العرض يقدم علي خشبة المسرح العائم الصغير من خلال فرقة الشباب, التي تقدم عروضها عادة في قاعة يوسف ادريس بمسرح السلام, ولكن هنا تقدم هذا العرض علي المسرح العائم الصغير حيث في قاعتها الأصلية عمل آخر يعد لتقديمه. مسرح الشباب تولي ادارته منذ أشهر شادي سرور الذي قدم أكثر من عرض متميز بمسرح الطليعة فكان أن رشحه رئيس البيت الفني السابق د. أشرف زكي مديرا لمسرح الشباب. طاقة شبابية تحمل ثقافة مسرحية ربما أكبر من عمرها وهو ما لمسته من خلال العروض التي أخرجها وأيضا التي شارك في تمثيلها. هنا قدم لنا أول ورشة عمل للشباب.. شباب من مختلف الجامعات.. القاهرة وعين شمس وحلوان وغيرها, فبعض الشباب يحضر يوميا من محافظات قريبة من العاصمة. الورشة كان أول انتاج لها باسم الشيزلونج وهو تعبير كان يطلق في الماضي علي المقعد الذي يشير, إلي حد ما, إلي السرير الذي يجلس عليه المريض... أي المريض النفسي محاولا الخلاص من أزماته بحكايتها وسردها للطبيب الذي عليه أن يستمع ويستمع ليصف له الدواء. هنا كان هذا المستمع هو جمهور المسرح الذي قدمت له هذه الورشة شبه الارتجالية مشاكل الشباب.. ما يشكو منه ونجد نحن الكبار أي الكبار في السن أنها نفس مشاكلنا, فلا فرق مطلقا بين مشكلة المرور الزحام في الطرقات بين تكدس المواطنين في عربات السرفيس ولا فرق أيضا بين تكدسهم في عربات المترو والأتوبيسات. ثم هناك مشكلة هذا التيار الغريب الذي يقدم منتجاته الصينية في معظم ما يطلبه المواطن وبأسعار رخيصة, لكن هذا الرخص علي حساب المنتج المصري الذي يعاني منتجوه البطالة. مشاكل عديدة منها علي سبيل المثال الانتماء.. من أين يأتي الانتماء, ولماذا يختفي وما السبب في تيارات بعيدة تماما عن مشاكل المجتمع, مع أن هذه المشاكل إن لم تكن تحاصرها هي بالذات فهي تحاصر أبناء وطنها؟! أمامنا علي المسرح أكثر من20 شخصية تمثل لنا شرائح المجتمع المختلفة, وكلهم حسب العرض مرضي نفسيون في مقابل طبيب واحد هو الذي عليه أن يقدم لنا هذا الطوفان من الأزمات من خلال شباب شارك بعضهم أو لنقل كلهم في هذا الارتجال المنظم والذي ضبط ايقاعه المخرج, وهو شاب أيضا اسمه محمد الصغير. اعتمد المخرج علي ديكور بسيط يمثل هذه الحالات التي تتدلي من سقف المسرح في صورة معلقات مع صور لشخصيات وملابس وأزياء بسيطة للغاية لكنها تؤكد الفن الذي يريد العمل أن يطرحه علينا مع الاستعانة ببعض الاكسسوارات البسيطة أيضا.. ايشارب, شال, غطاء رأس يتدلي منه الخرز مثل راقصات زمان, طربوش وهكذا. عرض أستشعر أنه لم يتكلف تلك الآلاف التي يتكلفها العرض بصفة عامة الذي تقدمه هيئة المسرح. أمامنا شباب لا أستطيع أن أصفه إلا بصفة غريبة علي الفنان المسرحي وهي الظرف. شباب استطاع أن يستخرج بمنتهي السلاسة والبساطة الضحك والابتسامة وأيضا الاحساس بالمرح برغم أن ما يقدمه أو يناقشه هو المشاكل أو الأمراض النفسية. عرض بالغ العذوبة استغل فيه المخرج خشبة المسرح علي اتساعها بالشباب القابع وراء بعض, لا أقول التماثيل ولكن بعض قطع الديكور البسيطة لإنسان يرفع رجليه إلي أعلي وآخر في وضع غريب وهكذا ومن خلال هذه التماثيل الخشبية يخرج الممثلون ليقدم كل منهم أزمته التي نكتشف جميعا أنها نفس مشكلاتنا. حركة سريعة بديعة ورقص محسوبة حركته بدقة, ورقص جماعي له وظيفة أيضا, وموسيقي قليلة في بعض المشاهد فقط دون الأخري. شباب أجدني أقدمهم واحدا واحدا بالاسم, فربما أحد هذه الأسماء ستحظي بالنجومية مستقبلا وهم: وليد الهندي ومحمد خطاب وبلال علي ومحمد أنور وبسام عبد الله وريهام سامي ومصطفي أحمد ولقاء الصيرفي وحمدي أحمد وحمدي التايه وسارة درزادي ومصطفي خاطر ورانيا عبد المنصف وياسمين فهمي وإسماعيل السيد وعمرو بهي ورامز سامي مع الطبيب أحمد مجدي, وقد أخص محمد أنور الذي قدم أكثر من شخصية برع فيها جميعا. عادة ما أقدم التحية لمجهود أراه جيدا علي خشبة المسرح ولكن هنا أقدم ألف تهنئة لهذا الشباب وورشتهم وأيضا لمدير مسرح الشباب شادي سرور, وللمخرج محمد الصغير, ولرئيس البيت الفني للمسرح رياض الخولي الذي استشعر قيمة عمل هذا الشباب ليقرر مد عرض مسرحية شيزلونج أكثر من مرة.