الحرية.. التزام وقدوة! كلنا نحب مصر ولكننا نختلف حول آليات ووسائل التعبير عن هذا الحب طالما أننا نؤمن بالديمقراطية مهما تكن تكلفتها ونرفض الديكتاتورية مهما تكن حسناتها في نظر البعض ممن يبالغون في تضخيم سلبيات الممارسة الديمقراطية وتداعياتها المؤذية للمصلحة الوطنية.والحقيقة أن تصاعد أجواء المشاحنات في جلسات الحوار الوطني أمر يستوجب التوقف أمامه بالتأمل والاهتمام لإطلاق دعوة صادقة للارتفاع فوق الخلافات ودفن الأحقاد والضغائن والتمييز بين إيجابيات التعدد في الرؤي وبين سلبيات الصراع المدمر, لأن البناء الذي ننشده والديمقراطية التي نبتغيها لن ترتفع إلا بوحدة الهدف. إن علينا أن نؤمن جميعا بأن المفهوم الصحيح للحرية يرتكز في المقام الأول علي الالتزام بحرية الآخرين, وبأن الديمقراطية تقوم علي احترام مطلق للشرائع والقوانين, لأنه إذا خرجت الحرية عن حدود هذا الالتزام أو انحرفت الممارسة الديمقراطية عن هذا الاحترام فإن ذلك يؤدي إلي تسيب مرفوض وفوضي مهلكة. لقد بدأنا مرحلة جديدة من أهم ملامحها أن مسئولية العمل الوطني لم تعد مسئولية الدولة وحدها, ولكنها مسئولية الجميع.. وليس يخالجني أدني شك في حسن إدراك الجميع بأن الوحدة الوطنية هي الركيزة الأساسية في الاستقرار والتقدم علي طريق التنمية والبناء.. ففي مصر ولد سيدنا موسي وإليها لجأ السيد المسيح وأمه العذراء, وفيها عاشت المسيحية وازدهر الإسلام.. ولا بد من العمل المتصل علي زيادة ترسيخ هذا البنيان الصلد الذي أثبت علي مدي التاريخ أن الشعب المصري نسيج واحد لا يعرف طوائف أو أقليات! إن فتح أبواب ونوافذ الحرية علي مصاريعها يعني أن مواجهة الفساد وملاحقة الانحراف أصبحت مسئولية مشتركة بين الدولة والشعب ويجب علي أي إنسان أن يتصدي بكل الشجاعة دون أن يخشي أحدا سواء كان هذا الفساد في شكل اعتداء علي المال العام أو في جنوح ينتصر للمحسوبية التي تهدر مبدأ تكافؤ الفرص وتنشر روح اليأس والإحباط في النفوس. وأبرز عناوين أي مجتمع ديمقراطي تتمثل في أن يبدأ كل واحد بنفسه, وأن يقدم القدوة الصالحة وأن يتوافر لدي الجميع اقتناع عميق بحتمية الالتزام الصارم بالقانون وعدم السماح بأي تجاوز له مهما كان ضئيلا, لأن الخروج علي القانون هو خروج علي مقومات الدستور والدولة والحكم.. خير الكلام: الاعتذار عن الصمت أفضل من الاعتذار عن الكلام! [email protected]