باكستان: على طالبان أفغانستان اتخاذ خطوات فوريبة لتفكيك الشبكات الإرهابية    إسرائيل تتسلم جثتى رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر    إصابة 12 شخصا في انقلاب ميكروباص ب«صحراوي المنيا»    وفاة ضابط شرطة في حادث مأساوي على طريق الإسماعيلية الصحراوي    المعاينة: تسرب غاز وراء وفاة زوجين فى مدينة بدر    مصرع شخصين وإصابة آخرين إثر حادث تصادم سيارتين فى النزهة    زيلينسكي: ترامب لم يعطني ردًا حاسمًا لصواريخ توماهوك    وائل جسار يطرب جمهوره بأغنية "غريبة الناس" في مهرجان الموسيقى العربية    «العمل العربية» تشارك في الدورة ال72 للجنة الإقليمية بالصحة العالمية    توابع زيادة البنزين، ارتفاع جديد في أسعار الجبن الأبيض والرومي والشيدر بالأسواق    التعليم توضح الفئات المستفيدة من أجهزة التابلت 2025-2026.. من هم؟ (إجراءات وضوابط التسليم)    شبانة: أداء اليمين أمام مجلس الشيوخ مسئولية لخدمة الوطن والمواطن    رئيس مصلحة الجمارك يتفقد قرية البضائع بمطار القاهرة    موعد مباراة منتخب المغرب ضد الأرجنتين في نهائي كأس العالم للشباب والقنوات الناقلة    يسرا وإلهام شاهين يشاركان نانسى عجرم الغناء على هامش مهرجان الجونة    «بين الأهلي والزمالك».. خالد الغندور يثير الجدل بسؤال: «بيراميدز خد مكان مين؟»    عملوها الرجالة.. منتخب مصر تتوج بكأس العالم للكرة الطائرة جلوس    نتنياهو: الحرب ستنتهي بعد تنفيذ المرحلة الثانية بما يشمل نزع سلاح حماس    نتنياهو يعلن نيته الترشح مجددًا لرئاسة الوزراء في الانتخابات المقبلة    أتلتيكو مدريد ينتصر على أوساسونا بالدوري    تراجع عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم الأحد بالصاغة بعد الانخفاض الكبير عالميًا    "عام الفضة " دلالة على انهيار المنظومة الاقتصادية ..تدهور الجنيه يدفع المصريين إلى "الملاذ الفضي"    مكافأة على سجله الأسود بخدمة الانقلاب .. قاضى الإعدامات المجرم "عصام فريد" رئيسًا ل"مجلس شيوخ العسكر" ؟!    زيكو: بطولتي الاولى جاءت أمام فريق صعب ودائم الوصول للنهائيات    أحمد ربيع: نحاول عمل كل شيء لإسعاد جماهير الزمالك    اتحاد الكرة يهنئ نادي بيراميدز بعد التتويج بكأس السوبر الإفريقي    ذات يوم مع زويل    «الشيوخ» يبدأ فصلًا تشريعيًا جديدًا.. وعصام الدين فريد رئيسًا للمجلس بالتزكية    ارتفاع يصل إلى 37 جنيهًا في الضاني والبتلو، أسعار اللحوم اليوم بالأسواق    تحالف مصرفى يمول مشروع «Park St. Edition» باستثمارات 16 مليار جنيه    رابط المكتبة الإلكترونية لوزارة التعليم 2025-2026.. فيديوهات وتقييمات وكتب دراسية في مكان واحد    تفاصيل محاكمة المتهمين في قضية خلية مدينة نصر    المشدد 15 سنة لمتهمين بحيازة مخدر الحشيش في الإسكندرية    شبورة كثيفة وسحب منخفضة.. بيان مهم من الأرصاد الجوية بشأن طقس مطروح    سيتغاضى عنها الشركاء الغربيون.. مراقبون: تمثيل كيان العدو بجثامين الأسرى والشهداء جريمة حرب    ستيفن صهيوني يكتب: مساعٍ جدية لبدء عصر جديد في العلاقات بين دمشق وموسكو بعد زيارة الشرع لروسيا.. فهل تنجح هذه المساعي؟    انجذاب لشخص في محيط عملك.. حظ برج العقرب اليوم 19 أكتوبر    لا تتردد في استخدام حدسك.. حظ برج الدلو اليوم 19 أكتوبر    منة شلبي: أنا هاوية بأجر محترف وورثت التسامح عن أمي    ياسر جلال: أقسم بالله السيسي ومعاونوه ناس بتحب البلد بجد وهذا موقف الرئيس من تقديم شخصيته في الاختيار    بشأن الإسورة الأثرية.. «السياحة والآثار» تنفي ما تم تداوله بشأن التقدّم ببلاغ ضد أحد الصحفيين    اليوم، ختام زيارة قاعة الملك توت عنخ آمون بالمتحف المصري بالتحرير    محمود سعد يكشف دعاء السيدة نفيسة لفك الكرب: جاءتني الألطاف تسعى بالفرج    غضب ومشادات بسبب رفع «الأجرة» أعلى من النسب المقررة    لا مزيد من الإحراج.. طرق فعالة للتخلص من رائحة القمامة في المطبخ    الطعام جزء واحد من المشكلة.. مهيجات القولون العصبي (انتبه لها)    فوائد شرب القرفة باللبن في المساء    أتلتيكو مدريد يتخطى أوساسونا في الدوري الإسباني    أخبار 24 ساعة.. زيادة مخصصات تكافل وكرامة بنسبة 22.7% لتصل إلى 54 مليار جنيه    إبراهيم العامرى: والدى كان يعشق تراب الأهلى.. وأنا مشجع درجة ثالثة للأحمر    هل يجوز للزوجة أن تأخذ من مال زوجها دون علمه؟.. أمين الفتوى يوضح    توجيهات عاجلة من وكيل صحة الدقهلية لرفع كفاءة مستشفى جمصة المركزي    البحوث الفلكية: 122 يوما تفصلنا عن شهر رمضان المبارك    الجارديان عن دبلوماسيين: بريطانيا ستشارك في تدريب قوات الشرطة بغزة    الوطنية للانتخابات: إطلاق تطبيق إلكتروني يُتيح للناخب معرفة الكثافات الانتخابية    "الإفتاء" توضح حكم الاحتفال بآل البيت    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    أعضاء مجلس الشيوخ يؤدون اليمين الدستورية.. اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جودة الحياة‏..‏ وثقافة الانضباط
بقلم:د‏.‏ محمود عيسي
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 04 - 2010

الحياة هي الناتج الأول للسنن الكونية فالتصميم الالهي المعجز لمفردات الكون ومخلوقاته انسانا وجمادا ونباتا وحيوانا هي التي أوجدت هذه الحياة‏,‏ كما ان معايير الانضباط في كل هذه المخلوقات هي امتداد لهذه السنن الكونية المبنية علي الانضباط المطلق والدقة والاتقان والجودة المطلقة‏ .‏ وجودة الحياة تعبير أصبح شائعا ومستخدما عندما نعني جودة كل ما يتعلق بشئون الفرد والمجتمع‏,‏ كما انها تعكس مدي امكانية استمتاع الفرد بحياته في إطار الالتزام المتبادل بينه وبين المجتمع‏.‏ وجودة الحياة لا علاقة لها بالثراء أو الفقر‏,‏ بل تعتمد علي مدي ما يتمتع به الفرد من خدمات صحية وتعليمية وحياتية ومشاركة مجتمعية وغيرها من الخدمات والتي يشارك في تنميتها بالفكر أو المال أو العمل أو بها جميعا لذا فإن جودة الحياة هي أساس لرفاهية الشعوب وتقدمها حضاريا واقتصايا‏.‏
ولشمولية جودة الحياة فإنها ترتبط بقوانين هذه الحياة ومعجزة الخلق وبما يحكمها من مقومات الانضباط‏.‏ فإذا نظرنا الي كوكب الأرض والتي تدور في فراغ هائل من بلايين السنين فإنها لو مالت جزءا من جزء من الدرجة عن محورها الذي تدور حوله زيادة أو نقصا لانتهت عليها الحياة‏.‏ كما انها لو خرجت ايضا عن مدارها حول الشمس جزءا من جزء من الدرجة لكان لها ولنا نفس المصير‏.‏ انها الدقة المطلقة والانضباط المطلق الذي دام منذ ذلك الحين‏.‏ لقد أعطي الانضباط المطلق لنا وللحياة قمة الروعة وآيات الجمال‏.‏ وإذا نظرنا الي ما في الانسان وما في الحيوان من خلق معجز ودقة واتقان والتماثل المذهل في الاجهزة الدورية والاعضاء في كل البشر وبما فيها من تماثل في المواصفات والآداء وهي المحكومة في ادائها بهذه الدقة وبما يعطيها مقومات الحياة‏.‏ فإذا فرج العضو عن ناموس خلقه وعن المواصفات الإلهية المزروعة فيه فإنه يمرض ويموت‏.‏ هذا في الانسان والحيوان والنبات‏,‏ وفي غيرها في ملايين الانواع من الكائنات كلها محكومة بمواصفات إلهية تؤدي دائما إلي دقة الانضباط واستمرار الحياة‏.‏
بالنظر الي مشاكل الشارع ومعاناة الزحام كأحد الأمثلة التي نعاني منها الآن تجدها في كل الاحوال سببها عدم الانضباط من السائق ومن عابر الطريق وفي بعض الاحيان من المراقب علي تصرفات كل هؤلاء‏.‏ فقيادة السيارة غير المنضبطة نتيجتها الحوادث وفقد الأرواح وتعطل الطرق بما يؤدي إلي مزيد من الحوادث ومزيد من الاعطال‏.‏ وكما تلوم السائق تلوم العابر للشارع نلوم صانع الطريق والمسئول عن اصلاحه والتي إن لم يتم تهيئتها لتكون صالحة للسائق ولا للعابر فإنه يجمع بين كل هؤلاء السلوك غير المنضبط الخالي من أي جودة أو إتقان‏.‏ لقد لخص الرسول الكريم كل ذلك في حديث شريف عميق المعني والذي يقول إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه وبقليل من التفكير والتأمل في هذا الحديث نجد أنه لو افترضنا ان كل فرد عمل بهذا الحديث لاختفت كل سلبيات السلوك وارتقت تلقائيا جودة الخدمة وجودة السلعة لأن الفرد هو الصانع‏,‏ وهو التاجر وهو السائق وهو العابر‏,‏ وهو اساس لكل الاعمال والافعال سواء كانت صغيرة أو كبيرة وبما يعني أن جودة الفرد هي اساس لتحقيق جودة السلعة وجودة الخدمة‏.‏
وعلي الشاطيء الآخر من هذا الحديث لو تخيلنا أسفا إن كثيرا من الناس لم تتبع ما في هذا الحديث سواء كليا أو جزئيا لانقلبت الموازين في السلعة وفي الخدمة وفي كل ما يتعامل معه المواطن ولم يعد هناك ما يتصل بأي صلة بجودة الحياة‏.‏ جودة الحياة ان تجد الجودة في كل ما تعلق بشئون الحياة‏,‏ فإذا فقدت سلوكيات الافراد الانضباط والدقة والاتقان فإنه يصعب أن تتحقق معايير الجودة علي المستوي العام من خلال هؤلاء الأفراد‏.‏ وكما نلزم الفرد بسلوكيات وثقافة الانضباط فإن المؤسسات سواء حكومية أو غير حكومية لا يمكن أن تقدم منتجات أو خدمات ذات جودة تنعكس علي جودة الحياة وهي تفتقر لسلوكيات الانضباط‏.‏ فتطبيق معايير الجودة في المنشآت والمؤسسات أكبر ضمان تحقيقها واستدامتها هو تميزها بسلوكيات الانضباط‏,‏ فهل يمكن تصور وجود مؤسسة أيا كان نوعها انتهاجية تعليمية صحية يمكنها أن تتبني معايير جودة في غياب سلوكيات الانضباط‏.‏ وكما في الامراض فإن السلوكيات سواء كانت سلبية أو إيجابية تنتقل وتنتشر في المجتمع واذا لم تعالج تنتقل من سييء إلي أسوأ إلي أن يتم التعود علي السلوكيات غير المنضبطة مهما كانت بشاعتها‏.‏ والجودة والاتقان والانضباط في إنتاج السلعة أو الخدمة لا يمكن بناؤها في فئة دون اخري أو في مجال دون آخر‏.‏
والآن ما الذي يجب فعله للنهوض بجودة الفرد من خلال السلوكيات لتحسين جودة الحياة‏.‏ يجب أن تكون التوعية بسلوكيات الانضباط متزامنة مع مشروعات النهوض بالجودة سواء للسلعة أو الخدمة ليس هذا فقط ولكن يجب أن يتم اعتبار السلوكيات من محاور البنية الاساسية للجودة ووضع سياسات متوازنة للتحفيز علي السلوكيات المنضبطة والتركيز في جميع مراحل التعليم علي التدريب علي مادة عن السلوكيات‏.‏
إن جودة الحياة مسئولية الافراد والمؤسسات والشركات والهيئات والحكومات بضبط السلوك وتنمية الإيمان بالمسئولية المجتمعية والتي أصبحت علما ومعايير‏,‏ ولم تعد عملا خيريا تطوعيا بل سلوك مجتمعي واجب التنفيذ‏.‏ فبهذه المسئولية المجتمعية بصبح الفرد مؤسسة كاملة يسري عليه مايسري علي المؤسسات تعمل جميعها من اجل المجتمع ومن اجل جودة الحياة لكل من فيه‏,‏ لانها هي المحصلة النهائية لأداء كل افراد وكيانات المجتمع وهي مؤشر الاداء الجماعي لكل عناصره‏.‏ وعندما ينعم أي مجتمع بجودة الحياة فإنها تؤدي الي مزيد من تقدم صناعاته ونمو تجارته وصادراته وعلي المستوي الحضاري فهي مقياس أيضا لثقافته ومستوي تعليمه وقدره بين الشعوب كما تكون مؤشرا لكل المؤشرات‏.‏ كما تكون في نفس الوقت ثقافة تجمع كل الثقافات‏.‏ عندئذ يعتقد الكل انه يجب أن ينعم بها ليس نتيجة لجهد الآخرين‏,‏ سواء كانوا افرادا أو حكومات‏,‏ وأنه يجب ألاينتظرها‏,‏ بل يجب أن يعمل هو من أجلها علي أن يبدأ بنفسه في تبني ثقافة الانضباط وهي أبسط وأهم مسببات النجاح‏.‏ والدليل القاطع أن ما تتميز به المؤسسة العسكرية من نجاح وجودة أداء أعمالها عسكريا ومدنيا يرجع لسلوكيات الانضباط فيها لأن هذه السلوكيات إلزام والتزام من القائد مهما علت رتبته ومن الجندي مهما صغرت درجته‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.