عودة المتعثرين لا يجوز ان يستغل كبار المدينين للبنوك الظروف الاقتصادية التي نشأت بعد الثورة في المماطلة في تسديد التزاماتهم تجاه البنوك وفقا للتسويات التي أبرمت لتصفية هذه المديونيات المتعثرة او التراجع عن هذه التسويات. ومعروف ان أزمة القروض المتعثرة لعدد محدود من رجال الأعمال كانت واحدة من أشد الأزمات التي تعرض لها الجهاز المصرفي وتجاوز حجمها 100 مليار جنيه, وقد استغرق العمل علي تسوية هذه الديون سنوات في مفاوضات شاقة قدمت خلالها البنوك تنازلات مهمة لاعادة تعويم هؤلاء العملاء ولاسترداد مايمكن استرداده من هذه الاموال والتي تعود في غالبيتها للبنوك العامة وخلال الاسبوع الماضي استصدر بنك مصر قرارا من النائب بمنع سفر رجل الاعمال رامي لكح, احد نجوم المتعثرين, بعد ان اقتنعت ادارة البنك بعدم جديته في تنفيذ بنود التسوية التي جري التوصل اليها قبل عامين, وفي نفس السياق هناك مايشير الي تكرار حالة لكح مع عدد من كبار المتعثرين الذين ابرموا اتفاقات تسوية قبل سنوات غير ان ادارات البنوك المعنية باتت تشكو الآن من عدم التزام المتعثرين بسداد اقساط الديون المتفق عليها في المواعيد المقررة والقضية حتي الآن غير واضحة المعالم بالنظر الي طبيعة الغموض والسرية التي اكتنفت تسويات القروض المتعثرة الضخمة التي نشأت في التسعينيات, غير ان تواتر التعثر في تنفيذ هذه التسويات يمكن ان يؤدي في النهاية الي تفجر القضية من جديد.. هذه المرة بحجم اكبر وبصورة تكاد تكون اكثر تأثيرا علي الاقتصاد الوطني المرهق وهو ماينبغي الحيلولة دون حدوثه. تسوية القروض المتعثرة كانت ومازالت واحدة من مفاخر وإنجازات الادارة المصرفية الحالية وهي كذلك لأن المجتمع اقتنع بأن هذه التسويات حقيقية ونزيهة وتملك مقومات التنفيذ ولكن تعرض هذه التسويات لانتكاسة او انتكاسات من شأنه العودة بالجميع الي نقطة البداية وهنا لا يمكن تعليق النكسة علي شماعة الثورة فهناك من الدلائل مايؤكد ان عثرات التنفيذ بدأت بالفعل قبل الثورة بشهور وسنوات وهو ماينقل القضية من خانة التعثر المصرفي الي مربع التلاعب وربما الاحتيال والنصب وهذه ممارسات تستلزم مواجهتها اقصي درجات الردع والحسم قبل ان تلقي بآثارها علي الاقتصاد الوطني كله. المزيد من أعمدة عماد غنيم