تعددت الدراسات والبحوث والردود طيلة الفترة الماضية حول المشروع القومي الكبير الذي تقدم به العالم المصري الدكتور فاروق الباز, والمعروف باسم( ممر التنمية الغربي), ما بين مؤيد لهذا المشروع الكبير. , وبين رافض, لأسباب عدة لا تقف عند حد تكلفته الكبيرة التي تصل إلي قرابة ال(60 مليار دولار), ولكن للخوف من نقص المياه الجوفية وعجزها في المنطقة الغربية, أو الخوف من عدم وصول الأفرع المقترحة لنهر النيل إلي حدود الممر المقترح بسبب المرتفعات والهضاب التي قد تعوقه مما قد يترتب عليه إفشال المشروع بأكمله, وهذا الذي يدفعني إلي السؤال: ولماذا لم يفكر علماؤنا الجيولوجيون الكبار والحكومة معا في ال( الممر الشرقي)؟, وأقصد بالطبع الممر الموازي لساحل البحر الأحمر وأغواره بصحرائنا الشرقية, والممتد من السويس شمالا وحتي جنوبسيناء, والذي يتجاوز طوله005 كيلو متر مربع, ولم ينتفع به إلي الآن, فقد أهملته الحكومات السابقة بشكل متعمد ومقصود, رغم أنه في أرض سيناء الغالية, وقد أثبتت عشرات الدراسات وقد اطلعت علي بعضها من خلال الندوات والمؤتمرات أن هذا الساحل الطويل وأغواره هو الأجدر والأصح بفكرة ممر التنمية لعدة أسباب: أولا: أن هذا الساحل لا تواجهه مشكلة المياه بشكل مباشر بسبب توافر مياه الأمطار والسيول الشتوية التي في الإمكان الاستفادة منها عن طريق إنشاء السدود, التي يمكن أن تحتجز تلك المياه طوال العام, ومن ثم الاستفادة منها في عمليات الري والزراعة. ثانيا: أثبتت عشرات الأبحاث أن هذا الممر لساحل البحر الأحمر, والذي لم نستفد به سوي ببعض الإنشاءات للقري السياحية القليلة, يضم عشرات الآبار الجوفية في بعض مناطقه وهي في حاجة حقيقية للتنقيب عنها, وقد حددتها بعض صور للأقمار الصناعية المحلية والعالمية. ثالثا: أكدت الدراسات نفسها أنه من الممكن الاستفادة من مياه ترعة السلام التي وصلت بالفعل إلي أرض سيناء الشمالية, في أخذ تفريعة منها لتكون نواة لتغذية ذلك الساحل أو الممر وأعماقه إلي جوار مياه السيول التي تنهمر عليه طوال الشتاء, ومياه الآبار الجوفية. إن كثيرين من علماء الجيولوجيا والجغرافيين وأساتذة كلية الزراعة يجمعون علي أن هذا الممر الشرقي يمكن أن يكون سلة مصر الغذائية, ومحورا تعميريا متميزا لو وجد الاهتمام الحقيقي من الدولة والحكومة, وأن هناك عشرات البحوث الجاهزة عن كيفية تنمية هذا الساحل الشرقي في العشرات من كليات الزراعة والعلوم والآداب بجامعاتنا المختلفة, وقد قرنه العلماء بالساحل الشمالي الغربي, الذي تم تعميره بنسبة تصل إلي80% من الاسكندرية وحتي أطراف مرسي مطروح, ولكن للأسف لم يستغل الاستغلال الأمثل, واكتفينا فيه بإنشاء عشرات القري السياحية, ولم نستفد منه زراعيا. إنني أجدد الدعوة التي سمعتها من أساتذة أفاضل متخصصين, لتبني هذه الفكرة وفتح النقاش حولها فقد تكون عوضا حقيقيا عن مشروع توشكي الذي خسرنا فيه المليارات بلا جدوي ولافائدة. د. بهاء حسب الله كلية الآداب جامعة حلوان