بالتعاون مع قوات الدفاع الشعبي والعسكري، جامعة حلوان في زيارة للكلية البحرية (صور)    السيسي في ذكرى 23 يوليو: حدثنا جيشنا الباسل وأصبح درعا حصينا وسيفا قاطعا وهزمنا الإرهاب.. مصر ستظل منيعة بجبهتها الداخلية المتماسكة عصية على المؤامرات والفتن.. وقادرون على تجاوز التحديات    رسائل قوية من السيسي للمصريين في ذكرى ثورة 23 يوليو.. تعرف عليها    محافظ الفيوم يهنئ وزير الدفاع ورئيس الأركان بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    رئيس"دفاع النواب": ثورة 23 يوليو ستظل نقطة فارقة في التاريخ المعاصر    استياء محافظ الدقهلية من أداء المركز التكنولوجي بالمنصورة    أسعار الدواجن والبيض اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    المشاط تشارك في الاجتماع الوزاري لمجموعة العشرين حول التنمية    "الزراعي المصري" يحصد جائزة أفضل بنك في دعم التنمية الزراعية المستدامة لعام 2025    الذهب المتوافق مع الشريعة يقود الانتعاش النصفي لبورصة "دبي للسلع"    المصري وحش كاسر، توفيق عكاشة يوجه رسالة تحذير للمتطاولين على المصريين    الرياضة توافق على سفر بعثة مصر للمشاركة في دورة الألعاب الإفريقية الأولى للمدارس    بعد وعكته الصحية، حسن شحاتة يتصدر التريند، وجماهير الكرة: الأسطورة وصاحب أفضل إنجاز للمنتخب    سجل أبطال كأس أوروبا للسيدات قبل نهائي نسخة 2025 بسويسرا    إصابة شخصين في حادث تصادم بين دراجة بخارية وتروسيكل بقنا    إحالة قائد سيارة للجنايات بتهمة السير عكس الاتجاه وانتحال صفة موظف    اليوم، إجراء تحليل مخدرات لمطرب المهرجانات أمين خطاب بعد ضبطه بطريق الإسكندرية الصحراوي    خلال 24 ساعة.. ضبط 133 ألف مخالفة مرورية بالمحافظات    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    15 صورة ترصد عرض "الملك وأنا" بالمهرجان القومي للمسرح    على طريقة عربي.. مصطفى غريب يوجه رسالة طريفة لطلاب الثانوية العامة    تقديم مليون و330 ألفًا و891 خدمة طبية وعلاجية بمستشفيات الأمراض الصدرية    طريقة عمل المكرونة بالبشاميل، بطريقة المحلات وطعم مميز    الكنيسة الأرثوذكسية تُهني الرئيس والشعب بذكرى 23 يوليو    تفاصيل اتفاق الصفاقسي مع معلول    فيديو.. متحدث الحكومة: حريصون على إقامة حفل افتتاح المتحف المصري الكبير هذا العام    رئيس هيئة الرقابة الصحية من مطروح: تحقيق جودة الخدمات يعتمد بالأساس على تأهيل الكوادر البشرية (تفاصيل)    استشهاد 14 فلسطينيًا خلال غارات للاحتلال على قطاع غزة منذ فجر اليوم    بزشكيان: إنهاء البرنامج النووي الإيراني وهم.. ومستعدون لضرب عمق الأراضي المحتلة من جديد    علاقات إسرائيل وأوكرانيا.. دعم دبلوماسي وتحفظ عسكري    بيان صحفي مشترك من وزارتي التربية والتعليم والتعليم الفني والتعليم العالي والبحث العلمي    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    وزير الصناعة والنقل يشارك في الملتقى الاستثماري المصري الكويتي    توصيل خطوط مياه الشرب للتجمعات البدوية المحرومة بسانت كاترين    محمد عبد الحافظ ناصف مستشارًا للشؤون الفنية والثقافية بالهيئة العامة لقصور الثقافة    شمال سيناء تواصل عروضها التراثية بمهرجان جرش في الأردن    توافد المواطنين على ضريح الزعيم جمال عبد الناصر لإحياء ذكرى ثورة 23 يوليو    أسعار الذهب في مصر اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    البث العبرية: واشنطن تهدد حماس بسحب الضمانات بشأن اتفاق غزة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    الأرصاد: طقس اليوم شديد الحرارة نهارًا رطب ليلًا على أغلب الأنحاء    وزير الخارجية يتوجه إلى النيجر في المحطة الثالثة من جولته بغرب إفريقيا    الوداد يتحرك لضم يحيى عطية الله من سوتشي الروسي    مجلس الأمن يعتمد قرارا لحل النزاعات بالطرق السلمية    «زي النهارده» في ‌‌23‌‌ يوليو ‌‌1952‌‌.. قيام ثورة ‌‌23‌‌ يوليو ‌‌1952    نقابة الموسيقيين اللبنانية عن تقبيل راغب علامة في حفل العلمين: تعبير عن محبة واحترام    تظلمات نتيجة الثانوية العامة 2025 «الخطوات والرسوم والمواعيد الرسمية»    بانوراما أيامنا الحلوة تجسّد مشاعر الحنين إلى الماضي على المسرح المكشوف بالأوبرا    «الأهلي بياخد الدوري كل أثنين وخميس».. نجم الزمالك السابق يتغنى ب مجلس الخطيب    مشكلة قديمة عادت للظهور.. حظ برج الدلو اليوم 23 يوليو    «مبعملش فتنة».. محمد فضل: أتمنى انضمام محمد شحاتة ل الأهلي.. وأنصح نجم الزمالك بالرحيل    منها السبانخ والكرنب.. أهم الأطعمة المفيدة لصحة القلب    «الإندومي» والمشروبات الغازية.. أطعمة تسبب التوتر والقلق (ابتعد عنها)    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    ما هي كفارة اليمين؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مناخ استراتيجي في عقد جديد
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 01 - 2011

يطلق تعبير‏'‏ المناخ‏'‏ علي المجال المحيط بالأشياء‏,‏ ويتم وصفه بما يجري فيه من متغيرات صعودا وهبوطا‏,‏ وما يستجد عليه من عوامل لم تكن فيه من قبل‏.‏ وأقرب مثال له ما يحيط بالإنسان. من مناخ حيوي درجنا علي تعريفه بدرجة الحرارة والرطوبة وسرعة الرياح‏..‏الخ وغير ذلك من العوامل المتغيرة في الزمان والمكان‏.‏ ومن أجل ذلك عادة ما نستخدم أدوات قياس رقمية‏,‏ وصورا للأقمار الصناعية‏,‏ لكن ذلك لا يكفي للتنبؤ بمستقبل الأحوال الجوية بدون فهم للنموذج العام وكيفية تغيره من حالة إلي حالة أخري‏.‏ وتستخدم كلمة‏'‏ المناخ‏'‏ أيضا في مجال الدراسات الإستراتيجية‏,‏ فيقال‏'‏ المناخ الاستراتيجي‏'‏ ويقصد به ما يحيط بالإنسان والمجتمع والدول من متغيرات تمس حالة الأمن والطمأنينة فيها‏,‏ وطبيعة التحديات والتهديدات التي تواجهها‏,‏ وطبيعة تغيرها مع الزمان والمكان أيضا‏.‏
وفي حالة‏'‏ المناخ الاستراتيجي‏'‏ لا نملك وسيلة قياس رقمية بالمعني الحرفي للكلمة‏,‏ ولكن مراقبة الأحداث وتسجيل تفاصيلها‏,‏ وقياس معدلات التغيير واتجاهاتها‏,‏ والتمعن في قياسات الرأي العام‏,‏ وغير ذلك من الوسائل المساعدة تساعد في وصف المناخ الاستراتيجي وطبيعه تحولاته المستقبلية‏.‏ وتعريف‏'‏ المناخ الاستراتيجي‏'‏ ووصفه وقياس حالته تقع في إطار مسئولية العسكريين والسياسيين والخبراء في المجالات المختلفة وكل من لهم اهتمام بالشأن العام‏.‏ وكثيرا ما تخفق الدول والمجتمعات في رصدها للمناخ الاستراتيجي‏,‏ فيغم عليها طبيعة التحديات المستقبلية‏,‏ ونوعيات التهديد ومصادره واتجاهاته‏,‏ وقد تدفع نتيجة عدم استعدادها لمواجهة ذلك تكلفة باهظة من الأموال والبشر‏.‏ وعادة ما يكون العقد‏(‏ عشر سنوات‏)‏ الفترة الزمنية المناسبة للتنبؤ بطبيعة‏'‏ المناخ الاستراتيجي‏'‏ في المستقبل‏,‏ حيث الصورة المحيطة واضحة‏,‏ والعوامل المؤثرة ملموسة حيث يمكن الاعتماد عليها في التخطيط الفوري‏,‏ ولا يمنع ذلك من القفز إلي أبعد من عقد واحد‏,‏ بصرف النظر عن هامش الخطأ المتوقع الذي يمكن معالجته في المستقبل‏.‏ وفي نهاية الأمر ينتج من كل ذلك‏'‏ أجندة للمستقبل‏'‏ لمواجهة التهديد والخطر في صورة خطط زمنية مبنية علي أهداف وأوليات واضحة‏.‏
ولو نظرنا إلي بداية العقد المنقضي لوجدنا أنه أعلن عن نفسه بقوة من خلال ظاهرة العولمة علي كل المستويات بما في ذلك المستوي الأمني‏.‏ وظاهرة العولمة كان متفقا عليها من قبل في صورتها الاقتصادية والبشرية من خلال حركة البضائع والخدمات والأموال والأفكار والجرائم التقليدية لكنها فاجأت العالم مع بداية العقد المنصرم بأحداث‏11‏ سبتمبر في صورة هجوم عسكري ضد الولايات المتحدة وفي عقر دارها بمشاركة أفراد من دول مختلفة‏.‏ ومنذ تلك اللحظة وحتي الآن‏,‏ مازالت المعركة مشتعلة بين دول الأسرة الدولية من جهة والجماعات غير الحكومية العسكرية من جهة أخري التي تبنت الإرهاب كوسيلة لتحقيق أهدافها‏.‏ وإذا كان العقد المنصرم قد بدأ بأحداث‏11‏ سبتمبر واختراق الإرهاب الدولي لحدود كثير من الدول‏,‏ نجد العقد الجديد يبدأ باختراق واسع النطاق لمسرح المعلومات بواسطة جماعات غير حكومية ليس لها علاقة بالإسلام وتريد أن تثبت من وراء ذلك أن حواجز السرية قابلة للاختراق والانهيار‏,‏ وتصر علي أن العالم سوف يدخل العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين بدون حواجز رقمية‏,‏ وبدون كلمات سر للدخول إلي ساحة الحقيقة والمعلومات‏.‏
ولاشك في أن التليفون المحمول بدون منازع قد نجح في تشكيل أسلوب حياة الناس علي مستوي العالم كله في السنوات العشر الماضية‏,‏ ولم تستطع دولة واحدة حتي الآن مهما كانت درجة انعزالها أن تتجاهل وجوده وأثره علي العلاقات المجتمعية‏.‏ كما أن أثر الكومبيوتر ودوره في نقل الرسائل والمعلومات وتطوره لتحقيق الاتصال المباشر‏(‏ صوت وصورة‏)‏ بين سكان المعمورة لا يمكن تجاهله‏.‏ ومصر وبرغم ما تقابله من تحديات في مجالات أخري أصبحت من الدول المتقدمة في هذا المجال‏.‏ وعلي المستوي الأمني والعسكري تلعب التكنولوجيا دورا خطيرا في تطوير قدرات التسليح‏,‏ حيث أصبح المكون المعلوماتي عنصرا أساسيا في مكونات السلاح‏.‏ والاتجاه الآن في مجال الأسلحة التطور إلي الأصغر وليس الأكبر‏,‏ كما أن دور الإنسان المباشر في استعمال السلاح في طريقه للانسحاب وترك ذلك إلي برامج ذكية قادرة علي توجيه التأثير بدقة وسرعة‏.‏ وسوف نشهد في العقد الجديد حضورا أوسع للعلوم البيولوجية في مجال السلاح‏,‏ كذلك استخدام الروبوت في أداء مهام بدلا من الجنود‏.‏
ولاشك في أن نبوءة البعض عن عالم مسطح وليس كروي‏,‏ تعيش فيه البشرية في لحظة واحدة‏,‏ وفي مجال معلوماتي واحد‏,‏ وفي إطار منظومة عليا للقيم‏,‏ في سبيله أن يتحقق في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين‏.‏ كما أن الدعوة لعالم بدون عوائق‏.‏
في الحركة والانتقال والسفر سوف تتغلب علي كل الأسوار الانعزالية‏.‏ وعلي المستوي المصري والإقليمي من المتوقع أن يعكس المناخ الاستراتيجي المحيط بمصر هذه النوعية من المتغيرات العميقة‏.‏ فلا مجال في المستقبل أن تتبني مصر وغيرها من دول المنطقة بدعوي السيادة مبادئ تتناقض مع قيم العولمة المتفق عليها من خلال الأمم المتحدة والمنظمات الدولية‏,‏ ويجب أن نتذكر أن مصر كانت من المؤسسين للأمم المتحدة والمدافعين دوما عن قيمها العليا‏.‏
لن تفقد الولايات المتحدة أهميتها علي مستوي العالم والشرق الأوسط خلال العقد القادم‏,‏ لكنها لن تكون الوحيدة في تشكيل السياسات الدولية والإقليمية‏.‏ سوف يطغي مبدأ المشاركة علي أسلوب السياسات الأحادية مع صعود الصين والهند والبرازيل واليابان والاتحاد الأوروبي‏.‏ ومصر من الدول المرشحة لتبني دور مهم في هذه المشاركة إذا أخذت في الاعتبار أهمية دورها في محيطها الحيوي داخل المنظومة العربية والشرق أوسطية‏.‏ وفي هذا المجال يبرز علي السطح مجموعة من التحديات سوف تشكل المناخ الاستراتيجي المحيط بمصر مثل تصاعد نفوذ تركيا وإيران ودورهما في تشكيل مستقبل الشرق الأوسط‏,‏ ولامناص الآن من أخذ ذلك في الاعتبار عند وضع سياسات إقليمية لحل مشاكل المنطقة‏.‏ وبالإضافة إلي ما سبق‏,‏ وفي الجنوب من مصر‏,‏ سوف تمثل مشكلة السودان واحتمالات انقسامه إلي دولتين تحديا أمام صانع القرار المصري‏,‏ وكيفية معالجة ما قد ينشأ من جراء ذلك من صدام بين شمال السودان وجنوبه ودور مصر في معالجة هذا التحدي المباشر لمصالحها الحيوية‏.‏ وهذه المشكلة ليست بعيدة عن أزمة مياه النيل وعلاقة مصر بدول منابعه‏,‏ وكيفية تبني سياسات إقليمية رشيدة في هذا المجال‏.‏
وهناك عدد من التحديات الأخري سوف تفرض نفسها علي منطقة الشرق الأوسط خلال العقد القادم أولها التحدي النووي الإيراني والإسرائيلي‏.‏ وقد تبين بالفعل خلال العقد الماضي خطورة هذا التحدي علي سلام المنطقة‏,‏ وأن تركه بدون معالجة قد يؤدي إلي صدام مسلح‏,‏ وانتشار نووي‏,‏ وسباق تسلح علي المستوي التقليدي‏.‏ ومن المتوقع العودة مرة أخري إلي مبادرات وسياسات التسعينيات من خلال المشاركة في حوارات إقليمية يكون تركيزها علي مستقبل المنطقة البشري والاقتصادي‏,‏ وخفض مستوي التسلح‏,‏ وإخلاء المنطقة من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخري‏.‏ ولاشك في أن الشرق الأوسط يواجه تحديات أخري تمس حياة الناس مباشرة‏,‏ مثل ندرة المياه والطاقة في كثير من الأماكن‏,‏ وفي وجود انفجار سكاني ومخاطر من تغيرات في المناخ‏,‏ وكلها قد تؤدي إلي نزاعات عسكرية واسعة‏.‏ وإذا كنا في مجال التنبؤ للعقد القادم‏,‏ يجب أن نعترف بأن احتمالات الحرب في الشرق الأوسط عالية بدرجة كبيرة إذا لم تحل المشكلة الفلسطينية واللبنانية‏,‏ وإذا لم يبتعد الخطر النووي الإيراني والإسرائيلي‏.‏

المزيد من مقالات د. محمد قدري سعيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.