السؤال الجوهري دوما في جميع المجتمعات يتعلق بالتوزيع العادل للأعباء الضريبية, وفي أغلب الأحيان يثور التساؤل حول فلسفة فرض الضرائب, وما إذا كان من المستحسن زيادة الأعباء علي رجال الأعمال والطبقات الأشد ثراء. وتخفيف الضرائب المفروضة علي الطبقات الأقل دخلا, إلا أن المسألة المهمة كانت, ولاتزال, تتعلق بالثقة ما بين الحكومة والناس فيما يتعلق بعدالة الضريبة, والأهم أين تذهب هذه الحصيلة؟! وفي السنوات الأخيرة اختارت الحكومة سياسة جديدة من التيسيرات الضريبية التي أسهمت بصورة كبيرة في تيسير الإجراءات, وكسب ثقة المتعاملين في عدم تربص الأجهزة التنفيذية بالممولين, وأغلب الظن أن الطريق لكسب الثقة مازال طويلا حتي نصل إلي المرحلة التي يقل فيها التهرب الضريبي إلي حده الأدني, وإلي أن نصل إلي ذلك فمن المؤكد أن ثمة أمورا يمكن عملها, لعل أولها هو البعد عن تصيد الأخطاء, وضرورة الالتزام بمبدأ مهم هو أن الضريبة الناجحة هي التي تدعم التنمية, فمما لاشك فيه أن التنمية وازدهار المنشآت والمصانع سوف تؤدي إلي زيادة حصيلة الضرائب, والعكس صحيح أيضا, لأن إغلاق المنشآت وتعثرها وزيادة الأعباء عليها من خلال الضرائب لن يكون في مصلحة أي أحد. وأغلب الظن أن الكيانات الكبري تملك من الإمكانات والخبرة ما يؤهلها للتعامل مع مسألة الضرائب بصورة جيدة لمصالحها, إلا أن الغائب هنا هو كيف نساعد الكيانات المتوسطة والصغيرة علي التعامل بدون خوف مع الضرائب, والأهم كيف يمكن ألا تتحول هذه الضرائب والتأمينات الاجتماعية إلي عبء يحول دون نمو هذه القاعدة العريضة من النشاط الاقتصادي. ويبقي أن الحكومة مطالبة بأن تشرح لجمهور المواطنين والممولين ماهية الفلسفة الضريبية, وأنها لم ولن تتحول إلي جباية, فضلا عن الالتزام بالشفافية المطلقة حتي يعلم الناس: ماذا دفع الأغنياء والكبار من ضرائب, وأين ذهبت الحصيلة إلي مشروعات خدمية وتنموية ودعم بالمليارات لمحدودي الدخل, سواء في أرغفة الخبز, أو اسطوانات الغاز والطاقة, والنقطة الأهم هي إحساس جموع الناس بأن العدالة تخيم عليهم جميعا, وأن الأعباء يتم توزيعها بصورة متوازنة تستهدف رفاهية المواطنين, لذا فلابد من بذل الجهد المضاعف من قبل الحكومة وأجهزتها المختلفة لتوضيح الصورة كاملة بأقصي درجات الشفافية.