تعد قمة الناتو التي عقدت أخيرا في لشبونة عاصمة البرتغال إحدي أهم القمم لمنظمة حلف شمال الأطلنطي علي مدي61 عاما, حيث تم التصديق علي تصور استراتيجي جديد. يمثل مرحلة حاسمة في تاريخ الحلف وجدير بالذكر أن التصور الاستراتيجي السابق للحلف يعود إلي عام1999 قبل انضمام اثني عشر عضوا جديدا له.. ومنذ ذلك الوقت فإن الإطار الدولي قد تغير جذريا من خلال بزوغ ممثلين وفاعلين جدد وتهديدات تقلق المجتمع الدولي مثل اعتداءات11 سبتمبر2001 وتحركات القاعدة في مناطق حساسة من العالم, ولذلك طالب عدد من الدول ومن بينها فرنسا اعداد وثيقة جديدة قام بالتصديق عليها رؤساء دول وحكومات الناتو خلال قمة لشبونة وتعيد هذه الوثيقة التي تحمل اسم التصور الاستراتيجي الجديد للحلف المبادئ الاساسية لحلف شمال الأطلنطي مثل الالتزام بالدفاع المشترك وتبرز وفقا لخبراء تطوير الحلف ارادة الناتو في تقديم خدمات أفضل لاعضائه من خلال التفاعل والاستجابة والواقعية, بمعني التحرك بإيجابية اكثر في مواجهة تنوع التحديات والتهديدات مثل الإرهاب والقرصنة. ولقد أبرز التصور الاستراتيجي الجديد للحلف خلال قمة لشبونة أن آفاق تعاون مثل الشراكة من أجل السلام والحوار المتوسطي أو مبادرة اسطنبول مستقرة وإنما لابد أن يفتح التصور طريقا لتدعيمهم وتعزيزهم ومرونة تتكيف وفقا لكل شريك. وأوضحت قمة لشبونة ان هذا التناول هو أحد المحاور المتميزة للشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي كما ان تقارب المنظمتين وتكامل وسائل عملهما يبرر تكثيف تعاونهم, ويري المراقبون أن لشبونة تفتح المجال لحلف سهل الوصول إليه, ولقد أعرب سكرتير عام الحلف انديرز فوج رامسوسان أن عملية التصور الاستراتيجي الجديد لابد أن تتميز بالشفافية المطلقة من خلال دوائر الحوار والقنوات الإعلامية الجديدة.. الخ. من ناحية أخري صرح مصدر مسئول بحلف شمال الاطلنطي للأهرام بأن حلف شمال الاطلنطي قد قام بمراجعة للمرة الثالثة التصور الاستراتيجي الجديد خلال قمة لشبونة وأنه التصور الأكثر شفافية الذي عرفته المنظمة منذ انشائها كما أنه شارك في إعداده مجموعة خبراء قام سكرتير عام الاطلنطي باختيارهم وعلي رأسهم السيدة مادلين أولبرايت. وإذا كانت هذه القمة قد وصفت بأنها تاريخية فذلك يعود إلي ان التصور الاستراتيجي الجديد يركز علي ثلاثة مظاهر: الدفاع والردع الجماعي وإدارة الإزمات والارتقاء بالسلام والأمن الدولي وأكد مصدر مسئول للأهرام ان التصور الاستراتيجي الجديد يعكس ايضا الأهمية التي يوليها الاطلنطي لمباديء الشراكة ليس فقط في القارة الأوروبية الصديقة وإنما ايضا علي مستوي أشمل وبالذات للمنطقة المتوسطية ولدول الخليج. ولقد نص الجزء الخاص بالشراكات بوضوح علي حرص الاطلنطي علي دعم شركائه بإعطائه لمجلس حلف شمال الاطلنطي سلطة تطور أفكار بهدف دعمها عام2011 مع احترام خصوصية كل شراكة ومن خلال المشاورات مع شركاء الاطلنطي. ولقد جاء أيضا قرار القمة بتسليم السلطة للجيش الأفغاني عام2014 محل إثارة للشكوك فلقد صرحت هيلاري كلينتون, خلال افتتاح القمة, سوف نتفق لنبدأ في بداية العام المقبل فترة الانتقال مع هدف تسليم الأمن للحكومة وللشعب الأفغاني عام2014 وإنما أكد مسئول بالاطلنطي اننا نري نهاية النفق ومن الواضح أن الحلفاء سوف يكون لهم دور علي الأقل دور غير محارب. ولقد شهدت القمة عدة خلافات واختلافات في وجهات النظر, فعلي سبيل المثال اختلفت فرنساوألمانيا حول الردع النووي, فبالنسبة لفرنسا فإن الردع الصاروخي مكمل للردع النووي وليس بديلا, ووزير خارجية ألمانيا جيدو ويستيرويل مناصر نشط لنزع السلاح النووي لقارة أوروبية منزوعة السلاح وكان رئيس الدبلوماسية الألمانية قد لعب دورا مهما في النداء الذي اطلقته كل من ألمانيا والنرويج وهولندا ولوكسمبورج مطالبين بنزع الاسلحة النووية الأمريكية ذات المدي القصير الموجودة في أوروبا منذ الحرب الباردة ويبلغ عددها240 سلاحا نوويا ولم يحقق هذا النداء حتي الآن أي نتيجة طالما أن التصور الاستراتيجي الجديد لم يتناول هذه المسألة وتم إرجاؤها لعام.2011 من ناحية أخري ساندت دول البلطيق وتركيا الموقف الفرنسي, نعم لقد دخل حلف شمال الاطلنطي في عهد جديد بقرارات قمة لشبونة التاريخية التي لم تكتف بوثيقة واحدة وإنما صدرت عنها وثيقتان الأولي حول التصور الاستراتيجي للدفاع وأمن اعضاء منظمة حلف شمال الاطلنطي التي قام بالتصديق عليها رؤساء الدول والحكومات في لشبونة التي اطلق عليها الالتزام النشط والدفاع الحديث, وإعلان لشبونة الذي تناول باسهاب علاقات الاطلنطي بالاتحاد الأوروبي وبتعاون الاطلنطي مع روسيا الذي كان من أهم محاور القمة الرابعة والعشرين والخطر المتنامي لانتشار الاسلحة الباليستكية كما تناول مجددا في عدة فقرات المنظور الاستراتيجي الجديد للحلف.