في السنوات الأخيرة قبل ثورة25 يناير تبني بريد الأهرام قضية من أهم القضايا التي شغلت الرأي العام وهي قضية الفساد الذي انتشر بصورة مخيفة في الجهاز الاداري للدولة وعلي جميع المستويات وكيفية محاربته والقضاء عليه وقد قام الأستاذ/ أحمد البري المشرف العام علي بريد الأهرم بتبني هذه القضية بأن فتح هذا المنبر علي مصراعيه أمام جميع الكتاب والمثقفين والتيارات السياسية للإدلاء بدلوهم لطرح الحلول والأفكار لإيجاد الآليات المناسبة لمواجهة الفساد وتحجيمه والقضاء عليه وكان هناك تجاوب كبير للمساهمة في طرح الحلول والأفكار من أطياف المجتمع المصري التي لو تم تنفيذها لكانت كفيلة بالسيطرة علي الفساد والقضاء عليه, وقد شاركت بكلمتين: الأولي بتاريخ25 ابريل2006 بعنوان لابديل عن الشفافية والثانية بعنوان هؤلاء الفاسدون بتاريخ22 مايو2007 وكان الجميع يكتب ويقترح ويجتهد ويبذل قصاري جهده من أجل هذا الموضوع وهم يعلمون تماما مدي تغلغل الفساد وانتشاره في الوزارات والهيئات الحكومية ولكن كل الحلول والأفكار والاقتراحات التي طرحت ذهبت ادراج الرياح فلا حياة لمن تنادي فلم تكن هناك أي استجابة علي أي مستوي من أي مسئول في الدولة وكأننا كنا نؤذن في مالطة أو كأننا من بلد آخر حتي كاد يقتلنا اليأس. وبعد ثورة25 يناير المباركة وسقوط النظام الفاسد انكشف كل شيء وذهلنا, مما رأينا وقرأنا وسمعنا عن هذا الكم المخيف من الفساد ولم نكن نتوقع أو نتخيل أن الفساد بهذا الحجم وبهذه الصورة المخيفة التي أذهلت الجميع وماتم الكشف عنه من تلال للفساد فاق جميع التصورات لدرجة اننا نشفق علي النائب العام وجهات التحقيق المختلفة من كثرة قضايا الفساد التي تجاوزت الآلاف وفي كل يوم تتكشف لنا مئات بل آلاف القضايا التي تشير الي نهب ثروات هذا البلد بكل الصور المعروفة وغير المعروفة ناهيك عن الفساد السياسي الذي قضي علي دور مصر الاقليمي والدولي وادي الي تقزيمها وتراجعها لسنوات كثيرة الي الوراء ونتمني ان تتم محاكمة كل هؤلاء الفاسدين محاكمة عادلة من رأس النظام الي آخره ليكونوا عبرة لمن يأتي بعدهم حتي يعرف الجميع أنه لا أحد فوق القانون مهما علا شأنه وكذلك لابد ان يحاكموا علي الفساد السياسي محاكمة تعيد لمصر اعتبارها ووضعها بين الأمم وتعيد لها وجهها المشرق. وعلينا جميعا ان نتكاتف ونتعاون لنبذ الفرقة والاختلاف ونتوحد من أجل اعادة تأهيل وبناء مؤسسات الدولة لتبدأ مصر عهدا جديدا يعيد للانسان المصري اعتباره وعزته وكرامته التي سلبت منه في الداخل والخارج. ونناشد المسئولين انشاء هيئة مستقلة تكون تابعة للبرلمان لمحاربة الفساد ووأده في مهده للحد من انتشاره والعمل علي عدم السماح لأي مسئول من الآن فصاعدا بادارة أي منشأة أو هيئة أو شركة يترأسها وكأنها ملك خاص له ولأقاربه ومعارفه مهما بلغ شأنه في حدود القانون وليعلم الجميع أن مصر من الأن هي دولة القانون والعدالة وأن يتم تحديد مدة معينة لأي مسئول سواء كان رئيسا لهيئة أو مديرا لمؤسسة ولتكن5 سنوات مثلا أو أي مدة يتم تحديدها والاتفاق عليها ويصدر بذلك قانون حتي يكون هناك تغيير وتجديد مستمر والدفع بدماء جديدة وأفكار جديدة في مختلف مؤسسات وهيئات الدولة لضمان استمرارية التطوير وتحسين الخدمات وزيادة الانتاج وجودته من أجل تقدم مصرنا الحبيبة فمبعث الفساد هو استمرار والتصاق المسئول بالكرسي لمدد طويلة فمن المفروض ان نكون قد استوعبنا الدرس ووعيناه. د. مجاهد راغب البسرة الرياض السعودية