مازاد عن حده انقلب الي ضده. حكمة بالغة تحكم حياتنا اليومية والعملية وهي سنة الله التي لن تجد لها تحويلا أو تبديلا. بل لعلها الحكمة التي افتقدها النظام السابق في تعامله مع الشعب سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. فقال له الشعب كلمته الأخيرة والشهيرة كفانا مانعانيه حتي الآن, ولن ننتظر المزيد من المعاناة معك. فغالبية الشعب تشعر أن الخطوات السريعة التي تتخذها القيادة العامة للقوات المسلحة وهي تتحمل الآن أمانة إدارة شئون البلاد تتسم بالايجابية, وأنها تسير نحو الوفاء بتعهداتها والتزاماتها التي قطعتها علي نفسها أمام الثورة, وأمام الشعب بكل وضوح وقوة, بل نكاد نري أن هذه العهود الكبري قد يتم تنفيذها قبل الفترة الزمنية المحددة لتسليم السلطة الي مؤسسات مدنية منتخبة من الشعب وبإرادة الشعب. وما يزيد المرء إطمئنانا علي صدق نية الوفاء بالعهود إعلان ممثلي القيادة العامة للقوات المسلحة في لقائهم بنا أول أمس أنهم ليسوا طلاب سلطة ولا مناصب, وحرصهم علي تسليم الأمانة الي ثورة الشعب ليعود الجيش لتحمل واجب الدفاع عن الوطن, وحماية مكاسبه الدستورية والشرعية. وأحسب أن الحكومة الجديدة التي يتم اعلان تشكيلها الجديد خلال الساعات القليلة القادمة, والتي تظهر ملامحها المعلنة حتي الآن أنها حكومة تمثل الي حد كبير القوي السياسية الفاعلة في الشارع السياسي المصري, وأحسب أيضا أن هذه الحكومة سوف تنطلق فور أداء اليمين الدستوري لأول مرة في التاريخ المصري أمام رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة, في عملها كل في مجاله ليس فقط لوقف نزيف الخسائر التي تلحق بالاقتصاد القومي وبأرزاق المواطنين, بل لدفع عجلة الانتاج بكل قوة, وفي سباق مع الزمن لإنقاذ البلاد من انهيار اقتصادي لا يعلم مداه إلا الله. وفي ذلك أقول للفريق أحمد شفيق رئيس مجلس الوزراء, علينا ألا ننتظر زيارات ممثلي الدول للقاهرة, لنعلم حجم المساندة التي يمكن للمجتمع الدولي أن يقدمها لمصر لإقالتها من عثرتها ودعما لاقتصادها وشعبها, وإنما من واجبنا إيفاد الممثلين عن الحكومة المصرية علي الفور الي الدول الصديقة خاصة الدول العربية الشقيقة الغنية, والي الهيئات الدولية لنوضح لها حجم الخسائر وحجم الأموال المطلوبة لإستعادة دوران عجلة الانتاج والاستقرار في مصر, سواء علي المدي القصير أو المدي البعيد. نعود مرة أخري الي حكمة مازاد عن حده إنقلب الي ضده, ونقول إن استخدام فزاعة المظاهرات والوقفات الاحتجاجية كلما طرأ لنا مطلب من المطالب الشخصية أو الفئوية أو تنفيذا لحسابات سياسية, قد لا تحقق مصالح قومية كبري, سوف يدفع بالبلاد الي طريق قد نري بدايته, ومن المستحيل أن نعرف نهايته, وهل هو طريق يؤدي بنا الي حفرة عميقة لا قدر الله أم الي واد فسيح يحقق لنا طموحاتنا الرحبة والواسعة؟ مرة أخري علينا إنقاذ البلاد والعباد في الأسابيع القليلة القادمة لا أكثر ولا أقل. [email protected]