ليس تهوينا من تلك الجريمة التي أرتكبت في قنا أو تهويلا لسابقتها والتي جرت وقائعها في أطفيح علي بعد كيلومترات من العاصمة.. فإذا كنا جميعا استنكرناهما فلا يجب أن ننساق أو نستسلم لفكرة إعادة فرز المواطنين علي أساس ديني طائفي وهو الباب الذي فتحه عدد غير قليل سواء من نخبة المجتمع أو سياسييه!! في الحادثين الأول قنا والثاني أطفيح نصبت مجموعة من المواطنين نفسها دولة بكامل مؤسساتها القضائية وأجرت المحاكمة وأصدرت حكمها ونفذته دون أن تعير القانون أدني أهمية.. فأنطلقت في تنفيذها للحادث الأول من خلفية أهل الصعيد الثقافية الشرف وغسل العار وفي الثانية توهمت أنها الآمر الناهي في المنطقة معتمدة علي البلطجة الممنهجة!!.. ولم تكتف بذلك بل دعت بعد الحادثين ممثلي أجهزة الدولة ليشهدوا في الأولي عملية مصالحة تتجاوز حق القانون والمجتمع واكتفوا في الثانية بإصلاح ما أفسده الآخرون وليضحوا في الحالتين بحق الدولة ومؤسساتها.!! وإذا كان يحلو للبعض إثارة فزع المجتمع من أن هاتين الجريمتين قد نبعا من معين الطائفية وأن نيران تلك الآفة البغيضة الفتنة قد بدأت في الإشتعال فإن أبلغ رد عليهم هو ما جري خلال الفوضي الأمنية التي عشناها علي مدي نحو الشهر فلم يكن هناك رجل شرطة واحد يقف لحراسة كنيسة أو جامع ومع ذلك لم تمس أي من دور العبادة علي الرغم من أن هذه الفوضي قد سبقها حادث إجرامي استهدف كنيسة القديسين بالأسكندرية أسال دماء ابرياء مصريين ونثرت أشلاء آخرين كانوا قبل لحظات يؤدون صلاتهم وهم آمنون..!! ما شهدته مصر وأشهدت عليه العالم أجمع منذ25 يناير يؤكد وبحق أننا بعيدون تماما عن تلك الفتنة.. فالكل قد توحد.. فلا أحد لفت انتباهه أن اليد التي ارتفعت بالعلم المصري قد طبع عليها صليب عيسي عليه السلام.. أو أن الأخري التي تجاوره قد أمسكت بالمسبحة.. ولم يجهد أحد نفسه لأن يكتشف أن البلكونة التي يرفرف عليها علم مصر هي جزء من شقة اعتاد ساكنوها علي اللحاق بصلاة الجمعة.. أو قداس الأحد.. ولم يشغل احد باله بأن تلك الفتاة التي تصب له المياه ليتوضأ بها في ميدان التحرير فتاة مسيحية أو أنها ترتدي خمارا أو نقابا أو فتاة ترتدي بودي.. ولم ينتبه كل من رسم علي صدره صليبا بيديه في بداية صلاته أن من يقفون حوله لحراسته من الشباب المسلم أو المسيحي!! كلنا مصريون وهذا يكفي.. وبدا من الواضح أن حروف لغة الضاد قد هاجرت من قاموسها ولم يبق في هذا القاموس سوي ثلاثة منها فقط هي م ص ر.. الجميع كان يردد وبحماس واضح هتافا واحدا لا يعكره أي شئ إرفع رأسك أنت مصري ولم يكشف أحد عن انتمائه الديني.! وحتي نظل هكذا ويجب أن نظل فإن الأمر يستوجب أن تسود قوة القانون وأن يحال مرتكبو الجريمتين للمحاكمة الجنائية وأن تسود بيننا قناعة بإننا جميعا مصريون نتقاسم وطنا واحدا.. فلا المسلمون ضيوفا علي أحد ولا المسيحيون أقلية بين المجتمع! المزيد من مقالات عبدالعظيم درويش