منذ إعلان الدكتور فاروق الباز عن فكرته بإنشاء ممر التنمية أوائل الثمانينات والجدل حوله لا ينتهي.. البعض يؤيد بشدة إنشاء هذا الممر باعتباره المنقذ لمصر من التكدس السكاني والاعتداء علي الأراضي الزراعية الخصبة، وإنشاء مناطق جديدة ذات أنشطة صناعية وتعدينية وسياحية إلي جانب الأنشطة الزراعية تقلل الضغط السكاني علي وادي النيل والدلتا وينقل الملايين من السكان إلي تلك المناطق الجديدة لتصل المساحة التي يحتلها السكان من مساحة مصر إلي 32٪ بعد ان ظل السكان يحتلون 6٪ فقط من مساحة مصر حتي الآن. البعض الآخر يعارض فكرة ممر التنمية علي أساس أن مصر قامت بإعداد استراتيجية وطنية تنموية عام 7991 تعتمد علي نقل السكان من الوادي إلي مناطق مختلفة في كل من الصحراء الغربية والساحل الشمالي وسيناء والصحراء الشرقية.. وقامت الوزارات المختلفة بإعداد خططها التنموية وإنشاء المركز الوطني لاستخدامات الأراضي واعداد خرائط التنمية حتي عام 7102 التي تعرف بالخريطة الاستثمارية لمصر ولم يدرج مقترح ممر التنمية في الخطة الاستثمارية. خبراء وزارة البيئة أعدوا تقريرا مفصلا عن ممر التنمية ما له وما عليه والفوائد المرجوة منه والمخاطر البيئية والصحية التي قد تنجم عن تنفيذه . يقول الدكتور مصطفي فودة مستشار وزير البيئة السابق ان فكرة ممر التنمية عرضت مرات عديدة خلال الثمانينات وخلال العقد الأول من القرن 12.. وقامت سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية بالقاهرة بإعداد ورشة عمل لتسويق الفكرة حضرها العديد من الوزراء ورجال الأعمال والعلماء والمثقفين.. ومن خلال عرض ومناقشة الموضوع اتضح ان هناك تباينا في وجهات النظر بين مؤيد ومعارض. وقد عارض خبراء البيئة فكرة المشروع لوجود الكثير من المخاطر البيئية والصحية تتمثل في الآتي: أولاً: وجود العواصف الرملية في الصحراء الغربية المعروفة باسم الخماسين التي تزايدت خلال الأعوام الماضية بسبب التغيرات المناخية التي يمكن ان تؤثر بالسلب علي المنشآت والبنية التحتية كما حدث سابقا في كثير من المناطق التي تمت تنميتها بالصحراء الغربيةوسيناء حيث زحفت الرمال علي تلك المنشآت وحتي ترعة الحمام التي غطتها الرمال. ثانياً: يعتقد خبراء البيئة في مصر ان ممر التنمية ما هو إلا امتداد لجميع المشاكل البيئية لوادي النيل والدلتا وسينقل مشاكل التلوث بكل أشكاله.. كما حدث في شرق قناة السويس حيث نقلت مياه النيل إلي سيناء الأمر الذي أدي إلي الكثير من المشاكل الصحية لعل احداها ظهور أمراض البلهارسيا التي لم تكن معروفة في سيناء. وانتهي د. مصطفي فودة بتوصية تطالب بإعداد دراسة شاملة عن ممر التنمية لمناقشتها علي جميع المستويات وبعد الاتفاق عليها في ظل التنمية المستدامة التي تتناول البعد الاجتماعي والاقتصادي والبيئي يتم ادراجها في الخطة الوطنية التنموية لاعتمادها وتوفير الامكانات المالية والبشرية لتنفيذ المشروع. جوهر ممر التنمية أما الدكتور محمد إبراهيم مستشار قطاع حماية الطبيعة فيقول ان انشاء طريق بالمواصفات العالمية في صحراء مصر الغربية يمتد من ساحل البحر المتوسط شمالا حتي بحيرة ناصر في الجنوب علي مسافة تتراوح بين 01 و08 كيلو مترا غرب وادي النيل علي غرار ما حدث في الولاياتالمتحدةالأمريكية ويعتمد علي طرق بها تسهيلات تعمل علي تطوير المناطق المحيطة بالطريق هو جوهر ممر التنمية.. والطريق الرأسي يبدأ من غرب الاسكندرية بطول 0021 كيلو متر حتي الحدود الجنوبية لمصر ويرتبط بالطريق الرئيسي 21 طريقا عرضيا تمر بمراكز التجمع السكاني بطول حوالي 008 كيلو متر وشريط سكة حديد للنقل السريع بموازاة الطريق الرئيسي إلي جانب انبوب مياه من بحيرة ناصر جنوبا حتي نهاية الطريق علي ساحل البحر المتوسط وخط كهرباء لتوفير الطاقة في مراحل المشروع الأولية.. وهذا المشروع يهدف إلي اتاحة الفرصة للامتداد العمراني والزراعي والصناعي والتجاري حول مساحة تصل إلي 0002 كيلو متر مربع ويعتبر مخرجا من الوضع الاجتماعي الصعب. ويضيف د. محمد إبراهيم أن هذا المشروع التنموي الكبير لابد من دراسة الآثار الجانبية له من الناحية البيئية حتي تتم السيطرة علي تدهور البيئة في وادي النيل ودراسة الجدوي الاقتصادية للمشروع من نواح عديدة تشمل خلق فرص عمل جديدة لصغار المستثمرين وخلق الأمل للشباب في تأمين مستقبل أفضل ومشاركة شريحة واسعة من الشعب في مشروعات التنمية.. وتعميق الشعور بالانتماء . وقال ان تكلفة المشروع حاليا تبلغ حوالي 42 مليار دولار لذلك لابد من توفير بيانات حقيقية ومنطقية للنظر في تنفيذه خاصة ان له مزايا عديدة تتركز في الحد من التعدي علي الأراضي الزراعية وفتح مجالات جديدة للعمران واعداد مناطق للاستصلاح الزراعي وتوفير فرص عمل في المجالات الاقتصادية المختلفة وتنمية مواقع جديدة للسياحة والاقلال من الزحام في الوادي والدلتا وتوسيع شبكة الطرق.. وانتاج فائض من الغذاء. بديل لمسار ممر التنمية وطالب د. محمد إبراهيم بالنظر في اختيار بديل لمسار ممر التنمية يقع بعيدا عن وادي النيل والحيز العمراني الحالي الذي يبدأ من مرسي مطروح وعبر واحات سيوة والبحرية والفرافرة والداخلة ثم بمشروعات توشكي وشرق العوينات ودرب الأربعين انتهاء عند الحدود المصرية السودانية.. أو تعديل مسار الممر لتفادي مناطق المحميات الطبيعية مثل الصحراء البيضاء في واحة الفرافرة والواحات البحرية وسيوة ووادي الحيتان.. ويتم ذلك بالتنسيق مع المركز الوطني لاستخدامات أراضي الدولة.. كما تضم الواحات الداخلة مشروع توسعات أبوطرطور وهو من مشروعات التنمية الكبري بالصحراء الغربية ويمكن الاستفادة من خط السكك الحديدية الذي يصل واحات الداخلة بموانئ البحر الأحمر حيث يمكن ان يكون أحد الروافد الرئيسية لممر التنمية. التغيرات المناخية السريعة وأشار إلي ضرورة مراعاة شبكة الطرق الحالية أو المستهدفة خصوصا الممرات الفرعية للاقلال من التكاليف واختيار مسار يعمل علي تيسير إجراء المسوح الجيولوجية والتنقيب عن الغاز والبترول والخامات المعدنية بالصحراء الغربية.. وكذلك دراسة آثار التغيرات المناخية السريعة المنتظرة خلال 05 - 57 سنة القادمة واثرها في تغيير مستوي سطح البحر والنحر الشاطئ وعلي الدلتا المصرية والصحاري خاصة الصحراء الغربية وأهمية الاتصال بالهيئات الدولية ذات العلاقة بممرات التعمير والمشروعات المماثلة في الحصول علي الدراسات المماثلة لهذا المجال.. وتقديم خطط المحافظات التي يمر بها الممر المقترح أو المحاور العرضية في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية..كما طالب د. محمد إبراهيم بدراسة مستقبل تجارة الترانزيت العالمية والدور المحتمل كطريق قاري.. وأهمية التعرف علي الموارد المتاحة بمنطاق المحاور العرضية علي الطريق الرئيسي حتي يمكن تحقيق أكبر استفادة ممكنة من دراسة المشاكل التي تواجه الطريق الرئيسي من حيث طبيعة المنطقة المليئة بالهضاب والمرتفعات وموارد مصر المالية المحدودة والاقتصاد الذي لا يستطيع تحمل امكانية إهدار عدة مليارات من الدولارات واقترح د. محمد إبراهيم أهمية الاهتداء بفكر العلماء المصريين وعقد لقاءات متعددة ومتتالية معهم.. واجراء دراسات مستفيضة حول المشروع حرصا علي تحقيق الاستقرار الاقتصادي لمصر وتحقيق أقصي استفادة ممكنة من هذا الممر في مختلف المجالات الزراعية والصناعية والسياحية وخلق مجتمعات عمرانية جديدة تعتمد علي الطاقات المتجددة.