من وراء ظاهرة الزيادة المستمرة في أسعار اللحوم؟ لايمر شهر إلإ وترتفع اسعار اللحوم بدون أي مبرر.. الكل يلقي بالتهمة علي الآخر. الجزارون يشيرون باصابع الاتهام الي المنتجين والمربين الذين يلقون بدورهم التهمة علي منتجي الاعلاف. ووزارة التجارة تقف حائرة وتحاول تحقيق الاستقرار في الاسعار عن طريق السماح بالاستيراد لسد الفجوة بين الانتاج والاستهلاك.. في النهاية المواطن هو الضحية ايا كانت اسباب الارتفاع المستمر للاسعار. الدكتور توفيق شلبي( رئيس قطاع تنمية الثروة الحيوانية بوزارة الزراعة يقول: ليس دورنا التدخل لتسعير اللحوم لدي الجزارين لاننا نعيش في ظل اقتصاد حر وسياسة عرض وطلب وآلية سوق هي التي تحدد السعر واذا رأي المستهلك ان سعر كيلو اللحوم لدي الجزار أعلي من مقدرته علي الشراء فهناك حلول بديلة ممثلة في لحوم في منافذ مخصصة تبيع باسعار في متناول المستهلك وهناك ايضا لحوم بلدي ومستوردة ومجمدة في المجمعات. سألته لماذا لايوجد استثمار جاد لتنمية الثروة الحيوانية؟ فأجاب: منذ سنوات طويلة معروف ان الانتاج المحلي من اللحوم لايكفي لتغطية الطلب وانه يمثل60% فقط وتم استيراد40% من اللحوم لتغطية احتياجاتنا. ومع زيادة السكان تزيد احتياجاتهم من اللحوم الحمراء أي هناك زيادة في الطلب علي حساب المعروض, بالاضافة لتغيير نمط المستهلك وارتفاع مستويات المعيشة ودخول شريحة لم تكن تعتمد علي اللحوم من قبل وأصبحت مستهلكة الآن, ومحال التيك اواي التي تستهلك ايضا كميات كبيرة من اللحوم الموجودة. وحتي عندما نحاول زيادة المعروض من الثروة الحيوانية فان الزيادة السكانية تلتهم هذه الزيادة وتظل مشكلة نقص المعروض موجودة وبالتالي ارتفاع الاسعار.. بالاضافة لثبات مساحة الرقعة الزراعية وعدم وجود المراعي ومحدودية الارض الزراعية اذن التوسع الآفقي غير ممكن والبديل هو التوسع الرأسي من خلال زيادة الانتاجية من الوحدة الحيوانية ومنح قروض للمربين بفوائد بسيطة لتمويل مشروع البتلو في صورته الجديدة وتشجيع تربيته لعدم ذبحه في سن صغيرة حتي يعطي انتاجا أكثر. وأسأل الدكتور حسن شفيق( رئيس الادارة المركزية للمجازر والصحة العامة) ما دوركم في هذه القصة فيرد قائلا: ليس لنا علاقة بكميات اللحوم المعروضة في الاسواق واسعارها نحن نفتح المجازر للذبح ومسئولياتنا الجودة والصلاحية واعطاء موافقات لمن يرغب في الاستيراد ونطمئن علي صلاحية ما يستورده من لحوم للاستهلاك الآدمي. أما قصة منافذ طرح اللحوم البلدية فهي مسئولية المحليات ووزارة التجارة. ويقول اللواء محمد ابو شادي( رئيس قطاع التجارة الداخلية بوزارة التجارة والصناعة): بالفعل عندنا ازمة في اللحوم واسبابها معروفة واهمها زيادة الطلب الذي لايتناسب مع انتاجنا من الثروة الحيوانية وعدم وجود اعلاف كافية, وذبح البتلو, ووجود امراض متوطنة في الحيوانات مثل الطاعون البقري والحمي القلاعية, وعوامل اخري منه انفلونزا الطيور التي ضربت الثروة الداجنة في مقتل واثرت علي هذه الصناعة ورفعت اسعار اللحوم البيضاء وكان البديل امام المستهلك هو اللحوم الحمراء فارتفعت اسعارها. وفي رايي ان توقف مشروع البتلو اثر بشدة فكان اثناء وجوده يمد الاسواق بكميات كبيرة من اللحوم. ووزارة التجارة لها استراتيجية لتحقيق التوازن الكمي والسعري في الاسواق يتمثل ذلك في تشجيع الاستيراد وفتحنا بالفعل اسواقا جديدة في افريقيا اثيوبيا والسودان وجيبوتي بالاضافة للاسواق التقليدية التي نستورد منهاوهي البرازيل والهند والارجنتين, وتسعي وزارة التجارة لخفض الجمارك علي اللحوم المستوردة او تقوم بالغائها تماما. ويتم طرح هذه اللحوم المستوردة في المجمعات الاستهلاكية النيل والاهرام ومن خلال الشركة المصرية للحوم والدواجن( التعاون الاستهلاكي) ويضم3600 منفذ علي مستوي الجمهورية وهي لاتستهدف الربح بل تقدم خدمة من خلال اعطائها حصصا من اللحوم المستوردة واللحوم البلدية. وبالنسبة للحوم الاثيوبية هناك خط جوي لاستيراد اللحوم المذبوحة بالاضافة لاستيراد عجول يتم ذبحها في مصر وستطرح في المجمعات بسعر30 جنيها للكيلو. وفي المجمعات لحوم مجمدة بسعر يتراوح بين20 جنيها و25 جنيها. وتعتمد محافظة القاهرة علي المجمعات وبعض المحليات مثل الجيزة وفي الوجهين القبلي والبحري تم تخصيص منافذ لطرح لحوم بلدية باسعار في متناول المستهلك. اللحوم متوافرة تحقيقات الاهرام قامت بجولة داخل مجمعات النيل وسومانيل في مناطق مختلفة وتبين وجود لحوم برازيلي مستوردة مجمدة بسعر الكيلو20,5 جنيه( قطع موزة), ولحوم بلدي بسعر الكيلو35 جنيها واسأل عاملة باحد المجمعات هل هناك إقبال فتجيب: نعم هناك مستهلك للحوم المستوردة وآخر للحوم البلدي. وفي مجال الجزارة اخترت نماذج من منطقة شعبية الشرابية وشبرا احد اصحاب محال الجزارة رمضان إمام عبدالخالق يقول: اسعار اللحوم زادت بعد عيد الاضحي ووصل سعر كيلو الكندوز الصغير45 جنيها وكيلو الكندوز الكبير35 جنيها والجزار لايرفع السعر بل المنتج هو الذي يتحكم ويحتكر. وفي محل جزارة بالزمالك يؤكد نفس الكلام مجدي زهران: سعر كيلو اللحم الكندوز الصغير50 جنيها والبتلو60 جنيها والاسعار زادت لان التجار رفعوا اسعار الذبائح والبتلو بالذات محظور ذبحه وتأخذه الحكومة لتربيته وتسمينه ثم طرحه في السوق, ولأول مرة هذا الشتاء لايوجد البتلو الذي كان يتوافر في الشتاء وشهر يناير بالذات بسعر رخيص. ويلخص محمد وهبة( رئيس شعبة الجزارين بالغرفة التجارية): مشكلة ارتفاع اسعار اللحوم في نقص الانتاج المحلي فيقول: لايوجد استثمار حقيقي في الإنتاج الحيواني, وهناك نقص متزايد في الانتاج المحلي من اللحوم وتعتمد الدولة في حلها للمشكلة علي الاستيراد. وارتفاع الاسعار يضر بالزبون والجزار حيث تنكمش المبيعات وتنخفض القدرة الشرائية. ولانستطيع تجاهل مشكلة الدواجن وتأثيرها علي ارتفاع اسعار اللحوم حتي في الريف لان الزبون عندما تزيد اسعار الطيور يتجه للحوم. والجزار آخر حلقة في تداول اللحوم ولابد من خطوة ايجابية من وزارة الزراعة لزيادة الانتاج الحيواني بدلا من الاعتماد علي الاستيراد. الإعلام والبورصة العالمية يقول ناصر حسن( مستورد اعلاف): نقوم باستيراد مكونات الاعلاف وتصنيعها محليا, وهذه المكونات هي الذرة والصويا والمركزات, وطبعا اسعار الذرة والصويا تتفاوت ارتفاعا وانخفاضا بالبورصة العالمية ولايوجد سعر ثابت, علي سبيل المثال سعر طن الصويا من عشرة ايام كان2600 جنيه زاد الي2950 ثم بعد يومين هبط الي2900 وبعدها وصل سعر الطن الي2830 يعني تغير السعر خلال الشهر أربع مرات وطبعا هذا يؤثر بالتالي علي سعر العلف. والمنتج وصاحب المزرعة يحسبها حسبه اقتصادية بالورقة والقلم يبيع عند عمر ووزن معين لانها لو قعدت سوف تقف عليه بخسارة ستحتاج لاعلاف ومصاريف وتزيد التكلفة وسعر بيعها ثابت فالافضل له ان يبيعها قبل أن تصل للوزن الذي تكون الزيادة فيه غير مربحة بحيث تزيد جرامات ويحتاج لعلف بسعر اكبر أو ما يعرف بمعامل التحويل يحسب تكلفة التسمين في مقابل ما ترميه من لحم ويحسب الفرق بين الاثنين ويبيعها أو يذبحها عند الوزن الذي يحقق له المكسب. نعود لقصة مكونات الاعلاف ونعتمد في استيرادها علي امريكا وتمثل من75% الي80% من استيراد فول الصويا والذرة منها والباقي من الارجنتين ورومانيا وروسيا واوكرانيا. وعن صناعة الاعلاف محليا يقول الدكتور صلاح بسيوني( مستورد أعلاف): يوجد الآن مصنعان رئيسيان لتصنيع الاعلاف محليا احدهما مغلق وبه عملية صيانة وبالتالي الثاني لايغطي الانتاج وهناك نقص في المعروض من الاعلاف المحلية. العام الماضي تم استيراد300 الف طن اعلاف وقد أثر هذا الكم علي الانتاج المحلي, وعلي مستوي الاسعار كان سعر طن الصويا العام الماضي2600 جنيه ارتفع بعد الأزمة العالمية الي2900 جنيه.