بالصور.. رئيس جامعة المنصورة يتفقد أعمال تجديد مدرجات كلية الحقوق    القومي لحقوق الإنسان يبحث مع السفير الفرنسي بالقاهرة سبل التعاون المشترك    مدبولي يُتابع مع رئيس الهيئة الاقتصادية لقناة السويس جذب الاستثمارات    خاص| "السياحة": زيادة أسعار برامج الحج 44 ألف جنيه    وزير الإسكان: مبادرة "سكن لكل المصريين" تسعى لتوفير المسكن الملائم لمختلف الشرائح    وزير الداخلية الإيراني يكشف عن سبب يُعطل العثور على مروحية الرئيس    "المنظمات الأهلية الفلسطينية" تؤكد أهمية دور مصر الرائد والمستمر في دعم الشعب الفلسطيني    الدوري المصري.. الإسماعيلي ضد بيراميدز.. بعد قليل    المشدد 3 سنوات لموظف هدد شخصا عبر مواقع التواصل الاجتماعي بكفر شكر    مصرع شخص غرقًا في ترعة بالأقصر    متى يصادف موعد واجازة عيد الأضحى في عام 2024؟    ميسرة صلاح الدين: الشعر كائن عنيد ومتمرد    رئيسة "قومي المرأة": للفن دور مهم في تسليط الضوء على قضايا المرأة    متاحف مصر تُغازل الزائرين بالحقيقة والخيال    «الصحة» تعتمد خطة تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل    اليوم في ختامي نوادي المسرح.. عرض «سوء تفاهم» و«هاللو فوبيا» بقصر ثقافة روض الفرج    الأربعاء.. عرض فيلمي «فن القلة» و«فن العرايس» بمركز الثقافة السينمائية    الدفاع الروسية: مقتل نحو 1900 عسكري أوكراني خلال الساعات ال24 الماضية    إهداء درع معلومات الوزراء إلى رئيس جامعة القاهرة    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    «الجوازات» تقدم تسهيلات وخدمات مميزة لكبار السن وذوي الاحتياجات    "الصحفيين" تدعو قيادات الصحف للاجتماع التحضيري الرابع للمؤتمر العام السادس، الثلاثاء    باحثة سياسية: نزوح 80 ألف شخص من رفح الفلسطينية إلى خان يونس ودير البلح    أزمة الدولار لا تتوقف بزمن السفيه .. مليارات عيال زايد والسعودية وصندوق النقد تتبخر على صخرة السيسي    منها مزاملة صلاح.. 3 وجهات محتملة ل عمر مرموش بعد الرحيل عن فرانكفورت    إنجاز قياسي| مصر تحصد 26 ميدالية في بطولة البحر المتوسط للكيك بوكسينج    «الإفتاء» توضح حكم حج وعمرة من يساعد غيره في أداء المناسك بالكرسي المتحرك    رئيس الرقابة المالية: الانتهاء من المتطلبات التشريعية لإصدار قانون التأمين الموحد    الجبالى مازحا: "الأغلبية سقفت لنفسها كما فعلت المعارض وهذا توازن"    نصائح وزارة الصحة لمواجهة موجة الطقس الحار    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية مجانا في قرية أبو سيدهم بمركز سمالوط    أسرة طالبة دهس سباق الجرارات بالمنوفية: أبوها "شقيان ومتغرب علشانها"    مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية يوضح أنواع صدقة التطوع    "علشان متبقاش بطيخة قرعة".. عوض تاج الدين يكشف أهمية الفحوصات النفسية قبل الزواج    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    إعلام إسرائيلي: اغتيال عزمى أبو دقة أحد عناصر حماس خلال عملية عسكرية في غزة    خالد عباس: إنشاء وإدارة مرافق العاصمة الإدارية عبر شراكات واستثمارات عالمية    أول صور التقطها القمر الصناعي المصري للعاصمة الإدارية وقناة السويس والأهرامات    10 نصائح للطلاب تساعدهم على تحصيل العلم واستثمار الوقت    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    3 وزراء يشاركون فى مراجعة منتصف المدة لمشروع إدارة تلوث الهواء وتغير المناخ    وزيرة الهجرة: مصر أول دولة في العالم تطلق استراتيجية لتمكين المرأة    إيرادات فيلم السرب تتخطى 30 مليون جنيه و«شقو» يقترب من ال71 مليون جنيه    مساعدون لبايدن يقللون من تأثير احتجاجات الجامعات على الانتخابات    ياسر إبراهيم: جاهز للمباريات وأتمنى المشاركة أمام الترجي في مباراة الحسم    حجازي يشارك في فعاليات المُنتدى العالمي للتعليم 2024 بلندن    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    أسعار الدولار اليوم الأحد 19 مايو 2024    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    تشكيل الزمالك المتوقع ضد نهضة بركان في إياب نهائي الكونفيدرالية.. جوميز بالقوة الضاربة    عماد النحاس: كولر أدار المباراة بشكل متميز.. وغربال كان متوترًا    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من تطبيقات وثيقة المدينة‏:‏ حسن معاملة الجار

كان مجتمع المدينة قائما علي تعدد الأديان والأعراق والطوائف‏,‏ ولم يكن سكان المدينة يوما أبناء دين واحد في ذلك الوقت‏,‏ وإنما تنوعت أديانهم بين مسلمين ويهود ومشركين‏,‏ ولكن جمعتهم الدولة الإسلامية في بوتقة المواطنة, فالاسلام والمسلمون لا يعترفون أو يقرون بمسألة تطهير الأرض وتوحيد الدين وإكراه الناس علي الدخول في دينهم أو الرحيل من أرضهم, وهذه سنة الله في خلقه, وقد أشار القرآن الكريم الي التنوع الديني فقال:( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا)( الحج:40), ونبه الي تعدد الأعراق والشعوب فقال:( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)( الحجرات:13) كذلك أمر بعدم إجبار أحد علي اعتناق الاسلام, فقال:( لا إكراه في الدين)( البقرة:256).
إن التعايش السلمي الذي يدعو إليه الاسلام يؤدي بدوره الي تبادل المصالح والأفكار والمنافع وتقوية العلاقات مع الآخر, وقد كان الأمر علي هذا الحال منذ فجر الإسلام بين المسلمين وغيرهم, حيث جعل الاسلام علاقة المسلمين بغيرهم قائمة علي أسس إيمانية مبنية علي قيمة السلام, وبعيدة عن صفة العنف والطغيان.
وقد طبق الرسول صلي الله عليه وسلم هذا النموذج في التعامل مع غير المسلمين بالحسني, فكان يحسن حوارهم, ويؤدي إليهم حقوقهم, ويدعو الي حسن معاملتهم في الأمور اليومية, في إطار من الرحمة وحفظ كرامة الانسان.
ومن صور الإحسان في معاملتهم: عيادة مريضهم, إذ لا بأس بعيادة أهل الذمة وغير المقاتلين من الكفار, لأنه كما قال الإمام الزيلعي نوع بر في جقهم, ومانهينا عن ذلك, وقد صح أن النبي صلي الله عليه وسلم عاد يهوديا مرض بجواره.( نصب الراية 6/177) وهو مارواه البخاري أن غلاما يهوديا كان يخدم النبي صلي الله عليه وسلم, فمرض فأتاه النبي صلي الله عليه وسلم يعوده, فقعد عند رأسه, فقال له: أسلم, فنظر إلي أبيه وهو عنده, فقال له: أطلع أبا القاسم, فأسلم, فخرج النبي صلي الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه بي من النار( البخاري 5/378).
ومن حسن معاملة الآخر أيضا: إفشاء السلام بينهم, ففيه من البر في حقهم مايؤلف قلوبهم, فقد مر النبي صلي الله عليه وسلم بمجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود, وفيهم عبد الله بن أبي ابن سلول, وفي المجلس عبد الله بن رواحة, فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر عبد الله بن أبي أنفه بردائه ثم قال: لا تغبروا علينا. فسلم عليهم النبي صلي الله عليه وسلم:( البخاري4/1663).
قال القرطبي: وقد روي عن السلف أنهم كانوا يسلمون علي أهل الكتاب, وفعله ابن مسعود بدهقان صحبه في طريقه, وكان أبو أسامة إذا انصرف الي بيته لا يمر بمسلم ولا نصراني ولا صغير ولا كبير إلا سلم عليه. فقيل له في ذلك, فقال: أمرنا أن نفشي السلام.( تفسير القرطبي 11/103).
ومن صور حسن الجوار كذلك: التعامل التجاري مع الآخر, فقد حرص الرسول صلي الله عليه وسلم علي ازدهار الحالة الاقتصادية في دولة المدينة, فلم يمنع التعامل مع غير المسلمين في البيع والشراء وغيرهما من المعاملات التجارية, ومن تلك المعاملات التي قام بها رسول الله صلي الله عليه وسلم بنفسه مع غير المسلمين أنه رهن درعه عند أبي الشحم اليهودي, مقابل أنه أخذ لأهله منه شعيرا, ومات ودرعه مرهونة عنده.
ولم يمنع الرسول المسلمين من الذهاب الي أسواق أهل الكتاب والمتاجرة معهم, فبدأ التبادل التجاري بينهم, حيث امتلأت أسواق اليهود في المدينة بالمسلمين, ولا يخفي علي عاقل أن المعاملات التجارية اليومية لا تتم إلا في ظل التعايش السلمي الذي حض عليه الإسلام, وآية ذلك أن المرأة المسلمة كانت تذهب بنفسها لتشتري من اليهود في سوقهم دون حرج, مما يدل علي حالة الأمن والأمان السائدة في ربوع المدينة.
ومما يؤكد ذلك المنحي: أن المسلمين كانوا يشترون الماء من بئر رجل يهودي من بني غفار يقال له رومة حتي اشتراها سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه ووهبها للمسلمين, وذلك طاعة لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: من يشتري بئر رومة فيكون دلوه فيها كدلاء المسلمين( البخاري 2/829).
ومن حسن الجوار مع الآخر أيضا: العمل علي الإصلاح بين المتخاصمين والمتشاجرين دون تفريق علي أساس الدين أو العرق, لتصفو النفوس وتستقر الأمور بين أبناء المجتمع الواحد, روي البخاري أن الرسول صلي الله عليه وسلم قرأ القرآن علي مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود, فقال عبد الله بن أبي ابن سلول: أيها المرء إنه لا أحسن مما تقول, إن كان حقا, فلا تؤذنا به في مجلسنا, ارجع الي رحلك, فمن جاءك فاقصص عليه, فقال عبد الله بن رواحة: بلي يارسول الله, فأغشنا به في مجالسنا, فإنا نحب ذلك, فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتي كادوا يتثاورون, فلم يزل النبي صلي الله عليه وسلم يخفضهم حتي سكنوا( البخاري 4/1663).
إن الاسلام وهو يشيع هذه الأخلاق الفاضلة ليحافظ علي الوحدة بين طوائف المجتمع بمختلف مذاهبهم ومشاربهم, وقد تبرأ الرسول صلي الله عليه وسلم ممن خرج يريد زرع بذور الفتنة والفرقة بين أفراد المجتمع, فقال: ومن خرج علي أمتي يضرب برها وفاجرها ولا ينحاش من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه(مسلم 3/1476).
فالدولة الاسلامية قامت علي أساس قوي من حرية العقيدة والمساواة بين المواطنين, دون النظر الي اختلاف الديانات والعرقيات, كما أكدت علي ترسيخ مفاهيم التسامح والوحدة, والدعوة الي نشر المقاصد والقيم المشتركة بين بني الإنسان, ومن ذلك حب الجار والبر به.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.