الأحداث الفارقة التي شهدتها مصر منذ اندلاع ثورة شباب52 يناير, والتي أدت إلي انصهار الجميع في بوتقة الوطن وتخطي كافة الفروق والفجوات تطلعا إلي مستقبل يليق بمصر الحضارة وعبقرية المكان مصر الشعب والموارد والإمكانات التي ترجمتها الصناعة الوطنية وطلعت حرب تقتضي منا القراءة الموضوعية لواقع الاقتصاد المصري, بعد هذه السنوات العجاف وحصادها المر من الفساد والافساد فثورة25 يناير لم ولن تكن فارقة علي الصعيد السياسي والديمقراطي وكفي بل ستكون فارقة في دفع وتعظيم الأداء الاقتصادي وبغض النظر عن الخسائر الحالية فإن القادم سيكون أفضل بكثير في ظل مجموعة من العوامل: أولها: الاصداء العالمية لأحداث مصر الفارقة كان يحركها الخوف علي مصالح اقتصادية وتأثر امدادات النفط وتجارته العالمية عبر قناة السويس والبحر الأحمر( من خلال خط أنابيب سوميد) والتي تتراوح بين2,1 2,3 مليون برميل يوميا( ليست الطاقة الكاملة للتشغيل), وما يعنيه ذلك من ركود تضخمي عالمي نتيجة ارتفاع أسعار النفط وتكلفة النقل عبر رأس الرجاء الصالح. فعبقرية المكان تفرض نفسها والحجم الطبيعي لمصر يغطي علي الجزر المتناثرة والكيانات المتبعثرة, حقيقة اثبتها التاريخ وأكدتها المخاوف من التداعيات الاقليمية لأحداث مصر الفارقة وثورتها الشبابية الملهمة, مصر هي بوابة أفريقيا جنبا إلي جنب مع الشرق الأوسط والعالم العربي. ثانيا: الاقتصاد المصري ومكونات القوة الكامنة فيه والتي تشكل مع هذا الوهج الوطني وخطوات الإصلاح الاقتصادي الحقيقي ومواجهة الفساد والافساد, مصدرا للطاقة المنتجة والدافعة للأداء. تلك حقيقة تؤكدها الأنباء المتتالية حول ما أهدر من ثروات قطاع الأعمال العام في إطار سياسة الخصخصة, وما تم الاستيلاء عليه من مساحات شاسعة من أراض صحراوية وزراعية علي حد سواء. ثالثا: لقد تم تقزيم مصر اقتصاديا, في ظل ثلاثية السلطة والمال والفساد, فكان التردي الرهيب في الأداء الحقيقي للاقتصاد المصري بعيدا عن خدعة الأرقام المطلقة للنمو في اجمالي الناتج المحلي فيما اسموه نمر علي النيل ويذكر في ذلك العديد من المؤشرات الدولية والتقارير التي اسهبت في الحديث عن الفساد في مصر, وتعاظم أرقام البطالة بين الشباب, ويكفي أن نشير إلي: 1 تدهور مركز مصر في مؤشر التنافسية في الأسواق العالمية من المرتبة70(2009-2010) إلي المرتبة81(2010-2011) وذلك من اجمالي عدد الدول وهو139 دولة. وأضافت تفصيلات هذا المؤشر المستند علي12 معيارا, الحقيقة التي اغفلها القائمون علي الأمور في ظل تحالف ثلاثية السلطة والمال والفساد, وعبرت عنها بصدق ثورة الشباب في ميدان التحرير, إلا وهي عدم القدرة علي توظيف قوة العمل الشابة واستثمارها في الطاقة الإنتاجية, مما جعل مصر تحتل المرتبة ال133 من.139 هو ما وصفه المؤشر, بأن مصر تعد واحدة من أفقر الدول أداء في هذا المجال ودعم تدهور ترتيبها في مؤشر المتنافسية. يكفي أن نشير إلي أن المناخ السياسي والاقتصادي الطارد في مصر خلال السنوات الماضية أدي إلي استنزاف العقول المصرية الشابة, لتحتل دولة الفساد والافساد المرتبة114 من139 دولة وتنكمش وتتهاوي قدرتها علي كفاءة استثمار المهارات والمواهب لدي الشباب إلي المرتبة132!! أما بالنسبة لمؤسسات البحث العلمي والتعاون بين الجامعة والصناعة في مجال البحث والتطوير, فحدث ولا حرج طبقا للمؤشر, فقد احتلت مصر المرتبة 110-120علي التوالي من139 دولة. كل هذه العوامل كانت تنخر في جسد الاقتصاد المصري, فماذا يكون الوضع عندما يتم التصدي لها ومواجهة أسبابها؟ ستكون ثورة الإنتاج المصري والعبور بالصناعة الوطنية بإذن الله 2 أما عن مؤشر الفساد, فحدث ولا حرج, فقد احتلت مصر المرتبة89 من781 دولة عالميا, والمرتبة ال11 علي صعيد17 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا خلال عام2010, لتأتي بعد جيبوتي وقبل الجزائر, وطبقا لهذا المؤشر فقد حصلت مصر علي3,7 نقطة من عشر نقاط, تغطي استخدام السلطة السياسية لتحقيق مكاسب شخصية.. إلي تحويل الأموال وتنازع المصالح وتراخي أساليب مكافحة الفساد. 3 وقد أدي معيار الفساد إلي تأخر مصر أيضا في مؤشر الحريات الاقتصادية, لتحتل المرتبة ال69, حيث أن حرية الاستثمار قابلها تزايد الفساد وتعاظم الانفاق الحكومي. وهو ما ندد به مؤشر الشفافية, مشيرا إلي أن الحرية من الفساد حق أساسي للإنسان وأن الحكومة المصرية لم تظهر التزاما فعليا بمكافحته علي الرغم من توقيعها علي اتفاقية الأممالمتحدة في عام2006, وانها أهدرت57,2 مليار دولار خلال الفترة من 2000-2008في أنشطة مالية غير مشروعة وفساد حكومي!! إذا كان الوضع كذلك, فلماذا صمت الآذان وعمت البصيرة عن الاحساس والادراك حتي تفجرت ثورة الشباب!! تلك مناطق القوة التي يمكن من خلالها استعادة الاقتصاد المصري لقوته ونموه, وتعويض الخسائر الرقمية التي تراكمت عبر عقود وسنوات. لقد أدي الفساد وانعكاساته إلي اتساع عجز الميزان التجاري في السنة المالية2009 2010 إلي120 و52 مليار دولار. وفي ذات الوقت انكمشت مخصصات هيئة السلع التموينية من12,270 مليار جنيه(2008 9002) الي 16.819 مليار جنيه في ميزانية(9 2010-200) في بند العمليات المالية للحكومة العامة. وهو رقم لا يقارن بالمخصص لهيئة البترول والذي بلغ66,425 مليار جنيه. وقفز الدين الخارجي إلي34,7 مليار دولار في الربع الأول من(01 1102) والدين المحلي من370,5 مليار جنيه عام2003 إلي889 مليار جنيه في الربع الأخير من(9 0102) ماذا تعني تلك الأرقام, تعني أن الاقتصاد المصري تحمل الكثير واستنزفت موارد ضخمة في غير صالح المواطن في ظل الافتقار إلي العدالة الاجتماعية والشفافية مع سيادة الفساد, وهو ما أنهته ثورة الشباب.. ولتكون ثورة الاقتصاد المصري التالية. المزيد من مقالات نزيرة الأفندي