بغض النظر عن المجادلة فيما إذا كان قد لحق بعملية الانتخابات تزوير أو رشوة أو بلطجة أو أنها تمت بشفافية ونزاهة, وعلي افتراض أن هناك أحدا من النواب( أيا كان الحزب الذي يتبعه) قد فاز بإحدي الطرق غير المشروعة فإن ذلك ليس فقط هو تزويرا لإرادة الأمة بل هو غرس لبذور تدميرها وكل قيمها وأخلاقياتها وخروج عن القانون وعلي الدين. إنها مدرسة رائدها ميكافلي لتعليم كيفية اغتصاب حقوق الآخرين وسلبها باستخدام الأساليب غير المشروعة والمجرمة, وهي بالطبع أساليب تفرز مجلسا مشكوكا في كمال شرعيته, والأخطر من ذلك هو الآثار الرهيبة التي ستنتجها لنا هذه الأساليب التي أجريت بها الانتخابات, إذ ماذا نتوقع من مواطن يبيع صوته لرجل أعمال! ومن موظف معهود إليه صندوق الانتخابات وبديلا من أن يكون أمينا عليه إذا به يعتمد عملية البيع! ومن رجل أعمال يشتري الكل بالمال!.. فرجل الأعمال لم يشتر الصوت فقط, بل اشتري المواطن واشتري الموظف وعرف( دية كل منهما), وبالتالي يستطيع أن يشتري أيا منهما لأي غرض آخر بخلاف الانتخابات.. ثم ما هو المتوقع من موظف, سواء كان يعمل بجهة خدمية أو سيادية عندما يجد نفسه مأمورا بأن يزور لمصلحة مرشح يعلم أنه سيعلو بالحصانة وسيستفيد من العضوية, فهل نتعجب إذا استحل هذا الموظف أن يزور أو يرتشي لمصلحته هو شخصيا( فطباخ السم يتذوقه). أليس من الطبيعي أن يتضخم كل بلطجي تمت الاستعانة به وأن يستمر في نشاطه الإجرامي بعد الانتخابات, مستندا إلي أنه رجل النائب وفي حمايته! فهل يستحق60 سم في مجلس الشعب مع كل ما ستجنيه من حصانة واستغلال واسترزاق أن يكون الثمن هو تدمير أخلاقيات وقيم وترابط أمة ونشر الفساد والعنف بها. هل يقبل أي عضو دخل المجلس بطريق غير مشروع أن يكون هذا ثمن مقعد لن يدوم طويلا؟ وهل يمكن أن يكون له في قرارة نفسه أي ذرة احترام لذاته؟ ألا يكون نشل إرادة الناخبين أبشع جرما من نشل المحافظ في الأتوبيس؟ وماذا نتوقع أن يقدمه نشال أو مزور أو مورد بلطجة عندما يصبح عضوا بالمجلس الموقر؟!
لواء/ محمد مطر عبدالخالق - مدير أمن شمال سيناء سابقا