التصور الشاسع بأن الغرب يمكنه أن يختطف الربيع العربي, وأن بيده وحده تقرير مصائر الشعوب العربية هو من الأوهام الضاربة في جذور المنطقة! فهذا الغرب سواء أوروبا أو الولاياتالمتحدة ليس سوبرمان وليس قدرا مقدورا علي رقاب العباد وأغلب الظن أن الشعوب وحدها هي القادرة علي أن تقرر مصيرها ويكفي أن تستعيد الشعوب العربية شريط الذكريات في الآونة الأخيرة حتي تدرك أنها هي التي قررت مصير الأنظمةالعربية المدعومة من الغرب. والحقيقة التي لاتقبل أي شك هي أن الدول الغربية سوف تتعامل مع أي نتائج تأتي بها صناديق الانتخابات في العالم العربي, وحتي لو كان لديها تحفظات علي بعض التوجهات فإنها سوف تحاول بوسائل الاغواء أو الضغوط تعديل سلوك الحكومات المقبلة والسؤال هنا: هب سلوك الغرب هذا يمثل مفاجأة؟ وأغلب الظن أن الإجابة لابد أن تكون لا فالحكومات الأوروبية والادارة الأمريكية لديهم أجندة تعكس مصالحهم وهم علي استعداد دائم للدفاع عنها, الا أن السؤال المهم هنا هو.. تري ماهي الأجندة الوطنية لربيع الثورات العربية؟ وهل هذه الأجندة معلومة للكافة؟ وهل تحظي بالاجماع أو بتوافق وطني حولها؟.. وتفرض اللحظة الراهنة من تاريخ المنطقة العربية أن نبدأ بإطلاق الحواربشأن هذه الأجندة, فمن المهم هنا الحفاظ علي استقلالية القرار الوطني, وتقليل الاحتكاكات العربية, وعدم الاستدراج ثانية الي تقسيمات غبية مثل معسكر الاعتدال ومعسكر المهادنة واستنساخ ذلك بتقسيم آخرمعسكر الثورات ومعسكر مناهضي الاصلاح وتبدو الأمور هنا كما لو أن التاريخ مرشح لإعادة نفسه, والعودة ثانية لمجابهات عقيمة, ومهاترات لاطائل من ورائها, ولعل الأمانة تقتضي هنا تأكيد أن الدول العربية جميعا مطالبة برفض التدخلات الأجنبية في الشئون الداخلية العربية, وفي المقابل علي النخب والحكومات العربية الإسراع بالإصلاح والاحتماء بالشعوب العربية لاباتفاقيات الدفاع مع القوي الغربية لأن الأخيرة سوف تختار دوما مصالحها مع الشعوب والأنظمة الجديدة, ولن تذرف دمعة واحدة علي أي من أنظمة الحكم التي احترقت وازيحت من أماكنها, هذا هو درس التاريخ وعلي هديه يجب أن يتم وضع الأجندة العربية.