قدر الدكتور نبيل حشاد الخبير المالي والاقتصادي إجمالي الأموال المصرية غير المشروعة المهربة للخارج بنحو 57.2 مليار دولار خلال الفترة من عام 2000 وحتى 2008 ، أي بمتوسط 6.34 مليار دولار سنويا ، باستثناء عام 2007 الذي شهد بمفرده ارتشاحا للأموال المهربة بلغ 13 مليار دولار وعام 2008 الذي عصفت به الأزمة المالية بلغت الأموال المهربة 4.7 مليار دولار. وقال حشاد خلال ورشة العمل التي نظمتها الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية الليلة الماضية بالقاهرة بعنوان "هروب الأموال المشروعة وغير المشروعة وأثره على مستقبل الاقتصاد المصري - إن مصر حاليا في المرتبة الثالثة أفريقيا من حيث إجمالي الأموال غير المشروعة المهربة للخارج وفقا لأحدث تقارير منظمة النزاهة المالية الدولية. وأضاف أن تهريب الأموال المصرية غيرالمشروعة للخارج عن طريق سوء التسعير (خفض قيمة الصادرات وزيادة قيمة الواردات والعكس صحيح) قدرتها منظمة النزاهة المالية الدولية بواقع 2.54 مليار دولار سنويا ، فيما بلغت التدفقات المالية غير المسجلة في ميزان المدفوعات المصري (ناجمة عن التهرب الضريبي) بواقع 3.8 مليار دولار سنويا ، وهو ما يشكل متوسط الأموال المصرية غير المشروعة المهربة للخارج سنويا. وأكد حشاد - عضو الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية - أن القدرة على استعادة الأموال المنهوبة والمهربة للخارج تتطلب الإرادة السياسية لتحقيق ذلك واتباع الآليات الفنية التي ستتم بها النواحي القانونية لاسترداد تلك الأموال ، فضلا عن التعاون الدولي مع البلدان التي تقبع تلك الأموال في خزائن مصارفها وتوقع الدكتور نبيل حشاد الخبير المالي والاقتصادي أن يهوي مركز مصر في مؤشر الفساد العالمي من رقم 70 عالميا قبل ثورة 25 يناير ليصير بعد العراق (التي تحتل الخانة الأخيرة رقم 170 في الكشف) وذلك عقب ما كشفته الثورة من تغلغل الفساد الهائل في معظم مؤسسات الدولة وخصوصا فيما يتعلق بمجال الأعمال والذي تمخض عنه تحقيق الفاسدين لثروات طائلة غير مسبوقة من الرشاوي والعمولات والتهرب الضريبي لم يكن يتوقعها أحد وتقدر بالمليارات خاصة وأن الفساد كان ممنهجا ومؤسسا. وانتقد حشاد تضارب تصريحات المسؤولين بشأن البورصة المصرية وعدم الدقة في اتخاذ القرارات ، لاسيما وأننا نتحدث عن بورصة ناشئة لها وضع في السوق العالمي علاوة على وجود أجانب بها برأس مال قدره 8 مليارات دولار ، مضيفا أن التصريحات غير الدقيقة تتسبب في خفض الجدارة الائتمانية (التصنيف الائتماني) للسوق ، متسائلا دولة لاتتمتع باستقرار القوانين واتخاذ القرارات كيف تشجع المستثمر الأجنبي ؟. وطالب بضرورة تسريع الاجراءات المتعلقة باسترداد الأموال التي سرقها الفاسدون خلال تواجدهم في مواقعهم السياسية أو قربهم من أصحاب القرار ، وعدم التباطؤ عن المطالبة بتلك الحقوق لأن هذا ليس في مصلحة البلاد ، لاسيما وأن الدول الأجنبية التي لديها بعض الأموال المهربة قد بادرت من جانبها وأبدت استعدادها للتعاون من أجل إعادة تلك الأموال. ودعا المسؤولين المصريين بالإعلان الرسمي بطلب استعادتها ، كما عرضت الكثير من الشركات والمنظمات المتخصصة في استعادة الأموال المهربة للخارج تقديم المساعدة والدعم الفني وبدون مقابل أو عمولات مساندة للشعب المصري. وأشار الدكتور نبيل حشاد الخبير المالي والاقتصادي إلى تقرير البنك المركزي المصري بشأن ميزان المدفوعات والذي توقع أن يحقق فائضا قدره 571 مليون دولار خلال النصف الأول من عام 2010 -2011 مقابل 2.7 مليار دولار في النصف ذاته من العام السابق عليه ، فيما توقع التقرير أن يشهد الربع الثالث من العام المالي (الفترة من يناير وحتي مارس الجاري) عجزا يزيد عن 3 مليارات دولار. وأرجع حشاد ذلك إلى تأثر الصادرات المصرية للخارج فضلا عن شبه التوقف الذي يشهده النشاط السياحي وانخفاض تحويلات المصريين في الخارج ، ماخفض بدوره توقعات النمو الاقتصادي من 5.7 في المائة لتترواح بين 3.2 و 3 في المائة خلال العام القادم. وأكد حشاد أنه من نتائج ثورة 25 يناير أيضا توجه كثير من الاستثمارات الأجنبية والعربية لخارج مصر وذلك بسبب عدم الاستقرار ، وهذه أموال مشروعة قد ارتشحت خارج البلاد منها استثمارات أجنبية مباشرة وغير مباشرة فضلا عن الأموال الساخنة ، مؤكدا ضرورة أن تتجه الاصلاحات الاقتصادية لإعادة اكتساب ثقة المستثمرين المصريين والأجانب وأن تراعي الشفافية وتطبق الحوكمة وتحارب الفساد وتحقق العدالة الاجتماعية. من جانبها ، انتقدت الدكتورة كريمة كريم أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر طريقة إدارة البورصة المصرية ، مشيرة إلى أنه ليس من المنطقي أن تدار سوق ناشئة بنسبة استثمارات للمحافظ الأجنبية بداخلها تمثل 40 في المائة ما يعتبر خطورة كبيرة على السوق خآصة مع تنامي ظاهرة الأموال الساخنة وطالبت الدكتورة كريمة كريم أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر الحكومة المصرية بضرورة الترشيد في اتخاذ القرارات خلال الفترة القادمة وعدم تحميل الاقتصاد المصري بما لايطيق وعدم الإفراط في الوعود. متسائلة كيف في خضم تلك الأحداث نقوم بصرف علاوة 15 % للعاملين في الدولة وصرف مبالغ طائلة تقدر بنحو 50 ألف جنيه لكل شهيد من شهداء الثورة فضلا عن المعاش الشهري البالغ 1500 جنيه ، بخلاف الوعود بتطبيق الحد الأدني من الأجور خلال 6 شهور ، واصفة كل ذلك بالكوراث نظرا للظروف الحالية حسب قولها. تجدرالإشارة إلى أن منظمة النزاهة المالية الدولية قدرت إجمالي الأموال غير المشروعة المهربة للخارج على مستوى العام ككل عام 2006 بما يترواح بين 900 إلى 1.1 تريليون دولار فيما تراوحت بين 1.26 و 1.44 تريليون دولار عام 2008 بمتوسط سنوي يتراوح بين 725 إلى 810 ملايين دولار ، فيما بلغ إجماليها تريليوني دولار عام 2010 ، تمثل آسيا 44 % ، الشرق ا، أمريكا الاتينية 15.4 % ، أفريقيا 4.5 % وتحتل الصين الصدارة تتبعها روسيا والمكسيك ثم السعودية وماليزيا.