كيف بنا إذا أقدم قوم علي قتل الوليد الوحيد لأم طالما اشتاقت اليه بعد حرمان طويل أوشكت معه علي اليأس وسعد الجميع بمولده..؟!! علي النقيض.. أبي فصيل من الأهل إلا أن يقتلوا هذا المولود ويذبحوا الحلم الجميل الذي طالما انتظره الجميع وتحملت الأم في سبيله الكثير والكثير. هذا ما يحدث الان في مصر بعد ثورة 25 يناير حيث قامت من رقدتها الطويلة وبمدد من الله وفي حالة من المخاض العسر أطلقت مصر الأم زفرة الولادة فكان المولود, الديمقراطية والحرية وحقوق وكرامة الانسان, وفي محاولة لتصديق وتحقيق هذا الحلم, خرجت مصر في عرسها التاريخي في يوم التاسع عشر من مارس لتجسد هذه الحقيقة, حقيقة الديمقراطية وفي مناخ ساده الحب والسعادة والإباء والحرية أدلي كل بصوته في التعديلات الدستورية بين نعم ولا, وكانت النتيجة أياما كانت فلسنا في صراع بين نعم ولا ولكننا في صراع من أجل تحويل الحلم الي حقيقة وقد تحقق وبدت بوارق الأمل وفتحت أول نافذة من نوافذ النور وأضاءت شمعة الحرية الأولي وما ان انتهي هذا المخاض وصرخ مولود الديمقراطية صرخته الأولي في الحياة مؤكدا تحقيق الحلم وسعد الجميع, وما أن بدأت أعراس الكرامة تخطو خطواتها الأولي حتي خرج علينا اناس اصروا علي قتل هذا المولود وابو الا ان تكون القضية نعم أو لا بل قضية لا لتتوافق مع أهوائهم وهم بذلك قد انتكسوا بحقيقة الحلم وهو الحرية والكرامة والديقراطية, الي وحل الهوي والأنانية ورأينا فقط هو الصواب وما دونه سفه ولا واحدة بألف نعم.. وانطفأت بسمة الأم الصبور مصرنا الغالية واصابتها حالة من حالات الاكتئاب والحزن! وأصاب الكبار الهم مما أثاره هؤلاء من دخان أرادوا به تعكير الصفو وتكدير المناخ. جري الاستفتاء وشاركت فيه كل النخب والتيارات السياسية لم يمتنع أحد ولم يكن أحد يعلم نتيجة الاستفتاء وحقيقة الأمر كان هدف الاستفتاء في المقام الأول هو الديمقراطية التي من أجلها كانت الثورة فسواء كانت النتيجة بنعم أو كانت بلا فالأمر ليس بمشكلة, فهناك حلول كثيرة مثل التوافق الدستوري, والتوافق الوطني وغيرها مما تقدم به السياسيون المخلصون, والنتيجة في كل الحالات أن الدستور سوف يتغير, وتلك بداهية وخاصة عند قيام كل ثورة, ولهذا فإن من المؤسف أن من يحاول الآن ذبح الحقيقة.. حقيقة الديمقراطية ونتيجة الاستفتاء وإرادة الشعب هم النخب الثقافية ودعاة التنظير الذي كان من المفترض ان تنصرف جهودهم فيما هو أكبر وأسمي من ذلك وهو إرساء قواعد الديمقراطية وحقوق الانسان في نفوس المصريين. تري كيف سيكون حال المصري الذي ما لبث أن استعاد كرامته وأحس بقيمة صوته لأول مرة في حياته في استفتاء 19 مارس.. كيف سيكون حاله إذا ما صدمناه بأن صوته لم يكن له قيمة. هل بذلك ستبني جسور الثقة بينه وبين الدولة وسيستجيب لاستفتاءات أو انتخابات اخري؟!, ان لسان حاله سيقول ما الذي سيضمن لي قيمة صوتي؟ بعدما أهين وقوبل بالاستخفاف والاستهانة, ما أشبه الليلة بالبارحة, لم يتغير شيء بعد الثورة هو هو يشبه تماما ما قبل الثورة هذا لسان حاله, ألم يفكر المثقفون ودعاة التنظير الرافضون لنتائج الاستفتاء في حال هذا الناخب ومصير هذا النبت الصغير وهذا الوليد الجديد: الديمقراطية وكرامة الانسان والتي من أجلها كانت الثورة أليس ذلك وأدا لهذا الوليد واجتثاثا لهذا النبت الجميل وليد الثورة ونبت الشعب المصري الذي طال انتظاره. إن أولويات الفكر السياسي الصحيح تؤكد ضرورة الأخذ بنتائج الاستفتاء مهما كانت, إرساء لقاعدة اساسية في بناء الدول الكبري وهي قيمة الانسان ورأيه في قيادة نفسه وحكمها وهي الديمقراطية. ولهذا فقد كانت صدمة وطنية حين يختلف المثقفون ويكونون هم عثرة في طريق الثورة والديمقراطية وفي طريق الحياة الكريمة, لكن عزاءنا وسلوانا ان الشعب المصري أقوي من التحديات وأذكي من النخب مهما ادعت من ثقافة وحملت من شهادات, وإن كانت هذه أزمة فهي أزمة فصيل وليست أزمة مصير, سرعان ما تستثني وسيخرج أكثر الرافضين للاستفتاء من تلك النخب والمثقفين يجرون أذيال الخسارة والمهانة لأنه لا يصح إلا الصحيح وأصح الصحيح صوت الناخب وصناديق الاستفتاء وارادة الشعب. سلوانا كذلك في حكمة المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي طالما يقف بجوار الحقيقة, لهذا فقد أعلن أنه مع نتيجة الاستفتاء التي أكدت أن الانتخابات قبل الدستور, وللنخب والمثقفين المغرضين ن أقول ان تخوفكم من حكم فصيل ما, انما هو دليل ضعفكم فضلا عن عدم رغبتكم في المشروع الديمقراطي من أساسه وأنتم بهذا ضد الثورة وضد إرادة الشعب المصري, لاشك أن من بين هؤلاء المثقفين مخلصون, وهذا الكلام ليس موجها إليهم, بل موجه إلي المتعنتين المغرضين منهم. إن مجلس الشعب القادم لا يجرؤ ان يملي توجها خاصا في الدستور لأن مصر بشعبها الأبي الذكي, وبنسيجها المتلاحم وبجيشها القوي وبحكمائها لن تسمح الا بما فيه صالح مصر بكل موضوعية وحيادية ونزاهة وحكمه ثم من قال إن المجلس بمفرده مخول بصياغة الدستور؟! إن النص يؤكد ان المجلس العسكري والمجلس الأعلي للقضاء وحكماء النخب السياسية وخبراءهم ومتخصصيهم هم الذين سيحددون لجنة صياغة الدستور ثم ان الشعب سيدلي بصوته علي صلاحيته من عدمه وهذا هو القول الفصل, احتياطات كثيرة تجعل من المستحيل الاقتراب من صحيح وسلامة الدستور, الامر الذي يجعلنا نؤكد انه ليست هناك مشكلة اساسية الا هدم المشروع الديمقراطي من أساسه وهو رفض نتيجة استفتاء مارس والامر بذلك يعد ذبحا للديمقراطية وذبحا لمولودنا الوحيد الجميل الذي طالما انتظرته امنا مصر وفرحنا جميعا بمولده.. مولود الثورة والديمقراطية وكرامة الانسان وإرادة الشعب. [email protected] المزيد من مقالات إسماعيل الفخراني