لعل شهرة الدكتور يوسف ادريس كواحد من أهم كتاب القصة القصيرة في الوطن العربي إن لم يكن أهم كتابها علي الاطلاق قد طغت علي شهرته ككاتب مسرحي له أعمال متميزة وذات طبيعة خاصة.. ولد كاتبنا الكبير بقرية بيرم بمحافظة الشرقية في19 مايو1927 ودرس الطب بجامعة فؤاد الأول وعمل مفتشا للصحة بالقاهرة. وقد أفادته دراسة الطب في عمله الأدبي بشكل مباشر وغير مباشر فستجد مجموعة قصصية تحمل عنوان لغة الآي آي عن مريض كلي يتألم ولا يعنيه ما يدور من حوله من شدة الألم وقصة أخري عن رجل ضعيف مسن وظيفته تسهيل تصاريح الدفن في مكاتب الصحة. ثم يتوفي هذا الرجل ويخيل للطبيب أنه واقف أمامه يعرض الجثمان ويسهل لنفسه تصريح الوفاة.. وسنجد في باقي القصص استفادة غير مباشرة من مهنة الطب تتمثل في العمق الإنساني وتشريح العيوب الاجتماعية والسياسية بمنتهي الدقة والحدة والبساطة. أحس الدكتور يوسف ادريس بأهمية المرح كأداة توصيل للفكر أوسع وأكثر اتصالا بالناس فكانت العديد من المسرحيات استهلها بملك القطن ثم جمهورية فرحات علي المسرح القومي وكانتا من المسرحيات الفصلية القصيرة ثم كتب أول مسرحية طويلة بعنوان اللحظة الحرجة التي قدمها أيضا المسرح القومي في موسم1960 1961 وهي مسرحية سياسية تصور حياة بعض أهالي بورسعيد في أثناء العدوان الثلاثي علي المدينة ثم أحدث ضجة فنية برائعته الفرافير التي أخرجها الفنان الكبير كرم مطاوع وتقاسم بطولتها توفيق الدقن وعبد السلام محمد وشاركهما العمل سهير البابلي وعبد الرحمن أبو زهرة وأهمية الفرافير كعمل مسرحي هي كسر الابهام وخلق علاقة مباشرة بين الممثل والجمهور واتاحة مساحة من الارتجال المحسوب بحيث لا يفقد العرض المسرحي ايقاعه ولا يطغي الاتصال بالجمهور علي أحداث المسرحية.. وكانت تجربة الفرافير تعكس تأثر دكتور يوسف ادريس بالتيارات الغربية الحديثة في المسرح, خاصة مسرح بيرانديللو كما تشير الناقدة الدكتورة فاطمة موسي كما كانت التجربة تكشف عن امكانيات كرم مطاوع كمخرج مجدد وصاحب أسلوب مختلف. وبعد الفرافير قدم الدكتور يوسف ادريس مسرحية المهزلة الأرضية التي استوحاها من احدي قصصه القصيرة عنوانها فوق حدود العقل.. وأخرجها الفنان الكبير كمال ياسين ثم المخططين اخراج أحمد زكي والجنس الثالث لسعد أردش وأخيرا مسرحية البهلوان التي لعب بطولتها الفنان الكبير يحيي الفخراني وأخرجها عادل هاشم في موسم1987 1988 كما كان ليوسف ادريس آراء نقدية جريئة ومختلفة حول فن المسرح نشر جزء كبير منها بصحيفة الأهرام في مقاله الاسبوعي الذي كان يحمل عنوان من مذكرة دكتور يوسف ادريس. وكان شديد التحمس للتجارب الجديدة التي تخرج عن الاطار التقليدي ويحاول أن يقدم مسرحا مختلفا عن صورة المسرح الاغريقي المتعارف عليه.