لاقت السياسة الاعلامية في مصر أخيرا هجوما عنيفا من قبل خبراء الأعلام وقادة الرأي العام وتحديدا أثناء تغطية التليفزيون المصري لوقائع ثورة 25 يناير الأمر الذي يستدعي إحداث تغيير شامل للسياسات الاعلامية . وطريقة المعالجات والمضمون الذي يقوم علي الشاسة وفي الاذاعة وكذلك الصحف أيضا بداية تقول الدكتورة مني الحديدي( استاذ الاعلام بجامعة القاهرة): الاعلام الجديد يجب أن يعتمد علي صحة البيانات ودقتها وحداثتها وهي مسئولية كبيرة التخلي عنها بعد خيانة للوطن. وأن يمارس الأعلام دوره في الرأي التعبير عن كل الاراء وكل أطياف المجتمع وأن يستمع متخذ القرار لكل هذه الاراء فقد انتهي عصر الرأي الأوحد لمتخذ القرار, وأيضا أن تعبر المؤسسات عن كافة الاراء وليس عن رأي المسئول بها كما كنا نسمع جملة بناء علي توجيهات فلان. لابد للجهات المسئولة أن تستمع للآخرين, فقد آن الأوان لوجود مشاركة حقيقية في اتخاذ القرار وتقييم ما يحدث. وأطالب بالغاء وزارة الاعلام وأن تتحرر الاذاعة والتليفزيون من التهليل لصاحب القرار, وكذلك إطلاق حرية إصدار الصحف والغاء التعيينات لرؤساء التحرير ورؤساء مجالس الإدارات للصحف وأن يكون ذلك بالانتخاب من اعضاء الأسرة الصحفية للمؤسسة. وتري الدكتورة سوزان قليني( عميدة المعهد الكندي للاعلام) أن المطلوب في المرحلة القادمة ضياغة رؤية جديدة للإعلام ورسم سياسات تحريرية تلائم الواقع الجديد سواء المرئي او المقروء وتكون أكثر مهنية عن ذي قبل, فقد كان الأعلام حكوميا وليس مهنيا ولذلك إذا أردنا التغيير فلابد من إعادة صياغته بحيث يتسم بمراقبة الادارة وبعمق التغطية لكي يستعيد الثقة. وقد بات من الضروري إعادة تكوين شخصية مستقلة للقناة الاعلامية بما يخدم جمهورها المستهدف لكي يكون هذا الجمهور في المقام الأول, بشكل عام تلاشي في العالم كله الاعلام الرسمي وتضاءلت سيطرة الدول علي إعلامها وبالتالي لابد أن تتلاشي هذه السيطرة أيضا علي الاعلام لأنه غير مقبول لدي الجمهور ولابد أن يتغير ويخاطب احتياجات واهتمامات الجمهور وليس الحكومة وأن يكون حلقة وصل بين الحاكم والمحكومين والعكس, أي أن يكون كجسر تواصل بين صاحب القرار والشعب وذلك لإستعادة ثقة المواطنين وإعادة استقطابهم بعد أن هرب هذا الجمهور من الاعلام الرسمي في ظل القيود التي كانت مفروضه عليه وعلي حد قول الدكتور فرج الكامل( عميد كلية الاعلام بجامعة الاهرام الكندية): لا يوجد ما يسمي بالمنظومة الأعلامية المصرية في أي دولة في العالم وهي تشبه تلك التي كانت موجودة في النظم الشمولية وانتهي دورها منذ سنوات طويلة, وبداية تغيير المنظومة الاعلامية تبدأ بالغاء منصب وزير الاعلام, وأن يتجول ميثاق الشرف الاعلامي إلي قوانين تحمي الاعلام والمواطن. ويجب أن ينتهي تماما فكرة وجود اعلام حكومي مسموع أو مرئي أو مقروء وأن تتحول المؤسسات القومية إلي مؤسسات مساهمة مملوكة للعاملين فيها وللمساهمين ولا تكون مملوكة لجهة ما فالاتجاه الجديد في العالم وجود مؤسسة مرتبطة بقناه وموقع الكتروني بما يتواكب مع العصر الحديث. بالنسبة للاعلام الخاص هناك أيضا ضرورة ملحة تتعلق بالفصل بين الادارة والملكية حتي لا تعبر القناة عن وجهة نظر مالكها وتخدم مصالحه وهو في الغالب غير متخصص في الاعلام وقد انشأ القناة لتخدم مصالحه الشخصية وأعتقد في ظل تحرر الاعلام والمنافسة الشرسة سوف يفرض علي هذه القنوات الخاصة ضرورة التغيير لأنه في آليات السوق يكون البقاء للاصلح. وبالنسبة للصحف الحزبية لا يوجد في العالم الآن صحيفة تعبر عن حزب بل كل حزب يعبر عن نفسه من خلال موقع الكتروني أو قناة وكيف تصدر صحيفة تعبر عن وجهة نظر واحدة وتخدم أجندة معينة ولذلك لابد أن تعبر الصحف عن كل الاراء حتي يكون لها مصداقية لدي الجمهور وفي ظل تحرر الصحف القومية وإقبال القراء عليها سوف ينصرفون عن الصحف الحزبية التي تعبر عن رأي واحد ضيق باختصار لابد من تحرير كامل وغير مشروط للصحف وللاعلام الحكومي من الملكية والسيطرة وعدم تعيين العاملين فيها بنا علي توصيات مسئول في الدولة, هذه الثورة تستدعي تغييرا شاملا في الاعلام وفي انماط تفكيره ومضمونه ومهارات العاملين فيه.