جودة الحياة حالة مستمرة ومتصلة من التكامل بين بناء الانسان بمعايير الصحة والسلامة علي المستويين الجسدي والوجداني وتنمية المكان بأهداف حضارية تعظم مفهوم الاستمتاع بالحياة بعنصريها المادي والمعنوي, ويعد مقياس جودة الحياة المنظور الأعلي لدرجة نوعية الحياة ومشكلات البيئة بين طغيان الحضور البشري ومعطيات المكان. حيث يقوم برصد وتشخيص الاسباب التي تشكل حالة العمران الراهنة لضبط إيقاع العمران البيئي في المستقبل, ومن مراجعة وضع نوعية الحياة في مصر حسب تقدير السكان عام2010, يتركز نحو ثلثي سكان الحضر داخل ست عشرة محافظة تزيد فيها نسبتهم عن40% من جملة السكان وتشمل اقاليم القاهرة الكبري والاسكندرية ومدن القناة ومحافظات اسوان والاقصر وسيناء ومطروح والوادي الجديد, التي تستقطب نحو88% و55% و82.2% من المساحة الإجمالية والمأهولة ومساحة السكن علي التوالي, بينما ماتبقي من هذه النسب كان من نصيب ثلاث عشرة محافظة تقل فيها نسبة الحضرية عن40% من جملة سكانها ويقطنها مايزيد قليلا عن ثلث سكان الحضر وتشمل معظم محافظات الدلتا ومحافظات الوادي عدا اسوان, وان كانت المحافظات الأكثر حضرية قد تضخمت بما تشغله من المساحة الاجمالية ومن مساحة السكن واثرت بذلك في وضع تلك المحافظات الاقل حضرية التي جاءت هزيلة المساحة بسبب خلوها من اراضي الظهير الصحراوي, حيث جذبت الفئة الأولي كل المحافظات الصحراوية بينما استأثرت الفئة الثانية بأغلب المحافظات الزراعية. وقد أعدت الهيئة العامة للتخطيط العمراني عام1998 خريطة التنمية والتعمير في مصر2017 بهدف الاستخدام الانسب للموارد البشرية والاقتصادية والطبيعية بما يحقق إعادة توزيع السكان والتكامل بين الحضر والريف, وذلك رهن بإيجاد اولوية لتوفير مصادر تمويل استثمارات رفع الكفاية الإنتاجية في الريف, بمشروعات متوافقة مع اقتصاديات المكان, للارتفاع بدخل سكان الريف وإرساء حقهم في تحسين ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية, زد علي هذا مطلبا قوميا بضرورة الارتقاء وكفاية المرافق والخدمات في الريف لتقليل الهوة الحضرية ومجابهة تيار الهجرة الريفية السلبية بالمدن, وما يتلازم معها من معضلات ومشاكل بيئية تعود علي الدولة بخسائر اقتصادية فادحة, ونافلة القول إن الخروج من حالة عدم التوازن بين النمو السكاني الكبير, ومشاكل قضية مياه النيل وندرة المياه, وتلك المحاولة المصيرية فهي القادرة علي إعادة توزيع السكان بما يخدم الأمن القومي, في ظل تفشي أمراض الاقتصاد السياسي نتيجة العجز في الموازنة العامة للدولة وانخفاض معدل زيادة رأس المال المحلي بما في ذلك ضعف الاستثمارات الإنتاجية وسوء توزيع الدخل الذي يركز الثروة بين الاغنياء ويزيد حجم الفقراء, ولايأتي إلا بالفراغ من ضبط عدالة نوعية الحياة في العمران ومن ثم الولوج إلي تحقيق جودة المعيشة في البيئة بأقاليم الدولة, فيحدث حينذاك حراك في ترتيب مصر بين دول العالم بدلالة مقياس جودة الحياة.