تجليس أساقفة جدد في إيبارشيات وسط وجنوب مصر لدعم التنمية الروحية    كيف تحدد الإجازات الاستثنائية لأصحاب الأمراض المزمنة؟    التعليم تحبط محاولات اختراق إلكتروني لصفحتها الرسمية على «فيسبوك»    من 0.09% إلى 2.3%.. رحلة صعود الطاقة الشمسية في مصر    5 وزراء يجتمعون لمتابعة الموقف الحالي لمنظومة «الرقم القومي العقاري»    البولنديون يدلون بأصواتهم في انتخابات رئاسية حاسمة    اتحاد الكرة يطبيق معايير "مكافحة المنشطات" في المسابقات    ضبط المتهم بقتل وإصابة 3 أشقاء في نجع حمادي    سقوط أعمدة وعقارات.. الحكومة توضح خسائر عاصفة الإسكندرية    تنظم زيارة لوفد البنك الدولي للمنشآت والمشروعات الصحية في الإسكندرية    متحدث الصحة: رفع درجة الاستعداد القصوى في المستشفيات استعدادا لاستقبال عيد الأضحى    "مواجهة حاسمة".. ماسكيرانو يتحدث عن أهمية مباراة الأهلي في كأس العالم    بعد تداول امتحان دراسات الإعدادية بالقاهرة.. اسم اللجنة يفضح مصور البوكليت    62 عامًا من الوحدة    الصين تتهم وزير الدفاع الأمريكي بتجاهل دعوات السلام من دول المنطقة    حريق في غابات السفكون بريف االلاذقية    محافظ أسيوط يشهد الحفل الختامي لأنشطة مدارس المستقبل    قوات حرس الحدود توجه ضربة لمهربى المخدرات    بيراميدز يتحدى صن داونز لتحقيق حلم حصد لقب دوري أبطال إفريقيا    محمد شكرى يبدأ إجراءات استخراج تأشيرة أمريكا للسفر مع الأهلى للمشاركة في كأس العالم للأندية    التاريخ لن يقف أمام الصراعات.. بل سيذكر اسم البطل الكورة بتتكلم أهلى    حدث منذ قليل .. وزارة التعليم تتصدى لاختراق الصفحة الرسمية لها على فيس بوك    بدء تشغيل الأتوبيس الترددي على الطريق الدائري    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    إنفوجراف| «الأرصاد» تعلن حالة الطقس غدًا الإثنين 2 يونيو 2025    إجراءات مشددة لتأمين ضيوف الرحمن تيسير الحج    "روز اليوسف" تحقق: مفاجأة.. بيوت ثقافة موصى بغلقها تم تجديدها فى 2024 ورطة الوزير فى ثقافة الجماهير!    مصر أولا.. الثقافة.. ملف أمن قومى وليست أزمة إدارة الاستثمار الثقافى وتجريف الوعى المصرى!    أبرزها جبل الطير وحارة زويلة الكنيسة القبطية تحتفل برحلة العائلة المقدسة فى مصر    مصطفى حجاج يغني مع إسلام كابونجا "على وضع الطيران"    شريف مدكور: «نفسي أقدم برنامج ديني بدون مقابل»    ريهام عبدالغفور: تكريم جديد يكلل مسيرتي بدور استثنائي عن «ظلم المصطبة»    دعاء اليوم الخامس من شهر ذي الحجة 1446 والأعمال المستحبة في العشر الأوائل    «الإفتاء»: الأضحية من أعظم القربات إلى الله ويجب أن تكون مستوفية للشروط    دون تخوين أو تكفير.. قضايا الميراث تريد حلا    أحلف بسماها .. رموز مصرية فى المحافل الدولية    غدًا.. وزير العمل يترأس وفد مصر الثلاثي المشارك في فعاليات الدورة ال 113 لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    وزارة الصحة: التدخين يتسبب في وفاة أكثر من 8 ملايين شخص كل عام    2700 مستفيد من قافلة جامعة عين شمس التنموية الشاملة لمحافظة سوهاج    «مكافحة العدوى» تحتفل باليوم العالمي لغسيل الأيدي بمستشفيات «سوهاج»    رحلة العائلة المقدسة.. أكثر من ثلاثين دولة تخلدها على طوابع بريد    إصابة 13 شخصا إثر حادث انقلاب سيارة ربع نقل على طريق العلاقي بأسوان    روسيا: الجسر المنهار لحظة مرور قطار الركاب تعرض لتفجير    لهذا السبب.. خالد النبوي يتصدر تريند "جوجل"    هل يجوز الدعاء بشيء وأنا أعلم أنه شر لي؟.. الإفتاء تجيب    "استمر 3 ساعات".. السيطرة على حريق سوق السيراميك بالمرج- صور    ثالث المتأهلين.. باريس سان جيرمان يحجز مقعدًا في إنتركونتيننتال 2025    حماس: وافقنا على مقترح ويتكوف كأساس للتفاوض.. ورد إسرائيل لم يلبِ الحد الأدنى لمطالبنا    لحق بأبنائه.. استشهاد حمدى النجار والد الأطفال ال9 ضحايا قصف خان يونس    حسام باولو: عيب على مهاجمي الدوري تتويج إمام عاشور بلقب الهداف لهذا السبب    الإفتاء تحسم الجدل.. هل تسقط صلاة الجمعة إذا وافقت يوم العيد؟    موقف حرج يتطلب منك الحزم.. حظ برج الدلو اليوم 1 يونيو    بسبب قطعة أرض، مقتل وإصابة 4 أشخاص والقبض على 13 في مشاجرة بسوهاج    قرار وزاري.. الدكتور السيد تاج الدين قائمًا بأعمال مدينة زويل    «شاغل نفسه ب الأهلي».. سيد عبد الحفيظ يهاجم بيراميدز لعدم الرد على الزمالك    الاحتلال ينسف منازل سكنية في القرارة شمال شرق خان يونس    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 1 يونيو 2025 بعد الانخفاض    عيار 21 الآن يسجل رقمًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الأحد 1 يونيو بعد الانخفاض بالصاغة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الوهاب سليم :‏
رفضت الخصخصة فاستغنوا عن خدماتي
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 07 - 2011

إذا أردنا الإساءة لإنسان فلا يجب أن تكون هذه الإساءة بالغة أو مؤثرة للغاية لكي نضمن عدم انتقامه‏.‏هذه النصيحة الشيطانية التي أوصي بها ميكافيللي السياسيين يبدو اننا طبقناها بامتياز في مجالات استصلاح الأراضي وتحويل تخصيصها من أراض زراعية إلي منتجعات سياحية. وفي كل الأحوال أعطي من لا يملك لمن لا يستحق, فهل يعقل أن يكون مجموع ما حصل عليه بعض الأفراد الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين ملايين الأفدنة التي تقدر بمساحة خمس دول عربية مجتمعة, وكأننا عدنا مائتي عام الي الوراء, حيث كانت الأبعاديات والشفالك توزع علي الأصدقاء والمعارف والحاشية في عهد محمد علي, واستشري الأمر حتي أصبحت كلمة الفساد قرينة بفساد الأراضي في المقام الأول. إضافة لزيادة معدلات الزحف العمراني علي الأراضي الزراعية, فلا توجد مسطرة واحدة أو قواعد للتخصيص والأسعار يتم تطبيقها علي الجميع, فهي تخضع لأهواء الوزارات.
إن أراضي مصر ثروات جماعية, وصحاريها كنوز يجب عدم تبديدها, ومن الأهمية بمكان الاتفاق علي رؤية مشتركة لهذه المعضلة المزمنة: تجربة المهندس عبد الوهاب سليم رائد استصلاح الأراضي تعكس تجرده وإيمانه بأن الأرض هي أغلي سلعة استراتيجية نمتلكها, فأراضينا عامرة بالثروات لكننا نعاني نقصا حادا في كثير من الموارد وحالنا أقرب لقول الشاعر محمود حسن اسماعيل ظمآن والكأس في يديه.. أزمات الأراضي تحتاج لحلول خلاقة تغل يد الفساد, وتؤكد أننا تجاوزنا عبارة المفكر المبدع جمال حمدان. مشكلة الشخصية المصرية أنها اعتادت علي الاعتدال وتفضيل الحلول الوسطي علي الجذرية والتطور علي الطفرة والإصلاح علي الثورة, لقد أصبح تغيير اللوائح ضرورة حتمية للبقاء. (سهير حلمي)
المهندس عبد الوهاب سليم اسم يعرفه كل شبر علي أرض المحروسة.. فهو احد الرواد الذين حولوا الصحراء الجرداء إلي جنة خضراء فأستصلح أكثر من مليونين و400 الف فدان من شرقها إلي غربها وهو من الذين انشاوا القري النموذجية في النوبارية والبستان وبنجر السكر وغيرها من المناطق, وصاحب فكرة تحويل طريق مصر الإسكندرية الصحراوي إلي طريق زراعي, والمشرف علي مشروع الجبل الأخضر في بني غازي بليبيا الذي كان يعتبر سلة القمح لايطاليا, وحقق لمصر انتصارا كبيرا عندما كان رئيسا للوفد المصري في مؤتمر الغذاء العالمي في روما عام1985 فاستطاع بخبرته أن يحصل لمصر علي22 مليون دولار منحة لا ترد لتنفيذ مشروعات التنمية في مصر حيث كان من المقرر أن تذهب هذة المبالغ للدول التي تعاني من الجفاف في ذلك الوقت, عمل في مكتب جمال عبد الناصر لشئون التخطيط والاقتصاد وكان المسئول عن خطة الصناعة في مصر وكان عبد الناصر يدخل غرفة البيانات المسئول عنها سليم للتعرف علي موقف تنفيذ المشروعات بنفسه, أما السادات فكان يعرفه حق المعرفة منذ كان نائبا لرئيس الجمهورية.
فعبدالوهاب سليم الرئيس السابق للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية, واحد رواد استصلاح وتعمير الاراضي والمهموم بأمرها والمتيم بأرضها, والحاصل علي وسام الاستحقاق من الطبقة الأولي في عهد السادات عن مشروع توسيع قناة السويس, ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي في عهد مبارك, ونوط الامتياز من الطبقة الأولي في إدارة هيئة التعمير, هو أحد العقليات ذات الكفاءة والخبرة المتميزة التي يجب الاستفادة منها في الفترة المقبلة حيث لديه خريطة للأراضي المصرية الصالحة للزراعة والعديد من المقترحات المهمة لبناء وتنمية مصر.. التقينا معه في هذا حديث للتعرف عليها.
ما هي بداية عملك في مشروعات استصلاح الأراضي ؟
عندما قام جمال عبد الناصر بتاميم قناة السويس وبناء السد العالي بعد رفض البنك الدولي تمويل المشروع وتعرضنا للعدوان الثلاثي قال لنا أنني أممت قناة السويس كي نبني السد العالي ليس فقط لتوليد الكهرباء كما قيل ولكن لتحويل أراضي مصر الصحراوية إلي أراضي زراعية لإقامة مجتمعات جديدة منتجة هادفة إلي الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية لجموع الشعب وتهجير القادرين علي الزراعة من الفلاحين من المحافظات الكثيفة السكان إلي الأراضي الجديدة.
وتم إنشاء المؤسسة المصرية العامة لاستصلاح الأراضي في ديسمبر1961 كي تتولي تنفيذ الخطط الخمسية عن طريق الشركات المختصة وضمت المؤسسة عدة شركات هي شركة مساهمة البحيرة والشركة العقارية المصرية التي أنشاها طلعت حرب بالإضافة إلي شركة وادي كوم امبو, وإنشاء الشركة العامة لاستصلاح الأراضي والشركة العربية وشركة رجوا التي خصصت لبحوث المياه الجوفية وحفر الآبار وعلي الأخص في مناطق الوادي الجديد التي لم تصلها مياه النيل.
وبدأت الخطة الخمسية الأولي عام1963 وتم خلالها استصلاح خمسة آلاف فدان وتوالت الخطط الخمسية حتي وصلت المساحات التي تم استصلاحها إلي مليونين و400 ألف فدان وكانت المساحة المنزرعة قبل الخطط الخمسية في مصر كلها حوالي5 ملايين و500 ألف فدان.
كيف كان يتم تحديد الأراضي الصحراوية الصالحة للزراعة؟
كنت اهتم بالأسلوب العلمي فوجهت الدعوة إلي جميع المكاتب الاستشارية الدولية المتخصصة للمشاركة في تحديد الأراضي الصحراوية في مصر الصالحة للزراعة وتتوافر لها مياه الري سواء نيلية أو جوفية أو مطرية, وتضع أولويات تنفيذها, وحصلت الهيئة من دولة هولندا علي منحة بقيمة هذه الدراسة التي وقع الخيار عليها من المكتب الاستشاري بهولندا بقيمة قدرها سبعة ملايين دولار حصلنا عليها كمنحة لا ترد, ومن هذه الدراسة اكتشف لأول مرة في مصر وادي النقرة ومساحته خمسة وستون ألف فدان وهو من أراضي الدرجة الأولي وتم إنشاء ترعة تصل بين النيل ووادي النقرة وقامت شركة مختار إبراهيم المصرية بتنفيذها, وحددت الدراسة الهولندية وفقا لعناصر محددة أولويات تنفيذ المشروعات في المناطق العديدة التي تم حصرها بجميع تفاصيلها وهي موجودة لدي الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية, و كنت أتمني أن تنتفع مصر بهذه الدراسة العلمية, ولكن مع الأسف اختفت الخطط الخمسية وأصبحت تعمل بطريقة عشوائية دون الالتفات إلي هذه الدراسة العلمية.
وماذا قدمتم للشباب في هذه الفترة؟
وفي ذات الوقت الذي كنا نحدد فيه الاراضي الصالحة للزراعة في مصر وتحديد اولويات تنفيذها قمنا بتأهيل جيل جديد لتصميم ودراسة المشروعات للهيئة بدلا من المكاتب الاستشارية الخارجية التي كانت تلجا اليها الهيئة في دراسة وتصميم مشروعاتها, فقمنا بالبحث عن مكاتب استشارية خارجية متخصصة في تصميم مشروعات الري والاستصلاح ووقع الاختيار علي إحدي الجهات العلمية بانجلترا وتم الاتفاق معها علي أن تكون الدراسة لهذا التأهيل لمدة ثلاث سنوات, في السنة الأولي يتولي الخبراء من انجلترا دراسة وتصميم المشروعات وتعليم المهندسين المصريين في الهيئة علي احدث طرق الدراسة والتصميم, وفي السنة الثانية يشترك الخبراء الأجانب مع المهندسين المصريين في الدراسة والتصميم, وفي السنة الثالثة يقوم المهندسون المصريون بمفردهم بالقيام بالدراسة والتصميم تحت إشراف الخبراء الانجليز, وتم هذا كله في مبني الهيئة العامة لمشروعات التعمير حيث تم تخصيص دورين للمعهد العلمي الذي تم فيه هذا التدريب, واستصدرنا قرارا جمهوريا بإنشاء مكتب استشاري بالهيئة لدراسة وتصميم المشروعات, حيث أصبح المهندسون المصريون علي درجة عالية من الكفاءة لدراسة وتصميم مشروعات استصلاح الأراضي والتعمير للهيئة وللجهات الخارجية, ولكن كل هذا المجهود العلمي والتطوير لا أعلم أين ذهب!
كيف قمت بتحويل طريق مصر إسكندرية الصحراوي إلي طريق زراعي؟
كان طريق مصر إسكندرية الصحراوي يخلو من خدمات المسافرين مثل الاستراحات ومحطات الوقود وانعدام الخدمات الطبية علي الطريق, وعندما توليت رئاسة الهيئة العامة لمشروعات التعمير, كنت أحيل طلبات الراغبين في شراء الأراضي علي جانبي الطريق الصحراوي إلي الدكتور محمد علي عزت رئيس قطاع المياه الجوفية لإفادتي عن مدي توافر المياه في هذه الأراضي. وكانت الإفادة دائما بعدم توافر المياه بسبب حظر حفر أية أبار علي جانبي الطريق من وزارة التعمير, واعترضت علي هذا الحظر لان هذه الأراضي ملك للهيئة بحكم القانون, وتم التعاقد مع مركز الدراسات التكنولوجية في جامعة القاهرة بالاشتراك مع قطاع المياه الجوفية بالهيئة لدراسة الحوض الجوفي بالمنطقة ابتداء من استراحة الرست للتعرف عما إذا كان هذا الحوض مغلقا أم أن له مصادر تغذية, وأثبتت الدراسات أن هذا الحوض يتغذي من الرياح الناصري والبحيري من فرع رشيد, وأن كمية المياه التي تغذي الحوض يوميا تبلغ مليونين وثماني مائة وأربعون ألفا متر مكعب وهي تكفي لتغذية ستين ألف فدان, فأعلنت الهيئة بجميع الصحف والتليفزيون الدعوة للراغبين في تملك الأراضي للتقدم للهيئة بطلباتهم بشرط قيامهم بحفر الآبار علي نفقتهم الخاصة, وبهذا أقيمت مشروعات هامة علي جانبي الطريق.
كيف كان يتم بيع هذه الاراضي؟
في سنة1985 أعلنت عن بيع218 ألف فدان وبعد الانتهاء من تقديم الطلبات حضر لمكتبي وكلاء الوزارة لتشكيل اللجان للبت في هذه الطلبات فقلت لهم لسنا في حاجة إلي لجان وذهبت للدكتور كمال الجنزوري وكان وزيرا للتخطيط في ذلك الوقت, وتم البيع عن طريق الكمبيوتر وبعد ظهور النتائج دعيت بعض الوزراء وأقمت حفل شاي أعلن خلاله الدكتور الجنزوري النتائج, وأرسلنا لمن لم يختره الكمبيوتر شيكات بقيمة المبالغ التي دفعوها وكان الدكتور علي لطفي رئيس الوزراء في ذلك الوقت ضمن المتقدمين لشراء30 فدانا بمنطقة الشباب بطريق القاهرة الاسماعيلية الصحراوي ولم يسفر الكمبيوتر عن تحديد قطعة له وحررت له شيكا بقيمة المبلغ الذي قدمه ولم نجامل رئيس الوزراء اعتزازا برسالتنا.
ما مدي علاقة السادات بالأرض؟
السادات كان مولعا بالأرض الزراعية وتمني أن يزرع كل شبر في مصر, وكان دائم الزيارات لمشروعات استصلاح الأراضي وذات يوم ونحن عند بحيرة السد العالي قال لي ياعبدالوهاب ياابني إحنا في منطقة فراغ بين أسوان والنوبة ياابني اشغلوا هذه المنطقة بالمزارع الشاطئية وأقمنا ثلاثة أيام لأخذ العينات واختيار أماكن إقامتها, واقمنا العديد من المزارع الاستكشافية علي شواطئ بحيرة السد العالي في كلابشة وجرف حسين ووادي كركر وتم عمل دراسة للاراضي قام بها الدكتور محمد نجيب حسن حيث اسفرت الدراسة عن وجود140 الف فدان صالحة للزراعة في هذه المناطق.
وتم في عهد السادات انشاء ترعة النصر بطول83 كيلو متر واستوردنا لها من أمريكا احدث المعدات لتبطين الترع وكان المهتمون بالزراعة والري في مصر يقومون برحلات لمشاهدة الماكينات العملاقة للتبطين التي جاء بها عبد الوهاب سليم عام1979 وكانت تروي زمام330 ألف فدان شرق وغرب الطرق الصحراوية بمنطقة النوبارية والبستان وبنجر السكر وتم توزيع هذه الأراضي علي العرب المقيمين في الأرض وبعد حصرهم تم تمليكهم60 ألف فدان.
واتصل بي المشير أبو غزالة وحدثني عن المشكلة التي تواجهه في نقل مطار الدخيلة لان العرب يمتلكون بها شجر تين ورفضوا تعويضهم فتم حصرهم وتمليكهم أراضي في النوبارية لحل مشكلة مطار الدخيلة. وجزء من هذه الأرض تم تمليكها للخريجين ونتيجة لتوزيع هذه الأرض علي المنتفعين والمستثمرين تم بناء أكثر من40 قرية كاملة شاملة للخدمات.
ولماذا فشل مشروع الخريجين؟
الخريجون لم يفشلوا ولكن الدولة هي سبب فشل المشروع لعدم توفيرها المياه اللازمة للزراعة والتقاوي والبذور والأسمدة والمبيدات, كما أن بنك التسليف لم يمنحهم القروض اللازمة لهم, فالدولة لم تساعدهم علي النجاح.
وما هي أسباب نجاح مشروع الفلاحين بالنوبارية؟
عندما وجدت الفلاح يترك الأرض ويذهب إلي بلده فكرت في ربط الفلاح بالأرض فطلبت من صندوق الثروة الحيوانية الأبقار العشار ووزعتها علي الفلاحين, وكان ثمن الواحدة700 جنيه يسدد الفلاح قيمتها عندما تلد. وعندما بدأت الأبقار تلد وتنتشر في الأرض أصدرت قرارا بإعفاء الفلاحين من ثمن الأبقار التي حصلوا عليها, كما أعطيت لربات البيوت بياضات دواجن لتربيتها وتسديد ثمنها من البيض. وبذلك نجح هذا المشروع نجاحا عظيما وهو الذي تأكل منه مصر اليوم.
وكان مشروع النوبارية أخر مشروع زاره السادات قبل رحيله يوم4 أكتوبر1981 وكان سعيدا جدا بالمشروع وكتب كلمة في دفتر الزيارات بخطه الجميل يقول فيها( إن ما شاهدته اليوم هو أروع تأكيد علي قدرة الإنسان المصري إنسان أكتوبر.. باسم شعبكم وباسمي أهديكم كل التحية وأشكركم علي هذا الانجاز يوم أن حولتم الصحراء الجرداء إلي جنة خضراء من اجل مصر ومجد مصر وشموخ مصر.. تحياتي مع كل إعجابي وتقديري ومودتي).
بدأت الخصخصة في عهد مبارك فما هو موقفك منها ؟
عينت خبيرا في أول لجنة للخصخصة وكان معي الدكتور عثمان بدران وزير الزراعة السابق والدكتورعبد الحميد أبو سبع الذي كان من كبار المهندسين في استصلاح الأراضي, وكنت من المعارضين للخصخصة وقلت للدكتور عاطف صدقي رئيس الوزراء ورئيس لجنة الخصخصة كيف يمكن أن نبيع البلد ؟ وكل الجلسات تشهد معارضتي لأنها سوف تشرد العمال, وفي إحدي الجلسات طرقت علي مائدة الجلسات بشدة وقلت( يا عيني عليكي يا مصر) واعترضت علي التقرير الذي قرأه الدكتور عاطف عبيد فيما عرضه عن القيمة الدفترية للبيع وأيضا عليمكاتب الخبرة الأجنبية لتقييم هذه الشركات, بعدها أبلغوني بالاستغناء عني من لجنة الخصخصة انا والدكتور بدران والدكتور ابو سبع.
كيف تم نهب أراضي الدولة؟
هيئة مشروعات التعمير والتنمية الزراعية كان لها مجلس إدارة يجمع بين اقتصاديين وماليين وقانونيين وفنيين علي أعلي مستوي منهم المستشار طارق البشري والمستشار عادل الخادم, وكنت رئيسا لمجلس الإدارة. وبعد خروجي بعدة سنوات تكون مجلس إدارة الهيئة من مجموعة الوزراء وتحولت هيئة مشروعات التعمير إلي هيئة لبيع الأراضي مع أن وظيفتها هي وضع الخطط لاستصلاح الأراضي والتعمير وبناء مبان وخدمات للمجتمع الجديد, لكن بكل أسف تم التصرف في هذه الأراضي بعد ذلك للمحاسيب, ورغم أن قانون الاصلاح الزراعي الذي قرره عبد الناصر ينص علي أن الحد الأقصي للملكية300 فدان للأسرة حصل بعضهم علي30 ألف فدان و أقاموا عليها منتجعات سياحية في حين أن هذه الأراضي بيعت علي أنها أراض زراعية. وقام هؤلاء المشترون ببيع هذه الاراضي محققين الملايين وحرموا الدولة من حقها. وقلت لجميع الوزراء المسؤلين أن العقود التي بينكم وبين هؤلاء تنص علي بيع أراضي زراعية وليست منتجعات, وانهم اخلوا بشروط التعاقد, وقلت أما أن الدولة تتقاضي حقها بالكامل ويتم محاسبتهم علي قيمة الفدان الفعلية بمبلغ100 ألف جنيه وإما يتم طردهم فورا.. علما بأنه في عهد مبارك لم تضف مصر فدانا واحدا مستصلحا منذ عام.1996
البعض يقول أن مصر ستجوع وأن هناك ثورة جياع قادمة؟
كيف تجوع مصر ولدينا2 مليون فدان جاهزة للزراعة وأعمال البنية الأساسية لها منتهية ولا ينقصها سوي بعض الأعمال البسيطة, فلماذا لا نزرعها؟ ولدينا أيضا مشروع توشكي الذي قال عنه البعض أنه مشروع فاشل فشركة جنوب الوادي التي تعمل في توشكي زرعت هذا العام لأول مرة13 ألف فدان قمح, وفي العام الماضي10 الاف فدان. ولولا نقص التمويل لزرعت ضعف المساحة. إلي جانب ارض الوليد بن طلال ومساحتها75 ألف فدان, بالإضافة إلي مشروع شمال سيناء الذي صدر قرار جمهوري سنة2003 بإنشاء الشركة القابضة لتنمية شمال سيناء بمساحة400 ألف فدان, وتم إنشاء محطات الرفع وترعة الشيخ جابر بطول86 كيلو مترا التي مولها الشيخ جابر الصباح وصرفت5 مليارات جنيه من صندوق التنمية الكويتي ولم يسدد منه حتي الآن مليما واحدا, ثم وضعت عليه اليد وأزلناها بالقوة الجبرية ولكن بعد استجواب في مجلس الشعب صدر القرار الجمهوري بإلغاء الشركة, وقلت إن القرار الجمهوري يشوبه البطلان, لأنه ليس من حق رئيس الجمهورية أن يلغي شركة ولكنها تلغي بقرار من الجمعية العمومية غير العادية, وليس هناك سبب لإلغائها, والشركة منذ عام2006 وحتي الآن تحت التصفية, وأرسلت مذكرة للدكتور يحيي الجمل لإعادة هذه الشركة.
واقترح أن توزع هذه المساحات علي شركات استصلاح الأراضي التي توقفت نتيجة الخصخصة ويعمل بها15 ألف عامل علي درجة عالية من الخبرة ولديها المعدات الثقيلة التي نفذت المشروعات العملاقة, علي ان يتم تحديد برنامج زمني لاستصلاح هذه المساحة, وتوزع كالتالي100 ألف فدان للشركات و50 ألف فدان لشباب الخريجين لحل مشكلة البطالة و50 ألف فدان لبدو سيناء لتحرسها و50 ألف فدان للفلاحين والمسرحين من القوات المسلحة وأرباب المعاشات, كما أنني أقترح إنشاء وزارة مستقلة لاستصلاح الأراضي, ووزارة لشئون حوض وادي النيل وأرشح لها الدكتور محمود أبو زيد, وأنا مستعد لمناقشة هذا الموضوع لبناء مصر مع المجلس الأعلي للقوات المسلحة ورئيس الوزراء عصام شرف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.