أكد خبراء الفيزياء النووية في مصر أنه قد حان الوقت لبدء البرنامج المصري لتوليد الكهرباء نوويا لما فيه قضاء احتياجات الوطن من الطاقة النظيفة خاصة في ضوء قرب نفاذ مصادر البترول ومصادر الغاز. واعتبر الخبراء في خلال ندوة عقدتها الجمعية المصرية للفيزياء النووية بعنوان حادثة فوكوشيما ومستقبل الطاقة النووية, برئاسة الدكتور محمد ناصف قمصان أستاذ الفيزياء النووية وبمشاركة 70 عالما مصريا من الهيئات النووية والجامعات ومراكز ومعاهد البحوث العلمية بمصر وجمهورية روسيا الاتحادية أن ظروف حادثة فوكوشيما هي ظروف خاصة باليابان كون مفاعلاتها من أجيال قديمة, كما أن جزر اليابان في منطقة نشيطة زلزاليا ومفتوحة علي المحيط الهادي, في حين إن منطقة البحر المتوسط غير نشيطة زلزاليا بالإضافة إلي محدودية نطاق البحر المتوسط مقارنة بالمحيط الهادي, من حيث كون البحر المتوسط يقع بين القارات ولا يتوقع حدوث موجات صدام بحري( تسونامي) كتلك التي حدثت بالمحيط المفتوح علي اليابان. وكانت المخاوف من إنشاء المحطات النووية قد بدأت منذ حادثة تشرنوبل عام1986, خاصة حول مدي أمان إقامة المحطات النووية لتوليد الكهرباء, وجددتها حادثة فوكوشيما النووية هذا العام, بما صاحبها من تدمير متزامن لوحدات المحطة وانبعاثات إشعاعية عالية وتلويث خطير للبيئة المحيطة تتعدي ال30 كيلو مترا. وأكد الدكتور محمد أحمد أستاذ الفيزياء النووية بهيئة الطاقة الذرية حتمية الخيار النووي, نظرا لاقتصادياته التي ستوفر ما يقرب من مليار جنيه سنويا من استهلاك الغاز والبترول, مشيرا إلي إيجابية دراسات اختيار وملائمة إنشاء المحطة النووية بالضبعة. وأكد الدكتور إبراهيم ياسين رئيس هيئة المحطات النووية المزمع إنشاؤها في مصر علي أهمية استخدام الأكواد الحديثة في الإنشاءات حتي تقاوم الزلازل والفيضانات والعوامل الجوية المختلفة, ويوافقه الرأي الدكتور سمير عبد العظيم أستاذ إنشاءات المفاعلات النووية والخرسانة المسلحة بالمركز القومي للأمان النووي بهيئة الطاقة الذرية, مشددا علي حتمية تنفيذ برامج توكيد ورقابة الجودة الخاصة بإنشاءات المفاعلات النووية والصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية, والتي تحتوي علي احتياطات الأمان النووي اللازمة لإنشاء هذه المحطات الجديدة, حيث تجنبنا انهيار المنشأ الذي يحتوي علي المفاعلContainment, حيث يتم مراعاة نوعيات الخرسانة وصلب التسليح الخاص بهذه الإنشاءات المقاومة للزلازل والعوامل الجوية المختلفة, مشيرا إلي أن هذه العوامل لم يؤخذ بها عند تصميم وتنفيذ الأكواد القديمة الخاصة بمحطة فوكوشيما بمكوناتها(6 وحدات لمفاعلات الماء المغلي لتوليد الكهرباء) التي أنشئت في الستينات وبدأت عملها في السبعينات مما أدي إلي انهيارها, علما بأن هناك مجموعة ثانية تتكون من4 مفاعلات تم تصميمها في السبعينات وتنفيذها في الثمانينات وهي سليمة للآن. ويقترح الدكتورعبد الرازق زكي حسين الأستاذ المتفرغ بالمركز القومي للأمان النووي والرقابة الإشعاعية بهيئة الطاقة الذرية عدة احتياطات يجب مراعاتها عند تصميم المحطة النووية لتلافي عوامل حادثة فوكوشيما, منها إيجاد أكثر من مصدر مؤمن للقدرة الكهربية لتغذية المحطة ومكوناتها منعا لتكرار ما حدث( من وقف تشغيل المفاعلات), أيضا يجب عزل وتأمين مبني مولدات الطاقة الخاصة بحالات الطوارئ, حتي تكون بمعزل عن العوامل البيئية المسببة لانقطاع الكهرباء. أما فيما يتعلق بكيفية تجنب نتيجة الحادثة وتوابعها من توقف تبريد المفاعلات النووية وارتفاع درجات الحرارة لوقود المفاعل لدرجة أدت إلي انصهار الوقود النووي, وهي المشكلة الرئيسية التي تمت في فوكوشيما, يقترح الدكتور عبد الرازق الحاق المحطة النووية بمنظومة متكاملة لتبريد المفاعل تراعي جميع احتياطات الأمان النووي, بما فيها مصادر القدرة الكهربية لتشغيلها والمصادر المأمونة لمياه ودورة التبريد واتصالها بالمفاعل النووي بشكل آمن لايتأثر بعواقب الزلازل فيمكن حينئذ تشغيلها في ظل مراعاة هذه العوامل. وأوصت الدكتورة مارينا فروتا سيفا أستاذ الدراسات النووية المشتركة بمعهد دوبنا بروسيا الفيدرالية بضرورة اهتمام كل دولة بوضع أجهزة رصد للملوثات المشعة في أراضيها لقياس وتتبع ما يحدث من ترسيب لمثل هذه االملوثات وتقدير مدي الضرر الذي يصيب الإنسان والبيئة, وعرضت دراسات لكيفية استخدام التشعيع النيتروبي( إشعاع النيوترونات في دراسة العينات البيئية المختلفة من تربة المياه السطحية والمياه الجوفية والرواسب وعينات الهواء) بشفط الهواء علي ورق الفلتر لاستيضاح ملوثاته بهدف متابعة احتمالات مايضيفه الحادث من ملوثات علي مكونات عناصر البيئة المختلفة, وكانت مبررات هذه الدراسات أن بعض الملوثات النووية الناتجة عن حادث فوكوشيما تم قياسها في أجواء بعض الدول الأوروبية مثال ذلك النظير المشع لليود131 وفترة نصف العمر الإشعاعي له8 أيام, بمعني إنه يصل إلي نصف نشاطه الإشعاعي بعد8 أيام من بدء حدوثه, وهكذا وبنفس النسبة حتي يتلاشي تأثير الإشعاع علي المدي الطويل, وتم قياس اليود131 في مياه المطر والألبان كعنصر من عناصر السلسلة الغذائية, وهذه النتيجة تؤدي إلي ضرورة اهتمام كل دولة بوضع أجهزة رصد للملوثات المشعة في أراضيها.