تسبب العجز المزمن بالموازنة الحكومية وقيامها بالاقتراض لسد العجز في بلوغ حجم الدين العام المحلي إلي962 مليار جنيه بنهاية العام الماضي. وبالطبع فإن رقم الدين العام المحلي يزيد حاليا عن ذلك بعد مرور خمسة أشهر, تم خلالها احتساب فوائد علي القروض, إلي جانب القيام باقتراض جديد سواء في شكل اصدار اذون خزانة أو سندات خزانة أو اقتراض مصرفي. وهكذا تبلغ نسبة الدين العام المحلي للناتج المحلي الاجمالي70% أي أعلي من نسبة الأمان الأوروبية البالغة60%. وإلي جانب الدين العام المحلي, فهناك الدين العام الخارجي البالغ بنهاية العام الماضي35 مليار دولار أي ما يعادل208 مليار جنيه بسعر الصرف حينذاك. والخطورة العملية للدين العام أن تكلفته بموازنة الحكومة بالعام المالي الحالي تصل إلي173 مليار جنيه, أي أكثر من35% من إجمالي انفاق الموازنة, مع الأخذ في الاعتبار أنه رغم هذا المخصص الضخم لتكلفة الدين من فوائد وأقساط, فإن الحكومة بذلك لم تسد من الدين الضخم سوي82 مليار جنيه كأقساط, في حين تقوم الموازنة باقتراض191 مليار جديدة تمثل قيمة العجز بالموازنة, مما يعني استمرار ارتفاع قيمة الدين العام, وبالتالي زيادة نصيبه النسبي من الانفاق بالموازنة الجديدة, وهو ما يجيء علي حساب قيمة الاستثمارات التي تساهم في تحسين حياة المصريين في ميادين التعليم والصحة والطرق والكباري والمياه والصرف والكهرباء, كما لا يتيح وجود العجز بالموازنة القيام بزيادة الأجور لمواجهة التضخم, كذلك ضعف المبالغ الموجهة للصيانة أو غيرها من المستلزمات بالجهات الحكومية مثل المستشفيات. وتلك هي خطورة الديون التي تؤدي لتأجيل تحسين المرافق أو التصدي للقضايا الاجتماعية المزمنة مثل سكان العشوائيات واسكان الفقراء والباعة الجائلين وأطفال الشوارع وغيرها من الملفات المؤجلة منذ سنوات طويلة. ولمواجهة العجز بالموازنة لجأت الحكومة مع الاقتراض لطبع النقود حيث بلغ حجم النقد المصدر خلال شهر فبراير الماضي22 مليار جنيه, مقابل حجم نقد مصدر بلغ عشرين مليار جنيه بالعام الماضي بأكمله, بما يتسبب فيه طبع النقود من رفع للتضخم. كما يتسبب العجز بالموازنة في مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص في الاقتراض من البنوك. والمطلوب من وزارة المالية اللجوء لحلول من داخل الدولاب الحكومي بدلا من الاقتراض, ومن ذلك منع حرق الموازنة عندما تقوم جهات حكومية عديدة بانفاق باقي فوائض الموازنة لديها في آخر شهرين من العام المالي, ولو تم السماح لها بترحيل تلك المبالغ إلي العام المالي الجديد لأمكن توفير مبالغ بالموازنة الجديدة. أيضا الاتجاه لبيع المخزون الحكومي الراكد في شكل بضائع متنوعة الأشكال تضمها مئات المخازن الحكومية, وخفض الانفاق الحكومي علي أمور عديدة مثل أجور المستشارين الحكوميين والسيارات الحكومية ونحو ذلك. وكذلك تحصيل المتأخرات الضريبية والحد من التهرب الضريبي, واعادة النظر في ضرائب الدخل للمهنيين والتي تصل حصيلتها لأقل من نصف مليار جنيه فقط سنويا, كذلك الحصول علي ايرادات ضريبية من هيئة البترول والتي لا تدفع حاليا أي ضرائب. أما التفكير في طرح سندات للمصريين المغتربين بالخارج فيعد اضافة للدين العام, خاصة أن طرح أي سندات حاليا في ظل دعم الاستقرار الأمني والاقتصادي سيكون ذا فائدة عالية, مما يزيد من العبأ. كما تجب المفاضلة بين بيع اذون وسندات مصرية للمصريين حيث يقوم هؤلاء بانفاق العوائد محليا بما يساهم في تنشيط السوق أو يزيد الودائع, بينما يتسبب البيع لاذون والسندات للأجانب في تحويل هؤلاء للعوائد إلي الخارج. ويبقي عامل مهم للاسهام في سد العجز بالموازنة يتمثل في المعونات الأجنبية التي انخفضت بالعام الماضي إلي219 مليون دولار فقط, حيث يعد البديل العربي الخليجي أمرا حيويا في ظل ارتفاع أسعار البترول بالعام الحالي. [email protected]