كان عرض هذا الأسبوع الذي شاهدته لك هو عرض المطعم الذي تقدمه فرقة الشباب في قاعة يوسف إدريس بمسرح السلام . وهي القاعة المخصصة لأعمال فرقة الشباب التي يديرها المخرج الشاب شادي سروربداية هذا العرض يقدم مكان أو مقاعد المتفرجين من خلال موائد تنيرها إضاءة بسيطة تماما مثل الموائد التي تراها في كل مطعم ولكن بالطبع المطاعم الراقية إلي حد ما وكان الطريف أن البلاسيرات أو الموظفين الذين يقومون بتوجيه المتفرجين إلي أماكنهم علي الموائد هم الجرسونات الذين يعملون أساسا داخل العرض المسرحي بملابسهم التقليدية التي نراها في المطاعم. هذه كانت البداية التي تعد جديدة إلي حد كبير عندما يمتد الديكور لا ليشمل خشبة المسرح فقط ولكن مقاعد المتفرجين أيضا الذين يجدون أنفسهم داخل العمل المسرحي. تكملة للديكور الذي أجده جيدا, حيث المقاعد والموائد ثم المقاعد الوثيرة أي كنبة كبيرة في النهاية لرواد المطعم من السادة الكبار أو أولئك الذين يعقد معهم صاحب المطعم الصفقات المريبة. هناك أيضا بار وبالطبع خلفه بارمان الذي يعد المشروبات للزبائن. بدأت بالديكور لأنه أول عمل لفت نظري فلم أشعر بأني أدلف إلي قاعدة مسرح ولكن أدخل في مطعم. فماذا عن النص؟ النص هنا مأخوذ عن مطعم القردة الحية للكاتب التركي ديلمان لتعاد صيغته كعمل مسرحي أعده وأخرجه أيضا أكرم مصطفي. فماذا عن العرض؟ نحن إزاء مجتمع أو بلد صاحب حضارة وتراث قديم, ولكنه هنا يتعرض للانهيار علي يد دول أو أفراد أو عصابات تحاول النيل من هذه الحضارة الكبيرة والأصيلة معتمدة علي الفقر أو العوز لبعض من أفراد هذا المجتمع, حيث نري الشاب صالح الذي دائما ما يصف نفسه بأنه غير صالح فقد تخرج في الجامعة ومارس عدة مهن لا تنتمي لما درسه حتي يتمكن من أن يعول أمه وإخوته فهو أكبر الإخوة ولهذا يجد نفسه في حكم من هو في ورطة حتي خطيبته لا يستطيع أن يتزوجها نتيجة لظروفه الإقتصادية فما كان منه إلا أن صارحها بأن تبتعد عنه تماما فلا توجد أي فائدة من الارتباط به. تتناوله فتاة أخري تعمل في المطعم وهي خريجة جامعة أيضا ولكن ظروف فقرها أيضا تجعلها تمارس أعمالا منافية للآداب حتي تخرج من دائرة الفقر المحيطة بها وأيضا بأهلها. هناك صاحب المطعم أو ذلك الإنسان الذي أصفه أو يضعه المجتمع في خانة أعداء الوطن الذين يمكن لهم أن يبيعوا تراثه لمن يدفع ومن يدفع هنا في هذا العمل هو المليونير الأمريكي وصديقته الإنجليزية اللذين علي استعداد لدفع أي مبلغ لشراء تمثال أثري وعندما يماطل صاحب المطعم في تقديم التمثال لم يجدا إلا أن يحصلا علي مخ بشري وهو مخ الشاب العاطل والمثقف أيضا صالح الذي علي استعداد لتقديم مخه في سبيل أن يحصل علي مبلغ تقدمه زميلته في المطعم إلي أسرته التي تعاني من الفقر. إنه ربما العالم الجديد الذي تحكمه المادة بقوتها والتي تفرض علي الدول الفقيرة الكثير مما تطلبه وأيضا مما يفقد هذه المجتمعات الفقيرة أهم ما تملكه وهو الثقافة والمخ الذي يضحي بنفسه صاحبه من أجل حياة ميسرة لأسرته أي لمجتمعه. إنها الصراعات التي نشاهدها حاليا علي مستوي العالم. فماذا عن الإخراج؟ تولي هذه المهمة أكرم مصطفي مستعينا بإضاءة جيدة في بعض المناطق وأيضا بديكور متميز. رسم حركة سريعة وجيدة لطاقم الممثلين والممثلات وأيضا للجرسونات وهم من طاقم المسرحية. ربما ما آخذه عليه كمخرج أنه بالغ في الحركة, خاصة حركته هو شخصيا باعتباره البطل الحركة بالنسبة له كانت مبالغا فيها الي حد ما بين جذب الرأس والوقوع علي الأرض وهكذا. فماذا عن الممثلين؟ أعتقد أن المخرج يتصدرهم وهو البطل أيضا أكرم مصطفي, حيث قدم لنا تمثيلا وأداء بالغ الروعة. أمامه أيضا كانت شمس الشرقاوي أو ريري في المسرحية رائعة قدمت المطلوب منها بحرفية ممثلة ذات باع طويل في الأداء, لدينا أيضا عازف الكمان لؤي الصيرفي وكان دوره محدودا ولكنه كان مطلوبا. أماني قامت بدور سندريللا وكان دورها أيضا صغيرا وقدمته بالصورة المطلوبة. بعد ذلك لدينا صاحب المطعم وكان في أدائه بعض من الكوميديا التي كانت من لوازم عرض يتميز الي حد ما بالكآبة. المهم أن معظم الممثلين بالفعل كانوا في مستوي لائق تماما ساعد علي تجسيد ما يريد النص أن يقوله أو يقدمه للمتفرج. عرض يضاف إلي العروض التي يحاول بها مسرح الشباب أن يضيء بها خشبات المسارح وهو بلا شك أمر بالغ الأهمية فتهنئة هنا للبطل والمخرج أكرم مصطفي ولمدير المسرح شادي سرور وأيضا للمشرف علي مسرح الدولة رئيس البيت الفني للمسرح وهو الفنان رياض الخولي .