تأكيدا لمصراوي.. الحد الأدنى لتنسيق علمي علوم 293 درجة -فيديو    اختبارات توجيه طلاب الإعدادية والثانوية إلى أفضل المسارات التعليمية    حروب تدمير العقول !    "الكهرباء" تدرس الاستعانة بشركات خاصة لتوفير مولدات للمناطق المتأثرة بالانقطاعات بالجيزة    وزير السياحة: نستهدف شرائح جديدة من السياح عبر التسويق الإلكتروني    ترامب: قدمنا 60 مليون دولار لإدخال أغذية إلى غزة قبل أسبوعين    بوتين يعلن إعادة هيكلة البحرية الروسية وتعزيز تسليحها    ارتفاع عدد ضحايا الهجوم على كنيسة بالكونغو الديموقراطية إلى 30 قتيلا    تحقيق| «35 دولارًا من أجل الخبز» و«أجنّة ميتة».. روايات من جريمة «القتل جوعًا» في غزة    بيراميدز يكشف سبب غياب رمضان صبحي عن مباراة قاسم باشا    16 صورة ترصد وصول بعثة الأهلي للقاهرة    إنبي في مجموعة قوية بكأس عاصمة مصر 2025-2026    ليفربول بين مطرقة الجماهير وسندان اللعب المالي النظيف    حادث مروع بالمنيا يودي بحياة مدير أمن الوادي الجديد (صور)    موجة شديدة الحرارة وسقوط أمطار على هذه المناطق.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس غدًا الإثنين    مدبولي يوجه بمراجعة أعمال الصيانة بجميع الطرق وتشديد العقوبات الخاصة بمخالفات القيادة    تأجيل محاكمة 108 متهمين بخلية "داعش القطامية" ل 28 أكتوبر    "أنا ست قوية ومش هسكت عن حقي".. أول تعليق من وفاء عامر بعد أزمتها الأخيرة    ب "لوك جديد"| ريم مصطفى تستمتع بإجازة الصيف.. والجمهور يغازلها    هل الحر الشديد غضبًا إلهيًا؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    بتوجيهات شيخ الأزهر.. قافلة إغاثية عاجلة من «بيت الزكاة والصدقات» في طريقها إلى غزة    بعد 11 عامًا.. الحياة تعود لمستشفى يخدم نصف مليون مواطن بسوهاج (صور)    تعرف على طرق الوقاية من الإجهاد الحراري في الصيف    ذكرى وفاة «طبيب الغلابة»    الغربية تستجيب لمطالب أولياء الأمور وتُخفض الحد الأدنى للقبول بالثانوي العام    «الداخلية»: مصرع عنصر جنائي شديد الخطورة عقب تبادل إطلاق النار مع الشرطة بالقليوبية    لماذا تؤجل محكمة العدل الدولية إصدار حكمها في قضية الإبادة الجماعية بغزة؟    الأردن يعلن إسقاط 25 طنا من المساعدات الغذائية على غزة    «فتح»: غزة بلا ملاذ آمن.. الاحتلال يقصف كل مكان والضحية الشعب الفلسطيني    نجوى كرم تتألق في حفلها بإسطنبول.. وتستعد لمهرجان قرطاج الدولي    غدًا.. وزير الثقافة ومحافظ الإسكندرية يفتتحان الدورة العاشرة لمعرض الإسكندرية للكتاب    يسرا ل"يوسف شاهين" في ذكراه: كنت من أجمل الهدايا اللي ربنا هداني بيها    وزير الثقافة يزور الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم بعد نقله إلى معهد ناصر    رانيا فريد شوقي تحيي ذكرى والدها: الأب الحنين ما بيروحش بيفضل جوه الروح    محافظ دمياط يطلق حملة نظافة لجسور نهر النيل بمدن المحافظة.. صور    وزير الإسكان يواصل متابعة موقف مبيعات وتسويق المشروعات بالمدن الجديدة    رئيس اقتصادية قناة السويس يستقبل وفدا صينيا لبحث التعاون المشترك    "تعليم أسوان" يعلن قائمة أوائل الدبلومات الفنية.. صور    العثور على جثة شخص بدار السلام    تجديد الثقة في الدكتور أسامة أحمد بلبل وكيلا لوزارة الصحة بالغربية    7 عادات صباحية تُسرّع فقدان الوزن    "دفاع النواب": حركة الداخلية ضخت دماء جديدة لمواكبة التحديات    بعد عودتها.. تعرف على أسعار أكبر سيارة تقدمها "ساوايست" في مصر    أمين الفتوى: النذر لا يسقط ويجب الوفاء به متى تيسر الحال أو تُخرَج كفارته    قبل كوكا.. ماذا قدم لاعبو الأهلي في الدوري التركي؟    وزير البترول يبحث خطط IPIC لصناعة المواسير لزيادة استثماراتها في مصر    لمروره بأزمة نفسيه.. انتحار سائق سرفيس شنقًا في الفيوم    مجلس جامعة بني سويف ينظم ممراً شرفياً لاستقبال الدكتور منصور حسن    الجيش السودانى معلقا على تشكيل حكومة موازية: سيبقى السودان موحدا    «مصر تستحق» «الوطنية للانتخابات» تحث الناخبين على التصويت فى انتخابات الشيوخ    وزير التموين يفتتح سوق "اليوم الواحد" بمنطقة الجمالية    مصر تنتصر ل«نون النسوة».. نائبات مصر تحت قبة البرلمان وحضور رقابي وتشريعي.. تمثيل نسائي واسع في مواقع قيادية    جواو فيليكس يقترب من الانتقال إلى النصر السعودي    فتوح يخوض تدريبات منفردة خارج الزمالك بعد أزمة الساحل    إصابة 11 شخصا في حادثة طعن بولاية ميشيجان الأمريكية    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر.. والإدعاء بحِلِّه تضليل وفتح لأبواب الانحراف    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    وسام أبو على بعد الرحيل: الأهلى علمنى معنى الفوز وشكرا لجمهوره العظيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحافة القومية‏..‏ الخروج من الأزمة‏!!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 03 - 2011

كشفت ثورة 25‏ يناير عن مدي الأوضاع الرديئة التي وصلت إليها الصحافة القومية في ظل قيادات عمدت إلي إضعافها أمام جمهور الرأي العام‏..‏ سيقول أحدهم إن الديمقراطيات العريقة لا تعرف نمط الصحافة القومية‏..‏ وهذا صحيح‏..‏ ولكننا في مصر لانزال في مرحلة الديمقراطية الناشئة‏,‏ حيث الطريق طويل أمام تكوين قيم إعلامية جديدة قادرة علي المزج بين الحق المطلق في المعرفة والنشر‏,‏ وبين المسئولية القومية والمجتمعية التي تشكل في النهاية الإدراك الحقيقي لمفهوم الأمن القومي‏..‏ وفي مرحلة مفصلية كهذه لا تستطيع الدولة أن تمارس ترف إضعاف أو تصفية الصحافة القومية‏.‏
كانت هذه الفقرة خلاصة لسلسلة من المقالات كتبتها في شهر يوليو‏7002,‏ محذرا من موجة كانت قد سرت حول بيع وتصفية الصحافة القومية بعد تعمد إضعافها أمام موجات الصحافة الخاصة التي تمكنت من كسب مساحات واسعة من الرأي العام‏.‏
ففي عام‏5002,‏ ومع التعيينات الجديدة للقيادات الصحفية‏,‏ بدا أن الأمر مدهشا‏,‏ وأن ثمة مخططا شاملا يتعلق بتصفية المؤسسات الصحفية عن بكرة أبيها قد دخل إلي حيز التنفيذ‏,‏ حيث كان من السهل علي جمهور القراء عامة والصحفيين خاصة‏,‏ ملاحظة أن أسوأ العناصر ذمة وأخلاقا وأقلهم خبرة ومهنية هي التي فازت بهذه المواقع المهمة التي ستكون مسئولة عن تشكيل وجدان الرأي العام مع بداية الفترة الخامسة من حكم الرئيس المخلوع مبارك‏,‏ مع التمهيد لمشروع التوريث الذي ذاع صيته في هذه الأيام إلي الدرجة التي راهن فيها الكثيرون علي أن الحكم قد انتقل بالفعل إلي مبارك الابن منذ أوائل الألفية الثالثة‏.‏ ولم يتبق سوي المراسم الرسمية التي حددتها التعديلات الدستورية المعيبة في المادة‏(67)‏ والتي كان مقررا تفعيلها في الانتخابات الرئاسية المقبلة‏,‏ لولا أن تداركتنا رحمة الله بثورة شعبية لم تكن علي البال ولا الخاطر رغم بعض المخاوف التي أطلقها شرفاء الوطن من إمكانية انطلاق الفوضي الخلاقة‏,‏ وأن الظروف مهيأة والمناخ فاسد‏,‏ ولكن شاءت الأقدار أن تعمي البصائر عن كل مسببات الثورة‏,‏ وأمد الله الطغاة في عميانهم‏.‏
ومنذ عام‏5002,‏ بدا أن المنحني قد أخذ في هبوط شديد لمسار الصحافة القومية التي وصل حال القائمين عليها كانوا يلجأون إلي شتائم قذرة إلي جمهور القراء إذا ما تطوع أحد من الصحفيين بتذكيرهم بأن الناس لهم حق في المعرفة وفي أن يجدوا أنفسهم علي صفحات صحفهم القومية‏,‏ بدلا من سهام التجريح والشتائم والدخول إلي المناطق المحرمة في حياة رموز العمل السياسي المعارض‏.‏
ومع بدايات عام‏7002,‏ وفي ظل موجات الهجرة للصحفيين الأكفاء من الصحافة القومية إلي الصحافة الخاصة والفضائيات الجديدة‏,‏ وفي رعاية من أوضاع مالية متردية عانت منها الأغلبية العظمي من الصحفيين الشرفاء وتراجع معدلات المهنية والمصداقية وتراكم الديون والخسائر‏,‏ سرت همهمات بأن الصحافة القومية باتت عبئا علي الدولة‏,‏ وأن النوايا تتجه إلي التخلص منها بالبيع‏,‏ كما هو الواقع مع الصروح الاقتصادية العملاقة التي بيعت لتحقيق أهداف خبيثة في تجريف البنية الأساسية للمجتمع المصري‏..‏ والمدهش أن إحدي القيادات الصحفية إياها كانت تروج مع ادعائها بمعرفة بواطن الأمور‏,‏ لفكرة أن الصحافة القومية زائلة في القريب العاجل‏.‏
وفي الفترة من‏9‏ يوليو وحتي‏03‏ يوليو من عام‏7002‏ كان لي شرف المبادرة إلي التحذير من الأزمة التي تمر بها الصحافة القومية‏..‏ ومن خلال أربع مقالات متتالية حاولت التنبيه إلي خطورة طرح خيار الخصخصة الذي يمس بالضرر أهم مقومات الأمن القومي المصري‏,‏ باعتبار أن هذه الصحافة القومية مازالت قادرة‏,‏ برغم الخراب الذي أصابها‏,‏ علي الحفاظ علي الحد الأدني من الوعي المجتمعي بقضايا الأمة وثوابتها الاستراتيجية‏.‏
وفي هذا الصدد‏,‏ فقد سبق أن قلت بالنص‏:‏ لانريد لعدوي الخصخصة المريرة لقطاعات الإنتاج الذراع الاقتصادية للدولة أن تنتقل إلي الصحافة القومية‏..‏ ولا نريد للوصفة ذاتها التي أضعفت القطاع العام وكبلته بسوء الإدارة والقيود والديون والبيروقراطية والفساد‏,‏ أن يجري تطبيقها قسرا علي ذراع الدولة الإعلامي فيجري وصمها بغير حق بالتخلف وتحقيق الخسائر‏,‏ ومن ثم ضرورة التخلص منها‏..!‏
والآن أصبح في حكم اليقين أن الصحافة الحزبية والخاصة برغم تجاوزاتها في كثير من الأحيان تمثل مع الصحافة القومية جناحي طائر المنظومة الصحفية المصرية الجديدة‏..‏ وإذا كانت أجواء الديمقراطية الناشئة قد أتاحت للجناح الأول أن يضرب بعنف في الهواء الطلق‏,‏ فإن منطق المسئولية الوطنية يقتضي عدم تكتيف وإضعاف جناح الصحافة القومية حتي لا يتخبط الطائر ويتهاوي‏..‏ وهو ما كان يسعي إليه قادة العمل الصحفي مع طغمة من مسئولي الحزب الوطني الذين كانوا يتطلعون إلي نسبة السمسرة التي ستؤول إليهم في حال بيع المؤسسات الصحفية إلي أذنابهم من رجال الأعمال‏.‏
وفي ظل ثورة‏52‏ يناير التي أطاحت بعدد كبير من رموز الفساد‏,‏ ومازالت تعمل بكفاءة في الإيقاع بكل من له صلة بهذه الشبكة المعقدة‏..‏ نتوقع أن تنال الصحافة القومية جانبا كبيرا من حملة التطهير التي تعيدها إلي القدرة علي التعامل الصادق مع نبض المجتمع‏,‏ بحيث يكون ولاؤها الأول هو للشعب والمجتمع‏,‏ ولا أتوقع أن تزيد الفترة الزمنية المطلوبة لاستعادة ثقة القارئ سوي أسابيع معدودة من العمل الجاد الذي سيؤدي حتما إلي استعادة القدرة علي العمل بفاعلية في تكوين الوجدان المصري‏.‏
وضمن أهم متطلبات إعادة التأهيل‏,‏ أن تتوصل الدولة مع مجلس الشوري إلي حل نهائي لأزمة المديونيات من خلال قرار جريء بشطب جميع الديون‏,‏ علي أن تبدأ صفحة جديدة من النظام المحاسبي الصارم مع نظام من الإدارة الرشيدة يضمن سلامة الأداء المالي وإعادة توزيع الدخول بالعدل داخل المؤسسات الصحفية مع الوضع في الاعتبار أن أجهزة التحرير لابد أن تأتي في المقدمة‏.‏
وأذكر أنني قبل نحو تسعة أشهر ومن خلال عدة اجتماعات مع زملاء أفاضل في الأهرام حذرت مرارا وتكرارا من مخاطر أن تتفوق أي من الصحف الخاصة علي توزيع الأهرام بنسخة واحدة‏,‏ الأمر الذي يعني أن تنتقل مصادر الدخل من الإعلانات إلي هذه الصحيفة الخاصة مع الانهيار التام لأكبر المؤسسات الصحفية المصرية‏.‏
وليس خافيا أن الانتصارات التي حققتها الصحافة الخاصة في الآونة الأخيرة‏,‏ إنما كانت حصيلة سلسلة من الإخفاقات والممارسات الفاسدة في الصحافة القومية‏,‏ ومن أهمها عدم الاهتمام بتحقيق زيادات حقيقية في دخول الصحفيين‏,‏ بما يتناسب مع اقرانهم الأقل منهم خبرة ودراية في الصحف الخاصة‏,‏ ولا يخفي أنه مع سيطرة رجال الأعمال المصريين والأجانب علي الجزء الأكبر من النشاط الاقتصادي أصبح من المحتم أن يكون للصحفيين عيون مليانة حتي لا يقعوا تحت تأثير أي اغراءات مادية‏,‏ والمؤكد في هذه القضية أن قدرا يسيرا من الجهد الذي يبذل لإفشال الصحافة القومية‏,‏ إذا تم توجيهه لوجهة الإصلاح والتطوير‏..‏ لجاءت النتائج مبهرة‏!‏
وعودة إلي قضيتنا الأهم في كيفية تقوية الصحافة القومية‏,‏ لابد من تأصيل مفهوم أنها تمثل المجتمع الذي هو أصل الدولة بجميع أطيافه الفكرية والفئوية وتياراته السياسية‏,‏ بحيث تصبح ملاذا حقيقيا للجميع في إطار من الشفافية والموضوعية وبما يضمن قيامها بمسئولياتها ودورها كصمام أمان‏..‏ ولا يتعارض كل ذلك مع كونها الصحافة المنوط بها إبراز الإيجابيات‏,‏ والمناقشة الموضوعية للسلبيات في مواجهة هذا الطوفان العارم من الصحافة الغاضبة التي نثق بأن فيضانها الهائج سوف ينتظم في المسار الهادئ والموضوعي عندما تصبح الديمقراطية جزءا من الثقافة المصرية العامة‏..‏ وعند هذه اللحظة يمكن إعادة النظر في وضعية الصحافة القومية‏.‏
المزيد من مقالات محمد السعدنى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.