إبراهيم أحمد النجار: الإعلان الأخير لاتفاق المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس, جاء نتاج سلسلة من الدوافع, اعتبرت بمثابة عوامل ضغط علي الطرفين لاستغلال الرعاية المصرية, من أجل التوافق علي انهاء الانقسام الداخلي. والواضح أن حركتي فتح وحماس, وجدتا نفسيهما مجبرتين علي تقديم تنازلات تزيل العقبات أمام حل القضايا بينهما, وتحقيق المطلب الشعبي الداخلي والعربي, بإنجاز المصالحة, وتوحيد الموقف الفلسطيني. ورغم ما أشاعه الاتفاق الذي أعلن في القاهرة بحضور وفدين من قادة الحركتين البارزتين ليتم توقيعه بالأحرف الأولي, فان ثمة شكوكا تبقي عالقة بشأن الالتزام بتنفيذ الاتفاق وعدم عودة الخلافات مجددا بين الحركتين. ويمكننا القول, إن ثلاثة عوامل رئيسية وراء إنجاز اتفاق المصالحة, أولها: الضغط الشعبي الذي تمثل منذ منتصف مارس الماضي بتظاهرات واعتصامات تطالب بالمصالحة. وثانيها: انسداد أفق عملية السلام بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل, في الوقت الذي اعتبرته السلطة, انحيازا أمريكيا علنيا لصالح إسرائيل. وثالثها: جملة المتغيرات التي يشهدها عدد من الدول العربية, ولاسيما سوريا التي جعلت حركة حماس تعيد النظر باتجاه اتمام المصالحة الوطنية خشية من تطور المواقف الاقليمية لاحقا. وقد رحبت الرئاسة والفصائل الفلسطينية باتفاق المصالحة باعتباره الهدف الفلسطيني المنشود طوال الأعوام الماضية, خاصة مع اقتراب استحقاق سبتمبر المقبل, الذي يتطلع الفلسطينيون إلي أن يحمل اعترافا دوليا بدولة مستقلة لهم. وإزاء مثل هذه المعضلات والعراقيل فان اتفاق المصالحة سيبقي في محل اختبار جدي! لقياس قدرته علي الصمود والاستمرار, ورهن بعض المحللين السياسيين, صمود الاتفاق بالنوايا الحقيقية لتطبيقه, من قبل فتح وحماس سعيا لتبديد المخاوف التي ستبقي عالقة لدي الفلسطينيين, من إمكانية العودة للوراء مجددا من دون تحقيق مصالحة حقيقية. ومن ثم لابد من قوة دفع جادة وحقيقية, علي المستوي الفلسطيني والعربي, لضمان تنفيذ اتفاق المصالحة والوصول إلي الهدف السياسي النهائي, المتمثل في استعادة وحدة الأراضي الفلسطينيية والتطلع لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي. يبدو أن اتمام المصالحة الفلسطينية ليست عملية بسيطة, بل يحتاج إلي إجراءات كثيرة, فضلا عن توافر النوايا السياسية الصادقة من كلا الطرفين.