محافظ الجيزة يزور الكنيسة الكاثوليكية لتقديم التهنئة بمناسبة عيد القيامة    تقدير كبير ل«قائد المسيرة».. سياسيون يتحدثون عن مدينة السيسي بسيناء    مغربي يصل بني سويف في رحلته إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج    الإسكان تُعلن تفاصيل تنفيذ 3068 شقة في مشروع "صواري" في بالإسكندرية    بايدن وبلينكن: "حماس" عقبة … طالباها بالإذعان لاتفاق لا يُوقف العدوان ولا يُعيد النازحين    الاعتراف بفلسطين.. دعم عربي وفيتو أمريكي    «كيربي»: روسيا تخرق قرارات الأمم المتحدة بشحن النفط إلى كوريا الشمالية    بعد سقوط توتنهام.. ليفربول يعود إلى دوري أبطال أوروبا في الموسم المقبل    صن داونز يهزم كايزر تشيفز بخماسية ويتوج بالدوري الجنوب إفريقي    السيطرة على حريق سوق الخردة بالشرقية، والقيادات الأمنية تعاين موقع الحادث (صور)    «كان» يمنح ميريل ستريب السعفة الذهبية في افتتاح دورته ال77    الفنان أحمد السقا يكشف عن الشخصية التي يريد تقديمها قبل وفاته    نعيم صبري: نجيب محفوظ هو مؤسس الرواية العربية الحديثة    إجابة غير متوقعة.. زاهي حواس يكشف حقيقة تدمير الفراعنة لآثارهم    توقعات برج الأسد في مايو 2024: «تُفتح له الأبواب أمام مشاريع جديدة مُربحة»    «يا خفي اللطف ادركني بلطفك الخفي».. دعاء يوم الجمعة لفك الكرب وتيسير الأمور    «الصحة» تدعم مستشفيات الشرقية بأجهزة أشعة بتكلفة 12 مليون جنيه    في يومها العالمي.. سبب الاحتفال بسمك التونة وفوائد تناولها    الصليب الأحمر الدولي يعلن مقتل سائقَين وإصابة 3 موظفين في السودان    القوات الروسية تتقدم في دونيتسك وتستولي على قرية أوشيريتين    استعدادًا لموسم السيول.. الوحدة المحلية لمدينة طور سيناء تطلق حملة لتطهير مجرى السيول ورفع الأحجار من أمام السدود    مصطفى كامل يحتفل بعقد قران ابنته    بيان عاجل من الأهلي بشأن أزمة الشحات والشيبي.. «خطوة قبل التصعيد»    أسعار النفط تستقر وسط ارتفاع المخزونات وهدوء التوترات الجيوسياسية    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    أستاذ بالأزهر يعلق على صورة الدكتور حسام موافي: تصرف غريب وهذه هي الحقيقة    جهود لضبط متهم بقتل زوجته في شبرا الخيمة    السجن 7 سنوات وغرامة مليون جنيه لشاب ينقب عن الآثار بأسيوط    "أسترازينيكا" تعترف بمشاكل لقاح كورونا وحكومة السيسي تدافع … ما السر؟    إصابة موظف بعد سقوطه من الطابق الرابع بمبنى الإذاعة والتلفزيون    نجوم الغناء والتمثيل في عقد قران ابنة مصطفى كامل.. فيديو وصور    لمدة أسبوع.. دولة عربية تتعرض لظواهر جوية قاسية    مصرع أربعيني ونجله دهسًا أسفل عجلات السكة الحديدية في المنيا    أخبار الأهلي: توقيع عقوبة كبيرة على لاعب الأهلي بفرمان من الخطيب    الأرصاد العمانية تحذر من أمطار الغد    أمين الفتوى ب«الإفتاء»: من أسس الحياء بين الزوجين الحفاظ على أسرار البيت    رسالة ودعاية بملايين.. خالد أبو بكر يعلق على زيارة الرئيس لمصنع هاير    مدينة السيسي.. «لمسة وفاء» لقائد مسيرة التنمية في سيناء    «المهندسين» تنعى عبد الخالق عياد رئيس لجنة الطاقة والبيئة ب«الشيوخ»    120 مشاركًا بالبرنامج التوعوي حول «السكتة الدماغية» بطب قناة السويس    «ماجنوم العقارية» تتعاقد مع «مينا لاستشارات التطوير»    مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة الباجورية بالمنوفية    فنون الأزياء تجمع أطفال الشارقة القرائي في ورشة عمل استضافتها منصة موضة وأزياء    ب 277.16 مليار جنيه.. «المركزي»: تسوية أكثر من 870 ألف عملية عبر مقاصة الشيكات خلال إبريل    ندوة توعوية بمستشفى العجمي ضمن الحملة القومية لأمراض القلب    "بسبب الصرف الصحي".. غلق شارع 79 عند تقاطعه مع شارعي 9 و10 بالمعادى    هجوم شرس من نجم ليفربول السابق على محمد صلاح    برلماني سوري: بلادنا فقدت الكثير من مواردها وهي بحاجة لدعم المنظمات الدولية    مستشار المفتي: تصدّينا لمحاولات هدم المرجعية واستعدنا ثقة المستفتين حول العالم (صور)    رئيس الوزراء يعقد اجتماعًا مع ممثلي أبرز 15 شركة كورية جنوبية تعمل في مصر    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولى العلمى الثانى للطب الطبيعى والتأهيلى وعلاج الروماتيزم    رانجنيك يرفض عرض تدريب بايرن ميونخ    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    الأهلي يجهز ياسر إبراهيم لتعويض غياب ربيعة أمام الجونة    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطريق الى 2020 : مكرم محمد أحمد يشخص واقع الإعلام ومستقبله

مصداقية الصحافة القومية علي المحك‏..‏ ويجب ألا تتحول الي كورس شبكة أصحاب البيزنس توغلت في كل الصحف‏..‏ وتأثيرها السياسي أكبر بكثير من تأثير السلطة
خلال السنوات العشر الماضية تغير الإعلام في مصر والعالم ربما أكثر من اي شئ اخر مدعوما بوسائل التكنولوجيا الحديثة وتقنية المعلومات التي حولت العالم إلي قرية صغيرة. فعلا‏..‏ لكن هذا التطور لم يصل مداه واثاره الايجابية والسلبية لم ولن تتوقف في العشر سنوات القادمة‏.‏ واذا كنا نحاول رسم صورة حقيقية لمصر بعد عشر سنوات فان هذا يستدعي بالضرورة استشراف حالة الاعلام بكل وسائطه ليس فقط كمهنة وانما لانه احد الوسائل المهمة والرئيسية في تحقيق والانتقال الي المستقبل ومحاربة الجهل والتخلف والتطرف ونشر التنوير أو السقوط في براثن كل ذلك‏..‏ مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين يقدم تقريرا عن حالة الإعلام المصري مشاكله وتحدياته ويبحر في فرصه وافاقه‏.‏
‏*‏ تحديات الصحافة لم ولن تتوقف لكن من وجهة نظرك ما هو اهم واكبر تحد تواجهه الصحافة المصرية في رحلتها للانتقال نحو المستقبل؟
القضية الاكثر اهمية هي الموازنة بين الحرية والمسئولية وبالرغم من ان بعض الصحف والصحفيين عثروا علي النغمة الصحيحة لكن للاسف فإن السائد اليوم هو عزف الكورس وهو عادة خاصة في الصحافة القومية تأتي بنتائج شكلية ولاتعطي مصداقية حقيقية وتجعل تلك الصحف غير قادرة علي الاستحواذ او التأثير او نشر او حتي جعل الناس يعتقدون في صدق ما تقوله واعتقد ان هذا ليس دور الصحافة القومية‏.‏
‏*‏ لكن هذا ليس عيبا في الصحافة القومية وحدها‏..‏ ماذا عن الصحافة الخاصة؟
صحافة القطاع الخاص لاتدرك خطورة انهيار مصداقيتها بسبب نشرها اخبارا غير مدققة ومعظم اخبارها ملونة تلوينا سياسيا
ونادرا ما يفلت خبر دون أن يكون ملعوبا فيه‏,‏ حتي إن بعض الصحف التي عبرت حاجز التوزيع تتعرض لخطر التشكيك في مصداقية أخبارها‏.‏
وأكبر شيء يقتل صحيفة هو أن تفقد مصداقيتها وهو أمر خطير قد لا يظهر تأثيره في المستقبل المنظور‏,‏ لكنه سيظهر حتما في المستقبل البعيد‏.‏
‏*‏ أنت تتحدث عن مشكلة غياب المهنية‏!,‏ نعم وأتصور أن مشكلة المهنية في الصحافة المصرية أساسية وأري ان صحفا بالمنطقة العربية أصبحت تؤدي أفضل من صحفنا‏,‏ من ناحية تقديم الخدمة الصحفية والالتزام بالمعايير المهنية الصحيحة‏,‏ والفصل بين الخبر والرأي‏.‏
‏*‏ وكيف تقيم تجربة رجال الأعمال في الصحافة؟
شبكة اصحاب البيزنس تدخلت وتوغلت في كل الصحف القومية وغير القومية‏,‏ بحيث أصبح تأثيرها السياسي أكبر بكثير من تأثير السلطة‏,‏ فالسلطة تتدخل ليؤيدها الصحفيون‏,‏ لكي يكون الجانب الدعائي لها أكثر وأن يكون التصدي للسلبيات شكليا‏,‏ لكن دخول رجال الأعمال في مهنة الصحافة بهذا الشكل غير المنضبط‏,‏ يؤدي إلي كسر كل الضوابط والحواجز التي تحافظ علي مصداقية الصحف‏.‏
مثل ماذا؟
حملات ضد بعضها البعض بالجملة‏,‏ تسخير صفحات لخدمات المصالح‏,‏ وصفحات مضادة لضرب مصالح منافسيهم‏,‏ وهذا أصبح أكثر خطورة من قضية المزج بين الإعلان والتحرير‏.‏
‏*‏ وما هي ملاحظتك أيضا علي الحالة الصحفية؟
عدم الاحترام الكامل للقانون‏,‏ والاستهانة بحقوق تصحيح الخطأ وعندما تقع أخطاء جسيمة يترفع الجميع عن الاعتذار وأبلغ دليل علي ذلك أن‏44‏ صحيفة ومجلة تناولوا حادث مقتل هبة ونادين تناولا خاطئا‏,‏ ينتفي تماما مع الحقيقة‏,‏ وليس له أساس من الصحة‏,‏ ومس عرض الضحيتين‏.‏
‏*‏ وما هي الأسباب التي أوصلتنا إلي هذه الحالة؟
أنا أتساءل‏..‏ هل أصبحنا متعجلين في اختيار رؤساء التحرير‏,‏ فجأة تجد شابا مبتدئا كل خبرته المهنية عام أو عامان يشعر بأنه مادام في يده قلم فمن حقه استخدامه بحرية لايحدها أي مسئولية‏..‏ هل ان بعض الصحف تصدر فقط لخدمة هدف وحيد وهو إرضاء الحكم‏,‏ ويأتي القارئ في مرتبة تالية؟‏..‏ هل الخوف من اتخاذ قرارات‏..‏ فمثلا نحن نشاهد أخبارا تختفي تماما من الصحف القومية‏..‏ برغم أن هذا غير ممكن ويؤدي إلي الانتقاص من قيمة تلك الصحف اعتقد ان فكرة الاختيار والنشر والقدرة علي التعامل مع الخبر دون خوف لاتزال مهزوزة وتحتاج إلي إعادة نظر‏.‏
‏*‏ وكيف تتوقع تأثير الإنترنت علي الصحافة؟
ربما هذه الصحافة الجديدة المعتمدة علي الإنترنت متباطئة قليلا في مصر‏,‏ لكن أظن أنه في غضون السنوات العشر القادمة ستتزايد معدلاتها لأن كلفة الصحف الورقية أصبحت عالية جدا مقارنة بالصحافة الالكترونية‏,‏ وبينما معدل القراءة في مصر يهبط بصورة حادة جدا تتزايد أعداد المشتركين في شبكة المعلومات الدولية بحدود‏12%‏ أو‏13%‏ سنويا‏..‏ صحيح أن استخدام الإنترنت لم يصل إلي الاستخدام الأمثل‏,‏ وكثيرون يستخدمونه للدردشة وتحميل الافلام وخلافه‏,‏ لكن طالما هذه الاداة موجودة سيطور الناس استخدامها‏,‏ وبالضرورة سوف يتزايد حسن الاستخدام‏.‏
‏*‏ وهل تدرك الصحافة في مصر خطورة هذا التحدي؟
حتي الآن لا تفطن لهذا التحدي حتي أننا في نقابة الصحفيين عندما اردنا ضم العاملين بالصحافة الالكترونية للنقابة واجهتنا مشكلة منح العضوية‏.‏ هل لمن يعملون في الصحف الالكترونية أم للمدونين والمدونات‏,‏ وعددهم بعشرات الآلاف ومعظمهم مواهب أم لأصحاب المواقع وأصبحت المشكلة هي عدم وجود تعريف جامع مانع للصحف الالكتروني لذلك نفكر في عقد مؤتمر يكون أحد أهدافه الوصول إلي هذا التعريف لمساعدتنا علي قبول الصحفيين الالكترونيين في جداول النقابة‏.‏
‏*‏ لكن بعض الصحف الكبيرة في العالم إما تعاني من أزمات مالية أو أغلقت نسخها الورقية وتحولت إلي صحف الكترونية‏,‏ كيف سيؤثر ذلك علينا في مصر؟
هذا صحيح‏..‏ صحيفة مثل الكريستيان ساينس مونيتور‏,‏ وهي من أكبر الصحف الأمريكية تصدر اليوم الكترونيا‏,‏ لكن يقولون الآن إن هناك صيغة يمكن أن توفق بين الصحيفة الورقية والالكترونية‏,‏ وتساعد في تخفيض كلفة الصحف الورقية وتحول الصحف الالكترونية إلي مورد للإعلانات‏,‏ وفي النهاية سيقع التعادل لكن هذا الكلام لايزال نظريا حتي الآن‏.‏
‏*‏ وما هو الواقع العملي؟
الواقع أن الكلفة الاقتصادية للصحافة الورقية تزداد‏,‏ وسوق الإعلان المصري ضيق والسوق العربي للإعلان تتنافس عليه الصحف الخليجية واللبنانية‏,‏ ويكاد يكون نصيب مصر منه هو الأقل‏,‏ لذلك فنحن سنواجه مشكلات اقتصادية في المستقبل‏.‏

‏*‏ وإذا تكلمنا عن المنافسة بين الصحافة القومية والخاصة حاليا‏.‏ أيهما سيفوز في المستقبل‏,‏ وهل سنشهد نهاية للصحف والمؤسسات القومية؟ لاتزال الصحافة القومية تحصل علي الحصة الأكبر من كعكة التوزيع وبرغم نشاط بعض الصحف الخاصة ونجاحها في تجاوز العديد من الحواجز‏,‏ وأصبحت في موقع المنافسة لهذه الصحف القديمة والمؤسسات الكبيرة فلا يزال الأمر مقصورا علي صحيفة أو صحيفتين علي الأكثر لكن القيم التوزيعية لباقي الصحف الخاصة لا يمكن مقارنتها بالصحف القومية‏.‏
‏*‏ لماذا؟
لأن عوار الصحف القومية يقابله عوار آخر في الصحف الخاصة‏,‏ وهناك خطر شديد وبطء شديد جدا علي طريق اكتمال الديمقراطية وبالتالي ستظل الدولة علي ملكيتها لهذه الوسائل‏,‏ ربما تعتقد الآن أن هذه الصحف لم تعد بنفس التأثير السابق‏,‏ وشكواها من الصحف تتدني مقارنة بشكواها من مجموعة النجوم الجدد في الفضائيات الذين يخاطبون عوام الناس وملايين الناس‏.‏
‏*‏ هذا يعني أن تأثير الصحافة يتراجع خاصة
في ظل تراجع التوزيع؟
توزيع الصحف في مصر يكاد يكون ثابتا لأن الزيادة المستمرة في الأسعار تطرد نسبا عالية من القراء‏,‏ ومن كان يشتري صحيفتين اصبح يشتري واحدة‏,‏ ومن كان يشتري صحيفة ومجلة اصبح يفضل الصحيفة‏,‏ حتي وصلنا إلي حرب شرسة بين المجلات في محاولة لكسب قاريء جديد لان فائض الدخل لايمكن رب الاسرة من شراء مجلة للأم ومجلة للابن وصحيفة له‏..‏ الوضع صعب جدا‏.‏
طيب‏..‏ هذا شكل خطرا علي الصحافة القومية‏,‏ نعم‏..‏ لكن في المستقبل لاتزال امامها فرصة للاستمرار‏,‏ وإذا اجريت استفتاء بين الصحفيين في الصحف الخاصة باستثناء صحيفة او اثنتين لوجدت كل الصحفيين يريدون الانتقال للصحف القومية لأن وضعها الاقتصادي‏,‏ رغم سوئه‏,‏ لايزال افضل من الصحف الاخري‏.‏
وفي جميع الاحوال مطلوب من صحف المستقبل جهد أكبر‏,‏ لأنه يكفي الجلوس امام نشرة الاخبار المسائية في التليفزيون حتي لاتكون بحاجة لقراءة الصحف‏,‏ وهو ما يستدعي وقفة انتباه من الصحفيين انفسهم لان مهنتهم في خطر وحياتهم ايضا‏.‏
في هذا الحوار تحدثت عن تقدم بعض الصحف العربية علي الصحف المصرية‏..‏ الا يشكل هذا تحديا جديدا؟
نعم‏..‏ لكن صحيح ايضا انه ليست هناك صحافة في العالم العربي تعادل شجاعة الصحافة المصرية‏,‏ لاتوجد مقدسات‏,‏ وحرية اقتصاد الافكار والاشخاص تكاد تكون بدون سقف وبالتالي لايستطيع احد المزايدة علينا‏..‏ واعتقد ان الشوط الكبير الذي قطعته الصحافة المصرية في حرية الرأي‏,‏ قد يحتاج اعواما طويلة حتي تصل إليه دول كثيرة‏..‏ والفارق لايزال شاسعا‏.‏
لكن القياس بالمقاييس الأوروبية
قد يعني ان الامر مختلف؟
الصحافة في مصر عمرها أكثر من مائة عام‏,‏ في مصر ثلاث مؤسسات هي الأهرام ودار الهلال والايجيبسيان جازيت تقترب من‏051‏ عاما‏,‏ مما يعني وجود صحافة اصيلة في هذا البلد تحكمها تقاليد عريقة‏,‏ وتوجد ايضا مؤسسة نقابية قوية وقديمة‏.‏
والمنافسة بين الصحافة والفضائيات ستحسم لمن؟
برامج التوك شو عبارة عن متابعة للكثير من الأخبار التي تنشرها الصحف‏,‏ وللأسف من يعملون في تلك الصحف هم انفسهم سيعملون في هذه البرامج‏,‏ ويكاد يكون العمل في البرامج علي حساب صحفهم القومية‏,‏ قديما كان الانتماء للصحيفة مقدس‏,‏ لايجوز التفريط فيه‏,‏ لكن للأسف لم يعد موجودا بسبب ضعف الدخول‏,‏ وما يحصل عليه الصحف من الاعداد التليفزيوني يساعده علي ستر حياته لان راتبه من الصحيفة التي يعمل بها لايساوي شيئا‏.‏
وفي اعتقادي اننا لم نجرب بعد في العمل الصحف الجودة‏,‏ والتفرد وعمق المعالجة الخبرية واذا جربناها يمكن ان تصمد الصحافة في سوق المنافسة‏.‏
خلال انتخابات نقابة الصحفيين الأخيرة وقبلها هناك حديث طويل عريض عن تحدي الأوضاع الاقتصادية للصحفيين انفسهم‏..‏ كيف سيؤثر ذلك علي مستقبل الصحافة المصرية‏..‏ خاصة ان بعض المؤسسات القومية والخاصة علي السواء تعاني من مشاكل اقتصادية‏.‏
رغم الزيادات المحدودة التي تطرأ في شكل بدلات‏,‏ لايزال وضع الصحفيين الاقتصادي صعبا جدا‏,‏ ولايستقيم مع وجود صحفي نزيه قادر علي الحفاظ علي كلمة وضمان حياة مقبولة‏,‏ والتوجه لحل هذه المشكلة عبر الضغط علي الحكومة ليس أكثر من حلول مؤقتة لكن الاصل ان يحصل الصحفي علي حقوقه من صحيفته‏.‏
اذا انتقلنا إلي مستقبل التليفزيون وهو اعلام اخر‏,‏ كيف تري مستقبل التليفزيون الحكومي القومي في مواجهة الفضائيات الخاصة‏.‏
الذين يتصورون انهم يمكنهم اغلاق السموات موهومون‏,‏ واشك إنهم لايزالون موجودين فبضغطة زر تستطيع الانتقال إلي عوالم كثيرة سواء علي الانترنت أو الفضائيات‏..‏ السموات ونصف اطالع‏16‏ صحيفة عالمية‏.‏
نحن في سباق منافسة‏,‏ والسوق مفتوحة‏,‏ النيوزويك الأمريكية تصدر بالعربية‏,‏ واللوموند الفرنسية وتركيا افتتحت فضائية تبث بالعربية‏,‏ إذن العالم العربي مفتوح علي أسواق جديدة‏,‏ أو يتحول إلي سوق جديدة لكثير من أدوات الإعلام من صحف وفضائيات تسعي لتعزيز مصالح دول أخري‏,‏ وبالتالي المنافسة تشتد‏,‏ والصحيفة أو المحطة التليفزيونية سلعة إذا لم تجودها سيلجأ الناس إلي المنافس‏,‏ وإذا لم يجدوا في المنافس العربي ما يرضيهم سيلجأون إلي السلعة الأجنبية ونحن نري بدايات ذلك الآن‏.‏
‏*‏ هل هذا يعكس خوفا علي مستقبل مهنة الصحافة والإعلام في مصر؟
نعم هناك تخوفات لكن في نفس الوقت يجب ألا نستهين بتراث الصحافة في هذا البلد‏,‏ فهذه المهنة لم تتوقف عن انجاب مواهب جديدة‏,‏ ولدينا أجيال جديدة في بعض الصحف قدموا أخبارا مختلفة‏,‏ ومجتمعا أخباريا مغايرا‏,‏ وأنشأوا اهتمامات جديدة داخل القارئ‏,‏ ولفتوا انتباهه إلي وجود عالم أوسع بكثير جدا من دواوين الحكومة‏.‏
لدينا أيضا عشرات الكتاب الذين لم يتربوا في ظل الرقابة يكتبون بجرأة‏,‏ صحيح أنهم مستعجلون‏,‏ ولديهم بعض المشاكل المهنية مثل غياب التدقيق‏,‏ لكن في النهاية نري كتابا وصحفيين موهوبين‏,‏ يكتبون تحقيقات صحفية كافية وشافية‏,‏ ممايعني أن الإبداع الصحفي المصري لا يزال نهرا فياضا ومستمرا رغم كل المشاكل التي نتحدث عنها‏.‏
‏*‏ لكن المهم هو تصحيح الأخطاء
والمشاكل التي تحدثت عنها‏.‏
يوجد إدراك للمشكلة‏,‏ الصحفيون يعرفون‏,‏ ونقابتهم تدرك مشكلتهم‏,‏ وتحارب من أجلها‏,‏ وندق الأبواب بعنف‏,‏ وهذا يعطينا الأمل في التغيير للأفضل لأن من لا يغيرون يجب أن يتغيروا‏.‏
‏*‏ وكيف تشكل المدونات خطرا وتحديا علي الصحافة التقليدية في ظل وجود عشرات الآلاف من المدونيين والمدونات؟
هذا خطر مهم جدا جدا‏,‏ لأن اجيالا بأكملها لا تعتمد علي الصحافة الآن‏,‏ تنتج أعلامها بنفسها في المدونات‏,‏ وتستهلكه بعيدا عن الرأي العام‏,‏ وهذا معناه أن جزءا كبيرا من المستقبل يهرب منا‏,‏ وأنا استغرب عدم وجود صفحة يومية في أي صحيفة مصرية لإجراء حوارات مع المدونيين والمدونات‏,‏ تنشر عنهم بعض الأخبار الصحيحة‏,‏ وتنتقدهم في الاخبار الخاطئة‏,‏ تتكلم عن نبوغهم في الكتابة‏.‏
أعتقد أن الصحافة القومية والخاصة تركتب خطأ جسيما حينما تترك المدونين والمدونات والحوار يكاد يكون مقطوعا بينهم‏,‏ وهذا غير موجود في أي مكان آخر في العالم‏,‏ النيويورك تايمز مثلا فيها باب للمدونين‏,‏ بل أن بعض المدونين يقفزون من المدونات إلي الصحف الكبري‏.‏
‏*‏ هل تعتقد أن صدر الدولة يمكن أن يضيق بهذه الحرية أو حتي الانفلات في الصحافة والفضائيات والمدونات؟
صدر الدولة يضيق‏,‏ لكن أدواتها لم تعد كالسابق‏,‏ فأنت لا تعيش معزولا عن العالم‏,‏ وما كنت تفعله في الأمس‏,‏ لا يمكن القيام به اليوم‏.‏
‏*‏ مثل ماذا؟
يعني موضوع مظاهرة‏6‏ أبريل ماذا كان سيحدث لو احاطهم الأمن وتركهم في الشارع يقولون ما لديهم‏..‏ المظاهرات أمام مجلسي الشعب والشوري والناس يبيتون علي الرصيف ويقولون ما يحلو لهم‏..‏ وهناك صحف تكتب أقصي مما يقوله هؤلاء‏.‏
‏*‏ لكنهم لم يحصلوا علي ترخيص؟
نعم‏..‏ لكن علينا أن نكون أكثر صبرا علي هذا الجيل‏,‏ وألا نخطئ في التعامل بحيث لا نصنع من ظواهر بسيطة ومحدودة كرة ثلج تكبر كل يوم‏.‏
‏*‏ أستاذ مكرم بعيدا عن أوضاع الصحافة والاعلام كيف تقرأ حال ومستقبل الجماعات الاسلامية وقد سبق لهم حوارهم في أكثر من مناسبة؟
التطورات داخل تلك الحركات مهمة جدا وجميلة جدا‏,‏ انتهي عصر التنظيمات الكبري مثل الجماعات الاسلامية التي كانت مكونة من عدة آلاف‏,‏ وكذلك الأمر بالنسبة للجهاد أما الجماعات الصغيرة فهي متناثرة ولاتزيد علي مجموعات صغيرة إلي ان يأتي الخطر من الخارج مثل القاعدة‏.‏
في كل الأحوال القوة الكبيرة التي كانت موجودة للفكر الديني السلفي تتراجع كثيرا في مصر والعالم أجمع‏,‏ وهذا الخطر لم يعد حالا علي الاطلاق‏.‏
‏**‏ وماذا عن الإخوان؟
الاخوان شيء آخر فهم تنظيم دقيق لايزال لاينكر رغبته في الاستيلاء علي السلطة‏,‏ وهو يسعي دائما ان يكون له وجه خارجي بشوش‏,‏ وآخر داخلي يعد عدته لكي يقفز علي السلطة متي ظهر له ذلك‏..‏ وللأسف البعض يقول ان لهم مشروعية‏,‏ وأنا لا أري ذلك لأن مشروعيتهم ينبغي أن تنبع من أمرين الأول وضوح المقاصد والأهداف هل هم حزب أم جماعة دينية‏,‏ فاذا كانوا حزبا عليهم تقديم برنامج سياسي واضح نتعامل به علي أساس عقلاني وسياسي‏..‏ لايقولون الملا ولا المرشد العام‏,‏ ولا حتي النص الديني‏,‏ فاذا كانت لهم رؤية في النص الديني‏,‏ أنا لي رؤية أخري‏,‏ وليس لديهم تخويل بأن يكونوا الجهة الوحيدة التي تحتكر التفسير الصحيح‏..‏ ولا أنا أيضا‏..‏ وباب الاجتهاد مفتوح لم يغلق‏.‏ والقاعدة الصحيحة التي قام الأزهر عليها هي في اختلاف الفقهاء رحمة‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.