فيديو جراف| بشرى سارة.. مترو الأنفاق سيصل هذه المناطق قريبًا    مطارات مصر بين الخصخصة والأمن القومي.. لماذا يندفع ساويرس نحو السيطرة على البوابات السيادية؟    خلاف علني بين رئيسي البرازيل والأرجنتين بسبب حصار فنزويلا    معركة السيطرة على أموال التنظيم الدولي.. انقسام حاد بين قيادات «إخوان لندن»    تصريحات مثيرة قبل مواجهة مصر، مدرب زيمبابوي: لا نخاف من صلاح أو مرموش    تأجيل محاكمة عصام صاصا وآخرين بتهمة التشاجر داخل ملهى ليلي بالمعادي    النيابة العامة تُجري تفتيشًا لمركزي إصلاح وتأهيل وادي النطرون و«أبي زعبل 1»    مصرع شاب بالقليوبية أثناء اللعب بسلاح شقيقه الضابط    حبس المتهم بقتل زميله وتقطيع جثمانه إلى أربعة أجزاء وإخفائها داخل صندوق قمامة بالإسكندرية    لأول مرة.. "الصحة": أعداد المواليد لم يتجاوز مليوني مولود سنويًا    باريس سان جيرمان يتأهل لدور ال32 من بطولة كأس فرنسا    وزير البترول: صادراتنا من الذهب تفوق مليار دولار    يوفنتوس يحسم قمة روما ويواصل انتصاراته في الكالتشيو    أمم إفريقيا - ندالا حكم مباراة الافتتاح بين المغرب وجُزر القُمر    أبرزها الأدانه والتحويل إلى اللجنة التأديبية.. كاف يعلن قراره الأول بشأن أحداث مباراة الأهلي والجيش الملكي المغربي بدوري أبطال إفريقيا    10 نجوم إفريقية فى صراع بمعارك الأدغال    وزير الطيران:إجمالي عدد الركاب بكافة المطارات المصرية 60 مليون راكب بنهاية العام الجاري    ضعف المياه بمركز طهطا بسوهاج لأعمال تطهير محطة شطورة السطحية    بعد ابتزازه بمقاطع فاضحة.. «ناصر» يستنجد بالهارب محمد جمال والأخير يرفض التدخل    وزير البترول: مليار قدم مكعب حجم الغاز القادم من إسرائيل عبر الأنابيب.. فيديو    إيمي سمير غانم: كنت بقفل بالمفتاح على أبويا وأمي وقت كورونا    تامر حسنى يشكر راعى مصر فى ختام حفل عابدين    العرض الخاص لفيلم «بكرا» بحضور أشرف زكى ومحمد رياض    أميرة الإيقاع نسمة عبد العزيز تشعل مسرح أوبرا الإسكندرية بحفل فني مميز    «كتاب جدة» يقرأ ملامح الفنون السعودية المعاصرة    «القصص» ل أمير المصرى يفوز بالتانيت الذهبى كأفضل فيلم فى مهرجان قرطاج السينمائى    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    الاحتلال يتوغل في ريف القنيطرة الشمالي بسوريا    الدفاع المدني يرفع ركام شقة منهارة وإصابة طالب في العجوزة    وزارة الداخلية تنفذ أكثر من 60 ألف حكم قضائي في حملات أمنية مكثفة    محمد صبحي: المقاومة الفلسطينية لن تموت.. والمعركة على الوجود الفلسطيني كاملا    إعلام الاحتلال: الجيش ينهي عملية نزع السلاح من غزة داخل الخط الأصفر    مبابي يعادل رقم رونالدو التاريخي ويحتفل على طريقته    بركلة جزاء قاتلة.. أرسنال يهزم إيفرتون ويعود لاعتلاء صدارة البريميرليج    اتحاد الكرة: حسام حسن وعدنا بلقب أمم إفريقيا.. وفينجر رشح مدير فني لتعيينه    وزير خارجية روسيا: ناقشنا مع الشركاء إصلاح مجلس الأمن وتعزيز ميثاق الأمم المتحدة    محمد صبحي عن فيلم «الست»: أم كلثوم ليست ملاكا لكنها رمز.. اهتموا بالفن ولا تنبشوا في السلوكيات الشخصية    آية عبد الرحمن: مصر أرض انغرست فيها جذور الترتيل وأثمرت أصواتا وصلت لشتى بقاع الأرض    خبير عسكري: مصر تمتلك أوراق ضغط دولية لم تستخدمها بشأن سد النهضة    14 توصية لدعم وتعزيز صناعة الغذاء في مصر    الصيام تطوعا في رجب وشعبان دون غيرهما.. الإفتاء توضح التفاصيل    محمد صبحي: غزة اختبار سقطت فيه كل الشعارات والمواثيق.. والقوى الدولية تلعب دور محامي العدو    9 عادات يومية تعيق بناء العضلات    أسماء ضحايا ومصابي حادث تصادم تريلا وموتوسكلين بقنا    مجدي مرشد نائب رئيس حزب المؤتمر ل"صوت الأمة": التدخل الرئاسي أنقذ الانتخابات.. ولا يوجد أي غبار على مجلس النواب الجديد    المصل واللقاح: انتشار الفيروسات التنفسية طبيعي في الخريف والشتاء.. و65% من الإصابات إنفلونزا    6 أعراض مبكرة للإصابة ب الذئبة الحمراء    تحسين حياة المواطن بالأقصر تتصدر اهتمامات البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة    خلال 10 أيام.. التفتيش على 3605 منشآت يعمل بها أكثر من 49 ألف عامل    رئيس جامعة بنها يحيل طبيبين بالمستشفى الجامعى للتحقيق    النبراوي أول نقيب مهندسين مصري يتقلد رئاسة اتحاد المهندسين العرب    وزير التعليم العالي يشهد حفل تخريج أول دفعة من خريجي جامعة المنصورة الجديدة الأهلية    رئيس جامعة الأزهر: الجميع مع القرآن فائز.. والإمام الأكبر حريص على دعم الحفظة    الداخلية تكشف تفاصيل سرقة فيلا أحد الدبلوماسيين فى الشيخ زايد    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    «المنشاوي» يستقبل أسامة الأزهري وزير الأوقاف بجامعة أسيوط    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رصاصة طائشة في فرح بلدي‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 01 - 2011

فجأة مثل طلقة رصاص طائشة في فرح بلدي سألني جار قديم لم أره منذ زمن بعيد‏:‏ أين أسامة بن لادن ؟‏!‏ تعجبت من السؤال ونظرت إليه مندهشا وقلت‏:‏ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم‏..‏ ما الذي فكرك به؟
نظر إلي شذرا‏:‏ أسامة بن لادن مجاهد‏..‏
قاطعته قبل أن يستطرد‏:‏ أكيد مات وشبع موت من سنوات كثيرة‏..‏وكان مجرد أداة انتهي دورها‏,‏ فتلاشي مثل فص ملح وذاب‏.‏
أنهيت الحوار مع جاري القديم العجوز نصف المتعلم قبل أن يدخل إلي مزالق ومنحنيات غبية‏,‏ لكن سؤاله لم ينته في عقلي‏,‏ ليس السؤال في حد ذاته‏,‏ وإنما العقل المشغول به‏..‏فإذا بكرة هائلة مشتعلة بالتساؤلات تلاحقني‏:‏ هل العالم الإسلامي في حاجة إلي مخاصمة العصر والعودة إلي الماضي وتدبير عمليات التفجير أم في حاجة إلي التعليم الحديث والتفكير المنظم ومصالحة العصر وإصلاح نظمه السياسية لتنتشله من مستنقع التخلف الذي يسبح فيه منذ أكثر من ستة قرون ؟‏!,‏ هل إمساك بندقية داخل كهف جبلي أو التدريب علي صناعة المتفجرات أو ارتكاب مجزرة في الإسكندرية أو بغداد أهم وأجدي من قراءة كتاب أو بناء مدرسة أو تعليم فتاة أو محو أمية جاهل أو العمل علي بناء مجتمعات مدنية أو علاج سقماء الجسد والعقل ؟‏!.‏
في عصور الانحطاط يتمسك الناس بمظاهر الحياة ولا يهتمون كثيرا بجوهرها‏,‏ ويتحول المجتمع إلي مكلمة أو ساحة جدل عشوائي أو سوق لغوي‏,‏ وتتراجع قيم العمل والاجتهاد والمثابرة والإصلاح والتقدم‏,‏ ويحل محلها فهلوة التنبلة وادعاء العمل والملل والفساد والجمود‏!‏
تلمع قطع الزجاج المطلية فائقة الصنعة في فترينات الطبقات الاجتماعية وتتواري الجواهر النفيسة الطبيعية عن الأنظار‏,‏ تجلس شخصيات نصف موهوبة أو محرومة من المهارات المتميزة خلف مكاتب القيادة مرفوعة إليها بقدرة هائلة علي التسلق مثل النباتات الطفيلية وتقف المواهب وأصحاب المهارات الفائقة في الصفوف الخلفية‏,‏ تختفي الحقائق والمعلومات وتنتشر الشائعات والنميمة‏,‏ تنتكس الثقافة والفنون الرفيعة وترتفع أعلام الموروثات والخرافات الشعبية المتخلفة‏,‏ ينحسر الجمال والعدل ويتوحش القبح والظلم‏,‏ ينهمك الناس في صغائر الأشياء والتافه من الأمور‏.‏
إذا تركنا موضوع العصر والحضارة جانبا‏,‏ واختزلنا حيرتنا في سؤال مباشر هو‏:‏ هل نحن مسلمون حقا ؟
لا تتسرعوا في الإجابة‏.‏ فالسؤال أكثر تعقيدا مما تظنون‏..‏ وقد أجاب عنه الإمام محمد عبده حين عاد من الغرب في أوائل القرن العشرين‏:‏ لقد وجدت إسلاما دون مسلمين‏..‏ وفي بلادنا مسلمون بلا إسلام‏..‏ أي وجد في الغرب الصدق والأمانة واتقان العمل والنظام وطلب العلم ولو في الصين والاجتهاد وعدم التبرع بإيذاء الآخرين والتفتح علي الحياة ونبذ التعصب‏..‏ وهذا لا يعني مطلقا أن هذه المجتمعات خالية من الكذابين والفهلوية والمتعصبين والجهلة والأغبياء‏,‏ لكنهم علي هامش الحياة ولا يمثلون الشريحة الأكبر‏!.‏
وهي مقولة مدهشة تلخص جوهر الأزمة التي انحشر فيها العالم الإسلامي‏,‏ وهي التمسك بشكل الدين دون جوهره‏..‏ بشكل الإيمان دون العمل به‏..‏ بادعاء الأخلاق وقصرها علي العلاقة بين الرجل والمرأة دون أن تمتد إلي تفاصيل الحياة اليومية‏..‏ ودعوني أرو لكم هذه الحكاية البسيطة‏!‏ أسكن بجوار مسجد من الذي تتردد عليه جماعات من أصحاب الذقون الطويلة والجلاليب الباكستانية والنقاب الأسود‏,‏ وبالرغم من أن الجامع يطل علي طريق رئيسي‏,‏ فهم لا يتحرجون من إغلاقه سواء بركن السيارات أو فرش البضائع من عطور شرقية وأزياء يصفونها بأنها إسلامية وكتب دينية أغلبها عن عذاب القبر وأشرطة كاسيت تتوعد الغافلين بنار جهنم وبئس المصير‏,‏وذات مرة انفعلت في أحدهم قائلا‏:‏ إماطة الأذي عن الطريق صدقة‏..‏ وأنتم تقطعون الطريق‏!.‏
فرد علي متجهما‏:‏ هل تريد منعنا من الصلاة؟‏!..‏ تستطيع أن تلف من سكة ثانية‏!‏
قلت‏:‏ قد يكون هناك مريض في حالة خطيرة أو أن حريقا شب في بيت‏..‏ أو‏..‏ والثانية وليس الدقيقة في هذه الحالات مهمة جدا‏!‏
فرد في يقين والتجهم يأكل وجهه‏:‏ لا يصيبنا‏.‏ إلا ما كتب الله لنا‏!.‏
هذا هو العقل الضعيف‏..‏ سبب التخلف‏..‏ والإيمان الشكلي‏..‏ سبب التعصب‏!‏
وهي نفس الحالة التي انتشرت في أغلب المصالح الحكومية حين يهجر الموظفون‏.‏ مكاتبهم عند أذان الظهر ويتوجهون للصلاة معطلين مصالح الناس والعملاء‏,‏ مع أن فترة الصلاة ممتدة إلي توقيت العصر‏..‏ وذات مرة قلت لمدير في مصلحة تنطبق عليها نظم القطاع الخاص أن يقول لموظفيه أن ساعات العمل من حق المواطنين ومن يرد أن يصلي فليصل من وقته وليس من وقت الآخرين‏!‏
فسألوه‏:‏ ماذا يعني ؟‏!‏
فقال‏:‏سنعطي نصف ساعة للصلاة تضاف إلي مواعيد العمل الرسمية ويصبح الانصراف في الثالثة والنصف وليس الثالثة‏.‏
فرفض كل الموظفين الاقتراح‏..‏ وقالوا‏:‏ أنت تريد منعنا من الصلاة وتقف بيننا وبين الله‏.‏
وخاف المدير من تهمة محاربة الدين فتخلي عن الفكرة‏..‏ وبات موظفوه لا يقتطعون من وقت العمل نصف الساعة فقط بل ساعة كاملة للوضوء والصلاة‏!.‏
هذا هو العقل الضعيف‏..‏ الذي يهدر قيمة العمل‏..‏ وهذا هو الإيمان الشكلي الذي يهدر حقوق الآخرين‏!.‏
ولو استعرضنا مظاهر حياتنا‏..‏ لعثرنا علي عشرات التفاصيل المشابهة‏,‏ التي نغتال بها أي فرصة للخروج من مستنقع التخلف‏.‏
فهل نجلس ونفكر دون أن نكذب علي أنفسنا‏:‏ لماذا نحن متخلفون؟
وبالقطع لا نهدر الأسباب السياسية ولا نقلل من مسئولياتها‏,‏ لكنها أسباب ومسئوليات داخل بيئة ملائمة وحاضنة‏,‏ يسيطر عليها عقل سلفي يري في الماضي كل الخلاص مع أن الحياة منذ خلقها الله حركة إلي الأمام لا تتوقف‏.‏
باختصار‏..‏إذا استطعنا الإجابة‏:‏ لماذا نخن متخلفون؟‏!,‏ فربما نخرج من نفق الماضي إلي جسر المستقبل‏,‏ ولن نتعصب ضد الآخر الذي يعيش معنا وهو منا‏.‏

المزيد من مقالات نبيل عمر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.