مسئول فلسطيني: ننتظر خطوات عملية من مؤتمر حل الدولتين بنيويورك    غزل المحلة يختتم استعداداته لمواجهة طلائع الجيش.. صور    انفجار أنبوبة بوتاجاز صغيرة يصيب شخصين بكورنيش النيل في المنيا    أسماء المقبولين في مسابقة 30 ألف معلم فصل المرحلة الثالثة.. جميع المحافظات    يضم عناصر من «حزب الله».. بيروت ترد على أنباء اتفاق لتبادل السجناء بين العراق وإيران وإسرائيل    الفريق أحمد خليفة يبحث التعاون العسكرى مع فرنسا    وزير الشؤون النيابية بمؤتمر حزب الجبهة الوطنية: نفتح أبوابنا لكل الرؤى    منتخب مصر للناشئين يترقب قرعة كأس العالم تحت 17 سنة.. غدا    إزالة 151 حالة تعدى ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال26 فى أسوان    خبير لوائح رياضية: لا توجد أسباب جديدة تدعو لإيقاف إعلان بطل الدوري    31 مايو، روبي تحيي حفلا غنائيا في العين السخنة    القومي للبحوث يقدم نصائح للنوم الصحي وأهميته في فترة الامتحانات (فيديو)    وزير الصحة عن واقعة وفاة الطفلة صوفيا: نجري تحقيقات موسعة وراجعنا تفاصيل ما حدث    انقطاع الكهرباء بفرنسا وزلازل وحرائق.. المشهد الفلكي كما توقعته وفاء حامد    كم سعر المتر في مشروع سكن لكل المصريين 7 لمتوسطى الدخل    فعاليات وزيارات للترويج.. السياحة والآثار فى أسبوع    موسم الطيور الإنجليزية.. حينما ترفرف الأجنحة نحو البطولات.. «النسر» يعود من بعيد و«الدجاج» يخرج بالبطولة الأوروبية.. و«غراب الماء» يستعيد أمجاد مواسمه الذهبية    فليك يحدد هدفه مع برشلونة في الموسم المقبل    أستاذ تمويل: البنك المركزي يتجه لخفض الفائدة لإنعاش الاقتصاد    دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي الحجة لعام 1446فى هذا الموعد    خلية عمل لخدمة 78 ألف حاج مصري.. استقبال مهيب لحجاج القرعة في المدينة المنورة.. وتفويج "آمن" إلى مكة المكرمة    نوال مصطفى تكتب: صباح الأحد    رئيس «برلمانية التجمع»: وافقنا على قانون الانتخابات لضيق الوقت ولكن نتمسك بالنظام النسبي    مدير تعليم الفيوم يجتمع مع لجان المديرية لمتابعة امتحانات الفصل الدراسي الثاني    نغم صالح تحتفل بإطلاق ألبومها الجديد "شلق" في مسرح الجيزويت    فرقة ديروط تقدم «السيد بجماليون» على مسرح قصر ثقافة أسيوط    اليوم.. عرض أولى حلقات برنامج مسيرتي ل جورج وسوف    ذكرى مرور 123 عاما على الإسعاف في مصر.. قصة نشأته ودلالة شعاره    اغتنم فضلها العظيم.. أفضل الأدعية والأعمال في عشر ذي الحجة ويوم عرفة 2025    محافظ قنا يكرم الفائزين بجائزة الدولة للمبدع الصغير ويشيد بدور الأسرة والمدرسة في رعاية المواهب    اقرأ غدًا في «البوابة».. غضب عالمى من الجرائم الإسرائيلية    أخصائية اجتماعية تكشف أسباب ظهور سلوكيات عناد وعصبية الأطفال    الدفاعات الجوية الأوكرانية تعترض 245 طائرة مسيرة روسية    شديد الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا    وزير البترول يتفقد مشروعات فوسفات مصر بأبو طرطور.. ويؤكد: انطلاقة جديدة لقطاع التعدين    مسلم يرد من جديد على منتقديه: كفاية بقى    محمد رمضان يروج ل فيلم "أسد" بصورة جديدة من الكواليس    الأهلي يفرض سيطرته على الألعاب الجماعية ب22 لقبًا.. وموسم "باهت" للزمالك    البابا تواضروس يصلي القداس الإلهي ب كنيسة «العذراء» بأرض الجولف    النفط يسجل خسارة أسبوعية وسط ضغوط محتملة من زيادة إنتاج «أوبك+»    هيثم فاروق: أثق في يورتشيتش وبيراميدز لن يعود للدفاع في الإياب أمام صن داونز    تأجيل محاكمة متهمي اللجان النوعية    محمد صلاح يعادل إنجاز رونالدو وهنري ودي بروين    سقوط عدد من "لصوص القاهرة" بسرقات متنوعة في قبضة الأمن | صور    اتحاد الصناعات: الدولة تبذل جهودا كبيرة لتعميق صناعة حديد التسليح محليًا    سيد عطا: جاهزية جامعة حلوان الأهلية لسير الاختبارات.. صور    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء الخطة التدريبية لسقارة للعام المالي الحالي    بيرو تفتح تحقيقاً جنائياً بحق جندي إسرائيلي بعد شكوى مؤسسة هند رجب    المانجو "الأسواني" تظهر في الأسواق.. فما موعد محصول الزبدية والعويسي؟    مباشر.. أسرة سلطان القراء الشيخ سيد سعيد تستعد لاستقبال جثمانه بالدقهلية    التشكيل الرسمي لصن داونز أمام بيراميدز بذهاب نهائي دوري الأبطال    «لافروف» يكشف عمل موسكو على وثائق متطلبات تسوية الحرب الروسية الأوكرانية    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    رئيس جامعة الأزهر: القرآن الكريم مجالًا رحبًا للباحثين في التفسير    حكم طلاق الحائض عند المأذون؟.. أمين الفتوى يُجيب    الداخلية تضبط المسئول عن شركة لإلحاق العمالة بالخارج لقيامه بالنصب    «التأمين الصحي» تطلق حملة «تأمين شامل.. لجيل آمن» بأسوان    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة‏...‏ لمصر التي في خاطري
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 01 - 2011

كتبت في مقال سابق بعنوان مصر التي في خاطري‏,‏ عن مصر كما أتمناها وما اخشي عليها منه‏,‏ وكان ما دفعني إلي كتابة ذلك المقال انني قد ساورني القلق علي بلدي من التغيرات التي حولنا‏ وكان حجر الزاوية في مقالي هو خشيتي من مساعي بعض ممن حولنا من تفسيخ النسيج الداخلي لبلدنا الحبيب وكان ومازال تقديري انه لايمكن أن نعالج هذه المحاولات إلا بإزكاء المواطنة الحقيقية‏,‏ والتي ستقود إلي التصدي بذاتها لأي محاولة لإيجاد فرقة داخلية إثنية أو عرقية أو خلافه‏.‏
وكان ومازال مايحرك هواجسي في هذه المرحلة‏,‏ ما أراه يتحقق أمامي من أساليب متعددة لتكريس التجزئة الفعلية لأوطان كان لايمكن ان نقدر لها هذه النهايات السريعة‏:‏ فالعراق والسودان وربما اليمن ثم فلسطين ومانراه في لبنان وتونس حاليا يفرض علينا أن نتدارس مواقفنا بجدية‏,‏ ونحدد مواطيء أقدامنا بدقة وتخطيط وحرفية حقيقية‏.‏
ودعونا نبدأ بسؤال موضوعي وصريح وهو‏:‏ هل هناك مصلحة فعلية لتفتيت النسيج الوطني المصري؟ وقناعتي التي لا أفرط فيها‏,‏ وان هناك أطرافا عديدة لها مصلحة في إضعاف مصر كقوة مركزية في الوطن العربي والشرق الأوسط‏,‏ وأن الوسيلة التي يمكن الاستناد إليها في تحقيق هذه الغاية هي طعن الوحدة الوطنية من الداخل‏,‏ وتفتيت النسيج المصري‏,‏ ذلك أن خبرة من تعاملوا مع مصر تقطع بأن الهجوم علي مصر من الخارج يؤدي إلي جمع شمل ولحمة الشعب الوطني وليس تفتيته‏..‏ ودعوني اقولها بكل صدق‏,‏ ان الاحتلال الذي عاصرته لمصر سواء من بريطانيا العظمي أو إسرائيل جمع المصريين بمختلف أطيافهم علي قلب رجل واحد لتحرير مصر‏..‏ وعندما بدأ البعض يمزج الدين بالسياسة للمواءمة بين القوي الشيوعية والإسلامية‏,‏ قلبت المعايير‏,‏ وسادت حالة من التفسخ الداخلي في وقت لم يكن يربطنا فيه هدف وطني واحد يقوي من نسجينا الوطني‏.‏
وعدت إلي ملفاتي لأقرأ بتأن مقالا كان قد نشر في فبراير‏1982‏ بجريدة كيفيونيم التي تصدر عن إدارة الاستعلامات للمنظمة الصهيونية الدولية وكتبه عوديد ينون وهو صحفي إسرائيلي كان يعمل في السابق ملحقا في وزارة الخارجية الإسرائيلية‏,‏ ويركز المقال علي الاستراتيجية الصهيونية في الشرق الأوسط‏,‏ وفيه يحدد ان إبقاء إسرائيل يلزم أن يقوم علي الاسس التالية‏:‏
‏1‏ ان تصبح إسرائيل قوة إمبريالية اقليمية‏.‏
‏2‏ تقسيم المنطقة الي دويلات صغيرة‏,‏ وذلك بتفتيت كل الدول العربية الحالية‏.‏
‏3‏ ان التفتيت من الداخل يعتمد علي التكوين العرقي والديني لكل دولة‏.‏
‏4‏ في مصر هناك أغلبية سنية تواجه أقلية كبري من المسيحيين يسيطرون علي صعيد مصر وأن مسئولا مصريا رفيعا قد اعرب في خطاب شعبي له عن خشيته من أن يطالب المسيحيون بدولة لهم‏.‏
وتبدو أهمية هذه التقديرات في إنها قد وضعت موضع التنفيذ منذ نشرت في عام‏1982‏ سواء في لبنان والحرب الأهلية بها أو العراق وما قدمته إسرائيل من معونات أمنية ومخابراتية لبعض من الطوائف إبان فترة الغزو الأمريكي للعراق وفلسطين والسودان واليمن ومحاولات إسرائيل التغلغل في دول حوض النيل وما يستجد‏.‏
وخلاصة القول إن مصر مستهدفة لتمزيق نسيجها الوطني‏,‏ والعمل علي تقليص الدور المصري كقوة إقليمية مركزية‏..‏ وقناعتي الذاتية ان السنوات العشر القادمة سوف تحدث فجوات كثيرة في منطقة الشرق الأوسط‏,‏ وسوف يعاد صياغة منظومة الوضع الجيو استراتيجي للمنطقة بمنظور أمريكي إسرائيل‏.‏
وهنا لا أجد أن أمام مصر من خيار سوي أن تقوي نفسها من الداخل كضرورة حتمية‏,‏ وذلك بإعادة صياغة منظومة العمل السياسي بها‏,‏ فاللحمة الوطنية لايقويها سوي إحساس كل مصري بأنه جزء من هذا الكيان‏,‏ وأن له دورا مطلوبا في منظومة العمل الوطني‏,‏ ومن ثم فإن صيغة الحزب الأوحد لايمكن ان تنمي نسيج المواطنة المصرية‏,‏ وإنما يدعم المواطنة طرح صيغة تضمن المشاركة الشعبية الفاعلة في نسيج العمل الوطني ومنظومة العمل السياسي‏.‏
فالواقع يقطع بأن الامكانات الاقتصادية والمالية لمصر لن تمكنها من تحقيق الأهداف الطموحة التي طرحها الحزب الحاكم بالنسبة لتحسين الأوضاع المعيشية للشعب المصري‏,‏ وعليه فإن نبرة التفاؤل المتزايدة قد ترتد إلي خيبة أمل مدمرة للكيان الوطني إذا لم يكن تحقيق المطالب الحدية الشعبية وخصوصا بالنسبة‏:‏ لرفع مستوي المعيشة والحد من معدلات ارتفاع الأسعار‏,‏ وتوفير السلع الاساسية محليا وتوفير الميزانية التي تضمن القدر المتيقن من الاستثمارات لزيادة فرص العمالة والحد من معدل البطالة المتزايد وانعكاساته المدمرة للنسيج الاجتماعي المصري‏,‏ وتوفير المستوي المقبول من العلاج تحت مظلة تأمينية صحية لجموع الشعب المصري‏,‏ ورفع مستوي التعليم‏,‏ والحد من تزايد الدين الداخلي وتأثيره السلبي علي موازنة الدولة‏,‏ والأهم من كل هذا الحد من الفساد‏,‏ والتحقيق الفعلي لمنظومة العدالة الاجتماعية والتي أصبحت تمثل العقبة الكبري التي قد تؤدي إلي توتر الوضع الداخلي‏..‏ ودعونا نقيس الأمور بمقياس اجتماعي واقتصادي واقعي‏,‏ فليس ارتفاع عدد الهواتف المحمولة أو السيارات وزيادة عدد طلبة المدارس الخاصة بالمعايير التي يقاس بها معدل الرخاء في المجتمع المصري‏,‏ بل هو إما‏:‏ نوع من التنفيس الاجتماعي بالنسبة للهواتف المحمولة‏,‏ والتدليس البنكي بالنسبة للقروض علي خمس أو سبع سنوات‏,‏ والاحتياج الاضطراري بالنسبة للمدارس الخاصة‏.‏
خلاصة القول إن مصر مستهدفة من الداخل‏,‏ واستبعد أنه يمكن رتق قماشة الداخل سوي بوسيلة واحدة‏,‏ وهي‏:‏ إزكاء الشعور بالمواطنة الحقيقية‏,‏ وإشعار كل مواطن أنه يمثل جزءا من كيان المنظومة السياسية‏..‏ فالحزب الأوحد في مسيرة العمل السياسي سيؤدي إلي إحساس المواطنين بالغربة داخل وطنهم‏,‏ ويعمق من وهن وضعف الإحساس بالمواطنة ولابديل إلا بفتح الطريق امام تحقيق الديمقراطية التعددية الحقيقية في ظل الدولة المدنية‏.‏

المزيد من مقالات محمود شكري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.