رئيس جامعة أسيوط يستعرض تقريراً حول الأداء البحثي خلال 2023    مجاهد نصار: عمال مصر سيظلوا جنود الوطن المخلصين في معركة البناء والتنمية    لا تهاون مع المخالفين.. تنفيذ 12 قرار إزالة في كفر الشيخ| صور    صندوق النقد: مصر تُنفذ خطة قوية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي    حماس: إسماعيل هنية يثمن دور مصر في مباحثات وقف إطلاق النار ب غزة    وزيرة البيئة تنعي رئيس لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بمجلس الشيوخ    مسؤول أممي إعادة إعمار غزة يستغرق وقتًا طويلًا حتى 2040    "كاف" يخطر الاتحاد المغربي بوصول خطاب تأهل نهضة بركان لنهائي الكونفدرالية    أتلتيكو يجد ضالته فى صفوف ريال مدريد    تفاصيل إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره الطريق في العجوزة    قرارات عاجلة بشأن امتحانات الترم الثاني المقرر انطلاقها 8 مايو بالمدارس    "مشنقة داخل الغرفة".. ربة منزل تنهي حياتها في 15 مايو    القناطر الخيرية تستعد لاستقبال المواطنين في شم النسيم    حصيلة 48 ساعة.. ضبط قضايا إتجار غير مشروع بالنقد الأجنبى بقيمة 35 مليون جنيه    شاهد.. سميرة سعيد تطرح كليب "كداب"    رسائل تهنئة شم النسيم 2024.. متي موعد عيد الربيع؟    معرض أبو ظبي للكتاب.. طالب الرافعي: يجب أن يمد مركز أبو ظبي جسور جديدة للمبدعين العرب    الفندق المسكون يكشف عن أول ألغازه في «البيت بيتي 2»    تفاصيل موقف غريب جمع بين محمد رشدي وبليغ حمدي في بيروت وما علاقته ب «العندليب»؟    أذكار بعد الصلاة.. 1500 حسنه في ميزان المسلم بعد كل فريضة    وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء: الخميس 25 يوليو انطلاق المرحلة الثانية لمسابقة النوابغ الدولية للقرآن    أردوغان يعلق على التظاهرات الطلابية بالجامعات الأمريكية لدعم غزة    أول رد من الكرملين على اتهام أمريكي باستخدام «أسلحة كيميائية» في أوكرانيا    الداخلية تضبط 12 ألف قضية تسول في شهر    ميقاتي يحذر من تحول لبنان لبلد عبور من سوريا إلى أوروبا    تمديد استقبال تحويلات مبادرة "سيارات المصريين بالخارج".. المهندس خالد سعد يكشف التفاصيل    عاجل.. هيئة الرقابة المالية تقرر مد مدة تقديم القوائم المالية حتى نهاية مايو المقبل    مصر تستضيف بوركينا فاسو 7 يونيو وتواجه غينيا 10 يونيو بتصفيات كأس العالم    محافظ شمال سيناء: رفح الجديدة صممت لاستيعاب 75 ألف نسمة «من الجيل الرابع» (تفاصيل)    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة    منحة السفارة اليابانية MEXT لعام 2025 لطلاب الجامعات.. تعرف على التفاصيل    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي الثاني للطب الطبيعي والتأهيلي وعلاج الروماتيزم    انتبه.. 5 أشخاص لا يجوز إعطاؤهم من زكاة المال| تعرف عليهم    فقدت ابنها بسبب لقاح أسترازينيكا.. أم ملكوم تروي تجربتها مع اللقاح    صحة الإسكندرية: فحص 1540 مريضًا في قافلة "حياة كريمة" ببرج العرب    الرعاية الصحية تطلق حملة توعوية حول ضعف عضلة القلب فى 13 محافظة    جرثومة المعدة.. إليك أفضل الطرق الطبيعية والفعالة للعلاج    شراكة استراتيجية بين "كونتكت وأوراكل" لتعزيز نجاح الأعمال وتقديم خدمات متميزة للعملاء    واشنطن تطالب روسيا والصين بعدم منح السيطرة للذكاء الاصطناعي على الأسلحة النووية    الإمارات: مهرجان الشارقة القرائي للطفل يطلق مدينة للروبوتات    ارتفاع حصيلة قتلى انهيار جزء من طريق سريع في الصين إلى 48 شخصا    أب يذبح ابنته في أسيوط بعد تعاطيه المخدرات    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    «التنمية الحضرية»: تطوير رأس البر يتوافق مع التصميم العمراني للمدينة    كولر يعالج أخطاء الأهلي قبل مواجهة الجونة في الدوري    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    لمواليد 2 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    بنزيما يتلقى العلاج إلى ريال مدريد    إعلامي: الخطيب طلب من «بيبو» تغليظ عقوبة أفشة لإعادة الانضباط في الأهلي    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    هئية الاستثمار والخارجية البريطاني توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما تفشل المناعة في معرفة العدو من الحبيب‏!‏

الجهاز المناعي لديه قدرة عجيبة يستطيع من خلالها أن يفرق بين العدو والحبيب‏,‏ ففي الوقت الذي لايهاجم أي عضو من أعضاء الجسم‏,‏ نجده يهاجم أي جسم غريب مهما كان حجمه أو تكوينه اذا تجرأ ودخل الي حصن الجهاز المناعي العتيد‏. والسر في ذلك يكمن في كلمة سر الليل أو البصمة الجينية الموجودة في تكوين كل خلية من خلايا الجسم‏HLA,‏ والتي يطلب الجهاز المناعي إبرازها في حالة نشاطه وهجومه‏.‏
فاذا أفلحت الخلية أو العضو في إبراز بطاقتها أو هويتها الجينية‏,‏ فإن الجهاز المناعي يعرف من خلال ذلك أن هذا العضو أو هذه الخلية من الأصدقاء الذين لاينبغي مهاجمتهم‏,‏ أما اذا فشل العضو أو الخلية في إبراز كلمة سر الليل فإن الجهاز المناعي يعامله معاملة الأعداء ويهاجمه ويدمره‏,‏ مما يؤدي الي مضاعفات خطيرة في الجسم قد تؤدي في بعض الأحيان في النهاية إلي الموت‏0‏
وقد يحدث هذا الخلل في عضو أو أكثر من عضو في الجسم‏,‏ مما يتسبب في حدوث مرض أو مجموعة من الأمراض سميت بأمراض المناعة الذاتية‏.‏
فاذا هاجم الجهاز المناعي المادة البيضاء في المخ والنخاع الشوكي وهي المادة المكونة للغلاف الميليني المحيط بأعصاب الجسم كله‏(‏ لو شبهنا العصب بسلك الإيريال فإن الخلايا العصبية تمثل السلك النحاسي الداخلي‏,‏ والغلاف البلاستيك المحيط به يمثل الغلاف الميليني‏)‏ مما يؤثر علي نقل الإشارة العصبية‏,‏ ويتسبب ذلك في حدوث أعراض تتراوح مابين التنميل وضعف النظر‏,‏ وحتي الشلل الذي يمكن أن يصيب كل أعصاب الجسم أو بعضها‏,‏ وهو ما يعرف بمرض تصلب الأعصاب المتعدد‏MultipleSclerosis‏ أو اختصارا‏M.S.,‏ واذا هاجمت خلايا الجهاز المناعي خلايا جزر لانجرهانز في البنكرياس فانها تدمرها وبالتالي تعجز عن افراز الانسولين اللازم لحرق الجلوكوز مما يتسبب في اصابة الشخص بالسكر‏,‏ ويحدث هذا غالبا مع حالات السكر المعتمد علي الانسولين أو النوع الأول‏JuvenilediabetesIDDM‏ وهو الذي يصاب به الأطفال والمراهقون‏0‏
وقد يأتي هجوم الجهاز المناعي علي مكان اتصال الأعصاب بالعضلات‏,‏ مما يسبب ارتخاء العضلات في الجسم كله وهو ما يعرف بمرض‏MyastheniaGravis,‏ وقد يأتي أيضا في الغدة الدرقية فيتسبب في افراز كميات كبيرة من هرمون الثيروكسين السام فيما يسمي‏GravesDisease‏ الذي يؤثر علي سائر أعضاء الجسم‏,‏ أما اذا حدث الهجوم علي البروتين المبطن للمفاصل فان ذلك يؤدي الي حدوث التهابات الروماتويد التي قد تشمل بعض أعضاء الجسم الأخري مثل الجلد والكبد والكلي والطحال مثلما يحدث في حالات الذئبة الحمراء‏,‏ وقد يحدث هذا الهجوم علي صمامات القلب أو الكلي كما في حالات الحمي الروماتيزمية ويسبب مضاعفات خطيرة‏0‏ واذا حدث وهاجم الجهاز المناعي الجلد فقد يسبب ذلك مرض الصدفية وأحيانا مرض الفقاعة‏.‏
وسوف نبدأ اليوم في تعريف القارئ بأحد أمراض المناعة الذاتية وهو مرض تصلب الأعصاب المتعدد‏M.S.,‏ وقد عرف هذا المرض في أوروبا منذ مئات السنين‏,‏ ويعتقد الباحثون اعتقادا شبه مؤكد بأن أوغوستوس فريدريك دي إستي‏1848/1794‏ الحفيد غير الشرعي للملك جورج الثالث ملك بريطانيا العظمي في ذلك الوقت‏-‏ قد أصيب بهذا المرض‏,‏ أما من ناحية التاريخ الطبي للمرض فإن أول من قام بتدوين أعراض هذا المرض كان طبيبا إنجليزيا‏.‏
والتصلب المتعدد هو مرض التهابي مزمن‏,‏ يصيب الجهاز العصبي المركزي المخ والحبل الشوكي وذلك بسبب قيام الجهاز المناعي للجسم بمهاجمة أنسجته الخاصة بالجسم نفسه فيما يعرف بالمناعة الذاتية حيث يقوم بتدمير غشاء الميلين الذي يغلف معظم الخلايا العصبية في المخ‏,‏ مما يسبب تكون بقع‏(‏لويحات‏)‏ من المناطق الخالية من الميلين‏plaquesofdemyelination‏ مما يتسبب في ظهور أعراض المرض والاعاقة فيما بعد‏.‏
وقد لوحظت شيوع أكبر للمرض في شرائح معينة من الناس حسب اختلاف العمر والجنس والجغرافيا والطعام الذي يتناولوه‏,‏ فيتركز المرض غالبا في الفئات العمرية ما بين‏20‏ و‏45‏ عاما‏,‏ وكغيره من أمراض المناعة الذاتية يزيد في النساء عنه لدي الرجال و تبلغ هذه النسبة في الفئات العمرية المنخفضة‏1:2‏لصالح النساء‏,‏ وسرعان ما تتقارب هذه النسبة بين الجنسين بعد عمر الخمسين‏,‏كما لوحظ ان نسب الإصابة بالمرض تزداد اضطراد كلما ابتعدنا عن خط الاستواء‏.‏
أما عن تأثيرالسلوك الغذائي فهناك علاقة واضحة ما بين الإكثار من تناول الدهون الحيوانية في الغذاء وبين مرض التصلب المتعدد‏,‏ وتدعم هذه العلاقة الإطار الجغرافي لتوزيع المرضي‏,‏ حيث إن الشعوب التي تسكن بعيدا عن خط الاستواء هي الأكثر تناولا لهذا النوع من الدهون مقارنة بالشعوب التي تسكن في المناطق الاستوائية‏.‏ وفي دراسة أجريت حديثا بالنرويج لوحظ أن نسبة الاصابة بالمرض تزداد في المجتمعات الزراعية‏(‏ حيث اللحوم الحيوانية هي مكون أساسي بالوجبات‏)‏ عن المجتمعات السمكية‏(‏ التي تعتمد علي الأسماك بشكل أساسي‏).‏
يضاف إلي ذلك بعض عوامل الخطر التي تزيد معها نسبة حدوث المرض كما أن لها علاقة بتحفيز الانتكاسات ومن أهمها العامل النفسي‏,‏ فقد سجلت حالات عديدة من انتكاسات المرض حدثت مباشرة لأفراد أثناء مرورهم بحالات من التوتر النفسي عقب وفيات أو حوادث لقريب أو عزيز في الوسط القريب المحيط بهم‏,‏ ومن بين هذه العوامل أيضا التدخين حيث إن نسبة المرضي من المدخنين أعلي منها عند غير المدخنين‏,‏ وللحملات أيضا دور في تسريع الانتكاس في أول‏6‏ شهور‏,‏ وصولا إلي آخر ثلاثة أشهر من الحمل وفترة الإرضاع‏,‏ حيث تقل نسبة الانتكاس بشكل كبير‏,‏ ولوحظ أيضا أن الانتكاس يكثر في فصلي الشتاء والربيع وخصوصا بعد الاصابة بأمراض الشتاء المختلفة كالزكام والإنفلونزا وغيرها‏,‏ وهناك العامل الجيني أيضا‏.‏
ولكن هنا يأتي السؤال الأهم وهو‏:‏ ما الذي يدفع الجهاز المناعي للقيام فجأة وبلا إنذار مسبق بمهاجمة أعضاء الجسم نفسه؟؟‏!‏وللاجابة عن هذا التساؤل المحير وضعت العديد من النظريات المدعومة بالمشاهدات نذكر أهمها فيما يلي‏:‏
أ‏-‏النظرية الجينية‏:‏ علي الرغم من أن مرض التصلب المتعدد لا يعتبر مرضا وراثيا إلا أنه قد تم التعرف علي العديد من الجينات التي قد ترتبط بالمرض ومن أشهرها الاختلافات الجينية الموجودة علي الكروموسوم السادس في جينات معينة‏humanleukocyticantigenHLA2DR,2D,2B,3A,‏ وهناك أيضا إختلافات في الجينات المسئولة عن تصنيع بعض المستقبلات الموجودة علي الخلايا ومن أشهرها مستقبلات إنترلوكين‏2Interleukin2‏ ب وإنترلوكين‏7Interleukin.7‏
وقد لوحظ أن نسبة الإصابة بين الأقارب من الدرجة الاولي تكون أعليت نسبيا من مثيلاتها بين عامة اناس قد تصل إلي عشرين ضعفا‏,‏ كما يلاحظ أنه إذا أصيب واحد من التوأمين المتماثلين‏identicaltwins‏ بالمرض فإن هناك إحتمالا بنسبة‏31%‏ أن يصاب به الاخر‏,‏ وهذه النسبة بالطبع أعلي بكثير من النسب الموجودة عند عامة الناس‏.‏ ج‏-‏ النظرية البيئية‏:‏ التوزيع الجغرافي للمرض قد يعطي دليلا ما علي العلاقة بين الظروف البيئية كالطقس والتعرض لأشعة الشمس وبالتالي نسب تكوين فيتامين د في الجسم من ناحية‏,‏ وما بين الاصابة بالمرض من الناحية الاخري‏.‏وهناك مشاهدة غريبة حيث لوحظ أن نسبة الإصابة بالمرض فيمن هاجروا من مناطق قليلة الإصابة لنفترض مثلا من سكان دول خط الاستواء حيث تكاد تنعدم الإصابة بالتصلب المتعدد الي المناطق التي تكثر فيها نسب الإصابة ولنفترض دولة في شمال الكرة الارضية مثل أمريكا أو شمال أوروبا بشرط أن تكون الهجرة قد تمت قبل سن‏15‏ سنة‏,‏ فإن نسب الاصابة لهؤلاء المهاجرين ترتفع لتصبح قريبة من مثيلاتها لدي السكان الأصليين‏,‏ أما اذا تمت الهجرة بعد هذا السن فإن المهاجر يحتفظ بالنسبة المنخفضة للإصابة كما في بلده الأصلي والعكس صحيح‏.‏
ب النظرية الجرثومية‏:‏ وتفترض هذه النظرية وجود عدوي ما‏(‏ غالبا ما تكون فيروسية‏)‏ تقوم بإحداث الإختلال المناعي الموجود‏.‏وتدعم هذه النظرية بالتحاليل المعملية التي تبين أن الأفراد المصابين بالمرض غالبا ما يوجد لديهم عند إجراء تحاليل للدم وللسائل الشوكي المحيط بالمخ نسب عالية من الأجسام المضادة لبعض الفيروسات مثل فيروس الحصبة‏(measles)‏ أو فيروسات الهيربس‏(Herpesvirus)‏ أو فيروس إبشتاين بارت‏(Epsteinbarrvirus)....‏ وغيرها‏.‏ كما تم اكتشاف بعض الفيروسات الحيوانية التي تسبب عند الحيوانات أمراضا عصبية يتم فيها تدمير غشاء الميلين‏,‏ ولكن لم تكتشف مثل هذه الفيروسات عند البشر بعد‏.‏
المزيد من مقالات عبد الهادى مصباح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.