كل مصري ومصرية ترنو أسماعه وأبصاره بل وكل حواسه إلي بلاده.. إلي مصر.. ويتطلع إلي انتصارها واستقرارها وتطورها.. يعرف أن الثورة ليست غاية.. ولكنها طريق للتغيير وبناء الأوطان.. فالحالة المصرية الراهنة مشهد لا يتكرر في عمر الأجيال.. ولكنه يحدث ويحفر في عمر الأوطان. تحسب خلاله خطوات المرء وآراؤه بل والمؤسسات والجماعات بميزان حساس, قد لا تدركه النفوس المتلهفة في فوران الحالة الثورية بكل عنفوانها وتطلعاتها المستقبلية.. ولكن بكل اليقين والمعرفة فالعقول لا تضيع. مصر في لحظة الخطر والسقوط الأمني.. كانت بها مؤسسات لجأ إليها الوطن لحمايته من الصراعات والانهيار.. مؤسستنا العسكرية ورموزها احتلت المقدمة وكانت كعهدنا بها العمود الفقري للوطن, به يقوم ويصلب عوده.. حمت الشعب وطموحاته وتطلعاته, بل وجعلت الثورة الشعبية التي قادها الشباب رافدا لإعادة بعث الدولة المصرية في طور جديد أكثر تقدما عبر استيعابها المرحلة الانتقالية.. وانتقلت علي الفور لبناء الجمهورية الجديدة.. التي تستند إلي مقومات وأهداف الثورة الشعبية.. مع إعادة تشغيل وتقوية كل مؤسسات الدولة لتشاركها عملية بناء صعبة ودقيقة في ظروف بالغة الحساسية. نحن قادرون علي الاعتراف بأخطائنا.. بل ونقبل بالتغيير والتطور ونسلم به.. بلا انفلات أو انهيارات حرصا علي المستقبل.. لأننا حمينا المؤسسات وحافظنا علي الأدوار التي كلفنا بها عبر عمل مضن تتفاوت فيه المسئولية بين جماعية وفردية.. ونتحمل نصيبنا من الحساب لنا أو علينا.. ولكن المبهر أن سرعة حركتها تخطف الأبصار.. وكان هؤلاء الرجال علي مستوي مسئولية الحدث ولايثيرهم أي بريق للسلطة أو الشهرة, يقودون التطور ويشرحون معني اللحظة ويعبرون عن سياسات مصر المستقبلية وينكرون ذواتهم.. هكذا كانوا في مرحلة ما قبل الثورة.. وهكذا يريدون في المرحلة الانتقالية.. فهم في مهمة يريدون إنجازها من أجل الوطن.. ليعودوا إلي رباطهم.. لأنهم في رباط إلي يوم الدين. الشعب وشبابه أدرك مفهوم المرحلة الانتقالية.. بل إن السياسيين وأحزابهم يتكيفون ويستعدون للانتخابات المقبلة بشقيها الرئاسي والبرلماني. ومصر تنظر حولها.. فتري أنها مازالت قادرة علي إلهام الآخرين وعلي تقديم النموذج لمنطقتها في كيفية إدارة المتغيرات والتحولات, بل إن كل الأحداث التي تدور حولنا في منطقتنا العربية.. في تونس وليبيا واليمن بل وفي كل المغرب والخليج العربيين تبرهن وتعلن أن مفهوم العصر وتطوراته المتلاحقة.. يتكرس في مصر الآن وبين المصريين باختلاف طوائفهم ومشاربهم واتجاهاتهم السياسية المتباينة. تنبع خطورة اللحظة الراهنة في مصر ودقتها وتاريخيتها بل وصعوبتها من أنها ليست نهاية جمهورية مصر الرابعة فقط.. بل نهاية جمهوريات تعاقبت علي مصر بعد سقوط الملكيه وقيام الجمهورية بعد ثورة الخمسينيات التي قادها الجيش واعترف بها الشعب..إلي جمهورية جديدة.. تقوم علي شرعية ثورة الشعب التي اعترف بها الجيش بل وحماها ويقود مرحلتها الانتقالية بكل إخلاص وتجرد وقدرة.. فمصر تدخل عصرا جديدا ملامحه قوية وبارزة بل وواضحة ومعلنة من الشارع والرأي العام. ولكل المتصدرين الآن الذين يصفون حساباتهم.. عليهم أن يعيدوا الحساب ويعترفوا بتطورات الزمن والتاريخ عبر معرفة دقة المتغيرات.. لأن بلادنا لن تقوم بثورات كل يوم.. فهذه الثورة ومتغيراتها التي بدأت من اليوم الأول52 يناير..1102 كان صلب نجاحها هو اعتراف القيادة الموجودة في ذلك الوقت بكل أهدافها من الدقيقة الأولي وبادرت بإعلان ذلك, برغم بعض المكابرة والعند لدي بعض المحيطين بها لتعويقها أو تأخير اعترافها.. ولكنها استطاعت برغم بطء الاستجابة والتغيير وحفظا لتاريخها ودورها قد فعلت وحقنت الدماء وحفظت التطور بل وحمت الثورة. ........................ وعلينا في المؤسسات وعبر ربوع الوطن وخاصة المؤسسات القومية الصحفية أن نعترف بهذا التغيير والتكيف معه.. بكل قوة.. فقد انتهي عصر وبدأ عصر جديد.. ولكن من يريدون أن يحملوا الصحافة القومية كل أوزار الماضي.. فهم يهربون بعيدا ويحملونها فوق طاقتها, بل ويحملون قياداتها وحدهم مسئوليات تتابعت عبر أجيال قبلهم.. وبالرغم من ذلك أقول لهم: نحن قادرون علي الاعتراف بأخطائنا.. بل ونقبل بالتغيير والتطور ونسلم به.. بلا انفلات أو انهيارات حرصا علي المستقبل.. لأننا حمينا المؤسسات وحافظنا علي الأدوار التي كلفنا بها عبر عمل مضن تتفاوت فيه المسئولية بين جماعية وفردية.. ونتحمل نصيبنا من الحساب لنا أو علينا.. ولكن الحساب السياسي لن يكون للذين تحملوا المسئولية في الجمهورية الأخيرة فقط.. بل يشمل كل الذين تحملوا المسئولية في الجمهوريات الأربع المتتابعة.. والذين خلقوا صيغة الصحافة القومية بعد التأميم والذين ربطوا بين الملكية والإدارة.. حتي عندما فتحوا الباب أمام الصحافة الخاصة والحزبية ربطوا بين إدارتها وملاكها من القطاع الخاص أو الأحزاب بشكل أثر علي مكانة الصحافة المصرية وقدرتها ومستقبلها وتطورها في السنوات الستين منذ الثورة الأولي وحتي الآن!. ........................ ولكن سنن الحياة هي التغيير بل التشوق إليه.. وأعبر عن رغبتي في أن أشهد حقبه تتغير فيها كل معطيات الصحافة القومية وقياداتها. ما حدث في مصر كبير وستكون له تأثيرات مستقبلية وأثر أكبر.. ويجب الاعتراف بالخطايا التي أوصلت إليه.. ومحاسبة المخطئين.. ومحاكمة الفاسدين.. أيا كانت مكانتهم حتي نطمئن للمستقبل ولما يأتي بعد الثورة من أنه سيكون نظيفا طاهرا لبناء مستقبل مشرف للبلاد. ونحن مطمئنون.. لأننا مازلنا برغم الثورة وتطوراتها وقدراتها وتطلعاتها المستقبلية الكبيرة بل والعظيمة, والشائعات والأقاويل المرسلة, في دولة قانون.. وسوف يحسب تاريخيا للإدارة الحالية للمرحلة الانتقالية للقوات المسلحة وحكومتها الراهنة أنها تدير اللحظة الثورية بعقلية تتطلع للبناء وللمستقبل بلا تصفية حسابات أو تغييب للقانون, بل تحرص علي أن تديرها بدون إجراءات استثنائية أو عقابية تتطلبها كل الثورات.. بل وتتحصن بالقانون. السلطة القضائية والنيابة العامة تتحرك وبسرعة للحفاظ علي حقوق مصر وحقوق المصريين.. كل هذا يكشف قوة مصر وقدرة مؤسستها العسكرية, بل وسلطتها الانتقالية, وقدرة ووعي شعبها ومؤسساتها المدنية.ويبدو أننا تحولنا فعلا إلي دولة وجمهورية جديدة.. نري ملامح قوتها في الأشهر المقبلة عندما يتحرك الشعب لانتخاب البرلمان.. عبر بطاقة الرقم القومي.. وسوف نعبر الانتخابات بلا عنف أو مشاحنات طائفية أو عائلية أو حزبية.. ولكن بروح تتسم بما خلقته الثورة من متغيرات عصرية.. وسنقول ساعتها إن مصر أصبحت مؤهلة لتعيش عصرها, وسوف ننتخب رئيسا جديدا نتناقش حوله وحول أفكاره بلا تعصب أو مشاحنات أو حتي صراعات تضعف رؤيتنا المستقبلية ودورنا في أهمية بناء الوطن وتغييره. فترسيخ بناء الدولة والحفاظ علي صورتها الحضارية شعبا وإدارة.. سيساعدنا علي الخروج من المرحلة الضبابية.. ويكرس روحنا الجديدة وطنا للجميع بلا عقلية الاستبعادأو الاجتثاث المنتشرة حولنا والمرفوضة من شعبنا وثورتنا. فالشعوب الراقية تحترم وحدة وتواصل تاريخها برغم قدرتها طوال الوقت علي تصحيح مسارها وتصويب أخطائها واقتلاع الفساد وأصحابه من جذوره والبناء الصحيح المتكامل. ليست أمنيات ولكن لها بوادر.. برغم عدم إنكاري الصعوبات والمخاوف وتصفية الحسابات.. ولكني أري في نفسي وفي كل مصري يقابلني أنه مستعد ليدفع ثمن التغيير والتطور والنمو البناء بلا أي غضاضة أو مكابرة أو بحثا عن مصالح شخصية حتي ولو كنا جميعا ثمنا لهذا التغيير فمصر تستحق.. وأولادنا يستحقون.. وندعو الجميع لكي يرتقوا إلي مستوي اللحظة ودقتها.. فقد ملكت مصر الفرصة.. وأعتقد أنها لن تضيع, لأن مصر وأبناءها عظماء قولا وفعلا. [email protected]