سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الإخوان في المقدمة برغم إرهاب بلطجية الحزب الوطني .. والحكومة تتهم الجماعة بالبلطجة على طريقة (رمتني بداءها وانسلت) .. وكاتب يتوقع صداما قريبا ويقول ان البرلمان المقبل لن يعيش طويلا .. والحكومة تقرر إلغاء نظام الدعم السلعي بعد الانتخابات مباشرة !!
شهدت المرحلة الثانية للانتخابات التشريعية في مصر تفوقا كاسحا للإخوان برغم تفشي أعمال البلطجة ضدهم بدعم واضح من أجهزة الأمن بهدف محاصرة اللجان وإغلاق معظم الدوائر أمام الناخبين .. وأبرزت صحف القاهرة الصادرة أمس (الاثنين) نماذج من هذه المواجهات الدامية والاشتباكات العنيفة في الإسكندرية وباقي المحافظات ، والتي أسفرت عن وقوع قتيلين وعشرات الجرحى معظمهم في الإسكندرية ، بينما قامت قوات الأمن بحملة اعتقالات واسعة شملت نحو 500 من أنصارها قبل وأثناء عملية التصويت أمس .. وتبادلت السلطات الأمنية المصرية وجماعة الإخوان المسلمين الاتهامات بالمسؤولية عن اندلاع أعمال العنف والبلطجة بين أنصار الجماعة ومؤيدي الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم .. فيما رددت أبواق الصحف الحكومية ووسائل الإعلام الرسمية اتهاماتها الفاضحة للإخوان بممارسة البلطجة على طريقة (رمتني بداءها وانسلت) .. وذلك رغم شهادات منظمات المجتمع المدني التي رصدت التواطؤ الواضح للأمن مع البلطجية لمنع الناخبين وضرب وكلاء المرشحين .. وتوقع بعض الكتاب صداما قريبا بين الحكومة والإخوان المسلمين وقال احدهم ان البرلمان المقبل لن يعيش طويلا !!.. من ناحية أخرى أشارت الصحف إلى بعض النتائج الأولية التي أوضحت تقدم مرشحو جماعة الإخوان المسلمين في الجولة الأولى من المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية المصرية على حساب منافسيهم من مرشحي الحزب الوطني الحاكم الذي يتجه لتحقيق نتيجة ضعيفة في هذه الجولة ، بحسب النتائج شبه النهائية .. وللمرة الثانية.. حققت جماعة الإخوان المسلمين نجاحا كبيرا في الجولة الأولى من المرحلة الثانية للانتخابات البرلمانية حيث أعلن أن 13 من مرشحيها حققوا نجاحا على مرشحي الحزب الحاكم فيما يخوض 37 آخرون جولة إعادة ، وحصل الحزب الوطني الحاكم على 6 مقاعد فقط .. ومثلما حدث في المرحلة الأولى من الانتخابات فقد شهدت عملية الفرز مفاجآت عديدة ، وحصل تراجع عن عدد من النتائج التي أعلنتها وسائل الإعلام الرسمية بعد أن أعلن فوز مرشحي الإخوان بها . و أكد الإخوان أن تزويراً تم لمصلحة مرشحي الوطني في الدوائر التي خاض فيها مرشحو الجماعة الانتخابات ، وقال الإخوان إن نحو 500 من عناصرهم أوقفوا قبل عملية الاقتراع وأثنائها غالبيتهم من مندوبي المرشحين .. وأعلنت وزارة الداخلية ان السلطات الأمنية قبضت على مناصرين للجماعة من دون تحديد عددهم . وقالت ان جهاز الأمن رصد خططا ل الإخوان لافتعال مشاجرات وارتكاب أعمال بلطجة ووضع حشود أمام لجان الاقتراع للتأثير على العملية الانتخابية .. ولم تخف الاتهامات المتبادلة بين الطرفين واقعاً مؤلماً حول الانتخابات البرلمانية إلى ساحة للمواجهة بين "الوطني" و "الإخوان" وباقي المرشحين، أظهر أسوأ الممارسات التي شهدتها الانتخابات السابقة من شراء للأصوات ورشوة الناخبين وأعمال بلطجة ومشاجرات ومعارك بالأسلحة البيضاء وقنابل مسيلة للدموع ومواجهة حادة بين مناصري المرشحين أدت إلى سقوط قتيل في الإسكندرية وإصابة العشرات بجروح وإحراق سيارات في المحافظات التسع التي جرت فيها الانتخابات .. وقد ارجع خبراء السياسة والقانون والمجتمع المدني هذه الأحداث الدامية إلى رغبة الإخوان في نيل المزيد من المقاعد ، استثماراً للنجاح الذي حققوه في الدورة الأولى بحصولهم على 34 مقعدا ، وكذلك خشية الحزب الحاكم من خسارة مزيد من المقاعد .. وبدا واضحاً أن الإخوان "استقتلوا" من أجل تأييد مرشحيهم ، وكذلك لوقف أعمال البلطجة التي قام أنصار الوطني قاموا بها في الجولة الأولى . وقالت صحيفة "الحياة" أن أعداداً من الإخوان ناموا على الأرض ليمنعوا باصاً كان يحمل مؤيدين لمرشح الحزب الوطني في دمنهور الدكتور مصطفى الفقي ، وأجبروه على العودة من حيث أتى ثم طاردوه . وقال مرشح الجماعة في الدائرة نفسها النائب السابق الدكتور جمال حشمت إن بلطجية هاجموا مركزه الانتخابي وحاولوا حرقه .. وذكرت صحيفة المصري اليوم ان الحكومة خصصت قطارا بأكمله لنقل وحشد الآلاف من مؤيدي طارق طلعت مصطفى مرشح الوطني بالإسكندرية والعاملين في مجموعة شركاته من القاهرة (!!) .. وفي سياق متصل نشرت صحف المعارضة تقارير منظمات المجتمع المدني التي كشفت عن تزايد عمليات العنف والبلطجة والتصويت الجماعي . وأكدت التقارير ان الانتخابات تسير من سيئ إلي أسوأ . وحذر تقرير مؤسسة أولاد الأرض من تصاعد أعمال العنف واستغلال مرشحي الحزب الحاكم لجميع امكانات الدولة . كما أكد تقرير لمركز سواسية ان المرحلة الثانية بدأت باعتقالات لمندوبين ومنع وكلاء المرشحين المنافسين من الحضور إلى اللجان. وأكد تقرير آخر للجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي إصرار المشرفين علي اللجان علي طرد المراقبين للانتخابات . كما رصد التقرير وقوع اعتداءات من أنصار مرشحي الحزب الوطني ضد أنصار منافسيهم . واتهم البعض المحكمة الدستورية العليا بأنها باتت محكمة ذات توجه سياسي واتهم اللجنة المشرفة على الانتخابات بعدم الحياد والسماح بالتزوير والتجاوزات .. فيما قالت اللجنة المستقلة للانتخابات: ان الأوضاع تتطور إلى الأسوأ ، وان الانحياز الأمني لمرشحي الحزب الوطني كان واضحا . وقام الأمن باعتقال مؤيدي المرشحين المنافسين والاعتداء علي المراقبين ومنعهم من دخول اللجان . ورصد المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة قيام فاقدي الأهلية "المتخلفين عقليا" بالتصويت لصالح مرشحي الحزب الوطني بدائرة مينا البصل بالإسكندرية . تمت عملية التصويت في اللجنة رقم 49 بمدرسة القباري ، واللجنة رقم 72 بمدرسة الإخلاص بالتربية الفكرية . كما استعان بعض مرشحي الوطني ببعض البلطجية من المحافظات التي أجريت فيها الانتخابات في المرحلة الأولي لتعويض النقص العددي في بلطجية المحافظات التي جرت فيها الانتخابات أمس بسبب توزيع أنفسهم علي عدد كبير من الناخبين ، أطلق علي هؤلاء البلطجية اسم "بلطجية المحمول" نظرا لاعتماد المرشحين علي استدعائهم وإصدار التعليمات إليهم بالمحمول ، رفع البلطجية أجورهم حسب طبيعة المهمة المكلفين بها . كما طلب بعضهم الاحتفاظ بالمحمول في حالة فوز المرشح! وفي شان آخر ، نشرت العربي خبرا عن عزم الحكومة إلغاء نظام الدعم السلعي بعد الانتخابات ، واستعدادها لعرض مشروع دعم نقدي في بداية جلسات البرلمان المقبل .. فقد بات في حكم المؤكد أن الحكومة سوف تستبدل نظام الدعم السلعي بالدعم النقدي وذلك مع قرب تعميم تجربة البطاقة التموينية المغنطة في مدينة السويس التي تم اختيارها لقلة عدد السكان بها ويجرى حاليا العمل على قدم وساق للانتهاء من جمع البيانات التي تحدد خصائص الأسرة الفقيرة التي تستحق الدعم والأسر الأخرى التي ستحرم منه وفقا للنظام الجديد . وتسعى الحكومة إلى تطبيق هذه التجربة قبل انتهاء انتخابات مجلس الشعب ليصدر القرار مع التشكيل الحكومي الجديد الذي سيكون إلغاء الدعم من بين اولوياته بعد عرض المشروع على مجلس الشعب في دورته الجديدة . والى المقالات التي نبدأها اليوم بمقال الكاتب عبد الحليم قنديل في العربي والذي حلل فيه أسباب الفوز الكبير للإخوان في الجولات الانتخابية السابقة وقال : " ربما لا توجد مفاجأة حقيقية في فوز الإخوان ، فالفوز مستحق بكفاءة التنظيم وكثافة التمويل وجاذبية الخلاص الديني في بلد مأزوم دنيويا ، وأرجح الظن أنه بوسع الإخوان أن يحققوا فوزا أكبر في نظام انتخابي تكتمل له إجراءات السلامة ، بوسع الإخوان وقتها فيما نظن أن يحصلوا على ثلث مقاعد البرلمان لا أقل ، ولست أميل للحديث عن صفقات في الخفاء كانت وراء ما يسمى مفاجأة الإخوان ، فليس في القصة مفاجأة ولا يحزنون ، اللهم إلا لدى الذين يصحون على الحقائق ساعة المغيب ، وقد حصد الإخوان أصوانا كسبوها بالجهد والدأب المثير للإعجاب ، بل وحُرم الإخوان من أصوات استحقوها - في دائرتي الدقي ومدينة نصر مثلا بحواجز التزوير المنهجي في الكشوف وبالإشراف العملي لمباحث أمن الدولة على عمليات الفرز وإعلان النتائج ، وربما تتسع دائرة الحرمان في المرحلتين الثانية والثالثة من الانتخابات البرلمانية الجارية مع صحوة الأمن للفكرة بعد السكرة ، وقد لا يعنى ذلك كثيراً في مضمون الرسالة التي وصلت لمن يعنيهم الأمر ، فليست القيمة في عدد نواب الإخوان ، وغالبهم بحصاد المرحلة الأولي . شخصيات ليست في نطاق العلم العام ولا يتوقع لها أداءً برلمانياً ذي خطر ، بل القيمة في رسالة السياسة لا للتأثير في برلمان متواضع الأثر في نظام محكوم بسلطات الرئيس ، رسالة فوز الإخوان في جملة مفيدة هي أنهم كسبوا الاعتراف ربما فرضوه عمليا ونهائيا بوجودهم السياسي ، الرسالة ذاتها لها سوابق سعى متصل في النقابات والبرلمان ، لكن فوز الإخوان الأخير وصل بخطة كسب الاعتراف إلى نهاية أقرب للتتويج ، وربما لم يعد السؤال: هل تعترف للإخوان بالحق في حزب أم لا تعترف؟، فبوسع الذي لا يعترف الآن أن يضرب دماغه في أقرب حائط ، لم يعد السؤال عن الاعتراف من عدمه ، ربما أصبح السؤال بالدقة عن صورة الاعتراف لا في مبدأ الاعتراف ، وهنا مربط الفرس ، فأنا واحد من الذين دعوا عبر عشرين سنة إلى الاعتراف بالإخوان كحزب سياسي لا كجماعة دينية ، لكنى اعترف الآن لنفسي ولغيري أن الاعتراف المشروط على السلامة الظاهرة لمنطقه قد يكون فات أوانه ، وأخشى أن نكون باستطرادات الغفلة بصدد مخاض عسرْ بل ومخاطر مفزعة ، فالبطاقة الدينية في دعاية الإخوان بتداعياتها الطائفية لها الغلبة الساحقة على برنامج قد يصح أن ينسب لحزب سياسي ، أعرف أنهم قدموا برنامجا انتخابيا مشفوعاً ببعض الشروح، وهو تطور لا بأس به، لكنه لا يكفى أبداً لبيان الاتجاه السياسي لقوة تتطلع إلى حكم شعب غارق بالقهر والفقر والمرض، والمؤكد أن شعار الإسلام هو الحل لا يعنى في ذاته لمسة سحر، فالإسلام في علم الكافة ، وهو دين الغالبية وثقافة الكل المصري، وليس الإسلام هو الذي يسعى للحكم، بل جماعة بذاتها هي التي تسعى وهو حقها كغيرها تحمل اسم الإخوان المسلمين، ولا نريد من الإخوان ولا هو من حقهم إبلاغنا بالإسلام، بل نريد مبلغ علم الإخوان بالإسلام، أو بالدقة نريد الهوية السياسية للإخوان كحزب مدني ذي مرجعية إسلامية، فتقديس الملكية الخاصة مثلا لا علاقة له بثقافة الإسلام بل بالتأويل الروماني في ثقافة الغرب ، وبرنامج الإخوان في الحدود المقروءة لا يصوغ موقفا من عملية تخريب مصر باسم الخصخصة، ولا من علاقات الملكية والإيجار في أراضى الزراعة ومساكن المدن، ولا من اولويات الأدوار في الاقتصاد للدولة أو للقطاع العام أو للقطاع الخاص ، وأخشى أن القراءة الضمنية لخطاب الإخوان قد تشي بالخطر، وأخشى أن ننتهي بالأسلمة على طريقة الإخوان لإضفاء بُعد شعبي بالتصديق الديني على الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية لنظام تابع بالجملة وناهب بالجملة وفاسد من الرأس ، المعني:أننا قد ننتهي فيما أخشى لإعادة إنتاج الكارثة ذاتها، فليست العلة في صورة الحكم فقط بل في جواهره واختياراته ، وأخشى أن يكون اختيار الإخوان - في الجوهر هو ذاته اختيار الحكم ، وإن لحقه التهذيب والتنقيح الديني، وليس هذا الذي تحتاجه مصر بالضبط، وقد لا يكون هو الذي تريده جماهير الإخوان من ذوى القلوب الطيبة، وهم من سواد الناس المطحونين بالقهر والفقر ، فالمصريون يريدون خلاصا في الدنيا التي هي مزرعة الآخرة ، يريدون الخروج من قبر وليس التماس العزاء بآيات تُتلى على حافة القبر . وننتقل إلى مجلة الأهرام العربي ومقال "عاطف حزين" الذي قال فيه : "خيبة أمل كبيرة ستصيب الحالمين بالإصلاح والتغيير بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية . نتائج المرحلة الأولي تؤكد ذلك , والمنطق أيضا لا يمكن أن يتنازل عن بديهياته من أجل رغبات الملايين من المصريين في تغيير المشهد السياسي الجاثم والمستمسك بالنواجز علي مكاسبه . والمنطق يقول إن الوعي الانتخابي لا يتشكل أو يتبدل أو يعاد تكوينه برغبة , سواء كانت هذه الرغبة مرتبطة بالحاكم أم مرتبطة بالناخب , وعلي ذلك يخطئ من يتصور أن انتخابات رئاسة الجمهورية وما واكبها من أجواء تشي ببعض التغيير في طريقة تفكير أهل القمة تصلح أن تكون مقدمة نستخلص منها نتائج ما سيعقبها من انتخابات برلمانية . يكفي القول إننا كنا نمارس انتخاب رئيس جمهورية لأول مرة في حياتنا السياسية , وهذا وحده يفرض إستراتيجية خاصة بالحدث تعود بعده ريما إلي عادتها القديمة في الانتخابات الأخرى . لن نخوض مع الخائضين ونعتبرها انتخابات مزورة , لمجرد أن الحزب الوطني فاز بأغلبية كبيرة . ولن نلوم بلطجية الانتخابات أو نتهم الشرطة بالانحياز والقضاة بالتقاعس , واللجنة العليا للانتخابات بالتلاعب في بعض النتائج .. قبل أن نفعل ذلك وما أسهله تعالوا نسأل أنفسنا بعض الأسئلة التي أري أن إجاباتها أهم كثيرا من نتائج هذه الانتخابات البرلمانية . - هل تشفع لنا نسبة الإقبال الضعيفة علي المشاركة في اختيار من يمثلونا في الرقابة والتشريع بأي حديث عن المطالبة بمناخ ديمقراطي حقيقي البطل فيه هو البرلمان؟ - هل توجد في مصر أحزاب حقيقية تقدم مرشحين قادرين علي الوصول إلي عقول دوائرهم الانتخابية في غير مواسم الانتخابات؟ - هل يوجد في مصر تنظيم حقيقي أقوي- في بعض الروايات- من الحزب الوطني إلا تنظيم الإخوان المحظور؟ - هل يمكن أن يتنازل صعيد مصر عن المقاعد البرلمانية المحجوزة منذ سنوات طويلة بأسماء العائلات الكبيرة بغض النظر عن الدور الذي يمارسه شاغل المقعد طوال فترة نيابته؟ - هل يمكن أن يتراجع دور المال السياسي في الريف ويصل إلي البرلمان مرشح لم ينفق الملايين أثناء حملته؟ - هل يمكن أن تتوقف الرشاوى الانتخابية في الأحياء الفقيرة في المدن والتي تفرز في نهاية الأمر مرشحين لا يعرف أغلبهم الفرق بين الاستجواب وطلب الإحاطة رغم وجودهم في المجلس لأربع دورات متتالية؟ - هل يمكن أن يصدق العامة أن المرشحين الذين يخالفون الحكومة رأيها ليسوا أعداء قد يتعرض من ينتخبهم إلي العقاب والحرمان من الرواتب والحوافز والبدلات وربما المعاش؟ - هل يمكن أن يعلم رجال الشرطة- بكل فروعها- أن واجبهم هو حماية الناخبين وتنظيم دخولهم- فقط- إلي مقار اللجان دون انحياز لمرشح الحكومة؟ - وهل يمكن أن تختفي من حياتنا ألفاظ تقفيل اللجان لصالح مرشح , وتسويد الكشوف الانتخابية رغم عدم إدلاء أصحابها بأصواتهم, وظهور صندوقين فجأة يقلبان النتيجة رأسا علي عقب؟ .. ويمكن أن أضيف ألف هل وأقول بعدها إن الإجابة هي نعم!.. نعم يمكن ويمكن ويمكن, لكن ذلك لن يحدث إلا بعد أن يتغير المناخ السياسي في مصر, بعد أن يشهد هذا الشعب , الذي يمارس بعضه الانتخابات علي سبيل العادة , إصلاحا سياسيا حقيقيا يبدأ بالمدرسة الابتدائية لينمو الصغار وهم يعرفون الفرق بين الحقوق والواجبات ممارسة وليس لغويا, يعرفون وهم يدرجون في مراحل تعليمهم المختلفة أن المجتهد وحده هو الذي سينجح , وأن ممارسة الحق في الاختيار حق وليس منحة , وأن تزوير هذا الاختيار لا يمكن أن يكون قاعدة ولا حتى استثناء . نعم يمكن ويمكن ويمكن , لكن إذا آمنا بأن الاختلاف بين البشر في توجهاتهم وآرائهم هو الناموس الحقيقي للكون وأحد المبررات لاستمرار الحياة لأن التعدد يورث الثراء . لا يمكن أن نكون طبيعيين إذا سرنا كالقطيع دون علم بوجهتنا ودون أن نخير ودون أن نتعلم كيف نختار . نعم يمكن ويمكن ويمكن ويمكن , ولكن إذا مارسنا مبادئ السياسة في المدارس الثانوية دون أن نتعرض للفصل من المدرسة واستدعاء ولي الأمر . وإذا مارسنا السياسة في الجامعة دون أن يقبض علينا الحرس الجامعي ويسلمنا إلي مباحث أمن الدولة . نعم يمكن ويمكن ويمكن إذا لم ترتعد فرائص أي مواطن شرد عن القطيع عندما يسمع جملة مباحث أمن الدولة . السؤال الذي سنختلف حول إجابته لا ينتمي- مع الأسف- إلي الأسئلة التي تبدأ ب هل, لكنه ينتمي إلي الأسئلة المستحيلة التي تبدأ ب متي. فهل من مجيب؟! والى الوفد حيث تحدث مجدي سرحان عن ورطة لجنة الانتخابات وقال : "في الانتخابات البرلمانية الجارية الآن .. فعل الحزب الوطني كل ما بدا له من أفاعيل وملاعيب .. وأخرج كل ما في جعبته من أدوات الحواة وخدعهم .. من أجل هدف واحد.. محدد وثابت .. لا يحيد عنه قيادات الحزب .. وهم مستعدون من أجل تحقيقه لعمل أي شئ .. حتى لو تحالفوا مع الشيطان ذاته .. ألا وهو البقاء فوق عروش السلطة .. واحتكارها بلا منازع أو منافس إلى الأبد .. وتداولها إرثا لهم ولذرياتهم من بعدهم!! .. وإذا أردت عنوانا يلخص انتخابات مجلس الشعب هذه .. فهو "انتخابات تشويه المشهد السياسي المصري" .. بمعني ان الحزب الوطني يعمل من أجل أن يصدر إلى الخارج مشهدا زائفا لخريطة القوي السياسية في مصر .. يلعب هو فيه الدور الأساسي باعتباره الحزب الأوحد القادر علي مواجهة البديل الآخر غير المأمون بمعايير الغرب أما باقي الأحزاب فهي هامشية.. ديكورية .. تكمل الصورة الديمقراطية .. ولا وجود لها في الشارع السياسي .. وهذا هو ما تصفه جمعية المساعدة القانونية بأنه نفس "لعبة الإقصاء التي مارسها النظام المصري طيلة العقود الماضية ضد كافة أشكال المعارضة السلمية .. واحتكاره لأدوات ووسائل العمل السياسي .. ومحاصرة المحاولات الرامية إلى تأسيس حياة ديمقراطية سليمة وفرض القيود عليها .. وكان من نتيجة ذلك انصراف المواطنين عن المشاركة الايجابية في شئون الحياة العامة في مصر .. وأضحت العملية الانتخابية مقصورة علي حفنة من رجال السلطة والمال لا يمثلون غير مصالحهم.. ولا يدافعون سوي عن نفوذهم وان استخدموا في ذلك وسائل غير مشروعة من رشوة وتزوير .. وإفساد ذمم .. وإهدار سافر لقيم النزاهة والشفافية" !!.. أما عن الإشراف القضائي.. فحدث ولا حرج .. فقد انقلب الإشراف القضائي الذي طالما نادت به القوي الوطنية إلى أداة أخري من أدوات "الإقصاء" .. وليس أدل علي ذلك مما ذكره تقرير نادي القضاة عن الانتخابات .. والذي قال: "ان القول بأن الانتخابات خضعت لإشراف قضائي كامل فيه كثير من التجاوز .. لأن مهمة القضاة لم تتعد رئاسة اللجان الفرعية والعامة .. والتي تمت باختيار وزيري العدل والداخلية .. وأن القضاة لم يكن لهم أي دور في إعداد الجداول ونسخ الكشوف وتسليمها وتحديد أعداد اللجان ومقارها .. أو طبع بطاقات الترشيح وتوزيع الرموز الانتخابية" . بل وصل الأمر إلى استخدام ستار الإشراف القضائي في تدليس نتائج الانتخابات.. وإعلانها علي غير الحقيقة الكامنة داخل صناديق التصويت .. ودائرة الدقي خير شاهد علي ذلك .. أما الطامة الكبري .. فتمثلت في استغلال لجنة الإشراف علي الانتخابات والمفترض أنها لجنة قضائية يرأسها وزير العدل للسطو علي المرشحين المستقلين قبل انتخابات الإعادة .. وابتلاعهم في جوف الحزب الوطني بالدوائر التي سقط فيها مرشحوه .. حتى لا ينفضح الحزب الحاكم ويفقد أغلبيته البرلمانية الطاغية .. وفي ذلك تجاوز خطير من جانب اللجنة لاختصاصاتها التي حددها قانون مباشرة الحقوق السياسية .. وهي وضع قواعد تحديث وتنقية الجداول الانتخابية.. واقتراح قواعد تحديد الدوائر الانتخابية .. ووضع قواعد تنظيم الدعاية الانتخابية واستخدام وسائل الإعلام العامة أثناء الانتخابات .. والإشراف علي تنفيذها.. وتلقي النتائج المجمعة للانتخابات .. وإعلان النتائج النهائية .. والتوصية وإبداء الرأي بشأن مشروعات القوانين الخاصة بالانتخابات .. والتوعية والتثقيف بخصوص العملية الانتخابية .. ومتابعة الالتزام بميثاق الشرف بين الأحزاب بخصوص الانتخابات . وليس من بين هذه الاختصاصات .. الفصل في طلبات تغيير صفة المرشح أو تمثيله الحزبي أثناء إجراء الانتخابات .. فتغيير الصفة يتم بحكم قضائي .. أما تغيير الانتماء الحزبي في هذه الحالة فلا توجد نصوص أو أحكام منظمة له .. وتلك هي الثغرة التي نفذ منها الحزب الوطني .. وورط فيها لجنة الانتخابات!!