«التنظيم والإدارة» يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل    محافظ مطروح يتفقد أعمال تطوير وتوسعة طريق شاطئ الغرام    تعرف على طقس غسل الأرجل في أسبوع الألم    محللون: شهادات ال30% وزيادة العائد على أذون الخزانة تسحبان السيولة من البورصة بعد استقرار الدولار    ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات عسكرية إلى أوكرانيا    دوافع الولايات المتحدة لإنشاء ميناء غزة المؤقت    الولايات المتحدة تعلن فرض عقوبات جديدة على روسيا    دون راحة.. الأهلي يستعد لمواجهة الجونة    ضربة مزدوجة للزمالك أمام البنك الأهلي في الدوري    تحرير 14 محضرا تموينيا متنوعا في شمال سيناء    مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة الباجورية بالمنوفية    معرض أبو ظبي.. نورا ناجي: نتعلم التجديد في السرد والتلاعب بالتقنيات من أدب نجيب محفوظ    خالد الجندي: الله أثنى على العمال واشترط العمل لدخول الجنة    «أكثر لاعب أناني».. مدرب ليفربول السابق يهاجم محمد صلاح    مصر للمقاصة تفوز بجائزة أفضل شركة للمقاصة في الوطن العربي    كوريا الجنوبية ترفع حالة التأهب القصوى في السفارات.. هجوم محتمل من جارتها الشمالية    6 مصابين جراء مشاجرة عنيفة على ري أرض زراعية بسوهاج    مواعيد قطارات مطروح وفق جداول التشغيل.. الروسي المكيف    حزب مصر أكتوبر: تأسيس تحالف اتحاد القبائل العربية يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في سيناء    أحمد السقا عن مشهد الرمال بفيلم السرب لفاطمة مصطفى: كنت تحت الأرض 4 ساعات    ارسم حلمك ب«الكارتون».. عروض وورش مجانية للأطفال برعاية «نادي سينما الطفل»    عاجل| الحكومة تزف بشرى سارة للمصريين بشأن أسعار السلع    ندوة توعوية بمستشفى العجمي ضمن الحملة القومية لأمراض القلب    "بسبب الصرف الصحي".. غلق شارع 79 عند تقاطعه مع شارعي 9 و10 بالمعادى    «مايلستون» تنطلق بأول مشروعاتها في السوق المصري باستثمارات 6 مليارات جنيه    تراجع مشاهد التدخين والمخدرات بدراما رمضان    بينها إجازة عيد العمال 2024 وشم النسيم.. قائمة الإجازات الرسمية لشهر مايو    وزيرة البيئة تنعى رئيس لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بمجلس الشيوخ    برلماني سوري: بلادنا فقدت الكثير من مواردها وهي بحاجة لدعم المنظمات الدولية    رسائل تهنئة عيد القيامة المجيد 2024 للأحباب والأصدقاء    النجمة آمال ماهر في حفل فني كبير "غدًا" من مدينة جدة على "MBC مصر"    الفائزون بجائزة الشيخ زايد للكتاب يهدون الجمهور بعض من إبداعاتهم الأدبية    توقعات برج الميزان في مايو 2024: يجيد العمل تحت ضغط ويحصل على ترقية    استشهاد رئيس قسم العظام ب«مجمع الشفاء» جراء التعذيب في سجون الاحتلال    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية في الطور    ما هو حكم قراءة الفاتحة خلف الإمام وكيفية القراءة؟    تجديد حبس عنصر إجرامي بحوزته 30 قنبلة يدوية بأسوان 15 يوما    الخطيب يُطالب خالد بيبو بتغليظ عقوبة أفشة    لحظة انهيار سقف مسجد بالسعودية بسبب الأمطار الغزيرة (فيديو)    الأمم المتحدة: أكثر من 230 ألف شخص تضرروا من فيضانات بوروندي    أذكار بعد الصلاة.. 1500 حسنه في ميزان المسلم بعد كل فريضة    الفندق المسكون يكشف عن أول ألغازه في «البيت بيتي 2»    رئيس الوزراء يعقد اجتماعًا مع ممثلي أبرز 15 شركة كورية جنوبية تعمل في مصر    انتبه.. 5 أشخاص لا يجوز إعطاؤهم من زكاة المال| تعرف عليهم    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي الثاني للطب الطبيعي والتأهيلي وعلاج الروماتيزم    فقدت ابنها بسبب لقاح أسترازينيكا.. أم ملكوم تروي تجربتها مع اللقاح    الرعاية الصحية تطلق حملة توعوية حول ضعف عضلة القلب فى 13 محافظة    جرثومة المعدة.. إليك أفضل الطرق الطبيعية والفعالة للعلاج    شراكة استراتيجية بين "كونتكت وأوراكل" لتعزيز نجاح الأعمال وتقديم خدمات متميزة للعملاء    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    الأهلي يجهز ياسر إبراهيم لتعويض غياب ربيعة أمام الجونة    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    كريم بنزيما يغادر إلى ريال مدريد لهذا السبب (تفاصيل)    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خيارات وطنية لمواجهة التهديد النووي

إذا كان الإجماع الوطني هو الشرط الموضوعي لامتلاك القدرة والإرادة الوطنية الصلبة للرد علي التهديد والخطر النووي الإسرائيلي وغيره من التهديدات التي لا تقل خطورة علي غرار التهديدات التي تواجه الأمن المائي لمصر‏. والتي ازدادت تأكيدا بالتهديدات والتطاول والتجرؤ الأخير الذي ورد علي لسان رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي فربما يكون السؤال المباشر والمهم هو‏:‏ كيف يمكن الوصول إلي هذا الإجماع الوطني في ظل حالة التنازع والاشتباك السياسي الراهنة بين جميع الأطراف السياسية من حكم ومعارضة‏,‏ التي قد تتطور إلي صراع سياسي يجعل من الدعوة إلي تحقيق هذا الإجماع وهما أو سرابا وقفزا علي الواقع السياسي المأساوي بكل أوجاعه وآلامه؟
السؤال مهم وضروري وربما يكون بإجابته هو البداية الحقيقية ليس فقط للوصول إلي هذا الإجماع الغائب‏,‏ بل وربما حل معضلة الصراع السياسي الراهن نفسها‏.‏
فالإدراك الواعي للتهديد‏,‏ وبالذات للتهديد الخارجي‏,‏ عادة ما يحقق للأمم والشعوب قدرا كبيرا من التماسك والتوحد الوطني المفتقد‏,‏ فكل المطلوب الآن ان يبادر بعضنا بطرح ما نواجهه من تهديدات خارجية أمام الرأي العام‏,‏ وان ندير حوارا وطنيا حول هذه المخاطر والتهديدات والبحث في كيفية مواجهتها والتصدي لها‏.‏ مثل هذه الخطوة ربما تضع الجميع من حكم ومعارضة امام مسئولياتهم التاريخية ليكتشفوا ان ما يتصارعون حوله لايساوي شيئا امام ما يهدد الوطن وأمنه ومصالحه من مخاطر‏,‏ وان الجميع قد أضاعوا سنوات طويلة في الصراع السياسي الذي بدد وأهدر الكثير من الفرص الوطنية وأننا في حاجة إلي وقفة وطنية مع النفس لإعادة لملمة القدرات الوطنية ومواجهة التحديات والخروج من مأزق الجمود السياسي الراهن‏.‏
البداية إذن هي في وجود إدراك حقيقي بالخطر والتهديد الذي نعيشه في ظل امتلاك الدولة الصهيونية المجاورة لقدرات نووية عسكرية هائلة‏,‏ شرط الوعي بحدود هذا الخطر والتهديد‏,‏ وأبرزها ان إسرائيل لن تتخلي تحت أي ظروف عن قدراتها النووية العسكرية‏,‏ وأنها مدعومة أمريكيا وأوروبيا سواء ظلت علي حالها متمسكة بسياسة الغموض النووي أو اتجهت إلي الجهر بقدراتها النووية العسكرية وسعت إلي فرض نفسها كقوة أمر واقع نووية مثلها مثل كل من الهند وباكستان‏,‏ والأهم أنها لن تسمح لأي دولة في المنطقة سواء كانت عربية أو غير عربية بامتلاك السلاح النووي بل وامتلاك قدرات نووية حقيقية‏,‏ وانها لا تستبعد استخدام هذا السلاح النووي ضد أي دولة في المنطقة‏,‏ وشرط أن نأخذ في اعتبارنا أيضا أمرين‏:‏ أولهما استحالة الحل العسكري الآن للرد علي الخطر النووي الإسرائيلي‏,‏ ليس فقط لأن موازين القوي لاتسمح بذلك‏,‏ أو لأن مصر مقيدة باتفاقية السلام وشروطها‏,‏ ولكن أيضا لأن مصر تعايشت لسنوات طويلة مضت دون ان تعترض علي امتلاك اسرائيل للسلاح النووي‏,‏ بل إنها لم تشترط نزع هذا السلاح كشرط للتوقيع علي معاهدة السلام‏,‏ كان هناك تفكير من هذا النوع لدي بعض المفاوضين المصريين لكن الرئيس الراحل أنور السادات حسم الأمر وتجاوز عن هذا الشرط‏,‏ وثانيهما ان مصر لاتستطيع ان تتخذ قرارا بامتلاك السلاح النووي علي نحو ما فعلت باكستان عندما قررت ذلك ردا علي امتلاك الهند هذا السلاح لأسباب كثيرة أولها‏:‏ ان مصر وقعت وصادقت علي معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية عام‏1891,‏ كما وقعت علي معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية‏(‏ ديسمبر‏6991)‏ وهو ما اعتبره الخبراء بمثابة إعلان رسمي علني بالتخلي عن الخيار النووي‏,‏ وثانيها ان مصر لا تستطيع في ظل الظروف الدولية الراهنة اتخاذ قرار بالانسحاب من معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية كما فعلت كوريا الشمالية مثلا‏,‏ لأن الثمن سيكون فادحا‏,‏ وثالثها ان مصر لن تجد من يقدم لها العون العلمي والتقني والمعرفي اللازم لخوض غمار مثل هذا الخيار‏.‏
أخذ كل هذه الأمور في الاعتبار يكشف مدي التعقيد الذي نواجهه لبلورة الخيار الوطني اللازم للرد علي الخطر النووي الإسرائيلي‏,‏ لكن المخرج من هذا التعقيد يمكن ان يتحقق من خلال حزمة من السياسات يجري التوافق حولها في الإجماع الوطني المأمول‏,‏ من ابرزها‏:‏
أولا‏:‏ اتخاذ قرار وطني بتأسيس مشروع نووي مصري كامل‏,‏ أي مشروع قادر علي ان يجعل من مصر دولة نووية قادرة علي انتاج السلاح النووي بكل ما يعنيه ذلك من مراحل ومعارف ومهام شديدة التعقيد‏,‏ دون ان نصل إلي مرحلة إنتاج القنبلة‏,‏ ونحن كدولة موقعة علي معاهدة حظر انتاج الأسلحة النووية لنا الحق القانوني الكامل في ذلك‏,‏ وفقا لنص المادة الرابعة من هذه المعاهدة‏,‏ الفقرة الثالثة التي تعترف بحق جميع الأطراف في البحث في مجال الطاقة النووية‏,‏ وكذلك في انتاج هذه الطاقة واستخدامها من اجل الأغراض السلمية‏,‏ وتسمح للدول الحائزة للأسلحة النووية بمساعدة الدول غير الحائزة للأسلحة النووية في استغلال التكنولوجيا النووية استغلالا سلميا‏.‏
المشروع النووي المصري يجب ان يكون مشروع أمن قومي وليس مجرد مشروع اقتصادي لتوليد الكهرباء أو نوع من أنواع البيزنس‏,‏ بل هو مشروع حياة أو موت‏,‏ ومن ثم يجب ان يخضع لإشراف مباشر من أعلي جهة سيادية وان نوفر له كل الإمكانات اللازمة حتي لو تطلب الأمر ان نأكل العشب شرط ألا يأكله البعض‏,‏ ويأكل البعض الآخر البقلاوة‏,‏ هذا يفرض ان نتوقف عن الجدل الرخيص حول أرض الضبعة هل لبناء محطة نووية لتوليد الكهرباء أم الأفضل ان تستغل في المشروعات السياحية‏,‏ المطلوب هو مشروع نووي حقيقي يقود مصر إلي امتلاك القدرة علي التوازن وتحقيق الردع دون الحاجة إلي امتلاك قنبلة مثل عشرات الدول التي وصلت إلي هذا المستوي من المعارف والقدرات النووية وتحت مراقبة ورعاية الوكالة الدولية للطاقة النووية‏.‏
التوافق حول هذا المشروع يستلزم توفير كل القدرات العسكرية لحمايته منذ اللحظة الأولي للشروع فيه لعدم تكرار تجربة الستينيات‏,‏ وان نكون علي وعي بأن إسرائيل لن تترك مصر تتقدم في هذا المجال واننا سنتعرض لضغوط هائلة‏,‏ لكن يجب ألا نفرط في هذا الخيار وألا نساوم فيه‏,‏ فالتلازم بين تأسيس المشروع النووي الحقيقي والمتكامل القادر علي ان يقودنا نحو الولوج إلي عصر التقدم والنهضة ومواجهة التحديات بين امتلاك القدرات العسكرية القوية القادرة علي الدفاع عن هذا المشروع شرط أساسي للنجاح في ان نفوز بمشروعنا النووي‏,‏ فالتجارب المحيطة بنا تؤكد ذلك‏.‏
ثانيا‏:‏ المضي قدما في الجهود الدبلوماسية الرامية إلي محاصرة إسرائيل عالميا ومحاصرة كل من يساندها والضغط من اجل إجبارها علي التوقيع علي معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية‏.‏
ثالثا‏:‏ الربط بين السلام الشامل في المنطقة والسلاح النووي الإسرائيلي‏,‏ فإذا كانت إسرائيل تؤكد ان امتلاكها للسلاح النووي نابع من إدراكها للخطر الذي يتهددها من جبرانها فيجب ان نؤكد نحن أيضا ان السلاح النووي الإسرائيلي مصدر خطر وتهديد لأمننا الوطني والقومي ولاسلام دون امن ولا أمن في وجود السلاح النووي الاسرائيلي‏.‏
رابعا‏:‏ السعي نحو تأسيس منظمة إقليمية للتعاون في الطاقة النووية يمكن ان تبدأ عربية ثم تتحول إلي اقليمية بمشاركة إيرانية وتركية‏,‏ ويمكن ان تتأسس علي امتلاك دورة وقود نووي مشتركة وان يتحقق التعاون الكامل في المعارف والتكنولوجيا النووية‏,‏ خاصة فيما يتعلق بإنتاج الوقود النووي المشترك للمفاعلات‏,‏ والطموح إلي ان تكون هذه المنظمة اداة اقليمية للتكامل والتعاون ومحاصرة القدرات النووية الاسرائيلية ومشروعها الاستيطاني التوسعي‏.‏
ان حوارا وطنيا معمقا ومسئولا يشارك فيه الجميع دون إقصاء أو استثناء حول مثل هذه الافكار والخيارات ربما يقودنا إلي تأسيس الإجماع الوطني المأمول والتوافق علي رد مصري استراتيجي نواجه به التهديد النووي الاسرائيلي وغيره من التهديدات الخطيرة التي تواجهنا‏,‏ نلتزم به جميعا ونتحمل أعباءه‏.‏

المزيد من مقالات د‏.‏ محمد السعيد إدريس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.