وكيل «شؤون عربية» النواب: زيارة الرئيس السيسي للسعودية تعكس عمق العلاقات بين البلدين    قبل انطلاق النسخة الثالثة.. كل ما تريد معرفته عن دوري المحترفين    «الداخلية»: ضبط سيدة بتهمة إدارة نادي صحي للأعمال المنافية للآداب بالجيزة    متصلة: بنت خالتي عايزة تتزوج عرفي وهي متزوجة من شخص آخر.. أمين الفتوى يرد    جامعة القاهرة تطلق استراتيجة للذكاء الاصطناعي بمؤتمر CU-AI Nexus 2025    هل يتم دفع ضريبة عند إعادة بيع الذهب؟.. توضيح من الشعبة    رينو أوسترال... تكنولوجيا متطورة وفرصة تمويل استثنائية من ألكان للتمويل    اليوم .. الكنائس تختتم صوم السيدة العذراء باحتفالات روحية وشعبية واسعة    إيران: العقوبات الأمريكية على قضاة بالجنائية الدولية تواطؤ في إبادة وقتل الفلسطينيين    القدس للدراسات: الحديث عن احتلال غزة جزء من مشروع «إسرائيل الكبرى»    واشنطن تبرم صفقة مع أوغندا لاستقبال اللاجئين    «العربية للعلوم » تفتح أبوابها للطلاب بمعرض أخبار اليوم للتعليم العالي    «تربية حلوان» تطرح برنامج معلم اللغة الإنجليزية للمدارس الدولية واللغات    نتيجة تحليل المخدرات للسائق المتهم بالدهس بكورنيش الإسكندرية    بقيمة 8 ملايين جنيه.. الداخلية توجه ضربات قوية لتجار العملة غير المشروعة    شيرى عادل تنضم لأسرة فيلم حين يكتب الحب    تعرف على سعر الذهب اليوم الخميس.. عيار 21 يسجل 4555 جنيها    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    لا أستطيع أن أسامح من ظلمنى.. فهل هذا حرام؟ شاهد رد أمين الفتوى    نجاح أول عملية استئصال ورم بتقنية الجراحة الواعية بجامعة قناة السويس    مستشفيات جامعة قناة السويس تواصل ريادتها بعملية ناجحة لإصلاح الصمام الميترالي بالمنظار    أول رد رسمي على أنباء توقف أعمال الحفر في ستاد الأهلي    جيش الاحتلال يعلن إصابة جندي بنيران المقاومة شمال غزة    7 عروض أجنبية في الدورة 32 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    لبنان.. بدء المرحلة الأولى من تسليم سلاح المخيمات الفلسطينية    لجنة الحريات بنقابة الصحفيين تعلن تضامنها مع الزملاء بصحيفة "فيتو" بشأن بيان وزارة النقل    195 عضوًا بمجلس الشيوخ يمثلون 12 حزبًا.. و3 مستقلين يخوضون الإعادة على 5 مقاعد في مواجهة 7 حزبيين    الاتحاد السكندري ل في الجول: تأجيل مكافأة الفوز على الإسماعيلي لما بعد مباراة البنك الأهلي    رغم قرار رحيله.. دوناروما يتدرب مع سان جيرمان    القصة الكاملة لتحويل بدرية طلبة للتحقيق: بدأت بتجاوزات وانتهت بمجلس التأديب    لو كنت من مواليد برج العقرب استعد لأهم أيام حظك.. تستمر 3 أسابيع    أحمد سعد يتألق في مهرجان الشواطئ بالمغرب.. والجمهور يحتفل بعيد ميلاده (صور)    أحدث ظهور لنادية الجندي بإطلالة صيفية جريئة على البحر (صور)    تقرير: رابيو يعرض نفسه على يوفنتوس    جني جودة تحصد 3 ذهبيات ببطولة أفريقيا للأثقال وشمس محمد يفوز في وزن + 86كجم    فانتازي يلا كورة.. انخفاض سعر ثنائي مانشستر سيتي    محمد الشناوي غاضب بسبب التصرف الأخير.. مهيب يكشف تفاصيل حديثه مع حارس الأهلي في عزاء والده    تخفيضات تصل إلى 50%.. موعد انطلاق معارض أهلًا مدارس 2025- 2026    خالد الجندى ب"لعلهم يفقهون": الإسلام لا يقتصر على الأركان الخمسة فقط    جنايات بنها تنظر أولى جلسات محاكمة المتهم بخطف طفلة والتعدى عليها بشبين القناطر    فتح: مخططات نتنياهو للاجتياح الشامل لغزة تهدد بارتكاب مجازر كارثية    "جهاز الاتصالات" يصدر تقرير نتائج قياسات جودة خدمة شبكات المحمول للربع الثاني    جولة لرئيس شركة الأقصر لمتابعة العمل بمحطة المياه الغربية.. صور    وكيل صحة الإسماعيلية تفاجئ وحدة طب أسرة الشهيد خيرى وتحيل المقصرين للتحقيق    الجامعة المصرية الصينية تنظم أول مؤتمر دولي متخصص في طب الخيول بمصر    «الصحة»: وفاة شخصين وإصابة 18 في حادث تصادم طريق «الإسكندرية - مطروح»    جامعة أسيوط تعلن مواعيد الكشف الطبي للطلاب الجدد    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في نهاية تعاملات الخميس    مستخدمًا سلاح أبيض.. زوج ينهي حياة زوجته ويصيب ابنتهما في الدقهلية    «الأرصاد» تحذر من حالة الطقس يومي السبت والأحد.. هل تعود الموجة الحارة؟    نائب وزير الصحة يبحث مع رئيس الأكاديمية العربية للنقل البحري سبل التعاون    رفضه لجائزة ملتقى الرواية 2003 أظهر انقسامًا حادًا بين المثقفين والكتَّاب |السنوات الأولى فى حياة الأورفيلى المحتج    مديريات التعليم تنظم ندوات توعية لأولياء الأمور والطلاب حول البكالوريا    مدبولي: نتطلع لجذب صناعات السيارات وتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر    الداخلية: تحرير 126 مخالفة للمحال المخالفة لقرار الغلق لترشيد استهلاك الكهرباء    هل يوجد زكاة على القرض من البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    توسيع الترسانة النووية.. رهان جديد ل زعيم كوريا الشمالية ردًا على مناورات واشنطن وسيول    وزارة الأوقاف تطلق صفحة "أطفالنا" لبناء وعي راسخ للنشء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليلي دوس‏:‏ أخشي علي ثورة يناير من الأصابع الخفية‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 06 - 2011

جالست أساطين السياسة والأدب والعلم وفقهاء القانون بحكم نشأتها‏,‏ وجريا علي عادات بنات الذوات من جيلها كان من المفترض أن تتشكل اهتماماتها في إطار العزف علي البيانو‏,‏ وحضور الحفلات التنكرية في قصر الأميرة شويكار والتزحلق علي الجليد في جبال سويسرا.. إنها ليلي دوس 95 عاما ابنة توفيق باشا دوس السياسي الشهير عضو لجنة الثلاثين التي وضعت دستور1923 ووزير الزراعة عام1925 في حكومة زيور باشا. الذي استقال من الوزارة اعتراضا علي فصل الملك التعسفي لعبدالعزيز باشا فهمي وزير الحقانية لأنه تلكأ, من وجهة نظره, في فصل الشيخ علي عبدالرازق من وظيفته بعد أن تم إخراجه من زمرة علماء الأزهر بعد صدور كتابه المدوي الإسلام وأصول الحكم, الذي عارض فيه فكرة الخلافة الإسلامية.. مواقف قبطية مضيئة طوتها صفحات التاريخ تنضح نبلا وإخوة بل والتضحية بالنفس, ولمن يريد إنعاش ذاكرته نستدعي موقف سينوت حنا حين ألقي بجسده علي النحاس باشا في الثلاثينيات أثناء محاولة اغتياله, وتلقي طعنة الخنجر المسموم الذي تسبب في وفاته, خلطة سحرية من البشر, اجتمع ابناؤها وأحفادها في ميدان التحرير.. مشاهد تمور بالحركة وأصوات الملايين الهادرة, ولكن ربما كان أكثرها بلاغة هو مشهد ليلي دوس وهي علي كرسيها المتحرك لا تراوح مكانها تستنشق غبار الميدان وترفع العلم بثبات.. وعلامات الرضا والبشر ترتسم علي محياها, أملا في مستقبل أفضل, لكنها تخشي علي الثورة من أن تصبح كالطائر الذي له رأسان يتنازع كل رأس بقية الجسد في الاتجاه الذي يريده, والخوف أن يقعده هذا الخلاف المزمن عن الحركة والتحليق. طراز من البشر يجسد ثقل مصر الحضاري ويلهم الكثير من المعاني وأبرزها الاتساق مع اللحظة الزمنية في هذا العمر, أسست مع شريفة محرز جمعية تحسين الصحة مع أربع عضوات آخريات.. وتعلمت الجديد في الخامسة والسبعين ووصفت حياتها لذلك بأنها مقلوبة ربما فالكاتب الأمريكي مارك توين تمني أن يولد في الثمانين ثم يعود علي طريقة الفلاش باك إلي الشباب ولكن يظل الحاضر أقوي من أي ماض, فالسعادة تتمثل لدي البعض في عدم وجود فراغ يدفع الانسان للتفكير هل هو سعيد أم لا؟ إنها أيقونة ثورة الصبار.. فالصبار يحتفظ دوما باخضراره وليونته ويتشبث بالحياة فلسفتها مستمدة من شعر الشابي:
ومن لم يعانقه شوق الحياة تبخر في جوها واندثر
إذا طمحت للحياة النفوس فلابد أن يستجيب القدر ....سهير حلمي


نزلت إلي ميدان التحرير وسط شباب25 يناير وهي تتكئ علي أعوامها الخمسة وتسعين وفي يدها علم مصر وهي تبكي وتهتف.. أخيرا.. أخيرا.
ليلي دوس اسم له صدي يسمعه كل من يطرق باب الخدمة الاجتماعية فهي مؤسسة مشروع جمعية تحسين الصحة الذي بدأته عام1936 بسبعين قرشا في شقة بحارة دولت فاضل بحي عابدين بمشاركة سبع فتيات, استجابة لدعوة وزير الصحة للمساهمة في رعاية أسر مرضي الدرن, الذي انتشر بشكل وبائي في ذلك الوقت. ومنذ نعومة أظافرها وهبت حياتها للعمل الخيري ورفضت الزواج, وعلمت الكثير من أبناء المقربين إليها فكانت تدرس لهم التاريخ وتقول لهم ذاكروه.. ولا تصدقوه لأن التاريخ مزور. وتري أن طريقة التعامل مع الأديان في العالم كله خاطئة لأنها أصبحت وسيلة للترهيب وممارسة الديكتاتورية, وأداة سياسية للحكم ونسوا الرسالة الأصلية للأديان.
وهي ناشطة سياسية بحكم نشأتها في أسرة تتحدث في السياسة ليل نهار, فوالدتها ابنة عمدة أسيوط ووالدها توفيق باشا دوس الذي شارك في ثورة1919, وكان محاميا للمحكوم عليهم ضد الانجليز, فغرس فيهم الوطنية والانتماء, وشاركت أيضا في وقفات خالد سعيد الصامتة ودعت الناس إلي المشاركة فيها. وتنبأت بثورة25 يناير عندما قالت لصديقاتها إحنا عاوزين زلزال يمحو كل شيء, وتبتدئ مصر من جديد.. تعشق الحرية وتحترم الرأي والرأي الآخر.
تروي ليلي دوس قصتها مع العمل الخيري والسياسي من خلال حديث عذب لا يخلو من البسمة والتفاؤل والأمل في المستقبل, وذلك في حضور صديقتها السيدة وسام عباس التي بادرت بالاتصال وسهلت مقابلتي لها لكي يتعرف القارئ عن قرب علي هذه الشخصية وما قدمته من جهد للحياة الاجتماعية في مصر.
حدثينا عن نشأتك ؟
ولدت ونشأت في محافظة أسيوط ولم نعرف التفرقة بين المسلم والقبطي وكنا نحتفل بأربعة أعياد, عيدين للمسلمين وعيدين للأقباط, درست في المدرسة الأمريكية ثم انتقلت إلي المدرسة الداخلية الفرنسية لمدة ثلاث سنوات, ثم انتقلنا إلي القاهرة وأكملت دراستي في مدرسة كلية البنات لان والدي شعر بأن المدرسة الفرنسية سوف تمحو هويتي المصرية, وبعد حصولي علي الثانوية قال لي والدي كفاية تعليم لابد من الزواج. فرفضت برغم أنه تقدم لخطبتي عدد كبير. كان من ضمنهم ابن إمبراطور الحبشة سيلاسي لأن والدي والأمير عمر طوسون ساعدوه عندما استولي موسوليني عليها لأن كنيسة الحبشة كانت جزء من الكنيسة المصرية, وبعد عودة الحبشة تقدم لخطبتي ابن الإمبراطور ورفضته.
كيف فكرت في إنشاء جمعية تحسين الصحة؟
سنة1936 وجه وزير الصحة الدكتور محمود أباظة في ذلك الوقت نداء للمساهمة في مواجهة مرض الدرن الذي انتشر بشكل وبائي, وكان المرضي يرفضون الذهاب للمستشفيات حتي لا يتركون أبناءهم بدون عائل, فاجتمعت مع مجموعة من الفتيات وأخذنا علي عاتقنا رعاية أسر المرضي, وقابلنا الدكتور أباظة وطالبنا منه إنشاء جمعية لرعاية اسر المرضي, والتوعية بهذا المرض, وكيفية الوقاية منه, البعض سخر منا لأننا فتيات في سن العشرين, والبعض الآخر لم يبال, وعدد قليل آمن بنا وشجعنا, وجمعنا سبعين قرشا واستأجرنا شقة بحارة دولت فاضل بحي عابدين وبدأنا العمل, ولا انسي حتي اليوم المنظر الذي رأيته في عزبة الصفيح لأربعة شبان مصابين بالسل ونائمين في حجرة مظلمة علي الأرض والأم بجوارهم لا حول لها ولا قوة.. سألتها من العائل لكم؟ قالت الجيران, وهم لا يتخيرون عنه في المعيشة.! وبدأت الجمعية تكبر وتجمع التبرعات من إقامة الحفلات الخيرية في الفنادق في مقابل مبلغ كبير, فعرض علي والدي أن أقيم الحفلات في منزلنا توفيرا للأموال وبيتنا مازال موجودا حتي الآن علي نيل الزمالك, واشترته السفارة السعودية في ستينيات القرن الماضي ويقطنه حاليا السفير السعودي.
ومن هم المشاهير الذين ساهموا في حفلات الجمعية؟
كان لي أصدقاء كثيرون يترددون علي الجمعية ويتبرعون لها بالكثير منهم تحية كاريوكا وأعضاء فرقتها التي شاركت في كل الحفلات الخيرية للجمعية مجانا, وعمر الشريف وفاتن حمامة وعبد الحليم حافظ وغيرهم كثير.
ما هي علاقتك بالسياسة؟
بحكم نشأتي في منزل سياسي فوالدي شارك في ثورة1919 وكان محاميا لأبناء الشعب المصري المحكوم عليهم من قبل الانجليز, وبعد ذلك اختير وزيرا للزراعة ثم وزيرا للمواصلات, وكان عضوا في البرلمان. وكنت أسمعه وأصدقاءه يتحدثون دائما في السياسة, وعندما أخرجوه من الوزارة قبل صدقي باشا كان في منتهي السعادة, وسألته لماذا؟ قال إن الكرسي يغير أخلاق الناس ويجعلهم طماعين, والمثل يقول عشان ما تعلي وتعلي.. لازم تطاطي تطاطي وأنا لست مستعدا لذلك. وكان والدي أيضا من ضمن واضعي دستور1923, وقد اختار الدستور البلجيكي لأنه من أكثر الدساتير التي تمنح الحرية للشعب, لكن الملك فؤاد لم يعجبه ذلك وقال له هذا الدستور يمنح الحرية للشعب أكثر من اللازم, فرد عليه وقال له لازم نكبر, وكان يريد أن يضيف إلي الدستور مشاركة الأقلية في الحكم وتطبيق هذا علي الأقباط والمسلمين, فثار عليه الناس وقالوا إن هذه تفرقة, فكتب مقالا طويلا في جريدة الأهرام ليوضح رأيه.
وكان يحكي لنا بعض الحكايات. فبعد انتهاء ثورة1919 وخروج الانجليز من مصر سافر إلي لندن وإذا بشخص ينادي عليه توفيق.. توفيق فوجده القاضي الذي كان يحكم علي المصريين وعزمه علي التياترو في المساء, فذهب إليه فوجده يعمل بهلوانا في هذا التياترو وقال لنا هؤلاء هم الذين كانوا يحكمون علي الثوار المصريين.. وعندما بدأت الرقابة علي الصحف والمجلات نشر في مجلة روزاليوسف مقال يسخر من سعد زغلول وتم حبس كاتب المقال وكان والدي هو المحامي عنه, وفي يوم الجلسة توفي عمي, فترك والدي العزاء وسافر إلي القاهرة لحضور الجلسة وقال في المحكمة لقد تركت مأتم أخي لأحضر مأتم الحرية.
وكيف انخرطت في السياسة؟
لم أفكر في التدخل في السياسة إلي أن بدأ الأمريكان يرسلون معونات عينية للجمعية, وكنا نوزع هذه المعونات علي300 شخص يوميا ثم فوجئنا بان المستفيدين منها يبيعونها لمحلات البقالة بالزمالك وجاردن سيتي, وعندما زارت إحدي الأمريكيات الجمعية قالت لي أنت طبعا مبسوطة من المعونة الأمريكية. قلت لها لا, أنتم ممكن تساعدونا بشكل أفضل من كده. فسألتني هل تستطيعين أن تقولي هذا الكلام للسفير الأمريكي؟ قلت لها طبعا, وفي اليوم التالي طلب السفير مقابلتي ليواجهني بما قلته.. وفوجئت بعد ذلك بالتحقيق معي من الجهات الأمنية المصرية. وتوقفت المعونة الأمريكية عن الجمعية.
والمرة الأخري عندما قررت الدخول في الانتخابات البرلمانية في الستينيات أمام مجدي حسنين الذي عهد إليه عبد الناصر للعمل في مشروع مديرية التحرير وكان إنسانا غير مرغوب فيه, فقررت أنا وبعض الفتيات التقدم للانتخابات, فاعتبر عبد الناصر ذلك تحديا له وشطب أسماءنا, وأخرجني من جمعية تحسين الصحة, ومنعني من السفر, رغم أن الجمعية في فترة حكم عبد الناصر توسعت من أربعة فروع إلي ثلاثة وعشرين فرعا, ثم رجعت للجمعية مرة ثانية وبعد ذلك فكرت في تركها لأنها أصبحت تابعة للحكومة.
وماذا فعلت بعد ترك الجمعية؟
قررت أن أستكمل دراستي الجامعية فالتحقت بالجامعة الأمريكية وأنا في الخامسة والستين من العمر ومكثت فيها عشر سنوات, حتي حصلت علي الماجستير في الأدب المقارن وعمري75 سنة, وبعد ذلك تعلمت الكمبيوتر.
هل انقطعت علاقتك بالجمعية بعد ذلك؟
لا كنت ومازلت أتابع نشاطها, فعندما جاء السادات كانت السيدة جيهان لطيفة جدا وساعدت الجمعية كثيرا, ومنحت العاملين فيها لأكثر من عشرين سنة نياشين وكنت واحدة منهم, ثم فوجئت بأن هذه النياشين منحت لبعض المقربين ففقدت قيمتها.
وفي عهد مبارك؟
أما سوزان مبارك فلم تزر الجمعية مطلقا, وذات يوم قرأت في جريدة الأهرام أن فاروق حسني وزير الثقافة السابق يريد أن يضع يده علي مدينة تحسين الصحة في طريق الفيوم, فاتصلت برئيسة الجمعية السيدة عفاف فهمي وقلت لها اتصلي بالسيدة سوزان مبارك واعرضي عليها الأمر, قالت لي اتصلت بها ولكنها رفضت التدخل في هذا الموضوع, فقلت للسيدة عفاف أن هذه المدينة بنيت بأموال التبرعات ولم اترك أحدا يستولي عليها, وبعد ذلك مر الرئيس السابق حسني مبارك أمام المدينة ونهي فاروق حسني عن الاقتراب منها.
عاصرت ثورة1919, وثورة1952, وثورة25 يناير. فما الفرق بينهما؟
ثورة1919 كانت ثورة عظيمة شارك فيها كل طوائف الشعب النساء والرجال, مسلمين وأقباطا, شبابا وشيوخا للمطالبة بالاستقلال عن الانجليز, وهي ثورة أحيت في المصريين شعورهم القومي وتولد منها نهضة ثقافية عظيمة.. أما ثورة يوليو1952 فهي ليست ثورة ولكنها انقلاب عسكري قام به الجيش ضد الحكم الملكي ثم انتشر الضباط في كل مكان وأفسدوا الحياة. وثورة25 يناير فهي عظيمة وعندي أمل كبير في الشباب ولكني أخشي من الأصابع الخفية التي تلعب لإفساد الثورة, ورغم ذلك أنا متفائلة بالمستقبل. وقبل قيام الثورة قلت لازم يقع زلزال وتبتدئ مصر من جديد. فهذا كان لابد أن يحدث في ظل الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي نعاني منها وأدت إلي الغلاء والبطالة والأزمات في التعليم والصحة والإسكان, وكنت أحلم بهذا اليوم, وعندما قامت الثورة فرحت وحسيت ان لسه في مصر ناس بيحبوها وخايفين عليها ومقتنعين بأنها لازم تتغير.
وبرغم أنني شاركتهم الفرحة ونزلت معاهم ميدان التحرير إلا أنني اشعر بالتقصير في حق بلدي, وأقول لهم لازم نبتدي البناء ومنستعجلش, ونصبر عشان الثورة تنجح, انتظرنا ثلاثين سنة فما الذي يمنع أن ننتظر حتي تستقر الأمور, ونتخلص من الفساد والفاسدين ونرجع حقوقنا اللي راحت.
كتبتي مذكراتك منذ عدة سنوات.. فلماذا لم تنشر حتي الآن ؟ ولماذا كتبت باللغة الانجليزية؟ وما سر تسميتها( حياتي المقلوبة) ؟
كتبتها بالانجليزية لان لغتي الانجليزية اقوي من اللغة العربية وتمنحني مساحة حرية اكبر في التعبير, ولم تنشر لان الناشرين الذين عرضتها عليهم رفضوها, ولكني الآن أعيد صياغتها وعهدت إلي أحد الأشخاص بترجمتها للغة العربية وستنشر قريبا, أما تسميتها بهذا الاسم لان حياتي مقلوبة فعلا فقدت بدأت العمل الاجتماعي في جمعية تحسين الصحة مبكرا, ثم بعد ذلك أكملت تعليمي, وكتبتها لأتحدث عن علاقتي بمن عرفتهم, واعرض لأهم الأحداث السياسية في مصر منذ عهد الملك فؤاد حتي الآن ليتعرف عليها أحفاد اخواتي والشباب من خلال المذكرات.
ما هي قراءاتك ؟
أقرأ كتب التاريخ وأكون فكرتي الخاصة, لان كتب التاريخ مزورة, وبعض كتب الفلسفة, والقصص التي لها معني مثل كتب الكاتب الايرلندي جيمس جويس التي تعبر عن التحرر من الأهل والحكومة والدين. وفي إحدي الروايات التي قرأتها لكاتب فرنسي كان يعيش في الجزائر قتل البطل دون قصد عربي, وبعد ذلك ماتت أمه وكانت علاقته بها غير جيدة, فتم القبض عليه, وسأله القاضي هل بكيت في جنازة أمك ؟ قال لا. وهل شربت قهوة بسكر في العزاء؟ قال نعم. هل تذهب إلي الكنيسة يوم الأحد؟ قال لا. فحكم عليه بالإعدام, لأنه لم يبك أمه, وشرب القهوة بسكر, ولم يذهب إلي الكنيسة يوم الأحد, لا لأنه قتل عربيا! والرواية تعبر بصورة واضحة عن علاقة الفرد بالأهل والدين والحكومة.
ما السبب في احتفاظك بهذا العدد الكبير من القواقع والكائنات البحرية وأحواض السمك؟
أنا أعشق البحر, وحصلت علي هذه القواقع أثناء سفري للبحر, وأكثرها اشتريته من آسيا وفرنسا. وقد تبرعت بجزء منها لمتحف سوزان مبارك في مصر الجديدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.