قبل أن أعود اليوم للكتابة للأسبوع الثاني علي التوالي في قضية تنظيم الحج السياحي بالقرعة أم بالحصص أقول بداية إنني أشعر بأن البعض قد لا يفهم دور الصحفي أو الكاتب علي وجه الدقة.. فأنا لست صاحب قرار.. أنا وغيري من الكتاب نعبر عن رأي عام أو عن مجموعة آراء وبالتأكيد هناك رأي آخر نحترمه, والموضوعية تقتضي من الصحفي أو الكاتب عرض مختلف وجهات النظر. وقد ينحاز الكاتب لرأي أو فكرة.. ولكنه في كل الأحوال ليس هو صاحب القرار.. فالقرار للسلطة التنفيذية أو وزير السياحة في مثل الحالة التي نتحدث عنها.. فقط نحن نطرح الرؤي.. لماذا أقول ذلك؟ لأنني فوجئت بردود فعل قوية لما كتبناه الخميس الماضي.. فالبعض يرفض بعنف اقتراح أن يكون الحج السياحي بالقرعة, والبعض يؤيد بشدة.. وما بين الرأيين يتوه المواطن الذي يبحث عن مصلحته في أداء فريضة الحج وبالسعر المناسب لتكلفة الرحلة.. خاصة هذا المواطن المصري الغلبان الذي يحلم طوال عمره بأداء فريضة الحج ولا يجد فرصته في قرعة الداخلية فيلجأ, لحج الجمعيات أو السياحة فلا يجد الفرصة واذا وجدها فداخله أحساس بأنه مسروق!! وأنا هنا لا أتهم أحدا خاصة شركات السياحة المحترمة التي تغضب من مثل هذا الكلام أو الاتهام.. ولكني أتهم منظومة الحج السياحي كلها, بداية من بعض المواطنين الذين يعملون سماسرة في جمع جوازات السفر من المواطنين لشركات السياحة, وكذلك بعض المواطنين من أصحاب شركات السياحة وأكرر بعض, وكذلك غرفة شركات السياحة كشخصية اعتبارية مسئولة عن هذا القطاع.. والمتهم الأخير هنا في هذه المنظومة التي تخدع المواطن عيني عينك هو الحكومة سواء وزارة السياحة أو الحكومة بشكل عام التي تسكت عن عدم حماية المواطن من هذا الاستغلال.. وأنا هنا لا أقصد الحكومة الحالية أو السابقة أو ما قبلهما أو حكومة بعينها, وإن كانت السابقة قد ساهمت بشكل أكبر في زيادة أسعار الحج السياحي.. وجعلت مصر أغلي دولة تنظيم الحج في العالم. وليس هذا الكلام من قبيل الاتهامات الجزافية أو بدون دليل.. ولكن الحقائق تقول إن التأشيرة تأخذها مصر مجانية من السعودية.. فلماذا تشترك الحكومة في بيع التأشيرة للمواطن أو تتستر علي بيعها للمواطن بأي حجة أو عذر؟ سواء كان ذلك البيع في السوق السوداء بين الشركات أو بالحصول علي رسوم من المواطن تحت حجة التبرع للكوارث, أو أي نوع من التبرعات التي سمعنا عنها في السنوات الأخيرة وكانت فضيحة وأجبرت الحكومة شركات السياحة علي دفعها وبالتالي أجبرت الشركات المواطن علي دفعها. إن قضيتي الأساسية هي عدم الحصول علي أية مبالغ من المواطن زيادة عن تكلفة الحج.. إن الهدف هو أن نوفر الحج للمواطن المصري الذي يتوق الي زيارة الكعبة وبيت الله الحرام في مكة أو زيارة قبر الرسول في المدينةالمنورة بالأسعار المناسبة. ربما يتصور البعض أنني أبالغ فيما أقول ولكن ما حدث الأسبوع الماضي عقب نشر مقالنا إنذار علي يد محضر والذي طرحنا فيه أن يكون الحج بالقرعة بدلا من الحصص وناشدنا رئيس مجلس الوزراء ووزير السياحة دراسته.. هو أن غرفة شركات السياحة سارعت بالاجتماعات والرد في محاولة لاستباق أية قرارات من وزارة السياحة أو الحكومة في اتجاه القرعة وأعلنت أنها قررت تخفيض أسعار الحج السياحي هذا العام.. لكنها قبل ذلك قالت أن الوقت ضيق لتنفيذ القرعة وقال بعض اعضائها أنه يمكن دراسة الاقتراح لتنفيذه العام المقبل.. فالمهم عند بعض وأقول بعض القوي من اصحاب المصالح هو استمرار نظام الحصص الذي حققوا من ورائه الملايين علي حساب المواطن, ومع هذا أعلنوا عن إدانتهم بأنفسهم, فما أعلنته الغرفة أكبر دليل يجعلنا نصرخ ونقول إن المواطن بالفعل يتم استغلاله في إطار منظومة فساد يجب ضربها فورا سواء بالقرعة أو بغير القرعة.. المهم نظام عادل يحمي المواطن من الاستغلال. تصوروا أن الغرفة أكدت أن تخفيض الأسعار سيصل هذا العام الي25 الف جنيه للحج الفاخر وأنه لن يزيد عن55 ألف جنيه بدلا من80 الف جنيه وأن الحج الاقتصادي سيكون بمبلغ35 ألف جنيه بدلا من38 ألف جنيه, وان الحج البري لن يزيد عن24 ألف جنيه بدلا من28 ألف جنيه. وقالت الغرفة إن ذلك نتيجة لإلغاء الرسوم التي كانت تسدد للحكومة, وأن الربح فقط هذا العام سيكون في حدود15% للشركات, ونحن بالطبع لسنا ضد الربح المعقول.. ولكني سأزيد عليهم وأقول انه حتي هذه الاسعار فيها مبالغة, وبالبلدي معمول فيها حساب بيع التأشيرات ليس ب10 آلاف و15 ألف جنيه ولكن ربما ينخفض هذا المبلغ. والمهم الآن.. أن هذا هو اعتراف دامغ بأن المواطن كان يتم خداعه, سواء كان الخداع من المواطن أو من أصحاب شركات السياحة أو الغرفة نفسها أو الحكومة ممثلة في وزارة السياحة. فمعني تخفيض الاسعار بهذه المبالغ الضخمة وبهذه السهولة أنهم يدركون الآن أنهم جميعا باتوا مكشوفين أمام المواطن وأمام الرأي العام, وأن ما يحققه بعضهم من ملايين ضخمة كأرباح سنوية من الحج من أموال المواطنين الغلابة يجب أن تتوقف فورا... أعرف أن هناك رفضا من البعض أو اصحاب المصالح في غرفة الشركات وبعض الشركات الكبري لإصلاح نظام الحج السياحي.. لكن في نفس الوقت هناك من يرغب في الإصلاح وفي الربح الحلال المعقول. لقد اندهشت أمس عندما أبلغني أحد أصحاب شركات السياحة أن هناك الآن من يعلن عن برنامج للحج السياحي ويقول ان البرنامج سيكون بمبلغ35 ألف جنيه اذا قررت الوزارة تنظيم الحج بالقرعة, لكنه سيكون بمبلغ45 ألف جنيه اذا قررت أن يكون بنظام الحصص, لانه في هذه الحالة وضع سعر التأشيرة في السوق السوداء.., عجبي!! كيف نترك هذا العبث ؟ لمصلحة من ألا تتدخل الحكومة وتحمي المواطن؟.. لمصلحة من نترك البعض يكسب الملايين الحرام من دم المواطن الغلبان الذي لا أحد يحميه؟ نحن في عصر جديد.. عصر ثارت فيه مصر علي الفساد والظلم, ويجب أن تكون الثورة في كل مجال ومكان من أجل صالح المواطن. لقد حان وقت تدخل الحكومة لحماية المواطن.. بعد ثورة25 يناير, يجب ألا يكون هناك موضع قدم للفساد في مصر.. ومنظومة الحج السياحي بالتأكيد فاسدة.. فاسدة!! ولذلك يجب أن يتم القضاء علي هذه المنظومة.. سواء بالقرعة أو بغير القرعة.. واذا استقر الرأي علي القرعة فلا اعتقد أنه ستكون هناك مشكلة عويصة لانستطيع حلها في تنظيم القرعة تحت حجة ضيق الوقت, فكل شيء قابل للحل.. المهم النية أو الإرادة والمهم مصلحة المواطن.. ولا لاستغلال المواطن!! كيف تتم القرعة؟.. وما عدد التأشيرات التي تخصص للحج الفاخر والاقتصادي والبري؟ كلها قضايا صغيرة ومن السهل حسمها اذا ما توافرت الارادة للحل. إنني مع أي نظام يحقق مصلحة المواطن ويحميه من السرقة والاستغلال, ويوفر له أداء فريضة الحج بالسعر المعقول أو بسعر التكلفة.. سواء كان ذلك الحصص أو القرعة أو غيرهما. وفي الوقت نفسه أنا ضد بعض شركات السياحة المستغلة ومع شركات السياحة المحترمه التي تعمل وتكسب بالحلال وبالربح المعقول حتي يبارك الله للجميع. بقي أن أقول إن السيد منير فخري عبد النور وزير السياحة قال لي إنه يدرس حاليا الاتجاه للعمل بنظام القرعة وأنه يستطلع الآن رأي مختلف الجهات وعلي رأسها مجلس الوزراء, وأنه سيحرص علي ألا يضار أحد إذ و أقول إذا قرر الأخذ بنظام القرعة, وأنه سيعلن القرار خلال الاسبوع المقبل حتي لا يتأخر الإعداد لموسم الحج.. فإما القرعة وإما الحصص!! * أنا مدين بالاعتذار لعدد كبير من أصحاب الرسائل التي وصلتني لعدم نشرها سواء التي تؤيد القرعة أو ترفضها.. فقد قررت عدم نشرها لكثرتها, حتي لا يغضب أحد من الطرفين مع كامل احترامي للجميع, وترحيبي دائما بمختلف الآراء حتي لو كانت ضد رأينا.. ولكن المهم أن يعرف الجميع أن فيها من يؤيد ومن يرفض.. والقرار لصاحب القرار بما يحقق مصلحة المواطن. [email protected] المزيد من مقالات مصطفى النجار