويس وبناء السد العالي بعد رفض البنك الدولي تمويل المشروع وتعرضنا للعدوان الثلاثي قال لنا أنني أممت قناة السويس كي نبني السد العالي ليس فقط لتوليد الكهرباء كما قيل ولكن لتحويل أراضي مصر الصحراوية إلي أراضي زراعية لإقامة مجتمعات جديدة منتجة هادفة إلي الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية لجموع الشعب وتهجير القادرين علي الزراعة من الفلاحين من المحافظات الكثيفة السكان إلي الأراضي الجديدة.
وتم إنشاء المؤسسة المصرية العامة لاستصلاح الأراضي في ديسمبر1961 كي تتولي تنفيذ الخطط الخمسية عن طريق الشركات المختصة وضمت المؤسسة عدة شركات هي شركة مساهمة البحيرة والشركة العقارية المصرية التي أنشاها طلعت حرب بالإضافة إلي شركة وادي كوم امبو, وإنشاء الشركة العامة لاستصلاح الأراضي والشركة العربية وشركة رجوا التي خصصت لبحوث المياه الجوفية وحفر الآبار وعلي الأخص في مناطق الوادي الجديد التي لم تصلها مياه النيل.
وبدأت الخطة الخمسية الأولي عام1963 وتم خلالها استصلاح خمسة آلاف فدان وتوالت الخطط الخمسية حتي وصلت المساحات التي تم استصلاحها إلي مليونين و400 ألف فدان وكانت المساحة المنزرعة قبل الخطط الخمسية في مصر كلها حوالي5 ملايين و500 ألف فدان.
كيف كان يتم تحديد الأراضي الصحراوية الصالحة للزراعة؟
كنت اهتم بالأسلوب العلمي فوجهت الدعوة إلي جميع المكاتب الاستشارية الدولية المتخصصة للمشاركة في تحديد الأراضي الصحراوية في مصر الصالحة للزراعة وتتوافر لها مياه الري سواء نيلية أو جوفية أو مطرية, وتضع أولويات تنفيذها, وحصلت الهيئة من دولة هولندا علي منحة بقيمة هذه الدراسة التي وقع الخيار عليها من المكتب الاستشاري بهولندا بقيمة قدرها سبعة ملايين دولار حصلنا عليها كمنحة لا ترد, ومن هذه الدراسة اكتشف لأول مرة في مصر وادي النقرة ومساحته خمسة وستون ألف فدان وهو من أراضي الدرجة الأولي وتم إنشاء ترعة تصل بين النيل ووادي النقرة وقامت شركة مختار إبراهيم المصرية بتنفيذها, وحددت الدراسة الهولندية وفقا لعناصر محددة أولويات تنفيذ المشروعات في المناطق العديدة التي تم حصرها بجميع تفاصيلها وهي موجودة لدي الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية, و كنت أتمني أن تنتفع مصر بهذه الدراسة العلمية, ولكن مع الأسف اختفت الخطط الخمسية وأصبحت تعمل بطريقة عشوائية دون الالتفات إلي هذه الدراسة العلمية.
وماذا قدمتم للشباب في هذه الفترة؟
وفي ذات الوقت الذي كنا نحدد فيه الاراضي الصالحة للزراعة في مصر وتحديد اولويات تنفيذها قمنا بتأهيل جيل جديد لتصميم ودراسة المشروعات للهيئة بدلا من المكاتب الاستشارية الخارجية التي كانت تلجا اليها الهيئة في دراسة وتصميم مشروعاتها, فقمنا بالبحث عن مكاتب استشارية خارجية متخصصة في تصميم مشروعات الري والاستصلاح ووقع الاختيار علي إحدي الجهات العلمية بانجلترا وتم الاتفاق معها علي أن تكون الدراسة لهذا التأهيل لمدة ثلاث سنوات, في السنة الأولي يتولي الخبراء من انجلترا دراسة وتصميم المشروعات وتعليم المهندسين المصريين في الهيئة علي احدث طرق الدراسة والتصميم, وفي السنة الثانية يشترك الخبراء الأجانب مع المهندسين المصريين في الدراسة والتصميم, وفي السنة الثالثة يقوم المهندسون المصريون بمفردهم بالقيام بالدراسة والتصميم تحت إشراف الخبراء الانجليز, وتم هذا كله في مبني الهيئة العامة لمشروعات التعمير حيث تم تخصيص دورين للمعهد العلمي الذي تم فيه هذا التدريب, واستصدرنا قرارا جمهوريا بإنشاء مكتب استشاري بالهيئة لدراسة وتصميم المشروعات, حيث أصبح المهندسون المصريون علي درجة عالية من الكفاءة لدراسة وتصميم مشروعات استصلاح الأراضي والتعمير للهيئة وللجهات الخارجية, ولكن كل هذا المجهود العلمي والتطوير لا أعلم أين ذهب!
كيف قمت بتحويل طريق مصر إسكندرية الصحراوي إلي طريق زراعي؟
كان طريق مصر إسكندرية الصحراوي يخلو من خدمات المسافرين مثل الاستراحات ومحطات الوقود وانعدام الخدمات الطبية علي الطريق, وعندما توليت رئاسة الهيئة العامة لمشروعات التعمير, كنت أحيل طلبات الراغبين في شراء الأراضي علي جانبي الطريق الصحراوي إلي الدكتور محمد علي عزت رئيس قطاع المياه الجوفية لإفادتي عن مدي توافر المياه في هذه الأراضي. وكانت الإفادة دائما بعدم توافر المياه بسبب حظر حفر أية أبار علي جانبي الطريق من وزارة التعمير, واعترضت علي هذا الحظر لان هذه الأراضي ملك للهيئة بحكم القانون, وتم التعاقد مع مركز الدراسات التكنولوجية في جامعة القاهرة بالاشتراك مع قطاع المياه الجوفية بالهيئة لدراسة الحوض الجوفي بالمنطقة ابتداء من استراحة الرست للتعرف عما إذا كان هذا الحوض مغلقا أم أن له مصادر تغذية, وأثبتت الدراسات أن هذا الحوض يتغذي من الرياح الناصري والبحيري من فرع رشيد, وأن كمية المياه التي تغذي الحوض يوميا تبلغ مليونين وثماني مائة وأربعون ألفا متر مكعب وهي تكفي لتغذية ستين ألف فدان, فأعلنت الهيئة بجميع الصحف والتليفزيون الدعوة للراغبين في تملك الأراضي للتقدم للهيئة بطلباتهم بشرط قيامهم بحفر الآبار علي نفقتهم الخاصة, وبهذا أقيمت مشروعات هامة علي جانبي الطريق.
كيف كان يتم بيع هذه الاراضي؟
في سنة1985 أعلنت عن بيع218 ألف فدان وبعد الانتهاء من تقديم الطلبات حضر لمكتبي وكلاء الوزارة لتشكيل اللجان للبت في هذه الطلبات فقلت لهم لسنا في حاجة إلي لجان وذهبت للدكتور كمال الجنزوري وكان وزيرا للتخطيط في ذلك الوقت, وتم البيع عن طريق الكمبيوتر وبعد ظهور النتائج دعيت بعض الوزراء وأقمت حفل شاي أعلن خلاله الدكتور الجنزوري النتائج, وأرسلنا لمن لم يختره الكمبيوتر شيكات بقيمة المبالغ التي دفعوها وكان الدكتور علي لطفي رئيس الوزراء في ذلك الوقت ضمن المتقدمين لشراء30 فدانا بمنطقة الشباب بطريق القاهرة الاسماعيلية الصحراوي ولم يسفر الكمبيوتر عن تحديد قطعة له وحررت له شيكا بقيمة المبلغ الذي قدمه ولم نجامل رئيس الوزراء اعتزازا برسالتنا.
ما مدي علاقة السادات بالأرض؟
السادات كان مولعا بالأرض الزراعية وتمني أن يزرع كل شبر في مصر, وكان دائم الزيارات لمشروعات استصلاح الأراضي وذات يوم ونحن عند بحيرة السد العالي قال لي ياعبدالوهاب ياابني إحنا في منطقة فراغ بين أسوان والنوبة ياابني اشغلوا هذه المنطقة بالمزارع الشاطئية وأقمنا ثلاثة أيام لأخذ العينات واختيار أماكن إقامتها, واقمنا العديد من المزارع الاستكشافية علي شواطئ بحيرة السد العالي في كلابشة وجرف حسين ووادي كركر وتم عمل دراسة للاراضي قام بها الدكتور محمد نجيب حسن حيث اسفرت الدراسة عن وجود140 الف فدان صالحة للزراعة في هذه المناطق.
وتم في عهد السادات انشاء ترعة النصر بطول83 كيلو متر واستوردنا لها من أمريكا احدث المعدات لتبطين الترع وكان المهتمون بالزراعة والري في مصر يقومون برحلات لمشاهدة الماكينات العملاقة للتبطين التي جاء بها عبد الوهاب سليم عام1979 وكانت تروي زمام330 ألف فدان شرق وغرب الطرق الصحراوية بمنطقة النوبارية والبستان وبنجر السكر وتم توزيع هذه الأراضي علي العرب المقيمين في الأرض وبعد حصرهم تم تمليكهم60 ألف فدان.
واتصل بي المشير أبو غزالة وحدثني عن المشكلة التي تواجهه في نقل مطار الدخيلة لان العرب يمتلكون بها شجر تين ورفضوا تعويضهم فتم حصرهم وتمليكهم أراضي في النوبارية لحل مشكلة مطار الدخيلة. وجزء من هذه الأرض تم تمليكها للخريجين ونتيجة لتوزيع هذه الأرض علي المنتفعين والمستثمرين تم بناء أكثر من40 قرية كاملة شاملة للخدمات.
ولماذا فشل مشروع الخريجين؟
الخريجون لم يفشلوا ولكن الدولة هي سبب فشل المشروع لعدم توفيرها المياه اللازمة للزراعة والتقاوي والبذور والأسمدة والمبيدات, كما أن بنك التسليف لم يمنحهم القروض اللازمة لهم, فالدولة لم تساعدهم علي النجاح.
وما هي أسباب نجاح مشروع الفلاحين بالنوبارية؟
عندما وجدت الفلاح يترك الأرض ويذهب إلي بلده فكرت في ربط الفلاح بالأرض فطلبت من صندوق الثروة الحيوانية الأبقار العشار ووزعتها علي الفلاحين, وكان ثمن الواحدة700 جنيه يسدد الفلاح قيمتها عندما تلد. وعندما بدأت الأبقار تلد وتنتشر في الأرض أصدرت قرارا بإعفاء الفلاحين من ثمن الأبقار التي حصلوا عليها, كما أعطيت لربات البيوت بياضات دواجن لتربيتها وتسديد ثمنها من البيض. وبذلك نجح هذا المشروع نجاحا عظيما وهو الذي تأكل منه مصر اليوم.
وكان مشروع النوبارية أخر مشروع زاره السادات قبل رحيله يوم4 أكتوبر1981 وكان سعيدا جدا بالمشروع وكتب كلمة في دفتر الزيارات بخطه الجميل يقول فيها( إن ما شاهدته اليوم هو أروع تأكيد علي قدرة الإنسان المصري إنسان أكتوبر.. باسم شعبكم وباسمي أهديكم كل التحية وأشكركم علي هذا الانجاز يوم أن حولتم الصحراء الجرداء إلي جنة خضراء من اجل مصر ومجد مصر وشموخ مصر.. تحياتي مع كل إعجابي وتقديري ومودتي).
بدأت الخصخصة في عهد مبارك فما هو موقفك منها ؟
عينت خبيرا في أول لجنة للخصخصة وكان معي الدكتور عثمان بدران وزير الزراعة السابق والدكتورعبد الحميد أبو سبع الذي كان من كبار المهندسين في استصلاح الأراضي, وكنت من المعارضين للخصخصة وقلت للدكتور عاطف صدقي رئيس الوزراء ورئيس لجنة الخصخصة كيف يمكن أن نبيع البلد ؟ وكل الجلسات تشهد معارضتي لأنها سوف تشرد العمال, وفي إحدي الجلسات طرقت علي مائدة الجلسات بشدة وقلت( يا عيني عليكي يا مصر) واعترضت علي التقرير الذي قرأه الدكتور عاطف عبيد فيما عرضه عن القيمة الدفترية للبيع وأيضا عليمكاتب الخبرة الأجنبية لتقييم هذه الشركات, بعدها أبلغوني بالاستغناء عني من لجنة الخصخصة انا والدكتور بدران والدكتور ابو سبع.
كيف تم نهب أراضي الدولة؟
هيئة مشروعات التعمير والتنمية الزراعية كان لها مجلس إدارة يجمع بين اقتصاديين وماليين وقانونيين وفنيين علي أعلي مستوي منهم المستشار طارق البشري والمستشار عادل الخادم, وكنت رئيسا لمجلس الإدارة. وبعد خروجي بعدة سنوات تكون مجلس إدارة الهيئة من مجموعة الوزراء وتحولت هيئة مشروعات التعمير إلي هيئة لبيع الأراضي مع أن وظيفتها هي وضع الخطط لاستصلاح الأراضي والتعمير وبناء مبان وخدمات للمجتمع الجديد, لكن بكل أسف تم التصرف في هذه الأراضي بعد ذلك للمحاسيب, ورغم أن قانون الاصلاح الزراعي الذي قرره عبد الناصر ينص علي أن الحد الأقصي للملكية300 فدان للأسرة حصل بعضهم علي30 ألف فدان و أقاموا عليها منتجعات سياحية في حين أن هذه الأراضي بيعت علي أنها أراض زراعية. وقام هؤلاء المشترون ببيع هذه الاراضي محققين الملايين وحرموا الدولة من حقها. وقلت لجميع الوزراء المسؤلين أن العقود التي بينكم وبين هؤلاء تنص علي بيع أراضي زراعية وليست منتجعات, وانهم اخلوا بشروط التعاقد, وقلت أما أن الدولة تتقاضي حقها بالكامل ويتم محاسبتهم علي قيمة الفدان الفعلية بمبلغ100 ألف جنيه وإما يتم طردهم فورا.. علما بأنه في عهد مبارك لم تضف مصر فدانا واحدا مستصلحا منذ عام.1996
البعض يقول أن مصر ستجوع وأن هناك ثورة جياع قادمة؟
كيف تجوع مصر ولدينا2 مليون فدان جاهزة للزراعة وأعمال البنية الأساسية لها منتهية ولا ينقصها سوي بعض الأعمال البسيطة, فلماذا لا نزرعها؟ ولدينا أيضا مشروع توشكي الذي قال عنه البعض أنه مشروع فاشل فشركة جنوب الوادي التي تعمل في توشكي زرعت هذا العام لأول مرة13 ألف فدان قمح, وفي العام الماضي10 الاف فدان. ولولا نقص التمويل لزرعت ضعف المساحة. إلي جانب ارض الوليد بن طلال ومساحتها75 ألف فدان, بالإضافة إلي مشروع شمال سيناء الذي صدر قرار جمهوري سنة2003 بإنشاء الشركة القابضة لتنمية شمال سيناء بمساحة400 ألف فدان, وتم إنشاء محطات الرفع وترعة الشيخ جابر بطول86 كيلو مترا التي مولها الشيخ جابر الصباح وصرفت5 مليارات جنيه من صندوق التنمية الكويتي ولم يسدد منه حتي الآن مليما واحدا, ثم وضعت عليه اليد وأزلناها بالقوة الجبرية ولكن بعد استجواب في مجلس الشعب صدر القرار الجمهوري بإلغاء الشركة, وقلت إن القرار الجمهوري يشوبه البطلان, لأنه ليس من حق رئيس الجمهورية أن يلغي شركة ولكنها تلغي بقرار من الجمعية العمومية غير العادية, وليس هناك سبب لإلغائها, والشركة منذ عام2006 وحتي الآن تحت التصفية, وأرسلت مذكرة للدكتور يحيي الجمل لإعادة هذه الشركة.
واقترح أن توزع هذه المساحات علي شركات استصلاح الأراضي التي توقفت نتيجة الخصخصة ويعمل بها15 ألف عامل علي درجة عالية من الخبرة ولديها المعدات الثقيلة التي نفذت المشروعات العملاقة, علي ان يتم تحديد برنامج زمني لاستصلاح هذه المساحة, وتوزع كالتالي100 ألف فدان للشركات و50 ألف فدان لشباب الخريجين لحل مشكلة البطالة و50 ألف فدان لبدو سيناء لتحرسها و50 ألف فدان للفلاحين والمسرحين من القوات المسلحة وأرباب المعاشات, كما أنني أقترح إنشاء وزارة مستقلة لاستصلاح الأراضي, ووزارة لشئون حوض وادي النيل وأرشح لها الدكتور محمود أبو زيد, وأنا مستعد لمناقشة هذا الموضوع لبناء مصر مع المجلس الأعلي للقوات المسلحة ورئيس الوزراء عصام شرف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.