معروف أن كبار فقهاء القانون والدستور في مصر لديهم شبه إجماع كامل علي أن أحدا لا يملك تعديل الدستور كاملا إلا وفق الإجراءات الدستورية المحددة, وأن التسرع بالتعديل الكامل ربما لا يفي الآن بمطالب الشعب كله إذ يحتاج الأمر الي نقاش كبير, لذا بات من المهم الدفع بتعديل عدة مواد من الدستور ثم حل البرلمان وإجراء انتخابات رئاسية جديدة.. جنبا الي جنب التشدد علي معاقبة كل رموز الفساد الكبيرة والصغيرة, والعمل علي مصادرة واسترداد المليارات المنهوبة والمهربة والحكم سريعا علي من ارتكبوا هذه الجرائم, وتفاصيل أخري في الحوار التالي مع المستشار عبدالعزيز الجندي النائب العام الأسبق ورئيس شعبة العدالة والتشريع بالمجالس القومية المتخصصة التي سبق لها عمل أكثر من مشروع للدستور ولم يهتم به أحد: بداية نود أن نعرف مصير الدراسات التي أعددتموها بالمجالس المتخصصة حول تعديل الدستور..؟ بكل أسف أعددنا دراستين مهمتين, الأولي لتعديل الدستور كاملا وأن يصبح بموجب هذا التعديل نظام الحكم المصري برلمانيا يقلص سلطات الرئيس مثلما يحدث في فرنسا وغيرها. ويطلق العنان لمجلس الشعب وقد أسهم في هذا التقرير كبار فقهاء الدستور والقانون ورؤساء محاكم النقض, والمواد الجديدة فيه تلبي مطالب الشارع المصري الآن وتتفق مع توجهات كل القوي السياسية وتعطي اشرافا قضائيا كاملا علي أي انتخابات تجري في البلاد, ويحدد الاقتراح اجراء الانتخابات بنظام القائمة النسبية وهناك تقرير آخر لدينا يتعلق بمسألة التعديل الجزئي لعدد من المواد وهذا يتفق مع ما يطرح الآن, فقد اقترحنا تعديل المواد76 و 77 و 88 و139 علي أن يطرح فيما بعد المقترح الأول ويحدث التعديل الكامل للدستور. لكن بالأمس الأول صدر قرارا جمهوريا رقم 54 لسنة2011 بتشكيل لجنة لدراسة واقتراح التعديلات علي ثلاث مواد(76و77و88) وغيرها من المواد اللازمة فهل أنت مع هذا الاتجاه؟! أنا أفضل أن نبدأ فورا بتعديل بعض المواد وهذا ما يتفق مع وجهة نظر معظم خبراء وفقهاء القانون والدستور, لأن الناس تحتاج الي حلول عاجلة, خاصة أن مصر تتعرض الي خطر كبير, وبعد إجراء هذه التعديلات يصدر قرار بحل مجلسي الشعب والشوري, وما دون ذلك سوف يصبح صعبا حتي تفويض نائب الرئيس ليس هناك اتفاق قانوني عليه لما هو معروف بأن الدستور لايمنحه أي سلطات, وكذلك رئيس مجلس الشعب ورئيس المحكمة الدستورية. لكن البعض هنا يذهب الي أن البرلمان الحالي جاء بالتزوير فما الحل؟ هذا البرلمان يمكن تنقيته بسرعة من المطعون عليهم, والتعديل الدستوري المطروح سوف يصبح مؤقتا لأنه سوف ينقل مصر الي مرحلة رئاسية جديدة, والنظام الجديد قطعا سوف يؤسس لدستور كامل شامل يتناول كل مناحي الحياة في مصر, ولكن جنبا الي ذلك يمكن إصدار قرارات جمهورية بمطالب الناس مثل وقف العمل بقانون الطوارئ أو إصدار قانون لمواجهة البلطجة, وهذا القانون سبق أن أعددناه ولكن أصحاب المصالح رفضوه لكي يمارسوا التزوير والبلطجة الانتخابية, وذلك من منطلق كون رئيس الجمهورية يملك إصدار قرارات بقوانين بشرط أن تعرض علي اجتماع مجلس الشعب الجديد في أول اجتماع له. وهل يمكن لأحد اختصار وقت تعديل الدستور؟ لايملك أحد التعديل الكامل الآن, إلا اذا كان وفقا للاجراءات الدستورية وهذه محددة بفترة زمنية, ولكن يمكن تعديل عدة مواد بطلب من رئيس الجمهورية وبعد اقرارها تعرض علي الشعب للاستفتاء. لكن البعض يتشدق الآن بضرورة عمل ما يسمي جمعية تأسيسية لتعديل الدستور فهل هذا جائز قانونا؟! الوقت فعلا ضيق جدا ولو أننا احتكمنا للقانون والدستور فهذه الجمعية لابد أن تتشكل من قبل الرئيس أو تدخل في سيناريوهات أخري تتعلق بموقف الشرعية الثورية التي لا تخضع لأي ضوابط دستورية لأنها تخضع فقط لارادة الشعب والقائمين علي الثورة, وهذا ما حدث في23 يوليو عندما توقف العمل بالدستور لعدة سنوات ومن ثم إما أن نقبل الآن اختيار التعديلات الجزئية أو يكون هناك اختيار آخر ربما لايراه الشعب في مصلحته مثل الأنقلاب أو الفوضي, وحتي لو تنحي الرئيس والحكومة فسوف يظل البرلمان المزور قائما ولايملك الرئيس المؤقت حله, لأن المادة93 تجرده من السلطات وكذلك فيما يخص نائب رئيس الجمهورية. باعتبارك كنت نائبا عاما عن الشعب هل من الممكن استعادة المليارات المنهوبة التي بدأ الجميع يتحدث عنها الآن؟ أظن أنه من الممكن الآن استعادة هذه المليارات اذا ثبت الحصول عليها بطريق غير مشروع وذلك طبقا لقوانين غسل الأموال والاتفاقيات الدولية بشرط أن تتقدم الدولة المصرية بطلب استرداد هذه الأموال رسميا بعد صدور أحكام بذلك. حتي لو كانت الأموال تم تهريبها الي سويسرا؟ حتي لو كانت في سويسرا أو أي مكان لان معظم الدول انضمت الي هذه الاتفاقيات أخيرا. وفي الداخل كيف تتم المصادرة واستعادة حقوق الشعب؟! أنا أثق في المستشار عبدالمجيد محمود وقد عمل معي عندما كنت نائبا عاما وهو حاصل علي دكتوراه في مكافحة الفساد وهو لا يقبل أبدا التستر علي أي فساد ولا حماية لأي منحرف وهذا شعار قديم وضعناه في النيابة العامة.. الأمر الثاني أن النائب العام لديه قدرات كبيرة وقد حقق في قضايا ثورة مصر والأمن المركزي عندما كان رئيسا لنيابة أمن الدولة العليا, وهذا يعني أنه رجل يجمع ما بين السياسة والقانون وأتوقع وكلنا ننتظر منه أن ينجح في استعادة حقوق الشعب, وأظن أن النيابة العامة الآن هي الضامنة لتحقيق المكاسب الثورية. لكن هل كنت تتوقع حجم الفساد وحديث الأرقام بالمليارات الي هذا الحد؟ كنت أتوقع ذلك لأن هناك أشخاصا حصلوا علي مميزات كبيرة وكانت هناك أمور كثيرة تؤدي الي ذلك وأهمها أن الضمير القومي الوطني للكبار والصغار كان ميتا والباقون مغلوبون علي أمرهم, لكن اللافت للنظر أن يقال إن وزير الداخلية السابق لديه ثمانية مليارات.. نتوقع صدور أحكام بالحبس ومصادرة الممتلكات؟ لو ثبت ذلك أتوقع تنفيذه لأنه ليس من مصلحة أحد التستر الآن علي فساد ولأن القضاة الذين يتولون التحقيقات وغيرهم شرفاء وسوف يسهمون في تطهير الفساد وهذه فرصتهم.. أتمني أن يجري الله الحق علي ألسنتهم. عندما كنت نائبا عاما.. هل كان يتدخل في شئونك أحد؟ لا لم يحدث علي الاطلاق وقد حققنا في قضية رفعت المحجوب وشقيقه الذي استولي علي أموال كثيرة وجري حبسه ولم يتدخل أحد وغيرها الكثير ولم يكن يجرؤ مسئول علي أن يتصل بالنائب العام.