موعد إعلان بدء تنسيق الثانوية العامة 2025 المرحلة الثالثة والكليات والمعاهد المتاحة (رابط)    تفاصيل مشروع خط سكة حديد "الروبيكى/ العاشر من رمضان / بلبيس"    بيام هام من وزارة الاسكان بشأن أزمة أرض نادي الزمالك (تفاصيل)    «على خلفية تصريحات الشخصية البارزة» بشأن غزة.. مكتب نتنياهو يؤكد على مبادئ إنهاء الحرب    محمد صلاح: الموسم الماضى كان الأفضل فى مسيرتى.. وهذه نصيحتى للشباب    شاهد.. هدف التوجولى أجورو فى مرمى فاركو    114 ألف دولار نفقة شهرية.. تعرف على شروط انفصال كريستيانو وجورجينا    «الوجه الآخر لأغسطس».. تحذير عاجل بشأن حالة الطقس: رياح مُحملة بالأتربة وتدهور الرؤية    والد أنغام يكشف آخر تطورات حالتها الصحية: «لسه تعبانة وبتعاني من ألم صعب»    فرقة لاثونا جايتيرا الكولومبية تقدم حفلا فى مهرجان القلعة (صور)    بعد وفاة طفل في المرج.. تعرف على مكونات وأضرار النودلز سريعة التحضير    اتحاد الكرة يقرر حضور 250 مشجع في دوري المحترفين و 50 من مجالس الإدارات    ترامب يوسع نطاق التعريفات الجمركية على المعادن لتشمل معدات الأطفال والدراجات النارية    مصرع طالب غرقًا في سمالوط بالمنيا    شروط تركيب عدادات المياه الجديدة 2025.. قرار وزارة التموين والتفاصيل الكاملة    14561 رحلة استقبلها مطار شرم الشيخ هذا العام    الخارجية الأمريكية ل«الشروق»: ملتزمون بدعم حوار يؤدى للسلام وينهى معاناة السودانيين    إعلان القائمة القصيرة لجوائز الصحافة المصرية (دورة محمود عوض 2025) وترشيحان ل«الشروق».. تفاصيل    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    تقرير: باير ليفركوزن يقترب من استعارة لاعب مانشستر سيتي    صحة الدقهلية: تشكيل لجنة لكشف ملابسات وفاة الطفل مالك أثناء عملية جراحية بمستشفي شربين    "ابني كريم رد عليا".. صرخة أم في سوهاج بعد أن ابتلع النيل طفلها (القصة الكاملة)    نابولي يعلن ضم مدافع جيرونا    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    "رقص وفستان جريء".. 20 صورة ل ميريام فارس من حفلها بالسويد    بصحبة زوجة كريم محمود عبدالعزيز.. ريهام أيمن تنشر صور جديدة لها    اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، التشخيص والعلاج عند الأطفال والكبار    تقارير: 200 طفل يصابون يوميا بسوء تغذية حاد    جولة ميدانية لمدير إدارة مصر الجديدة لمتابعة الاستعدادات للعام الدراسي الجديد    لليوم الرابع.. "مستقبل وطن" يواصل اجتماعات لجنة ترشيحات النواب استعدادًا لانتخابات 2025    أمين الفتوى ل الستات مايعرفوش يكدبوا: لا توجد صداقة بين الرجل والمرأة.. فيديو    رئيس هيئة الرقابة على الصادرات: 310 معامل معتمد لضمان جودة الصادرات المصرية    بنك القاهرة يطلق حملة ترويجية وجوائز لحاملي البطاقات الائتمانية    من تيمور تيمور إلى نيازي مصطفى.. حوادث مأساوية أنهت حياة نجوم الفن    محامي بدرية طلبة يوضح حقيقة إحالتها للمحاكمة ب«إساءة استخدام السوشيال ميديا» (خاص)    4374 فُرصة عمل جديدة في 12 محافظة بحد أدنى 7 آلاف جنيه    جهاز الاتصالات: إيقاف الهواتف التي تجري المكالمات التسويقية الإزعاجية بداية من الأسبوع المقبل    عمرو دياب يرقص على موسيقى «أشغال شقة».. وهشام ماجد: «يا مسيطنا في كل حفلة» (فيديو)    نفق وأعمال حفر إسرائيلية جديدة داخل ساحة البراق غرب المسجد الأقصى    وكيل تعليم بالأقصر يتفقد التدريب العملي لطلاب الثانوية الفندقية على أساسيات المطبخ الإيطالي    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    بالصور- وزير العدل يفتتح مبنى محكمة الأسرة بكفر الدوار    صور.. النقل تحذر من هذه السلوكيات في المترو والقطار الخفيف LRT    بي بي سي ترصد طوابير شاحنات المساعدات عند معبر رفح بانتظار دخول غزة    بعد جولة مفاجئة.. محافظ الدقهلية يحيل مسؤولين بمستشفى نبروه للتحقيق    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    التربية المدنية ودورها في تنمية الوعي والمسؤولية في ندوة بمجمع إعلام القليوبية    الأرصاد: اضطراب الملاحة على البحر الأحمر وخليج السويس والموج يرتفع ل3.5 متر    ضبط 433 قضية مخدرات فى حملات أمنية خلال 24 ساعة    "الموعد والقناة الناقلة".. النصر يصطدم بالاتحاد في نصف نهائي السوبر السعودي    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني: الاقتصاد المصري يحتل أهمية خاصة للاستثمارات    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    عماد النحاس يكشف موقف الشناوي من مشاركة شوبير أساسيا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    «ثغرة» بيراميدز تغازل المصري البورسعيدي.. كيف يستغلها الكوكي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصريون‏..‏ في المسجد النبوي
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 02 - 2011

هم مصريون حتي النخاع ولكن لانعرف عنهم شيئا‏...‏ فهم من تصدق عليهم مقولة الكاتب الكبير نجيب محفوظ‏...وأفة حارتنا النسيان‏.‏ فحارتنا المصرية قد تنسي وجوها تغيب في غياهب النسيان ولا عجب في هذا ولا عتاب‏.‏ فالذاكرة التي تحمل الكثير من الاشخاص والحكايات قد يسقط منها دون عمد بعض هؤلاء الذين لم يسعدهم الحظ بالدخول في دائرة التذكر والاهتمام‏.‏ وفي حالة د‏.‏ محمد كمال إسماعيل المعماري المصري القدير يبدو أن الظروف التي عاندته هي نفسها التي تفسح له الطريق لكي نتذكره اليوم‏.‏ والرجل لمن لا يعرفه هو مصمم مجمع التحرير الذي قفز إلي بؤرة الاحداث في الايام القليلة الماضية‏.‏ وهو أيضا مصمم دار القضاء العالي والتوسعة الكبري للحرم النبوي الشريف والذي يعتبر العمل الاهم في حياته‏.‏
وبرغم كل هذه الانجازات لا يبدو محمد كمال إسماعيل بعيدا عن أبناء جيله‏,‏ فقد ولد في عام‏1908,‏ وهو زمن سجل أعلي درجات الليبرالية المصرية‏.‏ وهي ليبرالية من نوع خاص حققتها الحياة في بر مصر التي كانت في حقيقة الامر حياة منفتحة فيها قبول للوافد الذي يريد أن ينضم إلي المجتمع المصري طالما حافظ علي تقاليده وقواعده وفيها التزام ديني لا يصل إلي حد الشطط أو التطرف‏,‏ بل هو التزم بالجوهر الديني وبمبدأ الدين المعاملة‏.‏ فالدين في مصر وفي كل الازمان كان يعتبر جيبا من الجيوب الداخلية للحضارة والتمدن‏.‏ وقد كانت ظروف الاحتلال مهيأة لتفعيل مثل هذه الليبرالية والانسجام المصري مع الذات‏.‏ فكانت حتي المدارس الموجودة في محافظات مصر لا تقل أهمية عن مدارس أخري قاهرية وسكندرية‏.‏ فتلقي محمد كمال إسماعيل المبادئ الاولية في مدرسة مدينة ميت غمر بمحافظة الدقهلية ثم انتقل بعدها إلي مدارس الاسكندرية ثم العباسية بالقاهرة ليلتحق وفي سن صغيرة بجامعة فؤاد الاول ويتخرج بعد سنوات مهندسا قديرا‏.‏ ويقرر من بعدها أن يسافر إلي أوروبا ويحصل أكثر من مرة علي لقب دكتور في الهندسة والانشاءات ليعود وبكامل رغبته إلي مصر التي كانت وقتها تشجع القدرات والمواهب وليصبح مديرا لمصلحة المباني الاميرية‏.‏
وبرغم أن المنصب وفي كل التقديرات يعد منصبا رفيعا في الدولة المصرية إلا أن قدرة محمد كمال إسماعيل وزملائه لم تكن تقف عند حدود المنصب أو التحقق المادي‏,‏ فلم يكن المصريون في هذا الزمن المنفتح يرون في الحصول علي قدر مقنع من التعليم والتعلم الا طريقا يفتحونه أمام أنفسهم وبلادهم‏.‏ فلم يكونوا مثل أحفادهم الذين جنحوا إلي اعتلاء أولي درجات السلم ثم الاستراحة بعد هذا الوصول المقنع لهم‏.‏ فيتركوا الحياة تسير بهم بلا أهداف أخري‏.‏ ولهذا قدم محمد كمال إسماعيل مجموعة من التصميمات لمنشآت مهمة منها دار القضاء العالي ومجمع التحرير بالاضافة إلي مجموعة من المباني الأخري‏.‏ ولم يكتف بهذا بل راح يبحث عن تقديم رؤيته الخاصة للعمارة الاسلامية في موسوعة مساجد مصر في أربعة مجلدات تابع خلالها شرحه و تفسيره وتقديمه للمساجد المصرية الموجودة في كل أنحاء مصر والتي تختلف في تفاصيلها وإن كانت في النهاية لا تخرج عن شروح للصانع والمصمم المصري الذي استطاع علي مر الازمان أن يأتي بتخريجات مصرية تتناسب مع ذوق النخبة الحاكمة وأولاد البلد الذين يتقاسمون الشوارع والحارات‏.‏
وهكذا فتحت هذه الموسوعة الابواب أمام عمل آخر للمهندس المصري لم تكن في الحسبان وهي الاشراف علي أعمال توسعة الحرمين الشريفين المكي والنبوي ليكون حلقة في سلسلة طويلة من المهندسين المصريين الذين شاركوا في هذا العمل منذعصر العادل عمر بن عبد العزيز‏.‏ فكما يقول الكاتب سليمان الحكيم أكد المؤرخ البلاذري أن الخليفة الاموي الوليد بن عبد الملك طلب من عامله علي المدينة عمر بن عبدالعزيز إعادة بناء المسجد النبوي وأن يبعث إليه بالاموال ومواد البناء اللازمة وثمانين صانعا من القبط من أهل مصر لما يتميز به هؤلاء من مهارة في فنون العمارة والبناء‏.‏ وقد جري بالفعل العديد من محاولات التوسعة التي تفاعل فيها المصريون مع هذا البناء الفخيم الذي يحمل روحا لها طبيعة خاصة حتي أنه يمكننا أن نرجع أيضا إلي ما حققته الدكتورة سعاد ماهر في كتابها القيم مساجد في السيرة النبوية من أنه في زمن التوسعات الكبري أصدر الملك عبد العزيز آل سعود بيانا يبشر فيه بعزمه علي توسعة المسجد النبوي فكان عدد المهندسين الذين عملوا بالحرم الشريف اثني عشر مصريا وواحدا من سوريا وواحدا من باكستان‏.‏ وبعدها وعندما بدأمحمد كمال إسماعيل العمل في عهد الملك فهد كان قد بلغ الخامسة والسبعين من العمر فقرر وبخبرته الاستعانة بالخريطة المصورة التي التقطت من الطائرة وتمثل المدينة المنورة بكل تفاصيلها ونظر إلي المسألة بمنطق يفرض أن علم الهندسة علم تجاوب مع المكان‏,‏ ولم ير في أية إضافة الا توظيفا لعمل حتي في أدق الزخارف‏.‏ ولهذا لم يكن مستغربا أستعانته بفكرة المظلات حول الحرم كتلك المظلات التي رأها في ألمانيا‏.‏ فقد أثبت بتخطيط واع وصحيح يستوعب عددا لا حصر له من الزيادة في عدد المصلين أنه يشبه عباقرة الهندسة المصريين الذين بنوا الاهرامات والكنائس والمساجد والقناطر والسدود‏.‏
وفي النهاية يذكرنا هذا العمل برجل رحل وقد اقترب عمره من المائة بعد أن قال كلمته وذهب‏...‏ ليتذكره المصريون وهم يزورون المسجد النبوي وليتذكره الشباب الذي يريد أن يقدم لبلاده معني جديدا‏..‏ فتذكروا الآباء وابدأوا من حيث انتهوا‏.‏ فهم رجال جديرون بالتذكر ومنهم هذا الرجل الذي لولا الفضائيات العربية ومقالات صلاح منتصر ود‏.‏ علي رأفت لها عرفه أحد‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.