ما أبعد المسافة بين الحزب الحاكم وحزب الحاكم.. فالأول هو نتاج عملية ديمقراطية سليمة تمخض عنها فوز أحد الأحزاب بثقة الشعب الذي يوكله لإدارة شئون البلاد فترة من الزمن ثم يعاد النظر في صلاحيته من خلال انتخابات جديدة.. فإما ان يمنحه الشعب توكيلا جديدا يحمل ضمنيا شهادة نجاح له في التصدي للمشكلات الداخلية والخارجية وإما ان يقوم الشعب بتنحية هذا الحزب واختيار من يعتقد انه الاجدر والأكفأ في مواصلة مسيرة الوطن. هذا عن الحزب الحاكم, أما حزب الحاكم, فهو ذلك الحزب الذي أنشأه القائد ويضم إما رغبا أو رهبا رجال المال والنفوذ.. كما يلجأ إلي حماه كل مشتاق الي منصب أوجاه, وأصحاب المواهب والقدرات الخاصة في النفاق والتسلق والدفاع عن كل ما يقوم به القائد ولا يجد كثيرون من الناس مفرا من الانضمام لهذا الحزب اعتقادا منهم انهم بذلك في أمان في اعمالهم ووظائفهم, وأنهم لن يتهموا في يوم من الأيام بأنهم اعداء للوطن لأن هذا الحزب قد اختزل الوطن والوطنية فيه وفي أعضائه الموقرين. حزب الحاكم هو سيف المعز وذهبه, فهو المانع والمانح.. هو قبلة كل مفتقد للموهبة ويعرف ان السبيل لتعويض ذلك هو اللجوء لهذا الحزب الذي يحتكر كل شيء في البلاد ويتحكم في رقاب العباد.. قليل من الموهبة وكثير من النفاق تلك هي الوصفة السحرية لبلوغ المني وتحقيق المواد.. إن الحاكم يختار اعضاء حزبه ثم يسمح لهم بعد ذلك بأن يختاروه رئيسا لهم.. وتلك أعجوبة الأعاجيب. رضا نبيه سليم مدرس أول لغة إنجليزية شربين دقهلية