الاستعانة بالتراث التاريخي أو الشعبي شغل العديد من كتاب ومخرجي المسرح في كل العالم.. البعض كان يلجأ للتراث الإنساني لاحياء قيم يحملها أو للفخر به أو ربما هروبا من واقع مرفوض وأحيانا للاسقاط . وقول ما لا يمكن قوله عن العصر الحاضر.. مئات الأعمال الخالدة منذ شكسبير وموليير في المسرح العالمي ومرورا بعزيز أباظة وأحمد شوقي وبيرم التونسي وعشرات المبدعين في المسرح العربي. الجميع تناول التراث وقدم رسالته وأفكاره من خلاله.. وأيضا عشرات المخرجين عبروا عن ذلك التراث برؤية كل منهم له والمعاني التي يريد توصيلها عن طريق استخدام التراث سواء التاريخي أو الشعبي.. لهذا يكتسب كتاب الدكتور أشرف زكي الرؤية الاخراجية المعاصرة للتراث قيمة كبيرة فهو بحث في منطقة خصبة وشديدة الاتساع.. وهو بحث أكاديمي بلغة أدبية بسيطة ورشيقة وأيضا تحمل ثقافة المؤلف كباحث وأستاذ للفنون المسرحية, بالإضافة للخبرة العملية كمخرج ومنتج من خلال إدارته للبيت الفني للمسرح في الفترة الماضية, بالإضافة إلي المواكبة اليومية لحركة المسرح والفنون بشكل عام كنقيب للممثلين يقول الدكتور أشرف: راح عدد من الرواد المعاصرين أمثال توفيق الحكيم1902 1987 ويوسف إدريس1927 1991 ينادون بالدعوة نحو مسرح عربي حقيقي يعبر وبحق عن هموم ومشكلات الإنسان العربي.. بعيدا عن المسرح الغربي بكل تقنياته المستوردة وقد حاول كل منهما إيجاد صيغة عربية بديلة للمسرح الأوروبي أو الغربي شاركهم في ذلك آخرون أمثال د.علي الراعي د.محمد يوسف نجم محمد عزيزه روجيه عساف وعبدالكريم برشيد.. وجميعهم قدحاول البحث عن صيغة مسرحية تطرح الشخصية العربية وكذا الهوية العربية في شكل مسرحي يغاير الشكل الأوروبي للمسرح.. مما كان له أثر كبير في تعميق هذه الرؤية في البنية المعاصرة للمسرح.. سواء بالنسبة للنص المسرحي.. أو بالنسبة لتقنيات العرض المسرحي وذلك انطلاقا من فرضية أو بالأحري من حقيقة فنية مثبتة وهي أن المضمون الفني يوجد لذاته شكلا وقواما خاصا لذا كان طبيعيا أن تمتد هذه الرؤية لتشمل العرض المسرحي أيضا حيث يتغير شكله تبعا لتغير مضمونه؟؟. ويتناول الفصل الدراسي الأول من الكتاب دور المادة التراثية في تأصيل العرض المسرحي في مصر بينما يناقش الفصل الثاني المتغيرات الاجتماعية والسياسية وأثرها علي تناول التراث ويحتوي هذا الفصل علي مجموعة من الجداول التي تبين عدد وأسماء المسرحيات المعمدة علي التراث أو المستلهمة منه في كل مرحلة ومؤلفها ومخرجها وسنة العرض بحيث تسمح هذه الجداول لكل قاريء أن يستدل بوضوح علي نتاج هذه الفترة من المسرحيات ومدي تأثير التراث علي حركة المسرح ويقدم الفصل الثالث والأخير من الكتاب انعكاسات المادة التراثية علي عناصر العرض وأداء الممثل.. والكتاب يعد بحق إضافة غنية للباحثين وعشاق فن المسرح علي حد سواء.