انطلاق مبادرة "ازرع شجرة باسمك" بجامعة بني سويف    "التنظيم والإدارة" يعلن عن مسابقة لشغل 330 وظيفة مهندس بوزارة الموارد المائية    مجدي يعقوب: مصر بقيادة الرئيس السيسي تظهر للعالم معنى السلام    الائتلاف المصري لحقوق الإنسان يصدر ورقة تحليلية شاملة حول أيام الترشح لانتخابات البرلمان    الأمين العام الجديد لمجلس الشيوخ يعقد اجتماعا لبحث آليات العمل    خداع إثيوبي، آخر تطورات أزمة سد النهضة وتوفير المياه للمشروعات الزراعية والشرب    "الوزير" يفتتح مصنعًا لتصدير الحاصلات الزراعية و3 خطوط إنتاج دوائية ب"جمصة"    نقابة العاملين: "القومي للأجور" مطالب بمراجعة الحد الأدنى كل 6 أشهر    سعر حديد التسليح اليوم الاثنين 20 أكتوبر 2025    وزير الاستثمار يبحث مع شركة «بوينغ» تعزيز الشراكة الاستراتيجية في قطاع الطيران    مستشار ترامب يطالب إسرائيل بتحسين أوضاع الفلسطينيين إذا أرادت الاندماج الكامل بالمنطقة    مصر تواصل الدعم الإغاثي لغزة.. وتستعد لمرحلة جديدة من إعادة الإعمار    باكستان ترسم الخطوط الحمراء: لا سلام دون أمن    بسبب العروض الخليجية .. خروج ماييلي مهاجم بيراميدز من حسابات الأهلي في يناير القادم    رسميا، جراهام بوار مديرا فنيا لمنتخب السويد    وزارة الرياضة : ننسق مع اللجنة الأولمبية واتحاد تنس الطاولة لمتابعة تطورات وتحقيقات الأزمة بين لاعبين ببطولة أفريقيا    تأجيل محاكمة عاطل في سرقة بطاريات السيارات لجلسة 30 أكتوبر    الأرصاد تحذر من برودة الليل وتدعو لارتداء الملابس الخريفية    القبض على تيك توكر شهير بسبب اعتدائه على شاب وتصويره عاريا بمصر القديمة    في ذكرى «ملحمة الواحات».. يوم كتب أبطال الشرطة سطورًا من نور ومهدوا الطريق للقضاء على الجماعات الإرهابية    محافظ الإسكندرية يوجه "النقل العام" بتشغيل 6 أتوبيسات جديدة بخط الكيلو 21    أبرزها إعادة تقييم درجات الإعدادية والدين مادة أساسية، التعليم تصدر 4 قرارات مهمة    بعد سرقة مدتها 7 دقائق.. ما مصير المجوهرات المسروقة من متحف اللوفر؟    هشام جمال: "حفل زفافي أنا وليلى كان بسيط"    لأول مرة.. "أوسكار: عودة الماموث" يتخطى "فيها إيه يعني" في عدد التذاكر    من أجدع الناس، هاني عادل ينعى والدة أمير عيد بكلمات مؤثرة    فى احتفالية 50 سنة على مشوارها الفنى..نجيب وسميح ساويرس يقبلان يد يسرا    دار الإفتاء توضح حكم تصفح الهاتف أثناء خطبة الجمعة    وزير الصحة يترأس اجتماعا لمتابعة الموقف التنفيذى لتطبيق «التأمين الشامل» بالمنيا    مباريات اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025.. مواجهات نارية في دوري أبطال آسيا والدوريات الأوروبية    تقييم صلاح أمام مانشستر يونايتد من الصحف الإنجليزية    بعد تحريك أسعار الوقود| جدل حول ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة وتأكيدات بوفرة المعروض    إبعاد «يمني» خارج البلاد لأسباب تتعلق بالصالح العام    قتيلان بحادث اصطدام طائرة شحن بمركبة أرضية في هونج كونج    إعلان النتائج النهائية للفائزين في مسابقة هاكاثون من أجل التنمية المستدامة    وزير العمل: القانون الجديد يحقق التوازن بين طرفي العملية الإنتاجية    باستثمارات تتجاوز 65 مليون دولار رئيس اقتصادية قناة السويس يشهد توقيع عقود 4 مشروعات جديدة بالمنطقة الصناعية بالسخنة    الرقابة المالية ترفض عرض ساجاس الإماراتية للاستحواذ الإجباري على السويدي اليكتريك    أمسية ثرية فى مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية 33 : أمير الغناء هانى شاكر يسرد قصص الغرام والشجن    وزير الخارجية يلتقي المديرة التنفيذية لوكالة الاتحاد الأفريقي    حادث مروع على طريق أسيوط الغربي بالفيوم:.. إصابة 7 أشخاص في انقلاب سيارة سوزوكي    في زيارة مفاجئة.. وكيل صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى الشيخ زويد    «الصحة» تنصح بتناول أطعمة غذائية متنوعة لإمداد الجسم بالطاقة    محاولة اغتيال ترامب| أمريكا تحقق في واقعة استهداف طائرته الرئاسية    14 عاما على اغتيال الزعيم الليبي معمر القذافى فى مدينة سرت    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025 في بورسعيد    نائب محافظ الجيزة تكشف ملامح تطوير منطقة نزلة السمان    وزير الصحة يبحث خطة تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل في المنيا    نحافة مقلقة أم رشاقة زائدة؟.. الجدل يشتعل حول إطلالات هدى المفتي وتارا عماد في مهرجان الجونة    التاريخ ويتوج بكأس العالم للشباب    صححوا مفاهيم أبنائكم عن أن حب الوطن فرض    ملخص وأهداف مباراة المغرب والأرجنتين في نهائي كأس العالم للشباب    هل ينتقل رمضان صبحي إلى الزمالك؟.. رد حاسم من بيراميدز    ميلان يقفز لقمة الدوري الإيطالي من بوابة فيورنتينا    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    6 أبراج «نجمهم ساطع».. غامضون يملكون سحرا خاصا وطاقتهم مفعمة بالحيوية    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    هل زكاة الزروع على المستأجر أم المؤجر؟ عضو «الأزهر العالمي للفتوى» توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سباق البدائل ونهاية اللعبة

بعد تردد طويل وحسابات شديدة التعقيد‏,‏ أتصور أن فلسطين والسلام الحقيقي العادل بريئان منهما‏(‏ التردد والحسابات‏),‏ أعلنت ماتسمي بلجنة المبادرة العربية ماظلت متلعثمة في النطق به طيلة الأشهر‏, وربما السنوات الماضية من عمر عملية السلام ردا علي الفشل الأمريكي في إجبار إسرائيل علي تجميد الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين كشرط لاستمرار المفاوضات المباشرة ففي اجتماعات بمقر جامعة الدول العربية يوم الأربعاء الماضي‏5‏ ديسمبر الحالي قررت هذه اللجنة التوجه إلي مجلس الأمن لطلب وقف الاستيطان‏,‏ كما قررت عدم استئناف المفاوضات قبل تقديم واشنطن عرضا جديا يوضح مرجعيات التفاوض وأسسه‏.‏
هذا الموقف جاء في عقب اعتراف وزيرة الخارجية الأمريكية بعطل دائم للمفاوضات المباشرة التي كانت فرضتها الإدارة الأمريكية علي العرب قبل أربعة أشهر تقريبا بديلا لمفاوضات أخري غير مباشرة استجابة لطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو‏,‏ والتي كانت هذه الإدارة قد تنبأت بأن تسفر هذه المفاوضات المباشرة عن اتفاق سلام حول حل الدولتين بحلول سبتمبر‏2011‏ وبررت الوزيرة الأمريكية قرار التخلي عن خيار المفاوضات المباشرة بأن الإطراف في هذا الصراع كانوا‏,‏ في أحيان كثيرة غير مستعدين لاتخاذ الخطوات اللازمة‏.‏
معني هذا أن وقف المفاوضات المباشرة جاء بمبادرة أمريكية وليس بمبادرة عربية‏,‏ وأن الأمريكيين‏,‏ وليس العرب‏,‏ هم من قرروا التخلي عما سبق أن فرضوه لعجزهم عن إجبار حكومة إسرائيل علي القبول بصفقة إغراءات غير مسبوقة مقابل تجميد الاستيطان ثلاثة أشهر غير قابل للتمديد‏,‏ ورغبتهم في فرض خيار آخر بديل عن هذه المفاوضات المباشرة لتفادي عقبة تجميد الاستيطان‏,‏ هو ما أفصح عنه المبعوث الأمريكي لعملية التسوية جورج ميتشل في لقائه مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن ويتلخص في أن تلعب واشنطن دورالوسيط في مفاوضات يرفض هو تسميتها بمفاوضات التقريب‏,‏ وأطلق عليها مسئول أمريكي آخر اسم مفاوضات موازية بمعني أن يكون الدور الأمريكي الجديد هو التنقل بين الإسرائيليين والفلسطينيين وحمل أفكارهم وتصوراتهم وردود فعلهم في محاولة هدفها ايجاد الفرصة لتقريب مواقف الطرفين دون مرجعية سياسية ودون تصور لحل ما‏.‏
علي هذا النحو نستطيع أن نقول أننا أمام مشاهد ثلاثة تستحق التأمل‏:‏
المشهد الأول هو المشهد الإسرائيلي الذي تمسك بموقفه المبدئي الرافض للمساومة علي سياسة الاستيطان أيا كانت الإغراءات وحتي لو كانت الصفقة الأمريكية شديدة الإغراء التي تضمنت وعودا سياسية وتعهدات أمنية ومساعدات عسكرية غير مسبوقة لإسرائيل مقابل مجرد تجميد سياسة الاستيطان ثلاثة أشهر فقط لإقناع الفلسطينيين والعرب باستئناف المفاوضات المباشرة التي توقفت في سبتمبر الماضي مع انتهاء مهلة تجميد الاستيطان السابقة‏.‏
الإسرائيليون رفضوا هذه الصفقة لسببين‏:‏ أولهما أنهم لايقبلون أي مساومة بما يعتبرونه بحق الاستيطان في الضفة الغربية‏,‏ أما الاستيطان في القدس الشرقية فإنهم يرفضون أي إشارة أو تلميح يتحدث عن تشكيك في أن القدس الشرقية هي من القدس الغربية عاصمة موحدة لدولة إسرائيل‏,‏ وليس من حق أي أحد أن يتعرض من قريب أو بعيد لما يراه الإسرائيليون حقوقا سيادية في عاصمتهم‏.‏ أما السبب الثاني فهو لصيق بالسبب الأول وهو أنهم ليسوا مع خيار حل الدولتين وليسوا مع التسرع بحل دائم‏,‏ لأنهم أولا وأخيرا لايريدون السلام الذي يتحدث عنه العرب‏,‏ وبالتحديد من يسمونهم بالعرب المعتدلين‏(‏ مبدأ الأرض مقابل السلام والانسحاب إلي حدود عام‏7691).‏ فهذا السلام ليس خيارا إسرائيليا‏,‏ هم يتحدثون عن السلام مقابل الأمن ولايفكرون في الانسحاب من أي أرض‏,‏ وهدفهم هو تحويل إسرائيل إلي دولة يهودية خالية من كل العرب‏,‏ والحل عندهم هو البحث عن وطن بديل للفلسطينيين‏,‏ ومن هنا يجيء تسويف دعوة حل الدولتين إما عن طريق الحديث عن حل مرحلي علي غرار مقترح الجنرال شاؤول موفاز رئيس الأركان الأسبق رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست وداني أيالون نائب وزير الخارجية‏,‏ أي حل مؤقت لدولة فلسطينية مؤقتة علي حدود‏60%‏ من أرض الضفة الغربية وقطاع غزة وإرجاء قضايا الحل النهائي لسنوات قد تمتد طويلا وأما عن طريق حل الدول الثلاث الذي جاء علي لسان جون بولتون أحد أبرز الصقور الأمريكية الصهاينة الذي يدعو إلي الاعتراف بإعادة قطاع غزة للمصريين‏,‏ وإعادة الضفة الغربية للأردن إضافة الي إسرائيل وماتريده من ضم لمستوطناتها من أرض الضفة‏,‏ وإما من خلال تجديد دعوة السيطرة الإسرائيلية علي كل أراضي فلسطين وجعل الأردن وطنا بديلا للفلسطينيين علي نحو مايسعي الآن حزب هتيلغاه الصهيوني اليميني برئاسة عضو الكنيست أرييه الداد الذي نظم منذ أيام مؤتمرا في إسرائيل لهذا الغرض تحت عنوان الوطن البديل حضره النائب اليميني المتطرف من حزب الحرية الهولندي جير فيلدرز‏.‏
أما المشهد الثاني فهو المشهد الأمريكي وهو مشهد جديد أكده التراجع الأمريكي عن التمسك بوقف الاستيطان كشرط للمفاوضات المباشرة‏,‏ وفرضته النتائج الأخيرة لانتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي التي جاءت في غير صالح الرئيس الأمريكي باراك أوباما وحزبه الديمقراطي وفرضت سيطرة الحزب الجمهوري علي مجلس الكونجرس‏,‏ وفوز الصقور الجمهوريين برئاسة اللجان الأساسية‏.‏
فعلي مايبدو أن الرئيس أوباما قد استوعب الدرس جيدا بعد هذه الانتخابات وتأكد ان الانحياز المطلق لإسرائيل‏,‏ وليس لأي شيء آخر هو أهم ضمانات الفوز في الانتخابات‏,‏ وأنه بات مطالبا بالانقلاب علي نفسه وعلي وعوده وقناعاته كي يضمن التجديد لفترة رئاسية ثانية ويصحح في الفترة المقبلة ما أفسدته سياساته في العامين الماضيين التي جري تفسيرها بأنها تعمل في الاتجاه الذي لاترضي عنه إسرائيل‏.‏
موقف الإدارة الأمريكية الجديد من المفاوضات هو مجرد خطوة أولي في طريق تراجع الإدارة الأمريكية ورئيسها‏,‏ تراجعات قد تصل الي مرحلة غير متوقعة من التطرف في دعم إسرائيل في محاولة للمزايدة علي المنافسين المرجح دخولهم في سباق انتخاب الرئاسة المقبلة بعد عامين فقط وعلي رأسهم جون بولتون صاحب دعوة حل الدول الثلاث الذي أشرنا إليه والداعي إلي وقف التوجه الأمريكي نحو التركيز علي ملف تسوية ما يسمي الآن بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني‏(‏ الاسم البديل للصراع العربي الصهيوني‏)‏ والتركيز علي الملف النووي الإيراني واللجوء إلي الخيار العسكري لإنهاء خطر إيران النووي‏.‏
يأتي المشهد الثالث الذي يفضل أن يسمي بالمشهد المأساوي أي المشهد العربي‏,‏ الذي لم يستطع أن يقول كلمة حق أمام الفشل الكامل لما يسمي بعملية التسوية وتداعي جدارة ونزاهة الشريك الأمريكي‏,‏ وجاء موقفه متخاذلا محاصرا ومحددا في اللجوء إلي مجلس الأمن ليس من أجل البحث عن بدائل جديدة لهذه العملية التي تديرها أمريكيا بل اللجوء إلي مجلس الأمن فقط من أجل البحث عن حل لمشكلة الاستيطان‏.‏
هذا الموقف ليس جديدا لاغريبا فالنظام العربي دخل هذه المفاوضات مضطرا وخاضعا للضغوط الأمريكية دون أي أفق لأي بديل في حال فشل هذه المفاوضات‏,‏ لذلك سيبقي السؤال يفرض نفسه‏.‏
ماذا سيفعل العرب إذا استخدم الصديق الأمريكي الفيتو وهذا أمر مؤكد في حالة طرح العرب مشروعا يطالب إسرائيل بوقف سائر الاستيطان؟
منذ أيام قليلة‏,‏ وفي تصريحات مشتركة مع وزير الخارجية الإسترالي كيفن راد في القاهرة قال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط إن مصر ستستمع إلي الرؤية الأمريكية بالنسبة لوضع عملية السلام الراهن وسنتفهم منحي التفكير الأمريكي في هذا الشأن مع قدوم السيناتور جورج ميتشل وتابع‏:‏ لعل الجانب الأمريكي الآن توصل إلي نتيجة أننا يجب ان نركز علي مايسمي بنهاية اللعبة‏.‏
وجاء ميتشل وكشف عن أوراق إدارته ورحل وليس في ذهنه أي نهاية للعبة يراها الإسرائيليون والأمريكيون فرصتهم التاريخية لتحقيق طموحات تاريخية لتبقي اللعبة دون أن تجد من يعلن نهايتها‏.‏

المزيد من مقالات د‏.‏ محمد السعيد إدريس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.