سيف جعفر: فيريرا يتعامل معنا بشكل مثالي.. والصفقات الجديدة إضافة قوية    تكرار لنهائي الرجال.. أيتانا بونماتي تقود سيدات إسبانيا لمواجهة إنجلترا    موعد تنسيق الجامعات الأجنبية 2025 لطلاب الثانوية والشهادات المعادلة    تنسيق الجامعات 2025 .. كليات ومعاهد تقبل من 50% أدبي (تفاصيل)    سعر الموز والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 24 يوليو 2025    محافظ قنا يطمئن على مصابي حادث سقوط مظلة تحت الإنشاء بموقف نجع حمادي.. ويؤكد: حالتهم مستقرة    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في بداية تعاملات الخميس 24 يوليو 2025    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات الأخرى الخميس 24 يوليو 2025    فودافون مصر تعتذر عن عطل الشبكة وتمنح تعويضات مجانية لعملائها    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يفتتح فعاليات الإحتفال باليوم الوطني لمصر فى إطار فعاليات معرض إكسبو أوساكا 2025    ترامب: سنفرض رسومًا جمركية على معظم دول العالم ونعزز صفقات الطاقة مع آسيا    فلسطين.. إصابات برصاص الاحتلال في بلدة الخضر جنوب بيت لحم    ترامب: سأوقع أمرا تنفيذيا يخص الذكاء الاصطناعي لتسريع المشاريع الكبيرة    مستعمرون يهاجمون خربة ابزيق ويسرقون أعلافا للمواشي    قاضية أمريكية ترفض طلب إدارة ترامب بنشر ملفات إبستين "تفاصيل"    دعوات للطيب بالإضراب عن الطعام .. هل أوقف الغضب الصهيوني نداء الأزهر العالمي لوقف حصار وتجويع غزة؟!    المرزوقي يدعو لإضراب عالمي عن الطعام ويوم غضب الجمعة تضامنا مع غزة    لو مجموعك أقل من 90%.. قائمة الكليات المتاحة ب تنسيق الثانوية العامة 2025    «الناصري» ينظم ندوة بالمنيا احتفالًا بذكرى 23 يوليو    «محدش قالي شكرا حتى».. الصباحي يهاجم لجنة الحكام بعد اعتزاله    «أحمد فتوح بينهم».. جون إدوارد يسعى للإطاحة بثلاثي الزمالك (تفاصيل)    بعد أنباء أزمة عقده.. ديانج: «لم أكن أبدًا سببًا في أي مشكلة»    أليو ديانج يحكي ذكرياته عن نهائي القرن بين الأهلي والزمالك    شوبير يكشف حقيقة اهتمام الأهلي بضم أحمد فتوح    إصابة شخصين في تصادم بين سيارة وتوكتوك بطريق التل الصغير بالإسماعيلية    نشرة التوك شو| توجيه رئاسي بشأن الطلاب محدودي الدخل.. وخالد أبوبكر يتعرض لوعكة صحية على الهواء    صاحب مغسلة غير مرخصة يعتدي على جاره بسبب ركن سيارة بالإسكندرية    إصابة 4 عمال إثر سقوط مظلة للسيارات بموقع إنشاء موقف نجع حمادي الجديد بقنا (أسماء)    بالأسماء.. إصابة ووفاة 5 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين بمحور ديروط فى أسيوط    هرب من حرارة الجو فابتلعه البحر.. غرق شاب ببسيون في الغربية والإنقاذ النهري ينتشل جثمانه    حصلت على 50% ب الثانوية العامة.. طالبة تُلقي بنفسها من الدور الرابع لسوء نتيجتها بالإسكندرية    «مبنحبش نتصادم».. كيف تحدث أحمد فهمي عن علاقته ب أميرة فراج قبل الانفصال؟    5 أبراج «فاهمين نفسهم كويس».. يعشقون التأمل ويبحثون عن الكمال    عبارات تهنئة مؤثرة ومميزة لطلاب الثانوية العامة 2025    عامي الجديد حين اخترت أن أعود إليّ    بالصور.. أحدث جلسة تصوير ل ملك زاهر وشقيقتها ليلى تعلق    بالصور - نانسي عجرم تحتفل بألبوم "نانسي 11" بأكثر من إطلالة مختلفة    ب"إنذارين"..المخرج يوسف شرف الدين يطالب قناة "النهار" بحذف حلقة الفنانة إجلال زكي    لا ترمِ قشر البطيخ.. قد يحميك من مرضين خطيرين وملئ بالفيتامينات والمعادن    هل انتهت الأزمة؟ خطوة جديدة من وسام أبو علي بعد أيام من غلق حسابه على إنستجرام    حماس تسلم ردها على مقترح وقف إطلاق النار بقطاع غزة إلى الوسطاء    تتبع رئيس الوزراء، الحكومة توافق على إنشاء اللجنة الدائمة لمتابعة وتحليل المؤشرات الدولية    اليوم، تعديلات جديدة في مواعيد تشغيل القطار الكهربائي بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    92 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال آخر جلسات الأسبوع    5 معلومات عن المايسترو الراحل سامي نصير    الأوراق المطلوبة للاشتراك في صندوق التكافل بنقابة الصحفيين    أعراض برد الصيف وأسبابه ومخاطره وطرق الوقاية منه    ورشة عمل لمناقشة حالات أورام الكبد بمستشفى حميات قنا    إجراء 100 عملية جراحية متقدمة بمستشفيي رمد سوهاج وطهطا ضمن قوائم الانتظار    حدث ليلًا| حقيقة بيع مناطق بوسط البلد ورد رسمي على أنباء توتر العلاقات المصرية السعودية    ناجى الشهابي: ثورة 23يوليو ما زالت ملهمة للسياسة الوطنية رغم محاولات التشويه    هل يجوز أخذ مكافأة على مال عثر عليه في الشارع؟.. أمين الفتوى يجيب    تحدث في معدتك- 5 أعراض لمرض الكبد الدهني احذرها    خادم الحرمين وولى العهد السعودى يهنئان الرئيس السيسى بذكرى ثورة 23 يوليو    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسكندرية والمنيا‏:‏ قراءة في عودة الإرهاب
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 01 - 2011

في أقل من أسبوعين‏,‏ تفجرت في مصر واقعتان إرهابيتان‏,‏ واحدة في مدينة الإسكندرية‏,‏ قتل فيها أكثر من‏21‏ مواطنا وعشرات من الجرحي‏;‏ والثانية داخل قطار بالقرب من‏'‏ المنيا‏. إحدي محافظات الصعيد قتل فيها مواطن وأصيب عدد آخر بجراح‏.‏ وفي الحادثتين بدا واضحا أن الهجوم يستهدف ترويع المواطنين المسيحيين وقتل وجرح أعداد منهم‏.‏ وقد فوجئ الرأي العام المصري بهذه الأجواء المتوترة التي أخذت منحي طائفي لم يكن في الحسبان برغم وجود مؤشرات تراكمت أدت إلي صدامات بين رجال الأمن والمسيحيين بدون أن يتوقع أحد أن تأخذ المواجهات صورة طائفية قد تؤدي إلي تمزيق التماسك الوطني في مصر وإشعال حرب طائفية في نسيج الوطن الواحد‏.‏ ومما زاد المشهد قتامه‏,‏ أن ما جري في مصر خلال تلك الفترة القصيرة‏,‏ قد سبقته أحداث مماثلة في العراق ونيجيريا‏,‏ كان الخطر فيهما موجها أيضا إلي المسيحيين وكنائسهم‏,‏ الأمر الذي أدي إلي نزوح واسع النطاق بعيدا عن الوطن الأم لأسباب طائفية ودينية‏,‏ والآن نستقبل رد فعل كل ذلك بكل سوءاته ونتائجه‏.‏
بالنسبة لمصر‏,‏ وبرغم أحداث طائفية محدودة وقعت في الآونة الأخيرة بين الأقباط والمسلمين من جهة‏,‏ وبين الأقباط ورجال الأمن من جهة أخري‏,‏ لم تتأكد طبيعة هذه المواجهات‏,‏ وهل هي من النوع العفوي غير المخطط والناتج عن سوء التقدير ونقص الوعي لما يمكن أن يؤدي إليه مثل هذه التصرفات غير المسئولة‏;‏ أم أنها جزء من مخطط لجهة أو جهات خارجية وداخلية لأسباب سياسية أو أيديولوجية أخذت هذا المنحي الخطير‏,‏ وأصبح من الصعب كبح زمام الأمور التي انفلتت فجأة نتيجة هذه المخططات الشريرة‏.‏ ويتطلب الأمر الآن تفعيل سياسات وطنية وإقليمية ودولية مضادة لهزيمة موجات الإرهاب الجديدة التي ظن البعض أنها انحسرت مع نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين‏.‏
في إطار ما سبق يتبين أن واجب الأمن الآن معرفة مصادر التهديد الجديدة ونواياها الحالية والمستقبلية‏,‏ وهل ما نراه مجرد احتقان داخلي لسياسات وطنية داخلية لم يصادفها التوفيق في تهيئة الأجواء السياسية والاقتصادية أم أننا أمام مخطط خارجي يستغل التفاعلات الداخلية ومن بينها العلاقات الطائفية في جر مصر والمنطقة إلي حروب طائفية ودينية عابرة للحدود من أجل تهيئة المجال لسيطرة قوي معينة تتبني أيديولوجيات دينية متطرفة ومن بينها تنظيم القاعدة الذي انتشرت نقاط تمركزه في كثير من دول الشرق الأوسط والعالم‏.‏
إنها بالتأكيد الفترة المناسبة لصعود مثل هذه المخططات إلي السطح في أكثر من قطر عربي‏.‏ فمصر خارجة من حقبة انتخابية دار حولها لغط واسع أسفرت نتائجه عن إخراج تنظيمات ذات طابع إسلامي من ميدان السياسة الشرعي وسوف تتلوها جولة مماثلة يتم فيها اختيار رئيس للدولة طبقا للدستور‏.‏ وفي هذا المناخ المتوتر كان من الطبيعي أن تستغل جماعات متطرفة هذا المناخ وتوجه ضرباتها ليس فقط إلي التجمعات البشرية والمؤسسات ولكن أيضا إلي عقول الشباب والعاملين في التعليم والأمن‏,‏ وأن تدخل السباق إلي آخر مداه مستفيدة من أوضاع غير مستقرة في فلسطين ولبنان والسودان وتونس والمغرب‏,‏ وأن توجه سهامها إلي بلد مثل مصر نجحت خلال العقد الأول من القرن في السيطرة علي قوي الإرهاب الداخلية‏,‏ والسير في طريق التنمية بقوة من خلال علاقات تعاونية متوازنة مع الشرق والغرب والجنوب والشمال‏.‏ والآن تواجه مصر والمنطقة امتحانا وتحديا من نوع آخر يبرز فيه التطرف في أقصي صوره بعد أن نجح نسبيا في تسجيل اختراقات في مجالات الدعوة والإعلام والتعليم وفي غياب استراتيجيات مضادة حاسمة وشاملة‏.‏
لقد وجهت قوي الإرهاب رمحها إلي العلاقات الطائفية بين المسلمين والمسيحيين لمعرفتها مقدما سهولة اختراق هذه العلاقات واستغلالها لصالحها وخططها المستقبلية‏.‏ لقد رفعنا في مصر شعار المواطنة بدون أن نضع قواعد متينة تحفظ هذا الشعار من الميل أو السقوط‏.‏ وليست هي التجربة المصرية الأولي في محاولة الحفاظ علي السلام المجتمعي من خلال تبني شعار المواطنة كمبدأ يظلل الجميع بصرف النظر عن الدين أو المنهج السياسي أو القدرة الاقتصادية مع العلم أن تجاهل هذا المبدأ أو الضعف في تطبيقه أو التردد في التمسك به سوف يؤدي إلي نتائج تفتح ثغرات لمن يريد أن يهز سلامنا الوطني واختراقه بترويج مبادئ هدامة يمكن التلاعب بها بسهولة‏,‏ خاصة إذا استخدم الدين لتحقيق أهداف هدامة‏.‏
هناك إذن تحولات يجب أن نأخذها في الاعتبار عند وصف وتقييم المناخ الأمني المحيط بمصر في الفترة الحالية‏.‏ فلم تعد القوي المضادة قوي الإرهاب تقتصر في توجيه سهامها إلي تجمعات السائحين أو المناطق السياحية بل ركزت فعلها في العبث بالعلاقات بين أبناء البلد الواحد خاصة إذا اختلفوا في الدين والعقيدة‏.‏ ومن الطبيعي في بلد مثل مصر وغيرها من البلاد الأخري في المنطقة المحيطة أن تحدث مشاحنات بين المسلمين والأقباط كما يحدث في بلاد أخري بين البروتستانت والكاثوليك بدون أن تتحول هذه المشاحنات إلي صدامات تؤدي إلي قتل واغتيال أفراد وجماعات‏,‏ أو إجبارهم علي النزوح خارج الوطن كما حدث في العراق‏.‏ هناك إذن ما يدعونا إلي مزيد من التفكير بأسلوب يتعدي الرؤية التقليدية وأن ما حدث هو مجرد تكرار لما سبق حدوثه من قبل‏.‏ ما نراه الآن يعكس أحداثا تتكرر بنمط مختلف‏,‏ يقوم علي الإرهاب الديني ذي الطابع الإقليمي العابر للحدود‏,‏ يعيش علي صراع الأديان وليس علي صراعات الأيديولوجيات السياسية القديمة‏.‏ وهي نفس المقدمة التي طرحها تنظيم القاعدة عند نشأته‏,‏ وحديثه عن تحالف الصليب مع الديانة اليهودية ضد الإسلام‏.‏ ولم تتمكن أحداث‏11‏ سبتمبر من تثبيت هذه النبوءة بصورة حاسمة‏,‏ والآن نجد ظلها في أنباء الساعة الجارية حيث نري النصاري أعداء للمسلمين من خلال أحداث تتكرر لتعريف طبيعة المواجهة وأطرافها المشاركين فيها‏.‏
أتصور أن منظومة الأمن المصري سوف تواجه معضلة في حل لغز ما حدث في الإسكندرية وفي المنيا‏.‏ وفي كل القراءات التي مرت علي وبشكل عام هناك تقدير كبير لكفاءة منظومة الأمن المصرية علي المستوي المحلي والإقليمي والدولي وحجم التعاون بين هذه المؤسسة العريقة وبين مثيلاتها من المؤسسات الأجنبية الأخري‏,‏ وأتصور أن ما يهم رجال الأمن الآن ما أشرنا إليه في بداية المقال‏:‏ هل ما نراه مجرد تفاعلات داخلية الأسباب والنتائج؟ أم أن ما نراه انعكاسا لترتيبات خارجية يمكن أن نطلق عليها‏'‏ القاعدة‏'‏ إذا أردنا تحاول اختراق الأمن المصري والعربي بشكل عام لتثبيت أجندة متطرفة دينية سوف تفرض علي المنطقة‏.‏
ولعل ما نلحظه في الصومال واليمن والمملكة العربية السعودية‏,‏ وما نقرأه أيضا عن هذا النشاط الإرهابي الديني في المغرب‏,‏ كلها صور تتداخل مع المعركة الجارية في أفغانستان بين طالبان من جهة والحضارة الغربية من جهة أخري‏.‏ ولعل ما يحدث في مصر مؤخرا برغم أنه محدود التأثير حتي الآن يستدعي مراجعة داخلية وخارجية والبحث عن مصادر الخطر والتهديد في الناحيتين‏.‏ ما يحدث في الحقيقة يمثل بالتأكيد تحديا للأمن المصري ربما يتطلب قراءة جديدة للصورة الخارجية والداخلية الحالية والمستقبلية المحيطة بمصر‏.‏ ومن العوامل المؤثرة بشدة في هذه الصورة المتغيرات المتوقعة علي مستوي القيادة في البلاد العربية‏,‏ وعلي مستوي الجغرافيا في أكثر من بلد مثل العراق والسودان والصومال واليمن والمملكة العربية السعودية‏.‏
ويجب ألا ننسي التهديد الذي لوحت به‏'‏ القاعدة‏'‏ لأقباط مصر منذ شهرين تقريبا في مواجهة ردود فعل قبطية منفعلة علي المستوي المحلي لكن أصداءها تعدت الحدود ووصلت إلي تلك المنظمات غير الحكومية الوجه الآخر الثوري للمنظومة الدولية‏.‏ ولن أكون مبالغا أن ما يتوالي من أحداث في المنطقة هو إرهاصات مستقبل يفرض نفسه‏,‏ ويحاول المتنافسون عليه البحث عن فرص لهم استعدادا لما هو قادم‏.‏

المزيد من مقالات د. محمد قدري سعيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.