قبل9 سنوات, استبشر الناس خيرا, حينما صدر قانون التمويل العقاري رقم148 لسنة2001, فقد صار بامكانهم الحصول علي وحدة سكنية بالتقسيط علي فترة زمنية طويلة. وذلك من خلال استقطاع نسبة معقولة من دخلهم الشهري..هكذا كان الناس يظنون! ومنذ ذلك التاريخ, لايزال التمويل العقاري يسير بخطي بطيئة, فلا هو نجح في توفير المسكن بشروط واجراءات ميسرة, ولاتكلفة التمويل في متناول القدرات المالية للأسرة المصرية, ولا الفائدة علي القرض معقولة بحيث تغري الناس للاستفادة من أكثر من10 مليارات جنيه متاحة كقروض عقارية, كما كان متوقعا, ولا أسهم في تحقيق الفائدة لكل طرف من أطراف منظومة التمويل العقاري, ولا أدي إلي توفير السيولة النقدية, ولا تمكن من دفع قاطرة الاستثمار العقاري.. وهكذا.. يمضي التمويل العقاري, خطوة للأمام.. يتراجع خطوتين إلي الخلف!! تري.. ما هي التحديات التي تواجه نظام التمويل العقاري, ولماذا لم يحقق النجاح المطلوب؟, التمويل العقاري حسب الدكتور سمير رياض مكاري أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية.. يستطيع حل مشكلة70% من الأسر المصرية, التي هي في الواقع تحتاج إلي شقة أو عقار, ولا تستطيع تدبير المبلغ اللازم لذلك نقدا, وبالتالي يصبح التمويل العقاري هو الوسيلة المثلي لتمكينهم من تلبية احتياجهم في المسكن, كما أن مهمة التمويل ضرورية وحيوية للاقتصاد المصري, ولكي تستفيد هذه الأسر من نظام التمويل العقاري عليها أن تقتطع ما بين25% و30% من الدخل لسداد تكلفة التمويل التي تبدو صعبة في ظل ارتفاع تكلفة بناء العقارات, وأسعار البيع, وأقساط السداد, ومعدلات الفائدة التي يقرها نظام التمويل العقاري.. كل هذه الاعتبارات تدفع الأسر المصرية للاحجام عن الشراء بنظام التمويل العقاري, وبصور ابسط, فانك إذا حسبت سعر العقار في الوقت الحالي, ومولته بنظام التمويل العقاري, وبسعر الفائدة الذي يسمح به البنك المركزي وهو في حدود12% وبالتقسيط علي مدة زمنية قدرها25 سنة., فإن المطلوب يفوق نسبة ال30% التي يمكن استقطاعها من دخل الناس لشراء عقار بنظام التمويل العقاري, وعلي ذلك فإن تكلفة التمويل العقاري, وسعر الفائدة الحالي, وتكلفة بناء, وشراء الوحدة السكنية لن يحقق للناس القدرة علي الشراء!. ** قلت: هل يمكن أن يؤدي تخفيض سعر الفائدة إلي تفعيل نظام التمويل العقاري؟. يجيبني قائلا: أنا أتحدث عن حلول عملية, أما مسألة تخفيض سعر الفائدة فهي تمثلا حلا غير واقعي. وكما ذكرت والكلام مازال للدكتور سمير مكاري فإنه في ظل مساهمة الدول في تخفيض قيمة الأرض التي تمنحها للمستثمرين العقاريين, ومد فترة السداد إلي25 عاما, مع الحصول علي نسبة25% من القيمة الاجمالية كمقدم, وتقليل مساحة الوحدة السكنية المعتادة من70 أو80 مترا علي50 مترا بتصميمات جيدة لا تهدر المساحات, ومع استخدام مواد البناء الحديثة, سوف تصبح التكلفة في متناول الأسر المصرية التي تبحث عن شقة أو عقار لا تستطيع سداد الثمن نقدا, وإذا توافرت هذه العوامل سوف ينجح التمويل العقاري. والذي يحدث الآن, أن تكلفة التمويل مرتفعة لذلك لم تستوعب السوق العقارية المبالغ المتاحة كقروض للتمويل العقاري, والتي تقدر بنحو20 مليار جنيه, حيث تم اقتراض نصف هذه المبالغ فقط حسب التقارير المصرية, فضلا عن انعدام الثقة في فكرة شراء وحدة سكنية بنظام التمويل العقاري. ** هنا أبارده بسؤال: ألا تعتقد أن التوسع في تطبيق نظام التمويل العقاري يمكن يؤدي إلي كارثة كما حدث مؤخرا في الولاياتالمتحدةالأمريكية؟. يجيب: التوسع في التمويل العقاري لابد أن يتم بشكل حذر, ولابد أن يتم حساب معامل الخطورة بالضبط, مع ضرورة الأخذ في الاعتبار أن هناك نسبة من المستفيدين من نظام التمويل العقاري قد تتعثر في السداد. نأتي إلي أزمة التمويل العقاري التي أصابت بعض المؤسسات التمويلية والبنوك الأمريكية, فأصل سعر الوحدة مثلا200 ألف دولار تم تقييمها بنحو500 ألف دولار, بالتالي تم رفع قيمة التمويل العقاري إلي500 ألف مع الوحدة لا تساوي هذه القيمة في الأساس, ولذلك حدثت الكارثة. الدوران في حلقة مفرغة أحد الذين ولدت علي أيديهم المنظومة في بداياتها الأولي هو الدكتور علي أحمد شاكر الرئيس الأسبق لهيئة التمويل العقاري, والذي يقول إن قانون التمويل صدر في عام2001 م, وبدأنا الإجراءات التنفيذية في عام2002 م, بتأسيس الهيكل التنظيمي, وتفعيل الجوانب وتم انشاء العديد من شركات التمويل العقاري, ونحن ندور في حلقة مفرغة, لكي تكتمل المنظومة من جداول ووسطاء مقيمين ووكلاء, تم انشاء العديد من شركات التمويل العقاري, وقد ظللت علي رأس الهيئة حتي تركتها في عام2005 ومنذ ذلك التاريخ ونحن ندور في حلقة مفرغة, ولكي تكتمل المنظومة كان لابد من انشاء صندوق يعمل علي تخفيض تكلفة التمويل العقاري بحيث لا تزيد فائدة التمويل علي7%. يضاف إلي هذه المعوقات, ما يتصل ببعض الإجراءات كضرورة أن يكون العقار مسجلا, ولابد من اثبات الدخل للتأكد من توافر مصادر دخل تؤدي للسداد, فضلا عن أن ثقافة اظهار القيمة الحقيقية للعقار لاتزال تواجه مقاومة, إلي جانب ارتفاع تكلفة التمويل. ولا شك والكلام للدكتور علي شاكر أن التمويل العقاري يمكن أن يصنع أزمات مالية إذا تم التفريط في طلب الضمانات, أو تقدير العقارات بأعلي من قيمتها. وبشكل عام, يقسم المهندس ابراهيم محلب رئيس مجلس ادارة شركة المقاولون العرب قضية الاسكان إلي محورين: الأول يتعلق بمشاريع الاسكان, هذا المحور قد تدخلت فيه الدولة بشكل فعال, وأسهمت بشكل كبير في حل المشكلة, من خلال عدد من المشاريع, منها مشروع مبارك القومي للاسكان ضمن البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك, حيث تم تقديم الدعم بصور مختلفة منها دعم قيمة الأراضي المعدة للبناء, كمشروع ابني بيتك, ومشاريع البناء في الظهير الصحراوي لتنمية المجتمعات الريفية, وتوصيل المرافق لبعض الوحدات, فضلا عن مشروع بيت العيلة, ومشروع الوحدات السكنية للفئات الأولي بالرعاية, واسكان حديثي الزواج, وبالتالي كانت هذه المشاريع العقارية, وهو في رأيي حل فعال لتوفير السكن, لأنه استثمار في المستقبل, لاسيما أن حلم شراء شقة كان ولايزال يمثل مشكلة, وبالتالي فإن التمويل العقاري يحل المشكلة بطرق ميسرة, لكن القضية الأساسية تكمن في أن ثقافة شراء الوحدات السكنية بنظام التمويل العقاري مازالت جديدة علي المجتمع.