بالرغم من مرور نحو شهرين علي ثورة25 يناير إلا أنه للأسف لم يحدث أي تغيير ملموس أو إصلاح حقيقي علي مسار العمل بقطاع البترول الذي يعاني فشلا ذريعا طوال السنوات الماضية أوصلت هذا القطاع الحيوي إلي حالة غير مسبوقة. فنفس السياسات و نفس المسئولين السابقين هم الذين يتصدرون المشهد. و للأسف فإن طموح المسئولين في الوقت الراهن يقف عند حدود تعديل أسعار صادرات الغاز المصري, و هي للأسف طموحات لا تتناسب مع التحديات الكبيرة التي يواجهها قطاع البترول ويري الخبراء أنه يجب اتخاذعدة إجراءاتضرورية وعاجلة لتصحيح الأوضاع الخاطئة.. وتتمثل الخطوات كما يقول الدكتور أيمن عبد الحميد جاهين خبير إقتصاديات البترول بالشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية ضرورة تعديل تسعير غاز الاسترداد المخصص للشركاء الأجانب باتفاقيات البحث والإنتاج التي يتم التصدير من حقولها, علي أن يكون التسعير وفقا لأسعار صادرات الغاز المسال بعد خصم تكاليف الإسالة والشحن بالناقلات في حالة التصدير' سيف', أما في حالة التصدير' فوب' فيكتفي فقط بخصم تكاليف الإسالة, مما سيترتب عليه حصول الشريك الأجنبي علي كميات غاز أقل كثيرا مما يحصل عليه الآن, كمايزيد منإستحقاقات مصر لعشرات الملايين من الدولارات عند تطبيق هذا التعديل بأثر رجعي منذ بدء عمليات التصدير, و هو أمر مشروع نظرا لأن غاز الاسترداد مخصص لاسترداد النفقات و ليس للربح, حيث توجد حصة أخري للشريك الأجنبي بموجب نسب اقتسام الإنتاج( بعد إستقطاع غاز الإسترداد) تضمن له تحقيق عائد علي استثماراته. فليس من المعقول أن يتم تقييم غاز الاسترداد بشكل تقديري و نتجاهل قيمته الحقيقية التي تعكسها أسعار التصدير الفعلية. ويؤكد الدكتور أيمن أن استمرار هذا الوضع هو هدر مؤكد لاحتياطيات مصر من الغاز, فالتعديلات التي أدخلت علي إتفاقيات البحث والإنتاج في يوليو عام2000 والتي بموجبها تم وضع سقف لسعر غاز الاسترداد2.65 دولار يناء علي طلب الشريك الأجنبي حتي يتسني له التصدير بأسعار تنافسية, قد أتاحت له الحصول علي كميات غاز مضاعفة دون وجه حق نظرا لارتفاع أسعار الغاز في أوروبا لنحو7-8 دولارات, وتجاوزت12 دولارا بالولايات المتحدة, وتجاوزت20 دولارا باليابان, مما ترتب عليه خسائر فادحة لمصر لأنه تم محاسبة الشريك الأجنبي علي الغاز المخصص لاسترداد نفقاته بسعر2.65 بدلا من أسعار التصدير المحققة. أما بخصوص التعديلات التي تمت الصيف الماضي بالاتفاقية الخاصة بمنطقة امتياز شمال الاسكندرية وغرب البحر المتوسط, والتي بموجبها تنازلت مصر عن نصيبها في الحقول للشركاء الأجانب بالإضافة إلي زيادة السعر الذي تشتري به مصر الغاز من الشركاء إلي4.1 دولار بدلا من2.65 دولار يري الدكتور أيمن ان الأمر يستلزم تشكيل لجنة من الخبراء والمتخصصين لإعادة تقييم الحقول الواقعة بمنطقة الإمتياز وتقدير نفقات تنمية الحقول, خاصة وأن نفقات التنمية البالغة تسعة مليارات دولار والتي استخدمت كمسوغ لتلك التعديلات الكارثية تحتاج إلي تدقيق نظرا للشكوك القوية بشأنها. كما طالب د.جاهين بضرورة تعديل اتفاقيات توصيل الغاز الطبيعي لمدن و محافظات الجمهورية التي أبرمت مع شركات التوزيع الخاصة في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي والتي بمقتضاها يضمن قطاع البترول حدا أدني للعائد علي استثمارات شركات التوزيع الخاصة18%, و هي الاستثمارات التي قام قطاع البترول بسدادها بالكامل. علما بأن شركات التوزيع استردت كافة نفقاتها الاستثمارية و حققت حدا أدني للعائد علي استثماراتها18% طيلة السنوات الماضية, بعض هذه الشركات تجاوز الحد الأدني بمراحل نظرا لضخامة استهلاكات قطاعات الكهرباء و الصناعة, فضلا عن الأرباح السخية التي جنتها تلك الشركات نتيجة احتساب تكلفة توصيل الغاز للعميل المنزلي ب2670 جنيها, علما بأن بعض هذه الشركات قامت بإسناد أعمالها من الباطن لشركة غاز مصر, بما يقطع بتوافر هامش ربح جيد يكفي لشركتين معا.