تناول الدكتور محمد كامل حسين(1977 1901) احدي المشكلات الانسانية الأبدية وهي قضية الضمير وعلاقته بالعقل. وكانت قصته قرية ظالمة التي دارت احداثها في الأيام الأخيرة للسيد المسيح قبل الحكم بصلبه. قد اثارت اهتماما بالغا عند المثقفين واستحق من اجلها جائزة الدولة في الادب عام1957, كما نال فيما بعد جائزة الدولة في العلوم عام1967, فأصبح بذلك اول مصري يحوز الجائزتين معا. ويري كامل حسين ان الضمير هو غاية ما ترتقي اليه النفس الانسانية ويعتبره اي الضمير قبسا من نور الله ونفخه منه. ويري أن الانسان لا يكون انسانا بغير الضمير. وان سلطة الضمير تفوق في اهميتها سلطة العقل. ولعل التوراة في رأيه حين قالت عن آدم انه اول انسان لم تقصد إلي انه اول من مشي علي رجلين بل لعلها تعني انه أول من ادرك الخطيئة, واول من أحس بأثر الضمير فأصبح بذلك انسانا. والرأي عند كامل حسين ان يهتدي الانسان بالعقل ما لم يتعد حدود الضمير. وفي محاولة لتأمل افكار كامل حسين يتبادر إلي الذهن سؤال حول ما اذا كان تكوين الضمير واحدا لدي جميع البشر حقا ام ان هذا الأمر يختلف بإختلاف الثقافة وبإختلاف منظومة القيم التي يتبناها الانسان. اي بعبارات أخري وبعيدا عن الادراكات الواضحة بشأن الحق والباطل والأبيض والأسود هناك مناطق وعرة بعض الشيء في النفس الانسانية تجعل سلطة الضمير تختلف وتكتسب ابعادا لها خصوصية بإختلاف خصوصية الفرد وتكوينه الفكري والقيمي. اي ان هناك مساحات مشتركة في الضمير الانساني ومساحات أخري استثنائية تبعا لاستثنائية ظرف كل فرد. وبمناسبة الضمير نأخذ مثالا علي ذلك من حالة الفريد نوبل مخترع الديناميت الذي اطلق عليه بعض الصحفيين لقب صانع الموت لأنه صنع شهرته وثروته من صناعة المفرقعات التي استخدمت في الحروب إلي ان توفي في مدينة سان ريمو الايطالية وحيدا, وقد خلف وراءه ثروة طائلة ووصية بإستثمار الجانب الأكبر من ثروته في مشروعات ربحية يتم من ريعها منح خمس جوائز سنوية لأكثر من أفاد البشرية. وبدأ تقديم جوائز نوبل اول مرة عام1901 في يوم ذكري وفاته10 ديسمبر. هل كان ذلك صحوة ضمير من جانب نوبل.. اظنها كذلك لكنها اتخذت هذا الشكل دون غيره بسبب تكوينه الفكري. د. إيناس طه