اليوم تحتفل مصر بمرور29 عاما علي تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي. فسيناء التي يطلق عليها أرض الفيروز وتبلغ مساحتها60.088 كم2 يسكنها380 ألف نسمة وتضم محافظتي شمال وجنوب سيناء شهدت أرضها أشهر الحروب منذ عهد الفراعنة الي العصر الحديث. وسيناء من أهم المناطق الاستراتيجية حيث تمثل بوابة مصر الشرقية ومنها دخل الغزاة إلي مصر.. وقد أطلق عليها قدما. المصريين اسم الإلة سين المعروف باسم إله القمر وبها أهم وأشهر ممر مائي في العالم( قناة السويس) وهي أرض الأنبياء والديانات بداية من الخليل إبراهيم عليه السلام الذي عبرها وكذلك موسي عليه السلام الذي أقام بها مع شعب بني إسرائيل والعائلة المقدسة التي عبرتها وهي في طريقها إلي مصر. وقد تحملت مصر جيشا وشعبا الكثير حتي تم تحرير سيناء في عام1982 بعد أن تم احتلالها عام1967 وإذا كان يوم6 أكتوبر يوما فارقا في التاريخ العسكري العالمي لأنه اثبت تفوق الجندي علي احدث المعدات العسكرية. فإن اليوم يذكرنا بالملحمة المصرية الرائعة التي بدأت بالعسكرية ثم السياسية ثم القضائية حتي نجحنا في استعادة آخر قطعة من أرض مصر وهي طابا في19 مارس عام.1989 وعقب الانسحاب الإسرائيلي من سيناء عام1982 تفجر الخلاف حول طابا والذي شهد تمسك مصر بكل شبر في اراضيها واصرارها علي اللجوء للتحكيم الدولي ونجحت برجالها العسكريين والدبلوماسيين والقانونيين في إجبار إسرائيل علي قبول التحكيم الدولي في13 يناير عام..1986 لتبدأ المباحثات بين مصر وإسرائيل وتنتهي بالتوصل الي التوقيع في11 سبتمبر1986 علي ورقة التحكيم( شروط التحكيم).. وينجح المصريون في تقديم جميع الأدلة والبراهين لدعم الموقف المصري.. لتعلن هيئة التحكيم الدولية في30 سبتمبر1988 حكمها بالاجماع في الجلسة التي عقدت ببرلمان جنيف أن طابا أرض مصرية ويرتفع العلم المصري فوق طابا في19 مارس1989, ليعن نصرا عسكريا ودبلوماسيا وقانونيا.ونأمل أن يتذكر أهالي سيناء وخاصة شبابها ان تكون ثورة25 يناير هي بداية صفحة جديدة له مع الأجهزة السياسية والتنفيذية للدولة خاصة وأن رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف كان حريصا للذهاب لمحافظتي شمال وجنوب سيناء والاجتماع مع شيوخ القبائل ليؤكد لهم ان سيناء ستكون محور اهتمام ورعاية الحكومة في المرحلة المقبلة. كما أنه يجب علي الحكومة ان تعمل علي سرعة تنفيذ مطالب أهالي سيناء والتي ظلوا ينادون بها طوال29 عاما الماضية بعد أن يئسوا من الوعود التي ظلت تقدم لهم مع كل احتفال مثل تمليك الأرضي أسوة بباقي المحافظات بدلا من حق الانتفاع لمدة25 عاما علي ان تضع الدولة القواعد القانونية الصارمة التي تحظر بيع الأراضي للأجانب مع العلم ان السيناوي لو تملك أرضه لن يفرط في حبة رمل واحدة منها لأنها في العرف القبلي عار كبير علي العائلة كلها. أيضا ضرورة توفير فرص عمل لأبناء سيناء في جميع المشروعات التي تقام علي أرضها لأنه من غير المنطقي ان يري المواطن السيناوي مشروعات ومنشآت ضخمة تقام في أرضه ولايجد فرصة عمل بها لاستقدام عمال من خارج المحافظة سواء عمالة مصرية أو أجنبية. وفي النهاية يجب ان يكون احتفال هذا العام مختلفا تماما عن ال29 عاما السابقة.. بأن تكون الأعمال أكثر من الأقوال والتهاني.. لأنه ليس مقبولا من أهالي سيناء الذين ضحوا بالنفيس والغالي من أجل تحرير أرضهم أن يكونوا عقبة أمام برامج الحكومة وتوجهاتها.